عرض مشاركة واحدة
  #1005  
قديم 17-06-2022, 03:55 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,172
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )




تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة يوسف - (8)
الحلقة (513)
تفسير سورة يوسف مكية
المجلد الثانى (صـــــــ 622الى صــــ 626)

الجزء الثالث عشر
وَمَا أُبَرِّىءُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ (53) وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مِكِينٌ أَمِينٌ (54) قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (55) وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاء نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاء وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (56) وَلَأَجْرُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ (57)
شرح الكلمات:
لأمارة بالسوء: أي كثيرة الأمر والسوء هو ما يُسيء إلى النفس البشرية مثل الذنوب.
إلا ما رحم ربي: أي إلا من رحمه الله فإن نفسه لا تأمر بالسوء لطيبها وطهارتها.
استخلصه لنفسي: أجعله من خلصائي من أهل مشورتي وأسراري.
مكين أمين: أي ذو مكانة تتمكن بها من فعل ما تشاء، أمين مؤتمن على كل شيء عندنا.
خزائن الأرض: أي خزائن الدولة في أرض مصر.
إني حفيظ عليم: أي أحافظ على ما تسنده إليّ واحفظه، عليم بتدبيره.
يتبوأ: أي ينزل ويحل حيث يشاء بعد ما كان في غيابة الجُب وضيق السجن.
معنى الآيات:
ما زال السياق في الحديث على يوسف عليه السلام فقوله تعالى: {وما أبرىء نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم} هذا من قول يوسف علية1 السلام، إذ قال لما طلب إلى الملك أن يحقق في قضية النسوة اللاتي قطعن أيديهن وامرأة العزيز وتم التحقيق بالإعلان عن براءة يوسف مما أتهم به قال ذلك، أي فعلت ليعلم العزيز أني لم أخنه بالغيب، وأن الله لا يهدي كيد الخائنين. وهضماً لنفسه من جهة ومن جهة أخرى فقد همَّ بضرب زليخا كما تقدم، قال: {وما أبرىء نفسي} وعلل لذلك فقال {إن النفس} أي البشرية {لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي2} إلا نفساً رحمها ربي بتوفيقها إلى تزكيتها وتطهيرها بالإيمان وصالح الأعمال فإنها تصبح نفساً مطمئنة تأمر بالخير وتنهى عن الشر3، وقوله: {إن ربي غفور رحيم} ذكر هذه الجملة تعليلاً لقوله: {وما أبرىء نفسي} فذكر وإن حصل منيّ هم بضرب وهو سوء فإني تبت إلى الله، والله غفور أي يعفو ويصفح فلا يؤاخذ من تاب إليه ويرحمه فإنه رحيم بالمؤمنين من عباده. هذا ما دلت عليه الآية الأولى (53) أما الآية الثانية (54) والثالثة (55) فقد تضمنت استدعاء الملك ليوسف وما دار من حديث بينهما إذ قال تعالى: {وقال الملك} الريان بن الوليد {ائتوني به} أي بيوسف بعد أن ظهر له علمه وكماله الروحي {أستخلصه لنفسي} أي أجعله خالصاً لي أستشيره في أمري واستعين به على مهام ملكي وجاء يوسف من السجن وجلس إلى الملك وتحدث معه وسأله عن موضوع سني الخصب والجدب فأجابه بما أثلج صدره من التدابير الحكيمة السديدة وهنا قال له ما أَخْبرَ تعالى به قال له: {إنَّك اليوم لدينا مكين أمين} أي ذو مكانة عندنا تمكنك من التصرف في البلاد كيف تشاء أمين على كل شيء عندنا فأجابه يوسف بما أخبر به تعالى بقوله: {قال اجعلني4 على خزائن الأرض} أي أرض مصر ومعنى هذا أنه حل محل العزيز الذي قد مات في تلك الأيام. وعلل لطلبه وزارة المال والاقتصاد بقوله: {إنّي حفيظ عليم} أي حفيظ على ما أتولى تدبيره عليم بكيفية الإدارة وتدبير الشؤون. وقوله تعالى في الآية الرابعة (56) : {وكذلك مكنا ليوسف في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء} أي بمثل هذه الأسباب والتدابير مكنا ليوسف في أرض مصر يتبوأ منها أي ينزل حيث يشاء يتقلب فيها أخذاً وعطاء وإنشاء وتعميراً لأنه أصبح وزيراً مطلق التصرف. وقوله تعالى: {نصيب برحمتنا من نشاء} أي رحمته من عبادنا ولا نضيع أجر المحسنين، وهذا وعد من الله تعالى لأهل الإحسان بتوفيتهم أجورهم، ويوسف عليه السلام من شاء الله رحمتهم كما هو من أهل الإحسان الذين يوفيهم الله تعالى أجورهم في الدنيا والآخرة، وأخبر تعالى أن أجر الآخرة خير للذين آمنوا وكانوا يتقون، ترغيبا في الإيمان والتقوى إذ بهما تنال ولاية الله تعالى عز وجل إذ أولياؤه هم المؤمنون المتقون.
هداية الآيات.
من هداية الآيات:
1- فضيلة هضم النفس باتهامها بالنقص والتقصير.
2- تحقيق الحكمة القائلة: المرءُ مخبوء تحت لسانه.
3- جواز ذكْرِ المًرشِّح للعمل كحذق الصنعة ونحوه ولا يعد تزكية للنفس.
4- فضيلة الإحسان في المعتقد والقول والعمل.
5- فضل الإيمان والتقويم.
__________
1 على ما رجحته في التفسير. وعلى قول شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم فهو من قول امرأة العزيز.
2 {ما رحم} ما: بمعنى: مَنْ، وهي شائعة الاستعمال، من ذلك: فانكحوا ما طاب لكم. أي: من طبن لكم من النساء.
3 وبذلك يتمّ عصمتها بإذن الله تعالى.
4 قال بعض أهل العلم: في الآية دليل على جواز عمل الرجل الصالح للرجل الكافر أو الفاجر إذا كان ذلك لا يضرّ بدينه، وهو كذلك، وفيها دليل على جواز ذكر طالب العمل كفاءته العلمية حتى يسند إليه العمل على أن يكون صادقاً في ذلك، وليس هذا من باب: {فلا تزكوا أنفسكم} ولا هو من باب طلب الإمارة حيث قال الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لن نستعمل على عملنا هذا مَنْ أراده" رواه مسلم.

****************************** ****

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 31.13 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 30.51 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.02%)]