عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 08-06-2022, 07:41 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,665
الدولة : Egypt
افتراضي رد: خطبة: "خيركم خيركم لأهله"

الخطبة الثانية
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وعلى آله وصحبه والتابعين؛ أما بعد:
فعن عائشة، قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إني لأعلم إذا كنت عني راضيةً، وإذا كنت عليَّ غَضبى، قالت: فقلت: ومن أين تعرف ذلك؟ قال: أما إذا كنت عني راضيةً، فإنك تقولين: لا وربِّ محمد، وإذا كنت غضبى، قلت: لا ورب إبراهيم، قالت: قلت: أجل، والله يا رسول الله، ما أهجُر إلا اسمك)).


ما أكرمها وأكرم منطِقها! حين تطيب النفوس تطيب معها الأقوال والفِعال.
طابتْ منابتُها فطابَ صنيعُها
إن الفِعالَ إلى المنابت تُنسَبُ




فحين يُؤمَر الرجل بالتغافُلِ والحِلم والأناة عن أهل بيته، ويطالَب بحسن المعشر والرفق والإنفاق، ﴿ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [البقرة: 228].


فإن المرأة الحصيفة الرزينة مَن تدرِك عناء زوجها، وكدَّه، وعمله؛ من أجل أن يفرُشَ لأسرته بِساط العيش والعزة والكرامة، فتنطِق في الغضب كما نطقت الصِّدِّيقة، فلا تهجُر إلا اسمه، ولا تعيره بما يروِّجه الأسافل.


متى قدرت المرأة تحمل زوجها ديون من أجل مسكن وافر يكُنُّها، وعيش طيب رغيد؛ فإنها لا تخاصمه إذا أمَرَ، ولا تنازعه إذا قَرَّر؛ تدرك سِرَّ قول الله عز وجل: ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ﴾ [النساء: 34].


المرأة الوفيَّة مَن تمسح عناء شقاء الحياة من جبين زوجها بلطيف قولها، وجميل منطقها.


المرأة الوفية من تشكُر نعمة ربها، ولا تَمُدُّ عينها إلى خارج أسوار بيتها، وتقَرُّ في بيتها؛ حفاظًا على جدران مسكنها أن يتصدع؛ ممتثلةً قول ربها: ﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾ [الأحزاب: 33]، والبيت سكن واستقرار، وعيش وهناء؛ ﴿ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا ﴾ [النحل: 80].


المرأة الحصينة العفيفة من تَغَارُ على نفسها أن تختلط بالرجال، أو تُذهب حياءها من أجل نزهة أو مجاراة في محل مأكل أو مشرب، ترى قدوتَها أسماءَ بنت أبي بكر رضي الله عنهما، في فعلها حين قالت: "كنت أنقُل النَّوى على رأسي، فمر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه نفر من الأنصار، فأناخ بعيرًا ليحمِلَني، فاستحْيَيْتُ أن أسير مع الرجال، وذكرتُ غَيرة الزبير فولَّيتُ، وكان أغْيرَ الناس".


قفْ أيها التاريخُ سجِّل صفحةً
غراءَ تنطِق بالخلود الكاملِ




اللهم أصلِح قلوبنا وأعمالنا وذريَّاتنا، وهَبْ لنا من لدنك رحمة وعلمًا، واجمَعْنا بصحابة نبيك مع النبيين والصديقين، والشهداء والصالحين.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 16.93 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 16.30 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.71%)]