عرض مشاركة واحدة
  #983  
قديم 17-06-2022, 03:40 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,685
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )


قَالُوا يَاشُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ (91) قَالَ يَاقَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَاتَّخَذْتُمُو هُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (92) وَيَاقَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ (93) وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (94) كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا بُعْدًا لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ (95)
شرح الكلمات:
ما نفقه: أي ما نفهم بدقة كثيراً من كلامك.
ولولا رهطك: أي أفراد عشيرتك.
وما أنت علينا بعزيز: أي بقوي ممتنع.
ظهرياً1: أي لم تأبهوا به ولم تلتفتوا إليه كالشيء الملقى وراء الظهر.
على مكانتكم: أي على ما أنتم عليه من حال التمكن والقدرة.
الصيحة: أي صحة العذاب التي أخذتهم.
جاثمين: أي على ركبهم.
كأن لم يغنوا فيها: أي كأن لم يقيموا بها يوماً.
ألا بعداً لمدين: أي هلاكاً لمدين قوم شعيب
معنى الآيات:
ما زال السياق في الحديث عن شعيب وقومه إنه بعد الحوار الذي دار بين شعيب وقومه يقول ويقولون وكان عليه السلام فصيحاً مؤيداً من الله تعالى فيما يقول فأفحمهم وقطع الحجة عليهم لجأوا إلى أسلوب القوة والتهديد بل والشتم والإهانة وكان هذا منهم إيذاناً بقرب ساعة هلاكهم فقالوا فيما قص تعالى عنهم في هذه الآيات {يا شعيب2 ما نفقه كثيراً مما تقول} فقد نادوه ليسمع منهم ثم أعلموه أنهم لا يفقهون كثيراً من كلامه مع أنه يخاطبهم بلغتهم، ولكنه الصلف والكبرياء فإن صاحبها لا يفهم ما يقوله الضعفاء. وقالوا له: وإنا لنراك فينا ضعيفاً وهو احتقار منهم له، وقالوا: ولولا رهطك لرجمناك3 أي ولولا وجود جماعة من عشيرتك نحترمهم لرجمناك أي لقتلناك رمياً بالحجارة، وأخيراً وما أنت علينا بعزيز أي بممتنع لو أردناك. وهنا رد شعيب عليه السلام علمهم بقوله فقال ما أخبر تعالى به عنه {قال يا قوم أرهطي4 أعز عليكم من الله واتخذتموه وراءكم ظهريّاً} أي غير مبالين بأمره ولا نهيه كما جعلتموه وراء ظهوركم لا تلتفتون إليه ولا تسمعون منه ولا تطيعونه، يا ويلكم {إنّ ربّي بما تعملون محيط} أي علمه فأعمالكم معلومة له لا يخفى منها عليه شيء ولسوف يجزيكم بها عاجلا أو آجلا وقابل تهديدهم له بمثله فقال لهم {ويا قوم اعملوا على مكانتكم} أي على تمكنكم من عملكم {إني عامل} أي على تمكني من العمل الذي أعمله {سوف تعلمون بعد من يأتيه عذاب يخزيه} يذله ويهينه ومن هو كاذب منا فيعذب ويخزى ويذل ويهان أيضاً وعليه فارتقبوا يومذاك {وارتقبوا فإني
معكم رقيب} منتظر قال تعالى {ولما جاء أمرنا} أي بالعذاب {نجيّنا شعيباً والذين آمنوا معه برحمة منا} أي بفضل منا ونعمة من عندنا، {وأخذت الذين ظلموا} أي بالشرك والعصيان {الصيحة} أي صيحة العذاب5 التي ارتجفت لها قلوبهم وانخلعت فبركوا على ركبهم جاثمين هلكي لا يتحركون. قال تعالى في بيان حالهم {كأن لم يغنوا فيها} أي كأن لم يقيموا في تلك الديار ويعمروها زمنا طويلا. ثم لعنهم فقال: {ألا بعداً لمدين} بعداً لها من الرحمة وهلاكاً، كما بعدت6 قبلها ثمود وهلكت.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
1- بيان ما أوتي نبي الله شعيب العربي من فصاحة وبيان حتى قيل فيه خطيب الأنبياء.
2- اشتداد الأزمات مؤذن بقرب انفراجها7.
3- بيان فساد عقل من يهتم بتنفيذ أوامر الناس ويهمل أوامر الله تعالى ولا يلتفت إليها.
4- فضل انتظار الفرج من الله تعالى وهو الرجاء المأمور به.
5- صدق وعد الله رسله وعدم تخلفّه أبداً.
__________

1 الظهري نسبة إلى الظهر إلى غير قياس وهو منصوب على الحال المؤكدة.
2 الاستفهام: إنكاري.
3 إما أن يكون قولهم هذا استخفافاً وتجاهلاً منهم وإما أن يكون ثقل عليهم فهم البعث الآخر والحساب فيه والجزاء بالجنة والنار.
4 رهط الرجل عشيرته وقولهم لرجمناك جائز أن يراد به حقيقته وهو القتل رجماً بالحجارة إذ كانوا يقتلون من أرادوا قتله كذلك، وجائز أن يكون لرجمناك بالقول سباً وشتماً كما قال الشاعر:
تراجمنا بمُر القول حتى
نصير كأننا فرسا رهان
5 قيل كانت الصيحة صيحة جبريل عليه السلام والله أعلم.
6 قرأ السلميّ بعدت بضم العين ووجه بأنه لغة وتستعمل في الخير وفي الشر وأما بعدت بكسر العين فإنها في الشر خاصة يقال بعد يبعد بعداً كفرح يفرح فرحاً إذا أبعد وهلك.
7 شاهده من القرآن {إن مع العسر يسرا} .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 17.77 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 17.14 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.53%)]