عرض مشاركة واحدة
  #114  
قديم 24-04-2022, 04:48 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,486
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام



فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام
المؤلف:شيخ الاسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية
سُورَةُ الْبَقَرَةِ
المجلد الرابع
الحلقة (114)

من صــ 85 الى صـ
ـ 92




وقد روى أبو حاتم البستي في صحيحه حديث أبي ذر رضي الله عنه الطويل " عن النبي صلى الله عليه وسلم - الذي فيه من أنواع العلم والحكمة - وفيه أنه كان في حكمة آل داود عليه السلام {حق على العاقل أن تكون له أربع ساعات: ساعة يناجي فيها ربه وساعة يحاسب فيها نفسه وساعة يخلو فيها بأصحابه الذين يخبرونه بعيوبه ويحدثونه عن ذات نفسه وساعة يخلو فيها بلذته فيما يحل ويجمل؛ فإن في هذه الساعة عونا على تلك الساعات}. فبين أنه لا بد من اللذات المباحة الجميلة فإنها تعين على تلك الأمور.
ولهذا ذكر الفقهاء: أن العدالة هي الصلاح في الدين والمروءة؛ باستعمال ما يجمله ويزينه وتجنب ما يدنسه ويشينه.

وكان أبو الدرداء رضي الله عنه يقول: إني لأستجم نفسي بالشيء من الباطل لأستعين به على الحق. والله سبحانه إنما خلق اللذات والشهوات في الأصل لتمام مصلحة الخلق؛ فإنه بذلك يجتلبون ما ينفعهم كما خلق الغضب ليدفعوا به ما يضرهم وحرم من الشهوات ما يضر تناوله وذم من اقتصر عليها.

فأما من استعان بالمباح الجميل على الحق فهذا من الأعمال الصالحة؛ ولهذا جاء في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {في بضع أحدكم صدقة. قالوا يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أما يكون عليه وزر؟ قالوا: بلى. قال: فلم تحتسبون بالحرام ولا تحتسبون بالحلال} وفي الصحيحين {عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا ازددت بها درجة ورفعة حتى اللقمة تضعها في في امرأتك}.
والآثار في هذا كثيرة. فالمؤمن إذا كانت له نية أتت على عامة أفعاله وكانت المباحات من صالح أعماله لصلاح قلبه ونيته والمنافق - لفساد قلبه ونيته - يعاقب على ما يظهره من العبادات رياء فإن في الصحيح {أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح لها سائر الجسد وإذا فسدت فسد لها سائر الجسد ألا وهي القلب}.

(ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم ... (221)

سئل شيخ الإسلام:
عن قوله تعالى {ولا تنكحوا المشركات} وقد أباح العلماء التزويج بالنصرانية واليهودية؛ فهل هما من المشركين أم لا؟.
فأجاب:

الحمد لله، نكاح الكتابية جائز بالآية التي في المائدة قال تعالى: {وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم}. وهذا مذهب جماهير السلف والخلف من الأئمة الأربعة وغيرهم وقد روي عن ابن عمر: أنه كره نكاح النصرانية وقال: لا أعلم شركا أعظم ممن تقول: إن ربها عيسى ابن مريم. وهو اليوم مذهب طائفة من أهل البدع وقد احتجوا بالآية التي في سورة البقرة وبقوله {ولا تمسكوا بعصم الكوافر} والجواب عن آية البقرة من ثلاثة أوجه. (أحدها أن أهل الكتاب لم يدخلوا في المشركين فجعل أهل الكتاب غير المشركين بدليل قوله:{إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا}. فإن قيل: فقد وصفهم بالشرك بقوله: {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون} قيل أهل الكتاب ليس في أصل دينهم شرك؛ فإن الله إنما بعث الرسل بالتوحيد فكل من آمن بالرسل والكتب لم يكن في أصل دينهم شرك؛ ولكن النصارى ابتدعوا الشرك كما قال: {سبحانه وتعالى عما يشركون} فحيث وصفهم بأنهم أشركوا فلأجل ما ابتدعوه من الشرك الذي لم يأمر الله به وحيث ميزهم عن المشركين فلأن أصل دينهم اتباع الكتب المنزلة التي جاءت بالتوحيد لا بالشرك.
فإذا قيل: أهل الكتاب لم يكونوا من هذه الجهة مشركين؛ فإن الكتاب الذي أضيفوا إليه لا شرك فيه كما إذا قيل: المسلمون وأمة محمد لم يكن فيهم من هذه الجهة لا اتحاد ولا رفض ولا تكذيب بالقدر ولا غير ذلك من البدع وإن كان بعض الداخلين في الأمة قد ابتدع هذه البدع؛ لكن أمة محمد صلى الله عليه وسلم لا تجتمع على ضلالة فلا يزال فيها من هو متبع لشريعة التوحيد؛ بخلاف أهل الكتاب ولم يخبر الله عز وجل عن أهل الكتاب أنهم مشركون بالاسم؛ بل قال: عما يشركون بالفعل وآية البقرة قال فيها:المشركين والمشركات بالاسم والاسم أوكد من الفعل.
الوجه الثاني أن يقال: إن شملهم لفظ (المشركين) في سورة البقرة كما وصفهم بالشرك فهذا متوجه بأن يفرق بين دلالة اللفظ مفردا ومقرونا فإذا أفردوا دخل فيهم أهل الكتاب وإذا قرنوا بأهل الكتاب لم يدخلوا فيهم كما قيل: مثل هذا في اسم الفقير والمسكين ونحو ذلك فعلى هذا يقال: آية البقرة عامة وتلك خاصة والخاص يقدم على العام. (الوجه الثالث أن يقال: آية المائدة ناسخة لآية البقرة لأن المائدة نزلت بعد البقرة باتفاق العلماء وقد جاء في الحديث المائدة من. . . (1)

(ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين (222)

وسئل:
عن المرأة تطهر من الحيض ولم تجد ماء تغتسل به هل لزوجها أن يطأها قبل غسلها من غير شرط؟.
فأجاب:

أما المرأة الحائض إذا انقطع دمها فلا يطؤها زوجها حتى تغتسل إذا كانت قادرة على الاغتسال وإلا تيممت. كما هو مذهب جمهور العلماء كمالك وأحمد والشافعي. وهذا معنى ما يروى عن الصحابة حيث روي عن بضعة عشر من الصحابة - منهم الخلفاء - أنهم قالوا: في المعتدة هو أحق بها ما لم تغتسل من الحيضة الثالثة. والقرآن يدل على ذلك قال الله تعالى: {ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله} قال مجاهد: حتى يطهرن يعني ينقطع الدم فإذا تطهرن اغتسلن بالماء وهو كما قال مجاهد. وإنما ذكر الله غايتين على قراءة الجمهور لأن قوله: {حتى يطهرن} غاية التحريم الحاصل بالحيض وهو تحريم لا يزول بالاغتسال ولا غيره فهذا التحريم يزول بانقطاع الدم ثم يبقى الوطء بعد ذلك جائزا بشرط الاغتسال لا يبقى محرما على الإطلاق فلهذا قال: {فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله}. وهذا كقوله: {فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره} فنكاح الزوج الثاني غاية التحريم الحاصل بالثلاث فإذا نكحت الزوج الثاني زال ذلك التحريم؛ لكن صارت في عصمة الثاني فحرمت لأجل حقه؛ لا لأجل الطلاق الثلاث. فإذا طلقها جاز للأول أن يتزوجها.
وقد قال بعض أهل الظاهر: المراد بقوله: {فإذا تطهرن} أي غسلن فروجهن وليس بشيء؛ لأن الله قد قال: {وإن كنتم جنبا فاطهروا} فالتطهر في كتاب الله هو الاغتسال وأما قوله: {إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين} فهذا يدخل فيه المغتسل والمتوضئ والمستنجي لكن التطهر المقرون بالحيض كالتطهر المقرون بالجنابة.
والمراد به الاغتسال. وأبو حنيفة - رحمه الله - يقول: إذا اغتسلت أو مضى عليها وقت صلاة أو انقطع الدم لعشرة أيام حلت؛ بناء على أنه محكوم بطهارتها في هذه الأحوال. وقول الجمهور هو الصواب. كما تقدم والله أعلم.

(نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين (223)
وقال - رحمه الله تعالى -:
فصل:

وأما " إتيان النساء في أدبارهن " فهذا محرم عند جمهور السلف والخلف كما ثبت ذلك في الكتاب والسنة وهو المشهور في مذهب مالك.
وأما القول الآخر بالرخصة فيه: فمن الناس من يحكيه رواية عن مالك ومنهم من ينكر ذلك ونافع نقل عن ابن عمر أنه لما قرأ عليه: {نساؤكم حرث لكم} قال له ابن عمر: إنها نزلت في إتيان النساء في أدبارهن.

فمن الناس من يقول غلط نافع على ابن عمر أو لم يفهم مراده؛ وكان مراده: أنها نزلت في إتيان النساء من جهة الدبر في القبل؛ فإن الآية نزلت في ذلك باتفاق العلماء وكانت اليهود تنهى عن ذلك وتقول: إذا أتى الرجل المرأة في قبلها من دبرها جاء الولد أحول. فأنزل الله هذه الآية. " والحرث " موضع الولد؛ وهو القبل.
__________
Q (1) آخر ما وجد من الأصل


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 33.80 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 33.17 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.86%)]