عرض مشاركة واحدة
  #141  
قديم 27-06-2022, 03:27 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,489
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله



كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد الثالث

الحلقة (141)
صــــــــــ 236 الى صـــــــــــ242





الشركة .

( أخبرنا الربيع ) : قال أخبرنا الشافعي قال : شركة المفاوضة باطل ، ولا أعرف شيئا من الدنيا يكون باطلا إن لم تكن شركة المفاوضة باطلا إلا أن يكونا شريكين يعدان المفاوضة خلط المال والعمل فيه واقتسام الربح فهذا لا بأس به وهذه الشركة التي يقول بعض المشرقيين لها شركة عنان وإذا اشتركا مفاوضة وتشارطا أن المفاوضة عندهما هذا المعنى فالشركة صحيحة وما رزق أحدهما من غير هذا المال الذي اشتركا فيه من تجارة أو إجارة أو كنز أو هبة أو غير ذلك فهو له دون صاحبه ، وإن زعما أن المفاوضة عندهما بأن يكونا شريكين في كل ما أفادا بوجه من الوجوه بسبب المال وغيره فالشركة بينهما فاسدة ، ولا أعرف القمار إلا في هذا أو أقل منه أن يشترك الرجلان بمائتي درهم فيجد أحدهما كنزا فيكون بينهما . أرأيت لو تشارطا على هذا من غير أن يتخالطا بمال أكان يجوز ؟ أو أرأيت رجلا وهب له هبة أو آجر نفسه في عمل فأفاد مالا من عمل أو هبة أيكون الآخر له فيه شريكا ؟ لقد أنكروا أقل من هذا .
[ ص: 237 ] الوكالة .

( أخبرنا الربيع ) : قال أخبرنا الشافعي إملاء قال : وإذا وكل الرجل الرجل بوكالة فليس للوكيل أن يوكل غيره مرض الوكيل أو أراد الغيبة أو لم يردها ; لأن الموكل رضي بوكالته ، ولم يرض بوكالة غيره . وإن قال : وله أن يوكل من رأى كان ذلك له برضا الموكل .
وإذا وكل الرجل الرجل وكالة ، ولم يقل له في الوكالة أنه وكله بأن يقر عليه ، ولا يصالح ، ولا يبرئ ، ولا يهب فإن فعل فما فعل من ذلك كله باطل ; لأنه لم يوكله به فلا يكون وكيلا فيما لم يوكله .
وإذا وكل الرجل الرجل بطلب حد له أو قصاص قبلت الوكالة على تثبيت البينة فإذا حضر الحد أو القصاص لم أحدده ، ولم أقصص حتى يحضر المحدود له والمقتص له من قبل أنه قد يعزله فيبطل القصاص ويعفو وإذا كان لرجل على رجل مال وهو عنده فجاء رجل فذكر أن صاحب المال وكله به وصدقه الذي في يديه المال لم أجبره على أن يدفعه إليه فإذا دفعه إليه لم يبرأ من المال بشيء إلا أن يقر صاحب المال بأنه وكله أو تقوم بينة عليه بذلك . وكذلك لو ادعى هذا الذي ادعى الوكالة دينا على رب المال لم يجبر الذي في يديه المال أن يعطيه إياه وذلك أن إقراره إياه به إقرار منه على غيره ، ولا يجوز إقراره على غيره وإذا وكل الرجل الرجل عند القاضي بشيء أثبت القاضي بينته على الوكالة وجعله وكيلا حضر معه الخصم أو لم يحضر معه ، وليس الخصم من هذا بسبيل .
وإذا شهد الرجل لرجل أنه وكله بكل قليل وكثير له ، ولم يزد على هذا فالوكالة غير جائزة من قبل أنه وكله ببيع القليل والكثير ويحفظه ويدفع القليل والكثير وغيره فلما كان يحتمل هذه المعاني وغيرها لم يجز أن يكون وكيلا حتى يبين الوكالات من بيع أو شراء أو وديعة أو خصومة أو عمارة أو غير ذلك . ( قال الشافعي ) : وأقبل الوكالة من الحاضر من الرجال والنساء في العذر وغير العذر وقد كان علي رضي الله عنه وكل عند عثمان عبد الله بن جعفر وعلي حاضر فقيل ذلك عثمان وكان يوكل قبل عبد الله بن جعفر عقيل بن أبي طالب ، ولا أحسبه إلا كان يوكله عند عمر ، ولعل عند أبي بكر وكان علي يقول إن للخصومة قحما وإن الشيطان يحضرها .
[ ص: 238 ] جماع ما يجوز إقراره إذا كان ظاهرا .

