عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 24-04-2022, 05:06 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,504
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام


فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام
المؤلف:شيخ الاسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية
سُورَةُ الْبَقَرَةِ
المجلد الرابع
الحلقة (116)

من صــ 101 الى صـ
ـ 108





وفي هذا الحديث دلالة أخرى وهو أن قول النبي صلى الله عليه وسلم {لا يمين ولا نذر في معصية الرب ولا في قطيعة رحم} يعم جميع ما يسمى يمينا أو نذرا سواء كانت اليمين بالله أو كانت بوجوب ما ليس بواجب من الصدقة أو الصيام أو الحج أو الهدي أو كانت بتحريم الحلال كالظهار والطلاق والعتاق.
ومقصود النبي صلى الله عليه وسلم إما أن يكون نهيه عن المحلوف عليه من المعصية والقطيعة فقط أو يكون مقصوده مع ذلك لا يلزمه ما في اليمين والنذر من الإيجاب والتحريم وهذا الثاني هو الظاهر؛ لاستدلال عمر بن الخطاب به؛ فإنه لولا أن الحديث يدل على هذا لم يصح استدلال عمر بن الخطاب رضي الله عنه على ما أجاب به السائل من الكفارة دون إخراج المال في كسوة الكعبة؛ ولأن لفظ النبي صلى الله عليه وسلم يعم ذلك كله.
وأيضا فمما يبين دخول الحلف بالنذر والطلاق والعتاق في اليمين والحلف في كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم ما روى ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {من حلف على يمين فقال إن شاء الله فلا حنث عليه} رواه أحمد والنسائي وابن ماجه والترمذي وقال: حديث حسن وأبو داود ولفظه حدثنا أحمد بن حنبل ثنا سفيان؛ عن أيوب عن نافع عن ابن عمر يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال: {من حلف على يمين فقال إن شاء الله فقد استثنى} ورواه أيضا من طريق عبد الرزاق عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {من حلف فاستثنى فإن شاء رجع وإن شاء ترك غير حنث} وعن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {من حلف فقال إن شاء الله لم يحنث} رواه أحمد والترمذي وابن ماجه ولفظه " فله ثنياه " والنسائي وقال: " فقد استثنى ".
(لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم والله غفور حليم (225)
قال شيخ الإسلام - بعد كلام سبق -:

وهؤلاء منهم من قال: " لغو اليمين " هو أن يحلف على شيء يعتقده كما حلف عليه فتبين بخلافه بلا نزاع.
وأما إذا سبق لسانه في المستقبل: ففيه روايتان. وهذه طريقة القاضي وابن عقيل في " الفصول "؛ واختار القاضي في " خلافه " أن قوله في المستقبل لا والله بلى والله ليس بلغو وهذا مذهب أبي حنيفة ومالك وغيرهما. ومنهم من قال: ما يسبق على اللسان هو لغو بلا نزاع بين العلماء وفيما إذا حلف على شيء فتبين بخلافه روايتان.
وهذه طريقة أبي محمد.
" والصواب " أن النزاع في الصورتين؛ فإن الشافعي في رواية الربيع عنه يوجب الكفارة فيمن حلف على شيء يعتقده كما حلف عليه فتبين بخلافه؛ ولكن القول الآخر للشافعي أن هذا لغو كقول الجمهور وهذا هو قول محمد بن الحسن وكذا هو ظاهر مذهب أحمد أن كلا النوعين لغو لا كفارة فيه وهذا قول جمهور أهل العلم؛ ولهذا جزم أكثر أصحاب أحمد بأنه لا كفارة لا في هذا ولا في هذا.

