عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 25-06-2022, 01:49 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,207
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )




تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة النحل - (2)
الحلقة (537)
تفسير سورة النحل مكية
المجلد الثالث (صـــــــ 104الى صــــ 110)

وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ1 الْبَحْرَ لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُو اْ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (14) وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلاً لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (15) وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ (16) أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (17) وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (18) وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (19)
شرح الكلمات.
حلية تلبسونها: هي اللؤلؤ والمرجان.
مواخر فيه: أي تشقه بجريها فيه مقبلة ومدبرة بريح واحدة وبالبخار اليوم.
من فضله: أي من فضل الله تعالى بالتجارة.
أن تميد بكم: أي تميل وتتحرك فيخرب ما عليها ويسقط.
لا تحصوها: أي عداً فتضبطوها فضلاً عن شكرها للمنعم بها عز وجل.
ما تسرون وما تعلنون: من المكر بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومن أذاه علانية هذا بالنسبة إلى أهل مكة، إذ الخطاب يتناولهم أولاً ثم اللفظ عام فالله يعلم كل سرٍ وعلانية في أي أحد.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في ذكر مظاهر قدرة الله وعلمه وحكمته ورحمته تلك المظاهر الموجبة لتوحيده وعبادته وشكره وذكره قال تعالى: {وهو الذي سخر لكم البحر} وهو كل ماء غمر كثير عذباً كان أو ملحاً وتسخيره تيسير الغوص فيه وجرى السفن عليه. وقوله {لتأكلوا منه لحماً2 طريا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها} بيان لعلة تسخير البحر وهي ليصيد الناس منه السمك يأكلونه، ويستخرجون اللؤلؤ والمرجان حلية لنسائهم3. وقوله: {وترى الفلك مواخر فيه} أي وترى أيها الناظر إلى البحر ترى السفن تمخر الماء أي تشقه ذاهبة وجائية. وقوله: {ولتبتغوا} أي سخَّر البحر والفلك لتطلبوا الرزق بالتجارة بنقل البضائع والسلع من إقليم إلى إقليم وذلك كله من فضل الله وقوله {لعلكم تشكرون} أي كي تشكروا الله تعالى. أي سخر لكم ذلك لتحصلوا على الرزق من فضل الله فتأكلوا وتشكروا الله على ذلك والشكر يكون بحمد الله والاعتراف بنعمته وصرفها في مرضاته وقوله: {وألقى في الأرض رواسي4} أي ألقى في الأرض جبالاً ثوابت {أن تميد بكم} كي لا تميد بكم، وميدانها ميلها وحركتها إذ لو كانت تتحرك لما استقام العيش عليها والحياة فيها. وقوله: {وأنهاراً} أي وأجرى لكم أنهاراً في الأرض كالنيل والفرات وغيرهما {وسبلا} أي وشَّق لكم طرقاً {لعلكم تهتدون} إلى منازلكم في بلادكم وقوله {وعلامات} أي وجعل لكم علامات للطرق وأمارات كالهضاب والأودية والأشجار وكل ما يستدل به على الطريق والناحية، وقوله {وبالنجم} أي وبالنجوم5 {هم يهتدون} فركاب البحر لا يعرفون وجهة سيرهم في الليل إلا بالنجوم وكذا المسافرون في الصحارى والوهاد لا يعرفون وجهة سفرهم إلا بالنجوم وذلك قبل وجود آلة البوصلة البحرية ولم توجد إلا على ضوء النجم وهدايته وقوله في الآية (17) {أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون} هذا تأنيب عظيم لأولئك الذين يصرون على عبادة الأصنام ويجادلون عليها ويجالدون فهل عبادة من يخلق ويرزق ويدبر حياة الإنسان وهو الله رب العالمين كعبادة من لا يخلق ولا يرزق ولا يدير؟ فمن يسوي من العقلاء بين الحي المحيي الفعال لما يريد واهب الحياة كلها وبين الأحجار والأوثان؟ فلذا وبخهم بقوله {أفلا تذكرون} فتذكرون فتعرفون أن عبادة الأصنام باطلة وأن عبادة الله حق فتتوبوا إلى ربكم وتسلموا له قبل أن يأتيكم العذاب. وقوله تعالى: {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها} بعدما عدد في هذه الآيات من النعم الكثيرة أخبر أن الناس لو أرادوا أن يعدوا نعم الله ما استطاعوا عدها فضلا عن شكرها، ولذا قال: {إن الله لغفور رحيم} ولولا أنه كذلك ليؤاخذهم على تقصيرهم في شكر نعمه عليهم ولسلبها منهم عند كفرها وعدم الاعتراف بالمنعم بها عز وجل وقوله تعالى: {والله يعلم ما تسرون وما تعلنون} هذه آخر مظاهر القدرة والعلم والحكمة والنعمة في هذا السياق الكريم فالله وحده يعلم سر الناس وجهرهم فهو يعلم إذاً حاجاتهم وما تتطلبه حياتهم، فإذا عادوه وكفروا به فكيف يأمنون على حياتهم ولما كان الخطاب في سياق دعوة مشركي مكة إلى الإيمان والتوحيد فالآية إخطار لهم بأن الله عليم بمكرهم برسوله وتبييت الشر له وأذاهم له بالنهار. فهي تحمل التهديد والوعيد لكفار مكة.
هداية الآيات
من هداية الآيات:

1- بيان العلة في الرزق وأنها الشكر فالله سبحانه وتعالى يرزق لِيُشكر.
2- إباحة أكل الحوت وكل دواب البحر.
3- لا زكاة في اللؤلؤ والمرجان لأنه من حلية النساء.
4- المقارنة بين الحي الخلاق العليم، وبين الأصنام الميتة المخلوقة لتقرير بطلان عبادة غير الله تعالى لأن من يَخلُق ليس كمن لا يَخلَق.
5- عجز الإنسان عن شكر نعم الله تعالى يتطلب منه أن يشكر ما يمكنه منها وكلمة (الحمد لله) تعد رأس الشكر والاعتراف بالعجز عن الشكر من الشكر، والشكر صرف النعم فيما من أجله أنعم الله تعالى بها.
__________

1 تسخير البحر: هو تمكين البشر من التصرف فيه، وتذليله بالركوب والإرفاء وغيره وهي نعمة إذ لو شاء الله لسلّط البحر على العباد لأغرقهم.
2 قسّم مالك اللحم ثلاثة أقسام وهي: لحم ذوات الأربع، ولحم ذوات الريش، ولحم ذوات الماء، ومنع بيع الجنس الواحد بجنسه متفاضلا أو نسيئة.
3 الإجماع على جواز تختم الرجل بخاتم الفضة للأحاديث الثابتة وذلك منها حديث البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه "أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتخذ خاتما من فضة ونقش فيه محمد رسول الله" ولذا جاز للقضاة وغيرهم أن ينقشوا أسماءهم على خواتمهم.
4 في هذه الآية دليل على استعمال الأسباب إذ كان الله قادراً على سكونها دون الجبال، ومع هذا أرساها، وسكنها بالجبال تعليما لعباده للأخذ بالأسباب، و {رواسي} جمع راس، على غير قياس، كفوارس، وعواذل جمع فارس وعاذل.
5 وقد يراد بالنجم: الجدي خاصة لقول الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لابن عباس وقد سأله عن النجم فقال له: "هو الجدي عليه قبلتكم وبه تهتدون في برّكم وبحركم" وكون المراد بالنجم النجوم لقوله تعالى: {وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر} .

****************************** *******

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 30.43 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 29.80 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.06%)]