( قال الشافعي ) : رحمه الله تعالى { أقر ماعز عند النبي صلى الله عليه وسلم بالزنا فرجمه } ، { وأمر أنيسا أن يغدو على امرأة رجل فإن اعترفت بالزنا فارجمها } .

( قال الشافعي ) : وكان هذا في معنى ما وصفت من حكم الله - تبارك وتعالى - أن للمرء وعليه ما أظهر من القول ، وأنه أمين على نفسه ، فمن أقر من البالغين غير المغلوبين على عقولهم بشيء يلزمه به عقوبة في بدنه من حد أو قتل أو قصاص أو ضرب أو قطع لزمه ذلك الإقرار حرا كان أو مملوكا محجورا كان أو غير محجور عليه ; لأن كل هؤلاء ممن عليه الفرض في بدنه ، ولا يسقط إقراره عنه فيما لزمه في بدنه ; لأنه إنما يحجر عليه في ماله لا بدنه ، ولا عن العبد وإن كان مالا لغيره ; لأن التلف على بدنه بشيء يلزمه بالفرض كما يلزمه الوضوء للصلاة وهذا ما لا أعلم فيه من أحد سمعت منه ممن أرضى خلافا وقد أمرت عائشة رضي الله تعالى عنها بعبد أقر بالسرقة فقطع وسواء كان هذا الحد لله أو بشيء أوجبه الله لآدمي .
( قال الشافعي ) : وما أقر به الحران البالغان غير المحجورين في أموالهما بأي وجه أقر به لزمهما كما أقرا به ، وما أقر به الحران المحجوران في أموالهما لم يلزم واحدا منهما في حال الحجر ولا بعده في الحكم في الدنيا ويلزمهما فيما بينهما وبين الله - عز وجل - تأديته إذا خرجا من الحجر إلى من أقرا له به وسواء من أي وجه كان ذلك الإقرار إذا كان لا يلزم إلا أموالهما بحال وذلك مثل أن يقرا بجناية خطأ أو عمد لا قصاص فيه أو شراء أو عتق أو بيع أو استهلاك مال فكل ذلك ساقط عنهما في الحكم .

( قال الشافعي ) : وإذا أقرا بعمد فيه قصاص لزمهما ولولي القصاص إن شاء القصاص وإن شاء أخذ ذلك من أموالهما من قبل أن عليهما فرضا في أنفسهما وإن من فرض الله - عز وجل - القصاص فلما فرض الله القصاص دل على أن لولي القصاص أن يعفو القصاص ويأخذ العقل ، ودلت عليه السنة فلزم المحجور عليهما البالغين ما أقرا به وكان لولي القتيل الخيار في القصاص وعفوه على مال يأخذه مكانه . وهكذا العبد البالغ فيما أقر به من جرح أو نفس فيها قصاص فلولي القتيل أو المجروح أن يقتص منه أو يعفو القصاص على أن يكون العقل في عتق العبد وإن كان العبد مالا للسيد .
( قال الشافعي ) : ولو أقر العبد بجناية عمدا لا قصاص فيها أو خطأ لم يلزمه في حال العبودية منها شيء ويلزمه إذا عتق يوما ما في ماله .

