عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 24-03-2022, 08:06 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,405
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام


فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام
المؤلف:شيخ الاسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية
سُورَةُ الْبَقَرَةِ
المجلد الثالث
الحلقة (94)

من صــ 425 الى صـ
ـ 432

وكان التكبير أيضا مشروعا في خطبة العيد زيادة على الخطب الجمعية وكان التكبير أيضا مشروعا عندنا وعند أكثر العلماء من حين إهلال العيد إلى انقضاء العيد إلى آخر الصلاة والخطبة؛ لكن هل يقطعه المؤتم إذا شهد المصلى لكونه مشغولا بعد ذلك بانتظار الصلاة؟ أو يقطعه بالشروع في الصلاة للاشتغال عنه بعد ذلك بالصلاة والخطبة أو لا يقطعه إلى انقضاء الخطبة؟ فيه خلاف عن أحمد وغيره.
والصحيح أنه إلى آخر العيد. وقد قال تعالى في الحج {ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام} فقيل: الأيام المعلومات. هي أيام الذبح وذكر اسم الله التسمية على الأضحية والهدي وهو قول مالك في رواية.
وقيل: هي أيام العشر وهو المشهور عن أحمد وقول الشافعي وغيره. ثم ذكر اسم الله فيها هو ذكره في العشر بالتكبير عندنا وقيل هو ذكره عند رؤية الهدي وأظنه مأثورا عن الشافعي. وفي صحيح البخاري أن ابن عمر وابن عباس كانا يخرجان إلى السوق في أيام العشر فيكبران ويكبر الناس بتكبيرهما. وفي الصحيح عن أنس أنهم كانوا غداة عرفة وهم ذاهبون من منى إلى عرفة يكبر منهم المكبر فلا ينكر عليه ويلبي الملبي فلا ينكر عليه وفي أمثلة الأحاديث المرفوعة مثل قوله: {فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد}.
وعلى قول أصحابنا يكون ذكر اسم الله على ما رزقهم كقوله {على ما هداكم} وكقوله: {فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم} وكقوله: {كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم} - إلى قوله - {فاذكروني أذكركم}. وعلى القول الآخر يكون مثل قوله: {فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه} وقوله: {فاذكروا اسم الله عليها صواف} ويدل عليه قوله: {من بهيمة الأنعام} فيدل على أن (ما موصولة لا مصدرية بمعنى على الذي رزقهم من بهيمة الأنعام وكذلك قوله: {ولكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام} وعلى قولنا يكون ذكر اسم الله عليها وقت الذبح ووقت السوق بالتلبية عندها وبالتكبير. يدل عليه أنه لو أراد مجرد التسمية لم يكن للأضحية بذلك اختصاص فإن اسمه مذكور عند كل ذبح لا فرق في ذلك بين الأضحية وغيرها فما وجب فيها وجب في غيرها وما لم يجب لم يجب.
(فصل في أن التحميد قرين التسبيح وأن التهليل قرين التكبير)
قال شيخ الإسلام - بعد كلام سبق -:

ولما قال سبحانه: {ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون} ذكر التكبير والشكر كما في قوله: {فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون} والشكر يكون بالقول وهو الحمد ويكون بالعمل كما قال تعالى: {اعملوا آل داود شكرا} فقرن بتكبير الأعياد الحمد. فقيل: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد؛ لأنه قد طلب فيه التكبير والشكر.
ولهذا روي في الأثر أنه يقال فيه: {الله أكبر على ما هدانا والحمد لله على ما أولانا} ليجمع بين التكبير والحمد حمد الشكر كما جمع بين التحميد تحميد الثناء والتكبير في قوله: {وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا} فأمر بتحميده وتكبيره. ومعلوم أن الكلمات التي هي أفضل الكلام بعد القرآن أربع " سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر " وهي شطران: فالتسبيح قرين التحميد ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم {كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم} أخرجاه في الصحيحين عن أبي هريرة.
وقال صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم عن أبي ذر {أفضل الكلام ما اصطفى الله لملائكته: سبحان الله وبحمده}. وفي القرآن {ونحن نسبح بحمدك} {فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا}. {فكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي يتأول القرآن} هكذا في الصحاح عن عائشة فجعل قوله: " سبحانك اللهم وبحمدك " تأويل {فسبح بحمد ربك} وقد قال تعالى: {فاصبر إن وعد الله حق واستغفر لذنبك وسبح بحمد ربك بالعشي والإبكار}وقال: {فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون} {وله الحمد في السماوات والأرض} والآثار في اقترانهما كثيرة.
وأما التهليل فهو قرين التكبير كما في كلمات الأذان: الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله ثم بعد دعاء العباد إلى الصلاة: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله فهو مشتمل على التكبير والتشهد أوله وآخره. وهو ذكر لله تعالى وفي وسطه دعاء الخلق إلى الصلاة والفلاح. فالصلاة هي العمل. والفلاح هو ثواب العمل لكن جعل التكبير شفعا والتشهد وترا فمع كل تكبيرتين شهادة؛ وجعل أوله مضاعفا على آخره ففي أول الأذان يكبر أربعا ويتشهد مرتين والشهادتان جميعا باسم الشهادة وفي آخره التكبير مرتان فقط مع التهليل الذي لم يقترن به لفظ الشهادة ولا الشهادة الأخرى.
وهذا والله أعلم بمنزلة الركعتين الأوليين من الصلاة مع الركعتين الأخريين فإن الأوليين فضلتا بقراءة السورة وبالجهر في القراءة فحصل الفضل في قدر القراءة ووصفها كما أن الشطر الأول من الأذان فضل في قدر الذكر وفي وصفه لكن الوصف هنا كون التوحيد قرن به لفظ أشهد ولهذا حذف في الإقامة عند من يختار إيتارها وهي إقامة بلال - ما فضل به من القدر كما يخفض من صوت الإقامة لأن هذا المزيد من جنس الأصل فأشبه حذف الركعتين الأخريين في صلاة المسافر.
وأما الكلمات الأصول فلم يحذف منها شيء. وهكذا سنة النبي صلى الله عليه وسلم في قيام الليل وصلاة الكسوف وغيرهما تطويل أول العبادة على آخرها؛ لأسباب تقتضي ذلك. وكما جمع بين التكبير والتهليل في الأذان جمع بينهما في تكبير الأشراف فكان على الصفا والمروة وإذا علا شرفا في غزوة أو حجة أو عمرة يكبر ثلاثا. ويقول: {لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير لا إله إلا الله وحده صدق وعده ونصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده} يفعل ذلك ثلاثا.
وهذا في الصحاح وكذلك على الدابة كبر ثلاثا وهلل ثلاثا فجمع بين التكبير والتهليل. وكذلك حديث عدي بن حاتم الذي رواه أحمد والترمذي فيه {أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: يا عدي ما يفرك؟ أيفرك أن يقال: لا إله إلا الله فهل تعلم من لا إله إلا الله؟ يا عدي ما يفرك أيفرك أن يقال: الله أكبر؟ فهل من شيء أكبر من الله} فقرن النبي صلى الله عليه وسلم بين التهليل والتكبير.
وفي صحيح مسلم حديث أبي مالك الأشعري {عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الطهور شطر الإيمان والحمد لله تملأ الميزان وسبحان الله والحمد لله تملآن أو قال تملأ ما بين السماء والأرض والصلاة نور والصدقة برهان والصبر ضياء والقرآن حجة لك أو عليك كل الناس يغدو: فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها} فأخبر أنه يملأ ما بين السماء والأرض وهذا أعظم من ملئه للميزان. وفي الحديث الذي في الموطأ حديث طلحة بن عبد الله بن كريز أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير}.
فجمع في هذا الحديث بين " أفضل الدعاء وأفضل الثناء فإن الذكر نوعان: دعاء وثناء فقال: أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة. وأفضل ما قلت هذا الكلام ". ولم يقل أفضل ما قلت يوم عرفة هذا الكلام. وإنما هو أفضل ما قلت مطلقا. وكذلك في حديث رواه ابن أبي الدنيا {أفضل الذكر لا إله إلا الله وأفضل الدعاء الحمد لله}.

وأيضا ففي الصحيح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {الإيمان بضع وسبعون شعبة: أعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق} فقد صرح بأن أعلى شعب الإيمان هي هذه الكلمة.

وأيضا ففي صحيح مسلم {أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يا أبي: أتدري أي آية في كتاب الله أعظم؟ قال: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليهنك العلم أبا المنذر} فأخبر في هذا الحديث الصحيح أنها أعظم آية في القرآن وفي ذاك أنها أعلى شعب الإيمان وهذا غاية الفضل فإن الأمر كله مجتمع في القرآن والإيمان فإذا كانت أعظم القرآن وأعلى الإيمان ثبت لها غاية الرجحان.
وأيضا فإن التوحيد أصل الإيمان وهو الكلام الفارق بين أهل الجنة وأهل النار وهو ثمن الجنة ولا يصح إسلام أحد إلا به ومن كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة وكل خطبة ليس فيها تشهد فهي كاليد الجذماء فمنزلته منزلة الأصل ومنزلة التحميد والتسبيح منزلة الفرع.
وأيضا فإنه مشروع على وجه التعظيم والجهر وعند الأمور العظيمة مثل الأذان الذي ترفع به الأصوات وعند الصعود على الأماكن العالية لما في ذلك من العلو والرفعة ويجهر بالتكبير في الصلوات وهو المشروع في الأعياد.
{وقال جابر: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا علونا كبرنا وإذا هبطنا سبحنا فوضعت الصلاة على ذلك} رواه أبو داود وغيره. فبين أن التكبير مشروع عند العلو من الأمكنة والأفعال كما في الصلاة والأذان والتسبيح مشروع عند الانخفاض في الأمكنة والأفعال كما في السجود والركوع.

ولهذا كانت السنة في التسبيح الإخفاء حين شرع فلم يشرع من الجهر به والإعلان ما شرع من ذلك في التكبير والتهليل ومعلوم أن الزيادة في وصف الذكر إنما هو للزيادة في أمره.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 34.29 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 33.66 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.83%)]