عرض مشاركة واحدة
  #1066  
قديم 25-06-2022, 01:56 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,178
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )


وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا ثُمَّ لَا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (84) وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ ظَلَمُوا الْعَذَابَ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (85) وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكَاءَهُمْ قَالُوا رَبَّنَا هَؤُلَاءِ شُرَكَاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُو مِنْ دُونِكَ فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ (86) وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (87) الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ (88) وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (89)
شرح الكلمات:

ويوم نبعث: أي اذكر يوم نبعث.

شهيداً: هو نبيها.

لا يؤذن للذين كفروا: أي بالاعتذار فيتعذرون.

ولا هم يستعتبون: أي لا يطلب منهم العتبى أي الرجوع إلى اعتقاد وقول وعمل ما يرضي الله عنهم.

وإذا رأى الذين أشركوا شركاءهم: أي الذين كانوا يعبدونهم من دون الله كالأصنام والشياطين.

فألقوا إليهم القول: أي ردوا عليهم قائلين لهم إنكم لكاذبون.

وألقوا إلى الله يومئذ السلم: أي ذلوا له وخضعوا لحكمه واستسلموا.

وضل عنهم ما كانوا يفترون: من أن آلهتهم تشفع لهم عند الله وتنجيهم من عذابه، ومعنى ضل غاب.

عذاباً فوق العذاب: أنه عقارب وحيات كالنِّخل الطوال والبغال الموكفة.

ونزلنا عليك الكتاب: أي القرآن.

تبياناً لكل شيء: أي لكل ما بالأمة من حاجة إليه في معرفة الحلال والحرام والحق والباطل والثواب والعقاب.

معنى الآيات:

انحصر السياق الكريم في هذه الآيات الست في تقرير البعث والجزاء مع النبوة فقوله تعالى: { وَيَوْمَ نَبْعَثُ1 } أي اذكر يا رسولنا محمد يوم نبعث { مِن كُلِّ أُمَّةٍ } من الأمم { شَهِيداً } هو نبيها الذي نبئ فيها وأرسل إليها { ثُمَّ لاَ يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ } أي بالاعتذار فيعتذرون { وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ 2} أي لا يطلب منهم العتبى3 أي الرجوع إلى اعتقاد وقول وعمل يرضي الله عنهم أي اذكر هذا لقومك، علهم يذكرون فيتعظون، فيتوبون، فينجون ويسعدون. وقوله في الآية الثانية [85] { وَإِذَا رَأى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ ٱلْعَذَابَ } أي يوم 4القيامة { فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ } أي يمهلون. اذكر هذا أيضاً تذكيراً وتعليماً، واذكر لهم { وَإِذَا رَأى ٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ شُرَكَآءَهُمْ } في عرصات القيامة أو في جهنم صاحوا قائلين { رَبَّنَا } أي يا ربنا { هَـٰؤُلآءِ5 شُرَكَآؤُنَا ٱلَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوْا مِن دُونِكَ } أي نعبدهم بدعائهم والإستغاثة بهم، { فَألْقَوْا إِلَيْهِمُ ٱلْقَوْلَ } فوراً { إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ }. { وَأَلْقَوْاْ إِلَىٰ ٱللَّهِ يَوْمَئِذٍ ٱلسَّلَمَ } أي الإِستسلام فذلوا لحكمه { وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } في الدنيا من ألوان الكذب والترهات كقولهم هؤلاء شفعاؤنا عند الله، وأنهم ينجون من النار بشفاعتهم، وأنهم وسيلتهم إلى الله كل ذلك ضل أي غاب عنهم ولم يعثروا منه على شيء. وقوله تعالى: { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } غيرهم بالدعوة إلى الكفر وأسبابه والحمل عليه أحياناً بالترهيب والترغيب { زِدْنَاهُمْ عَذَاباً فَوْقَ ٱلْعَذَابِ } الذي استوجبوه بكفرهم. ورد أن هذه الزيادة من العذاب أنها عقارب كالبغال الدهم، وأنها حيات كالنخل الطوال والعياذ بالله تعالى من النار وما فيها من أنواع العذاب، وقوله تعالى: { وَيَوْمَ نَبْعَثُ } أي اذكر يا رسولنا يوم نبعث { فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً } أي يوم القيامة { عَلَيْهِمْ مِّنْ أَنْفُسِهِمْ6 وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَىٰ هَـٰؤُلآءِ } أي على من أرسلت إليهم من أمتك.