( قال الشافعي ) : وما أقر به المحجوران من غصب أو قتل أو غيره مما ليس فيه حد بطل عنهما معا فيبطل عن المحجورين الحرين بكل حال ويبطل عن العبد في حال العبودية ويلزمه أرش الجناية التي أقر بها إذا عتق ; لأنه إنما أبطلته عنه ; لأنه لا ملك له في حال العبودية لا من جهة حجري على الحر في ماله .

( قال الشافعي ) : وسواء ما أقر به العبد المأذون له في التجارة أو غير المأذون له فيها ، والعاقل من العبيد والمقصر إذا كان بالغا غير مغلوب على عقله من كل شيء إلا ما أقر به العبد فيما وكل به وأذن له فيه من التجارة .
( قال الشافعي ) : وإذا أقر الحران المحجوران والعبد بسرقة في مثلها القطع قطعوا معا ، ولزم الحرين غرم السرقة في أموالهما ، والعبد في عنقه .

( قال الشافعي ) : ولو بطلت الغرم عن المحجورين للحجر والعبد لأنه يقر في رقبته لم أقطع واحدا منهما ; لأنهما لا يبطلان إلا معا ، ولا يحقان إلا [ ص: 239 ] معا .

( قال الشافعي ) : ولو أقروا معا بسرقة بالغة ما بلغت لا قطع فيها .

أبطلتها عنهم معا عن المحجورين ; لأنهما ممنوعان من أموالهما وعن العبد ; لأنه يقر في عنقه بلا حد في بدنه وهكذا ما أقر به المرتد من هؤلاء في حال ردته ألزمته إياه كما ألزمه إياه قبل ردته .
إقرار من لم يبلغ الحلم .

( قال الشافعي ) : رحمه الله تعالى وإذا أقر من لم يبلغ الحلم من الرجال ، ولا المحيض من النساء ، ولم يستكمل خمس عشرة سنة بحق لله أو حق لآدمي في بدنه أو ماله فذلك كله ساقط عنه ; لأن الله - عز وجل - إنما خاطب بالفرائض التي فيها الأمر والنهي العاقلين البالغين .

( قال الشافعي ) : ولا ننظر في هذا إلى الإثبات والقول قول المقر إن قال لم أبلغ والبينة على المدعي .
( قال الشافعي ) : وإذا أقر الخنثى المشكل وقد احتلم ، ولم يستكمل خمس عشرة سنة وقف إقراره فإن حاض وهو مشكل فلا يلزمه إقراره حتى يبلغ خمس عشرة سنة وكذلك إن حاض ، ولم يحتلم لا يجوز إقرار الخنثى المشكل بحال حتى يستكمل خمس عشرة سنة ، وهذا سواء في الأحرار والمماليك إذا قال سيد المملوك أو أبو الصبي : لم يبلغ . وقال المملوك أو الصبي : قد بلغت . فالقول قول الصبي والمملوك إذا كان يشبه ما قال فإن كان لا يشبه ما قال لم يقبل قوله ولو صدقه أبوه . ألا ترى أنه لو أقر به والعلم يحيط أن مثله لا يبلغ خمس عشرة لم يجز أن أقبل إقراره وإذا أبطلته عنه في هذه الحال لم ألزمه الحر ، ولا المملوك بعد البلوغ ، ولا بعد العتق في الحكم ويلزمهم فيما بينهم وبين الله - عز وجل - أن يؤدوا إلى العباد في ذلك حقوقهم .
إقرار المغلوب على عقله .

( قال الشافعي ) : رحمه الله من أصابه مرض ما كان المرض ، فغلب على عقله فأقر في حال الغلبة على عقله فإقراره في كل ما أقر به ساقط ; لأنه لا فرض عليه في حاله تلك وسواء كان ذلك المرض بشيء أكله أو شربه ليتداوى به فأذهب عقله أو بعارض لا يدرى ما سببه . ( قال الشافعي ) : ولو شرب رجل خمرا أو نبيذا مسكرا فسكر لزمه ما أقر به وفعل مما لله وللآدميين ; لأنه ممن تلزمه الفرائض ; ولأن عليه حراما وحلالا وهو آثم بما دخل فيه من شرب المحرم ، ولا يسقط عنه ما صنع ; ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب في شرب الخمر .

