عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 25-06-2022, 01:47 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,207
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

<b>



تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة النحل - (1)
الحلقة (536)
تفسير سورة النحل مكية
المجلد الثالث (صـــــــ 98الى صــــ 104)

سورة النحل1
مكية
وآياتها مائة وثمان وعشرون
بسم الله الرحمن الرحيم

أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (1) يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ (2) خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (3) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (4) وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (5) وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (6) وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (7)
شرح الكلمات:
أتى أمر الله: أي دنا وقرب أمر لله بعذابكم أيها المشركون فلا تستعجلون.
ينزل الملائكة بالروح: أي بالوحي الذي به حياة الأرواح والمراد من الملائكة جبريل.
خلق الإنسان من نطفة: أي قطرة من المني.
دفء ومنافع: أي ما تستدفئون به، ومنافع من العسل واللبن واللحم والركوب.
حين تريحون: أي حين تردونها من مراحها.
وحين تسرحون.: أي وحين إخراجها من مراحها إلى مسارحها أي الأماكن التي تسرح فيها.
إلا بشق الأنفس: أي بجهد الأنفس ومشقة عظيمة.
معنى الآيات:
لقد استعجل المشركون بمكة العذاب وطالبوا به غير مرة فأنزل الله تعالى قوله: {أتى أمر2 الله} أي بعذابكم أيها المستعجلون له. لقد دنا منكم وقرب فالنضر بن الحارث القائل: {اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارةً من السماء أو أئتنا بعذاب أليم} ، جاءه بعد سُنيات قلائل فهلك ببدر صَبْراً، إلى جهنم، وعَذَابُ يوم القيامة لمن استعجله قد قرب وقته ولذا عبر عنه بالماضي لتحقق وقوعه وقرب مجيئه فلا معنى لاستعجاله فلذا قال الله تعالى: {فلا تستعجلوه} وقوله {سبحانه وتعالى عما يشركون} .
أي تنزه وتقدس عما يشركون به من الآلهة الباطلة إذ لا إله حق إلا هو. وقوله {ينزل الملائكة بالروح3 من أمره} أي بإرادته وإذنه {على من يشاء من عباده} . أي ينزل جبريل عليه السلام بالوحي على من يشاء من عباده4 وهو محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقوله {أن أنذروا أنه لا إله إلا أنا فاتقون} أي بأن انذروا5 أي خوفوا المشركين عاقبة شركهم فإن شركهم باطل سيجر عليهم عذاباً لا طاقة لهم به، لأنه لا إله إلا الله، وكل الآلهة دونه باطلة. إذاً فاتقوا الله بترك الشرك والمعاصي وإلا تعرضتم للعذاب الأليم. في هاتين الآيتين تقرير للوحي والنبوة للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتقرير التوحيد أيضاً وقوله تعالى في الآيات التالية: {خلق السموات والأرض بالحق تعالى عما يشركون} استدلال على وجوب التوحيد وبطلان الشر ك فالذي خلق السموات والأرض بقدرته وعلمه وحده دون ما مُعِين له ولا مساعد حُقَّ أن يعبد، لا تلك الآلهة الميتة التي لا تسمع ولا تبصر ولا تنطق {تعالى عما يشركون} أي تنزه وتقدس تعالى عما يشركون به من أصنام وأوثان. وقوله: {خلق الإنسان من نطفة} أي من أضعف شيء وأحقره قطرة المني خلقه في ظلمات ثلاث وأخرجه من بطن أمه لا يعلم شيئاً حتى إذا رباه وأصبح رجلاً إذا هو خصم لله يجادل ويعاند6، ويقول من يحيي العظام وهي رميم. وقوله تعالى {والأنعام خلقها لكم فيها دفء7 ومنافع ومنها تأكلون} فهذه مظاهر القدرة الإلهية والعلم والحكمة والرحمة وهي الموجبة لعبادته تعالى وترك عبادة ما سواه. فالأنعام وهي الإبل والبقر والغنم خلقها الله تعالى لبني آدم ولم يخلقها لغيرهم، لهم فيها دفء إذ يصنعون الملابس والفرش والأغطية من صوف الغنم ووبر الإبل ولهم فيها منافع كاللبن والزبدة والسمن والجبن والنسل حيث تلد كل سنة فينتفعون بأولادها. ومنها يأكلون اللحوم المختلفة فالمنعم بهذه النعم هو الواجب العبادة دون غيره من سائر مخلوقاته وقوله: {ولكم فيها جمال} 8 أي منظر حسن جميل حين تريحونها عشية من المرعى إلى المراح {وحين تسرحون} أي تخرجونها صباحاً من مراحها إلى مراعيها، فهذه لذة روحية ببهجة المنظر. وقوله {وتحمل أثقالكم إلى بلدٍ لم تكونوا بالغيه إلا بشق9 الأنفس} أي إلا بجهد النفس والمشقة العظيمة. فالإبل في الصحراء كالسفن في البحر تحمل الأثقال من بلدٍ إلى بلد وقد تكون المسافة بعيدة لا يصلها الإنسان إلا بشق الأنفس وبذل الجهد والطاقة، لولا الإبل سفن الصحراء ومثل الإبل الخيل والبغال والحمير في حمل10 الأثقال. فالخالق لهذه الأنعام هو ربكم لا إله إلا هو فاعبدوه ولا تشركوا به شيئاً وقوله تعالى: {إن ربكم} أي خالقكم ورازقكم ومربيكم وإلهكم الحق الذي لا إله لكم غيره لرؤوف رحيم، ومظاهر رحمته ورأفته ظاهره في كل حياة الإنسان فلولا لطف الله بالإنسان ورحمته له لما عاش ساعة في الحياة الدنيا فلله الحمد وله المنة.
هداية الآيات
من هداية الآيات:

1- قرب يوم القيامة فلا معنى لاستعجاله فإنه آتٍ لا محالة، وكل آتٍ قريب.
2- تسمية الوحي بالروح من أجل أنه يحيى القلوب، كما تحيي الأجسام الأرواح.
3- تقرير التوحيد والنبوة والبعث الآخر بذكر مظاهر القدرة الإلهية والعلم والحكمة والرأفة والرحمة.
__________

1 وتسمّى أيضاً سورة النعم، لما عدد تعالى فيها من نعمه على عباده.
2 من الجائز أن يراد بـ {أتى أمر الله} القيامة لقول الله تعالى: {اقترب للناس حسابهم} وقوله: {اقتربت الساعة} وقول الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "بعثت أنا والساعة كهاتين وأشار بإصبعيه".
3 بالروح، أي بالوحي بالنبوة نظيره قوله تعالى: {يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده} .
4 أي: من الأنبياء ومحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إمامهم وخاتمهم وقوله: {أن أنذروا} : تفسير لقوله: {ينزل الملائكة بالروح} .
5 أمر الله الأنبياء الذين أوحي إليهم بشرعه أن ينذروا المشركين عاقبة الشرك ويدعوهم إلى الإيمان والعمل الصالح بعد نبذ الشرك والعمل الفاسد.
6 هذا الإنسان الخصيم هو أبيّ بن خلف الجمحي، جاء إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعظم رميم فقال: أترى يحيي الله هذا بعد ما قد رمّ؟ وفيه نزل: {أو لم ير الإنسان أنّا خلقناه من نطفة..} الخ من سورة يس.
7 الدفء: الشيء الذي يدفىء الإنسان، والجمع: ادفاء، ويقال: دفىء دفاءة ككره كراهة.
8 الجمال يكون في الصورة، وهو تناسب أجزائها، ويكون في الأخلاق بأن يكون المرء على صفات محمودة كالعدل والعلم والحكمة وكظم الغيظ وإرادة الخير لكل أحد وجمال الأفعال يكون بملاءمتها لمصالح الخلق نافعة لهم غير ضارة بهم.
9 شق النفس: مشقتها، وغاية جهدها وعليه فالشق المشقة، والشق: الجانب من كل شيء.
10 في الآية دليل على جواز ركوب الإبل، والحمل عليها لكن لا تحمل أكثر مما تطيق فقد ضرب عمر حمالاً وقال: تحمل على بعيرك ما لا يطيق. وكان لأبي الدرداء جمل يقال له دمون يقول له: يا دمون لا تخاصمني عند ربك.

****************************

يتبع
</b>
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 31.21 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 30.58 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.01%)]