فكيف يكون الموقف إذ تشهد على أهل الإِيمان بالإِيمان وعلى أهل الكفر بالكفر. وعلى أهل التوحيد بالتوحيد، وعلى أهل الشرك بالشرك إنه لموقف صعب تعظم فيه الحسرة وتشتد الندامة.. وقوله تعالى في خطاب رسوله مقرراً نبوته والوحي إليه { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ } أي القرآن { تِبْيَاناً 7لِّكُلِّ شَيْءٍ } الأمة في حاجة إلى معرفته من الحلال والحرام والأحكام والأدلة { وَهُدًى } من كل ضلال { وَرَحْمَةً } خاصة بالذين يعملون به ويطبقونه على أنفسهم وحياتهم فيكون رحمة عامة بينهم { وَبُشْرَىٰ 8 لِلْمُسْلِمِينَ } أي المنقادين لله في أمره ونهيه بشرى لهم بالأجر العظيم والثواب الجزيل يوم القيامة، وبالنصر والفوز والكرامة في هذه الدار. وبعد إنزالنا عليك هذا الكتاب فلم يبق من عذر لمن يريد أن يعتذر يوم القيامة ولذا ستكون شهادتك على أمتك أعظم شهادة وأكثرها أثراً على نجاة الناجين وهلاك الهالكين ولا يهلك على الله إلا هالك.

هداية الآيات

من هداية الآيات:


1- تقرير عقيدة البعث الآخر بما لا مزيد عليه لكثرة ألوان العرض لما يجرى في ذلك اليوم.

2- براءة الشياطين والأصنام الذين أشركهم الناس في عبادة الله من المشركين بهم والتبرؤ منهم وتكذيبهم.

3- زيادة العذاب لمن دعا إلى الشرك والكفر وحمل الناس على ذلك.

4- لا عذر لأحد بعد أن أنزل الله تعالى القرآن تبياناً لكل شيء وهدىً ورحمةً وبشرى للمسلمين.


ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــ
1 نظير هذه الآية آية النساء: {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد..} الآية.
2 أي: لا يكلّفون أن يرضوا ربهم لأنّ الآخرة ليست دار تكليف ولا يمكنون من الرجوع إلى الدنيا فيتوبون.
3 العتبى: الرضا، والفعل: عتب يعتب عليه إذا وجد عليه في نفسه وأعتبه: إذا أزال الموجدة ورجع إلى مسرّته وفي الحديث: " لك العتبى حتى ترضى" والعتبى: رجوع المعتوب عليه إلى ما يرضي العاتب وهو المراد في الحديث.
4 أي: عذاب جهنم بالدخول فيها.
5 أي: أصنامهم وأوثانهم التي عبدوها، وذلك لأنّ الله تعالى يبعث معبوديهم فيتبعونهم حتى يوردوهم النار، روى مسلم: "من كان يعبد شيئاً فليتبعه، فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس ويتبع من كان يعبد القمر القمر ويتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت.." الحديث، وفي الترمذي: " فيمثل لصاحب الصليب صليبه ولصاحب التصاوير تصاويره ولصاحب النار ناره فيتبعون ما كانوا يعبدون".
6 الشهداء: هم الأنبياء والعلماء، فالنبي يشهد على أمته والعالم يشهد على من أمره ونهاه ودلّ هذا على أنه لم تخل فترة من وجود داع إلى الله تقوم به الحجة لله تعالى فقد قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في زيد بن عمرو بن نفيل "يبعث امة وحده". ومثل زيد قس وورقة وسطيح.
7 التبيان: مصدر دال على المبالغة في المصدرية وأريد به هنا اسم الفاعل أي: المبيِّن لكل شيء.
8 خُصّ المسلمون دون غيرهم لأنّ غيرهم أعرضوا عنه فحرموا الهدى والرحمة والبشرى في الدارين.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 20.18 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 19.55 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.11%)]