عرض مشاركة واحدة
  #1067  
قديم 25-06-2022, 01:57 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,199
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )




تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة النحل - (9)
الحلقة (544)
تفسير سورة النحل مكية
المجلد الثالث (صـــــــ 150الى صــــ 155)

إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90) وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (91) وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنّ َ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (92) وَلَوْ شَاء اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلكِن يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (93)
شرح الكلمات:

العدل: الإِنصاف ومنه التوحيد.

الإحسان: أداء الفرائض وترك المحارم مع مراقبة الله تعالى.

وإيتاء ذي القربى: أي إعطاء ذي القربى حقوقهم من الصلة والبر.

عن الفحشاء: الزنا.

يعظكم: أي يأمركم وينهاكم.

تذكرون: أي تتعظون.

توكيدها: أي تغليظها.

نقضت غزلها: أي أفسدت غزلها بعد ما غزلته.

من بعد قوة: أي أحكام له وبرم.

أنكاثاً: جمع نكث وهو ما ينكث ويحل بعد الإِبرام.

كالتي نقضت غزلها: هي حمقاء مكة وتدعى رَيْطَة بنت سعد بن تيم القرشية.

دخلاً بينكم: الدخل ما يدخل في الشيء وهو ليس منه للإِفساد والخديعة.

أربى من أمة: أي أكثر منها عدداً وقوة.

معنى الآيات:

قوله تعالى: { إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ 1} أي أن الله يأمر في الكتاب الذي أنزله تبياناً لكل شيء، يأمر بالعدل وهو الإِنصاف ومن ذلك أن يعبد الله بذكره وشكره لأنه الخالق المنعم وتترك عبادة غيره لأن غيره لم يخلق ولم يرزُق ولم ينعم بشيء. ولذا فسر هذا اللفظ بلا إله إلا الله، { وَٱلإحْسَانِ 2} وهو أداء الفرائض واجتناب المحرمات مع مراقبة الله تعالى في ذلك حتى يكون الأداء على الوجه المطلوب إتقاناً وجودة والإِجتناب خوفاً من الله حياء منه، وقوله { وَإِيتَآءِ ذِي ٱلْقُرْبَىٰ } أي ذوي القرابات حقوقهم من البر والصلة. هذا مما أمر الله تعالى به في كتابه، ومما ينهى عنه الفحشاء وهو الزنا واللواط وكل قبيح اشتد قبحه وفحش حتى البخل { وَٱلْمُنْكَرِ } وهو كل ما أنكر الشرع وأنكرته الفطر السليمة والعقول الراجحة السديدة، وينهى عن البغي3 وهو الظلم والاعتداء ومجاوزة الحد في الأمور كلها، وقوله { لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } أي أمر بهذا في كتابه رجاء أن تذكروا فتتعظوا فتمتثلوا الأمر وتجتنبوا النهي. وبذلك تكملون وتسعدون. ولذا ورد أن هذه الآية: { إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ4 وَٱلإحْسَانِ 5} إلى { تَذَكَّرُونَ } هي أجمع آية في كتاب الله للخير والشر. وهي كذلك فما من خيرٍ إلا وأمرت به ولا من شر إلا ونهت عنه. وقوله تعالى { وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ ٱللَّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ } أمر من الله تعالى لعبادة المؤمنين بالوفاء بالعهود فعلى كل مؤمن بايع إماماً أو عاهد أحداً على شيء أن يفي له بالعهد ولا ينقصه. " إذ لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له " كما في الحديث الشريف.. وقوله تعالى { وَلاَ تَنقُضُواْ ٱلأَيْمَانَ6 بَعْدَ تَوْكِيدِهَا } الأيمان جمع يمين وهو الخلف بالله وتوكيدها تغليظها بالألفاظ الزائدة { وَقَدْ جَعَلْتُمُ ٱللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً } اي وكيلاً، أي أثناء حلفكم به تعالى، فقد جعلتموه وكيلاً، فهذه الآية حرمت نقض الأيمان وهو نكثها وعدم الإِلتزام بها بالحنث فيها لمصالح 7مادية. وقوله تعالى { إِنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ 8مَا تَفْعَلُونَ } فيه وعيد شديد لمن ينقض أيمانه بعد توكيدها.
وقوله تعالى { وَلاَ تَكُونُواْ كَٱلَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا } ، وهي امرأة بمكة حمقاء 9تغزل ثم تنكث10 غزلها وتفسده بعد إبرامه وإحكامه فنهى الله تعالى المؤمنين أن ينقضوا أيمانهم بعد توكيدها فتكون حالهم كحال هذه الحمقاء. وقوله تعالى: { تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ } أي إفساداً وخديعة كأن تحالفوا جماعة وتعاهدوها، ثم تنقضون عهدكم وتحلون ما أبرمتم من عهد وميثاق وتعاهدون جماعة أخرى لأنها أقوى وتنتفعون بها أكثر. هذا معنى قوله تعالى { أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَىٰ مِنْ أُمَّةٍ } أي جماعة أكثر من جماعة رجالاً وسلاحاً أو مالاً ومنافع. وقوله تعالى: { إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ ٱللَّهُ بِهِ } أي يختبركم فتعرض لكم هذه الأحوال وتجدون أنفسكم تميل إليها، ثم تذكرون نهي ربكم عن نقض الأيمان والعهود فتتركوا ذلك طاعة لربكم أولاً تفعلوا إيثاراً للدنيا عن الآخرة، { وَلَيُبَيِّنَنّ َ لَكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ } ثم يحكم بينكم ويجزيكم، المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته.. وقوله تعالى { وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً } على التوحيد والهداية لفعل.. ولكن اقتضت حكمته العالية أن يهدي من يشاء هدايته لأنه رغب فيها وطلبها، ويضل من يشاء إضلاله لأنه رغب في الضلال وطلبه وأصر عليه بعد النهي عنه. وقوله تعالى: { وَلَتُسْأَلُنَّ } 11أي سؤال توبيخ وتأنيب { عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } من سوء وباطل، ولازم ذلك الجزاء العادل من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها، ومن جاء بالسئية فلا يجزى إلا بمثلها وهم لا يظلمون.