( قال الشافعي ) : ومن أكره فأوجر خمرا فأذهب عقله ثم أقر لم يلزمه إقراره ; لأنه لا ذنب له فيما صنع .

( قال الشافعي ) : ولو أقر في صحته أنه فعل شيئا في حال ضر غلبه على عقله لم يلزمه في ذلك حد بحال ، لا لله ، ولا للآدميين كأن أقر أنه قطع رجلا أو قتله أو سرقه أو قذفه أو زنى فلا يلزمه قصاص ، ولا قطع ، ولا حد في الزنا ولولي المقتول أو المجروح إن شاء أن يأخذ من ماله الأرش وكذلك للمسروق أن يأخذ قيمة السرقة ، وليس للمقذوف شيء ; لأنه لا أرش للقذف ثم هكذا البالغ إذا أقر أنه صنع من هذا في الصغر لا يختلف . ألا ترى أنه لو أقر في حال غلبته على عقله وصغره فأبطلته عنه ثم قامت به عليه بينة أخذت منه ما كان في ماله دون ما كان في بدنه ، فإقراره بعد البلوغ أكثر من بينة لو قامت عليه .

ولو أقر بعد الحرية أنه فعل من هذا شيئا وهو مملوك بالغ ألزمته حد المملوك فيه كله ، فإن كان قذفا حددته أربعين أو زنا حددته خمسين ونفيته نصف سنة إذا لم يحد قبل [ ص: 240 ] إقراره ، أو قطع يد حر أو رجله عمدا اقتصصت منه إلا أن يشاء المقتص له أخذ الأرش ، وكذلك لو قتله . وكذلك لو أقر بأنه فعله بمملوك يقتص منه ; لأنه لو جنى على مملوك ، وهو مملوك فأعتق ألزمته القصاص إلا أنه يخالف الحر في خصلة ما أقر به من مال ألزمته إياه نفسه إذا أعتق ; لأنه بإقرار كما يقر الرجل بجناية خطأ فأجعلها في ماله دون عاقلته ، ولو قامت عليه بينة بجناية خطأ تلزم عنقه وهو مملوك ألزمت سيده الأقل من قيمته يوم جنى والجناية ; لأنه أعتقه فحال بعتقه دون بيعه .
إقرار الصبي .

( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : وما أقر به الصبي من حد لله - عز وجل - أو الآدمي أو حق في ماله أو غيره فإقراره ساقط عنه وسواء كان الصبي مأذونا له في التجارة أذن له به أبوه أو وليه من كان أو حاكم ، ولا يجوز للحاكم أن يأذن له في التجارة فإن فعل فإقراره ساقط عنه وكذلك شراؤه وبيعه مفسوخ ، ولو أجزت إقراره إذا أذن له في التجارة أجزت أن يأذن له أبوه بطلاق امرأته فألزمه أو يأمره فيقذف رجلا فأحده أو يجرح فأقتص منه فكان هذا وما يشبهه أولى أن يلزمه من إقراره لو أذن له في التجارة ; لأنه شيء فعله بأمر أبيه ، وأمر أبيه في التجارة ليس بإذن بالإقرار بعينه ، ولكن لا يلزمه شيء من هذا ما يلزم البالغ بحال .
الإكراه وما في معناه .

( قال الشافعي ) : رحمه الله تعالى قال الله - عز وجل - { إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان } الآية .

( قال الشافعي ) : وللكفر أحكام كفراق الزوجة ، وأن يقتل الكافر ويغنم ماله فلما وضع الله عنه سقطت عنه أحكام الإكراه على القول كله ; لأن الأعظم إذا سقط عن الناس سقط ما هو أصغر منه وما يكون حكمه بثبوته عليه .

