عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 07-04-2022, 04:12 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,527
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام


فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام
المؤلف:شيخ الاسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية
سُورَةُ الْبَقَرَةِ
المجلد الرابع
الحلقة (106)

من صــ 21 الى صـ
ـ 28


فصل
ويجوز أن يصوم كل واحد من الثلاثة والسبعة متفرقا، كما يجوز أن يصومه متتابعا نص عليه؛ لأن الله - سبحانه - أطلقه ولم يقيده بالتتابع، فيبقى على ما أطلقه الله - سبحانه -.
(الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله ... (197)
قال شيخ الإسلام - بعد كلام سبق -:
قال: وقوله: {أشهر معلومات} والأشهر ليست هي الحج؟ فيقال: معلوم أن أوقات الحج أشهر معلومات ليس المراد أن نفس الأفعال هي الزمان ولا يفهم هذا أحد من اللفظ ولكن قد يقال: في الكلام محذوف تقديره: وقت الحج أشهر معلومات ومن عادة العرب الحسنة في خطابها أنهم يحذفون من الكلام ما يكون المذكور دليلا عليه اختصارا كما أنهم يوردون الكلام بزيادة تكون مبالغة في تحقيق المعنى.
فالأول كقوله: {أن اضرب بعصاك البحر فانفلق} فمعلوم أن المراد فضرب فانفلق لكن لم يحتج إلى ذكر ذلك في اللفظ إذ كان قوله: قلنا: (أن اضرب)؛ فانفلق: دليلا على أنه ضرب فانفلق. وكذلك قوله: {من آمن} تقديره بر من آمن أو صاحب من آمن. وكذلك قوله: {الحج أشهر} أي: أوقات الحج أشهر فالمعنى متفق عليه لكن الكلام في تسمية هذا مجازا وقول القائل: نفس الحج ليس بأشهر؛ إنما يتوجه لو كان هذا مدلول الكلام؛ وليس كذلك بل مدلوله عند من تكلم به أو سمعه: أن أوقات الحج أشهر معلومات.
[مسألة أشهر الحج]
مسألة: (وأشهر الحج: شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة).
هذا نصه ومذهبه قال في رواية عبد الله: أشهر الحج: شوال وذو القعدة وعشر ذي الحجة، وقال في رواية ... .
ويوم النحر من أشهر الحج وهو يوم الحج الأكبر، نص عليه في رواية حرب وأبي طالب، وذلك لما روى أبو الأحوص عن عبد الله قال: " أشهر الحج: شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة " رواه سعيد وأبو سعيد الأشج والنجاد والدارقطني وغيرهم.

[وعن ابن الزبير في قوله: {الحج أشهر معلومات} [البقرة: 197] قال: شوال وذو القعدة وعشر ذي الحجة، رواه سعيد الأشج والنجاد والدارقطني وغيرهم]، وعن علي بن طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما وقوله: {الحج أشهر معلومات} [البقرة: 197] وهو شوال وذو القعدة وعشر ذي الحجة جعله الله للحج، وسائر الشهور للعمرة، فلا يصلح أن يحرم أحد بالحج إلا في أشهر الحج والعمرة يحرم بها في كل شهر " رواه عبد الله بن صالح عن معاوية بن صالح عنه.