هداية الآيات

من هداية الآيات:


1- بيان أجمع آية للخير والشر في القرآن وهي آية { إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ وَٱلإحْسَانِ.. } الآية [90].

2- وجوب العدل والإِحسان وإعطاء ذوي القربى حقوقهم الواجبة من البر والصلة.

3- تحريم الزنا واللواط وكل قبيح اشتد قبحه من الفواحش الظاهرة والباطنة.

4- تحريم البغي وهو الظلم بجميع صوره وأشكاله.

5- وجوب الوفاء بالعهود وحزمة نقضها.

6- حرمة نقض الأيمان بعد توكيدها وتوطين النفس عليها لتخرج لغو اليمين.

7- من بايع أميراً أو عاهد احداً يجب عليه الوفاء ولا يجوز النقض والنكث لمنافع دنيوية أبداً.
________________

1 ورد في فضل هذه الآية أن عثمان بن مظعون رضي الله عنه قال: ما أسلمت ابتداء إلاّ حياءٌ من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكان أخاه من الرضاعة حتى نزلت هذه الآية وأنا عنده فاستقر الإيمان في قلبي فقرأتها على الوليد بن المغيرة فقال: يا ابن أخي أعِد فأعدت فقال: والله إنّ له لحلاوة وإنّ عليه لطلاوة وإن أصله لمورق وأعلاه لمثمر وما هو بقول بشر.
2 الإحسان مصدر أحسن إحساناً وهو متعدّ بنفسه نحو: أحسنت كذا إذا أتقنته وحسّنته وجوّدته، ومتعدّ بحرف الجرّ نحو: أحسنت إلى فلان أي أوصلت إليه ما ينفعه أو دفعت عنه ما يضرّه، وكلا المعنيين مراد في الآية وما في حديث جبريل يتناول الأول لأن من راقب الله تعالى أتقن عمله وحسنه.
3 ورد في البغي: لا ذنب أسرع عقوبة من البغي، واتق دعوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين الله حجاب، والباغي مصروع وقد وعد الله من بُغي عليه بالنصر في قوله: {ومن عاقب بمثل ما عوقب ثمّ بغى عليه لينصرنه الله} .
4 قال ابن مسعود رضي الله عنه: هذه الآية: أجمع آية في القرآن لخير يمتثل ولشرّ يجتنب.
5 روي أن جماعة رفعت شكوى بعاملها إلى أبي جعفر المنصور فحاجّها العامل فغلبها حيث لم يثبتوا عليه كبير ظلم ولا جور في شيء، فقام فتى منهم وقال يا أمير المؤمنين: {إن الله يأمر بالعدل والإحسان} وإنّه عدل ولم يحسن فعجب أبو جعفر المنصور من إصابته، وعزل العامل.
6 هذا في الإيمان المؤكد بها الحلف في الجاهلية لقول الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديث مسلم "لا حلف في الإسلام وأيّما حلف كان في الجاهلية فإنه لا يزيده الإسلام إلا شدة وأبطل صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحلف في الإسلام، لأن الإسلام جاء بنصرة المظلوم وأخذ الحق له من الظالم كما هو مبين في شريعته.
7 أمّا إذا حلف العبد يميناً فرأى غيرها خيراً منها فإنه ينقض يمينه ويكفر كفّارة يمين لقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلاّ أتيت الذي هو خير وكفّرت عن يميني".
8 هذه الجملة ذكرت علّة لتحريم نقض العهد فهي تحمل وعيداً شديداً وتهديداً كبيراً لمن ينقض العهد.
9 يقال لها ريطة بنت عمر وكانت تغزل طول النهار، وفي المساء إذا غضبت لحمقها تحلّ ما أبرمته من غزلها، فنهى الله تعالى المؤمنين أن يكونوا كهذه الحمقاء فيحلون ما يبرمون من عقود وعهود.
10 النكث والجمع أنكاث: وهو النقض والحل بعد الإبرام.
11 اللام دالة على قسم محذوف نحو: {والله لتسألن} .

***************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 33.71 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 33.08 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.86%)]