ولم يذكروا نزاعا؛ لأنه نص على أن كليهما لغو في جوابه كما ذكر ذلك الخرقي وابن أبي موسى وغيرهما من المتقدمين. وذكر طائفة عنه في اللغو " روايتين "رواية كقول أبي حنيفة ومالك. ورواية كقول الشافعي كما ذكر ذلك طائفة: منهم ابن عقيل وأبو الخطاب وغيرهما. وصرح بعض هؤلاء - كابن عقيل وغيره - بأنه إذا قيل: إن اللغو هو أن يسبق على لسانه اليمين من غير قصد فإنه إذا حلف على شيء يعتقده كما حلف عليه فتبين بخلافه حنث. فلهذا صار في مذهبه عدة طرق.

" طريقة القدماء " أن كليهما لغو قولا واحدا.
" وطريقة القاضي " أن الماضي لغو قولا واحدا وفي سبق اللسان في المستقبل روايتان وهذه الطريقة توافق مذهب أبي حنيفة ومالك.
" وطريقة أبي محمد " أن سبق اللسان لغو قولا واحدا. وفي الماضي روايتان. وهذه الطريقة توافق مذهب الشافعي.
" والطريقة الرابعة " وهي أضعف الطرق: أن اللغو في إحدى الروايتين هذا دون هذا وفي الأخرى هذا دون هذا.
" والطريقة الخامسة " وهي الجامعة بين الطرق: أن في مذهبه ثلاث روايات كما ذكر ذلك صاحب المحرر فإذا سبق على لسانه: لا والله بلى والله وهو يعتقد أن الأمر كما حلف عليه: فهذا لغو باتفاق الأئمة الأربعة.
وإذا سبق على لسانه اليمين في المستقبل أو تعمد اليمين على أمر يعتقده كما حلف عليه فتبين بخلافه: ففي الصورتين أقوال ثلاثة؛ هي الروايات الثلاث عن أحمد. " أحدها " أن الجميع لغو كقول الجمهور وهو ظاهر مذهب أحمد وهي ومذهبه في إحدى الطريقتين بلا نزاع عنه. وعلى هذه الطريقة فقد فسر اللغو بهذا. وهذا أحد قولي الشافعي.
" والثاني " أنه يحنث في الماضي دون ما سبق على لسانه وهو أحد قولي الشافعي أيضا.

" والثالث " بالعكس كمذهب أبي حنيفة ومالك. فقد تبين أن المخطئ في عقد اليمين الذي حلف على شيء يعتقده كما حلف عليه فتبين بخلافه هو في إحدى الطريقتين كالناسي والجاهل وفي الأخرى لا يحنث قولا واحدا. والمعروفة عند أئمة أصحاب أحمد. وعلى هذا فالحالف بالطلاق على أمر يعتقده كما حلف عليه فتبين بخلافه لا يحنث إذا لم يحنث الناسي والجاهل في المستقبل: إما تسوية بينهما. وإما بطريق الأولى على اختلاف الطريقتين. وهكذا ذكر المحققون من الفقهاء.

وقد ظن بعض متأخري الفقهاء كالسامري صاحب " المستوعب " أنه إذا حلف بالطلاق والعتاق على أمر يعتقده كما حلف عليه فتبين بخلافه أنه يحنث قولا واحدا؛ لأن الطلاق لا لغو فيه وهذا خطأ؛ فإن الذي يقول إن الطلاق لا لغو فيه هو الذي يحنث الناسي والجاهل إذا حلف بالطلاق وأما من لم يحنث الناسي والجاهل فإنه لا يقول لا لغو في الطلاق - إذا فسر اللغو بأن يحلف على شيء يعتقده كما حلف عليه فتبين بخلافه - فإن عدم الحنث في هذه الصورة: إما أن يكون أولى بعدم الحنث في تلك الصورة أو يكون مساويا لها؛ كما قد بيناه.
ولا يمكن أحد أن يقول: إنه إذا حلف بالطلاق والعتاق على امرأته لا يفعله ففعله ناسيا أو جاهلا بأنه المحلوف عليه لم يحنث؛ ويقول إذا حلف على أمر يعتقده كما حلف عليه فتبين بخلافه أنه يحنث؛ لأن الجهل المقارن لعقد اليمين أخف من الجهل المقارن لفعل المحلوف عليه وغايته أن يكون مثله؛ ولأن اليمين الأولى منعقدة اتفاقا.
وأما الثانية ففي انعقادها نزاع بينهم. والله أعلم.

(للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم (226) وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم (227)

قال شيخ الإسلام - بعد كلام سبق -:
" والإيلاء " هو الحلف والقسم والمراد بالإيلاء هنا أن يحلف الرجل أن لا يطأ امرأته وهو إذا حلف بما عقده بالله كان موليا وإن حلف بما عقده لله كالحلف بالنذر والظهار والطلاق والعتاق كان موليا عند جماهير العلماء: كأبي حنيفة ومالك والشافعي في قوله الجديد وأحمد. ومن العلماء من لم يذكر في هذه المسألة نزاعا كابن المنذر وغيره وذكر عن ابن عباس أنه قال: كل يمين منعت جماعا فهي إيلاء والله سبحانه وتعالى قد جعل المولي بين خيرتين: إما أن يفيء وإما أن يطلق.
والفيئة هي الوطء: خير بين الإمساك بمعروف والتسريح بإحسان. فإن فاء فوطئها حصل مقصودها وقد أمسك بمعروف وقد قال تعالى: {فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم} ومغفرته ورحمته للمولي توجب رفع الإثم عنه وبقاء امرأته. ولا تسقط الكفارة كما في قوله:
{يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك والله غفور رحيم} {قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم} فبين أنه غفور رحيم بما فرضه من تحلة الأيمان حيث رحم عباده بما فرضه لهم من الكفارة وغفر لهم بذلك نقضهم لليمين التي عقدوها؛ فإن موجب العقد الوفاء لولا ما فرضه من التحلة التي جعلها تحل عقدة اليمين. وإن كان المولي لا يفيء؛ بل قد عزم على الطلاق؛ فإن الله سميع عليم. فحكم المولي في كتاب الله: أنه إما أن يفيء وإما أن يعزم الطلاق. فإن فاء فإن الله غفور رحيم لا يقع به طلاق وهذا متفق عليه في اليمين بالله تعالى.
(والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ... (228)
والقرء: هو الدم لظهوره وخروجه وكذلك الوقت؛ فإن التوقيت إنما يكون بالأمر الظاهر. ثم الطهر يدخل في اسم القرء تبعا كما يدخل الليل في اسم اليوم {قال النبي صلى الله عليه وسلم للمستحاضة: دعي الصلاة أيام أقرائك} والطهر الذي يتعقبه حيض هو قرء فالقرء اسم للجميع.
وأما الطهر المجرد فلا يسمى قرءا؛ ولهذا إذا طلقت في أثناء حيضة لم تعتد بذلك قرءا؛ لأن عليها أن تعتد بثلاثة قروء وإذا طلقت في أثناء طهر كان القرء الحيضة مع ما تقدمها من الطهر؛ ولهذا كان أكابر الصحابة على أن الأقراء الحيض كعمر وعثمان وعلي وأبي موسى وغيرهم؛ لأنها مأمورة بتربص ثلاثة قروء؛ فلو كان القرء هو الطهر لكانت العدة قرأين وبعض الثالث فإن النزاع من الطائفتين في الحيضة الثالثة؛ فإن أكابر الصحابة ومن وافقهم يقولون:

هو أحق بها ما لم تغتسل من الحيضة الثالثة وصغار الصحابة إذا طعنت في الحيضة الثالثة فقد حلت فقد ثبت بالنص والإجماع أن السنة أن يطلقها طاهرا من غير جماع وقد مضى بعض الطهر والله أمر أن يطلق لاستقبال العدة لا في أثناء العدة وقوله: {ثلاثة قروء} عدد ليس هو كقوله: أشهر؛ فإن ذاك صيغة جمع لا عدد فلا بد من ثلاثة قروء كما أمر الله لا يكفي بعض الثالث.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 35.72 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 35.09 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.76%)]