وعن الضحاك عن ابن عباس قال: " أشهر الحج شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة " رواه الدارقطني.
وعن نافع وعبد الله بن دينار عن ابن عمر قال: " أشهر الحج: شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة " رواه سعيد وأبو سعيد الأشج والدارقطني، وفي لفظ: وعشر ذي الحجة، وذكره البخاري في صحيحه وهذا قول الشعبي والنخعي ومجاهد والضحاك وعطاء والحسن، ومرادهم بعشر من ذي الحجة عشر ذي الحجة بكماله، كما قد جاء في روايات أخرى.
وعشر ذي الحجة:
اسم لمجموع الليالي وأيامها، فإن يوم النحر من عشر ذي الحجة؛ ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: («ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله تعالى من هذه الأيام العشر») وقال تعالى: {وليال عشر} [الفجر: 2] ويوم النحر داخل فيها، وقال تعالى: {وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر} [الأعراف: 142]ويوم النحر هو آخر الأربعين، ولفظ العشر - وإن كان في الأصل اسما للمؤنث لأنه بغير هاء -: فإنما دخل فيه اليوم لسببين:
أحدهما: أنهم في التاريخ إنما يؤرخون بالليالي؛ لأنها أول الشهر الهلالي وتدخل الأيام تبعا، ولهذا لو نذر اعتكاف عشر ذي الحجة لزمه اعتكاف يوم النحر.
الثاني: أنه قد يجيء هذا في صفة المذكر بغير هاء لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - («من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال») وقوله: (من هذه الأيام العشر).
وأيضا فإن يوم النحر يوم الحج الأكبر.
وأيضا فإن أشهر الحج هي الأشهر التي سن الله فيها الحج وشرعه، والحج له إحرام وإحلال، فأشهره هي: الوقت الذي يسن فيه الإحرام به والإحلال منه.
وأول وقت شرع الإحرام فيه بالحج شوال والوقت الذي يشرع فيه الإحلال: يوم النحر، وما بعد يوم النحر لا يشرع التأخير إليه، وليلة النحر لا يسن التعجيل فيها كما لا يسن الإحرام بالحج قبل أشهره.
وأيضا: فإن هذه المدة أولها عيد الفطر وآخرها عيد النحر، والحج هو موسم المسلمين وعيدهم فكأنه جعل طرفي وقته عيدين.
فإن قيل: فقد روى عروة بن الزبير قال: قال عمر بن الخطاب: {الحج أشهر معلومات} [البقرة: 197] قال: شوال وذو القعدة وذو الحجة {فمن فرض فيهن الحج} [البقرة: 197] قال عمر بن الخطاب: لا عمرة في أشهر الحج فكلم في ذلك فقال: إني أحب أن يزار البيت، إذا جعلت العمرة في أشهر الحج لم يفد الرجل إذا حج البيت أبدا ".
وعن التميمي عن ابن عباس قال: " شوال وذو القعدة وذو الحجة " [ذكره البخاري، وعن مجاهد عن ابن عمر قال: شوال وذو القعدة وذو الحجة] رواهن سعيد.

قيل: ليس بين الروايتين اختلاف في المعنى، كما يقال: قد مضى ثلاثة أشهر وإن كان قبل ذلك في أثناء الشهر الثالث، ويقال: له خمسون سنة وإن كان لم يكملها، فكثير ما يعبر بالسنين والشهور والأيام عن التام منها والناقص، فمن قال: وذو الحجة أنه من شهور الحج في الجملة، ومن قال: وعشر ذي الحجة فقد بين ما يدخل منه في شهور الحج على سبيل التحديد والتفصيل.

فإن قيل: فقد قال {الحج أشهر معلومات} [البقرة: 197].
قلنا: الشهران وبعض الثالث تسمى شهورا، لا سيما إذا كانت بالأهلة.
وذكر القاضي: أن فائدة هذه المسألة اليمين. وليس كذلك، وهذا التحديد له فائدة في أول الأشهر، وهو أنه لا يشرع الإحرام بالحج قبلها، وأن الأفضل أن يعتمر قبلها، وهي عمرة رمضان وأنه إن اعتمر فيها كان متمتعا، وقبل ذلك هو وقت الصيام، فإذا انسلخ دخل وقت الإحرام بالحج.
ومن فوائده: أنه لا يأتي بالأركان قبل أشهره، فلو أحرم بالحج قبل أشهره وطاف للقدوم لم يجزه سعي الحج عقيب ذلك؛ لأن أركان العبادة لا تفعل إلا في وقتها، وفائدته في آخر الأشهر أن السنة أن يتحلل من يوم النحر فلا يتقدم قبل ذلك ولا يتأخر عن ذلك فإنه أكمل وأفضل.
وذكر ابن عقيل: أن طواف الزيارة في غير أشهر الحج مكروه.

(وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون ياأولي الألباب (197)

عن ابن عباس قال: كان أهل اليمن يحجون ولا يتزودون يقولون: نحن المتوكلون فإذا قدموا سألوا الناس؛ فقال الله تعالى: {وتزودوا فإن خير الزاد التقوى} فمن فعل ما أمر به من التزود فاستعان به على طاعة الله وأحسن منه إلى من يكون محتاجا كان مطيعا لله في هذين الأمرين بخلاف من ترك ذلك ملتفتا إلى أزواد الحجيج كلا على الناس؛ وإن كان مع هذا قلبه غير ملتفت إلى معين فهو ملتفت إلى الجملة لكن إن كان المتزود غير قائم بما يجب عليه من التوكل على الله ومواساة المحتاج فقد يكون في تركه لما أمر به من جنس هذا التارك للتزود المأمور به.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 32.46 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 31.83 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.93%)]