( قال الشافعي ) : والإكراه أن يصير الرجل في يدي من لا يقدر على الامتناع منه من سلطان أو لص أو متغلب على واحد من هؤلاء ويكون المكره يخاف خوفا عليه دلالة أنه إن امتنع من قول ما أمر به يبلغ به الضرب المؤلم أو أكثر منه أو إتلاف نفسه .

( قال الشافعي ) : فإذا خاف هذا سقط عنه حكم ما أكره عليه من قول ما كان القول شراء أو بيعا أو إقرارا لرجل بحق أو حد أو إقرارا بنكاح أو عتق أو طلاق أو إحداث واحد من هذا وهو مكره فأي هذا أحدث وهو مكره لم يلزمه .

( قال الشافعي ) : ولو كان لا يقع في نفسه أنه يبلغ به شيء مما وصفت لم يسع أن يفعل شيئا مما وصفت أنه يسقط عنه ، ولو أقر أنه فعله غير خائف على نفسه ألزمته حكمه كله في الطلاق والنكاح وغيره وإن حبس فخاف طول الحبس أو قيد فخاف طول القيد أو أوعد فخاف أن يوقع به من الوعيد بعض ما وصفت أن الإكراه ساقط به سقط عنه ما أكره عليه .

( قال الشافعي ) : ولو فعل شيئا له حكم فأقر بعد فعله أنه لم يخف أن يوفى له بوعيد ألزمته ما أحدث من إقرار أو غيره .

( قال الشافعي ) : ولو حبس فخاف طول الحبس أو قيد فقال ظننت أني إذا امتنعت مما أكرهت عليه لم ينلني حبس أكثر من ساعة أو لم ينلني عقوبة خفت أن لا يسقط المأثم عنه فيما فيه مأثم مما قال .

( قال الشافعي ) : فأما الحكم فيسقط عنه من قبل أن الذي به الكره كان ولم يكن على يقين من التخلص .

( قال الشافعي ) : ولو حبس ثم خلي ثم أقر لزمه الإقرار وهكذا لو ضرب ضربة أو ضربات ثم خلي فأقر ، ولم يقل له بعد ذلك ، ولم يحدث له خوف له [ ص: 241 ] سبب فأحدث شيئا لزمه وإن أحدث له أمر فهو بعد سبب الضرب ، والإقرار ساقط عنه .

قال : وإذا قال الرجل لرجل أقررت لك بكذا ، وأنا مكره فالقول قوله مع يمينه وعلى المقر له البينة على إقراره له غير مكره .

( قال الربيع ) : وفيه قول آخر أن من أقر بشيء لزمه إلا أن يعلم أنه كان مكرها .

( قال الشافعي ) : ويقبل قوله إذا كان محبوسا وإن شهدوا أنه غير مكره وإذا شهد شاهدان أن فلانا أقر لفلان وهو محبوس بكذا أو لدى سلطان بكذا فقال المشهود عليه أقررت لغم الحبس أو لإكراه السلطان فالقول قوله مع يمينه إلا أن تشهد البينة أنه أقر عند السلطان غير مكره ، ولا يخاف حين شهدوا أنه أقر غير مكروه ، ولا محبوس بسبب ما أقر له ، وهذا موضوع بنصه في كتاب الإكراه سئل الربيع عن كتاب الإكراه ؟ فقال لا أعرفه .
جماع الإقرار .

( قال الشافعي ) : رحمه الله تعالى ولا يجوز عندي أن ألزم أحدا إقرارا إلا بين المعنى فإذا احتمل ما أقر به معنيين ألزمته الأقل وجعلت القول قوله ، ولا ألزمه إلا ظاهر ما أقر به بينا ، وإن سبق إلى القلب غير ظاهر ما قال ، وكذلك لا ألتفت إلى سبب ما أقر به إذا كان لكلامه ظاهر يحتمل خلاف السبب ; لأن الرجل قد يجيب على خلاف السبب الذي كلم عليه لما وصفت من أحكام الله عز وجل فيما بين العباد على الظاهر .
الإقرار بالشيء غير موصوف .

( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : وإذا قال الرجل لفلان علي مال أو عندي أو في يدي أو قد [ ص: 242 ] استهلكت مالا عظيما أو قال عظيما جدا أو عظيما عظيما فكل هذا سواء ويسأل ما أراد . فإن قال أردت دينارا أو درهما أو أقل من درهم مما يقع عليه اسم مال عرض أو غيره فالقول قوله مع يمينه . وكذلك إن قال مالا صغيرا أو صغيرا جدا أو صغيرا صغيرا من قبل أن جميع ما في الدنيا من متاعها يقع عليه قليل . قال الله - تبارك وتعالى - { فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل } وقليل ما فيها يقع عليه عظيم الثواب والعقاب قال الله - عز وجل - { وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين } .

وكل ما أثيب عليه وعذب يقع عليه اسم كثير ، وهكذا إن قال : له علي مال وسط أو لا قليل ، ولا كثير ; لأن هذا إذا جاز في الكثير كان فيما وصفت أنه أقل منه أجوز وهكذا إن قال له عندي مال كثير قليل . ولو قال لفلان عندي مال كثير إلا مالا قليلا . : كان هكذا ، ولا يجوز إذا قال : له عندي مال إلا أن يكون بقي له عنده مال فأقل المال لازم له ، ولو قال : له عندي مال وافر ، وله عندي مال تافه ، وله عندي مال مغن كان كله كما وصفت من مال كثير ; لأنه قد يغني القليل ، ولا يغني الكثير وينمى القليل إذا بورك فيه وأصلح ويتلف الكثير .

( قال الشافعي ) : فإذا كان المقر بهذا حيا قلت له أعط الذي أقررت له ما شئت مما يقع عليه اسم مال واحلف له ما أقررت له بغير ما أعطيته فإن قال لا أعطيه شيئا جبرته على أن يعطيه أقل ما يقع عليه اسم مال مكانه ويحلف ما أقر له بأكثر منه فإذا حلف لم ألزمه غيره ، وإن امتنع من اليمين قلت للذي يدعي عليه ادع ما أحببت فإذا ادعى قلت للرجل احلف على ما ادعى فإن حلف برئ وإن أبى قلت له اردد اليمين على المدعي فإن حلف أعطيته وإن لم يحلف لم أعطه شيئا بنكولك حتى يحلف مع نكولك .

( قال الشافعي ) : وإن كان المقر بالمال غائبا أقر به من صنف معروف كفضة أو ذهب فسأل المقر له أن يعطي ما أقر له به قلنا إن شئت فانتظر مقدمه أو نكتب لك إلى حاكم البلد الذي هو به ، وإن شئت أعطيناك من ماله الذي أقر فيه أقل ما يقع عليه اسم المال ، واشهد بأنه عليك فإن جاء فأقر لك بأكثر منه أعطيت الفضل كما أعطيناك وإن لم يقر لك بأكثر منه فقد استوفيت وكذلك إن جحدك فقد أعطيناك أقل ما يقع عليه اسم مال .

وإن قال مال ، ولم ينسبه إلى شيء لم نعطه إلا أن يقول هكذا ويحلف أو يموت فتحلف ورثته ويعطي من ماله أقل الأشياء قال وهكذا إن كان المقر حاضرا فغلب على عقله ويحلف على هذا المدعي ما برئ مما أقر له به بوجه من الوجوه ويجعل الغائب والمغلوب على عقله على حجته إن كانت له .

( قال الشافعي ) : ومثل هذا إن أقر له بهذا ثم مات وأجعل ورثة الميت على حجته إن كانت للميت حجة فيما أقر له به .

( قال الشافعي ) : وإن شاء المقر له أن تحلف له ورثة الميت فلا أحلفهم إلا أن يدعي علمهم فإن ادعاه أحلفتهم ما يعلمون أباهم أقر له بشيء أكثر مما أعطيته .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 39.83 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 39.20 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.58%)]