عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 24-03-2022, 07:42 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,047
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام


فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام
المؤلف:شيخ الاسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية
سُورَةُ الْبَقَرَةِ
المجلد الثالث
الحلقة (92)

من صــ 409 الى صـ
ـ 416


والخارجات نوعان: نوع يخرج لا يقدر على الاحتراز منه أو على وجه لا يضره فهذا لا يمنع منه كالأخبثين فإن خروجهما لا يضره ولا يمكنه الاحتراز منه أيضا. ولو استدعى خروجهما فإن خروجهما لا يضره بل ينفعه.

وكذلك إذا ذرعه القيء لا يمكنه الاحتراز منه وكذلك الاحتلام في المنام لا يمكنه الاحتراز منه وأما إذا استقاء فالقيء يخرج ما يتغذى به من الطعام والشراب المستحيل في المعدة وكذلك الاستمناء مع ما فيه من الشهوة فهو يخرج المني الذي هو مستحيل في المعدة عن الدم فهو يخرج الدم الذي يتغذى به ولهذا كان خروج المني إذا أفرط فيه يضر الإنسان ويخرج أحمر.
والدم الذي يخرج بالحيض فيه خروج الدم والحائض يمكنها أن تصوم في غير أوقات الدم في حال لا يخرج فيها دمها فكان صومها في تلك الحال صوما معتدلا لا يخرج فيه الدم الذي يقوي البدن الذي هو مادته وصومها في الحيض يوجب أن يخرج فيه دمها الذي هو مادتها ويوجب نقصان بدنها وضعفها وخروج صومها عن الاعتدال فأمرت أن تصوم في غير أوقات الحيض. بخلاف المستحاضة؛ فإن الاستحاضة تعم أوقات الزمان وليس لها وقت تؤمر فيه بالصوم وكان ذلك لا يمكن الاحتراز منه: كذرع القيء وخروج الدم بالجراح والدمامل والاحتلام ونحو ذلك مما ليس له وقت محدد يمكن الاحتراز منه. فلم يجعل هذا منافيا للصوم كدم الحيض.
وسئل:
عن رجل باشر زوجته وهو يسمع المتسحر يتكلم فلا يدري: أهو يتسحر؟ أم يؤذن؟ ثم غلب على ظنه أنه يتسحر فوطئها وبعد يسير أضاء الصبح فما الذي يجب عليه؟ أفتونا مأجورين.
فأجاب:
هذه المسألة للعلماء فيها ثلاثة أقوال: أحدها: عليه القضاء والكفارة. هذا إحدى الروايتين عن أحمد. وقال مالك: عليه القضاء لا غير وهذه الرواية الأخرى عنه وهذا مذهب الشافعي وأبي حنيفة وغيرهما.
والثالث: لا قضاء ولا كفارة عليه. وهذا قول النبي صلى الله عليه وسلم وهو أظهر الأقوال؛ ولأن الله تعالى عفا عن الخطأ والنسيان وأباح سبحانه وتعالى الأكل والشرب. والجماع حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود. والشاك في طلوع الفجر يجوز له الأكل والشرب والجماع بالاتفاق ولا قضاء عليه إذا استمر الشك.
وقال شيخ الإسلام - في موضع آخر -:
هذه المسألة فيها ثلاثة أقوال لأهل العلم:

أحدها: أن عليه القضاء والكفارة وهو المشهور من مذهب أحمد.
والثاني: أن عليه القضاء وهو قول ثان في مذهب أحمد وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي ومالك.
والثالث: لا قضاء عليه ولا كفارة. وهذا قول طوائف من السلف: كسعيد بن جبير ومجاهد والحسن وإسحاق وداود وأصحابه والخلف. وهؤلاء يقولون: من أكل معتقدا طلوع الفجر ثم تبين له أنه لم يطلع. فلا قضاء عليه.
وهذا القول أصح الأقوال وأشبهها بأصول الشريعة ودلالة الكتاب والسنة وهو قياس أصول أحمد وغيره فإن الله رفع المؤاخذة عن الناسي والمخطئ. وهذا مخطئ وقد أباح الله الأكل والوطء حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر واستحب تأخير السحور ومن فعل ما ندب إليه وأبيح له لم يفرط فهذا أولى بالعذر من الناسي والله أعلم.
وسئل - رحمه الله -:
عن رجل أراد أن يواقع زوجته في شهر رمضان بالنهار فأفطر بالأكل قبل أن يجامع ثم جامع فهل عليه كفارة أم لا؟ وما على الذي يفطر من غير عذر؟
فأجاب:
الحمد لله، هذه المسألة فيها قولان للعلماء مشهوران: أحدهما: تجب وهو قول جمهورهم: كمالك وأحمد وأبي حنيفة وغيرهم.
والثاني: لا تجب وهو مذهب الشافعي وهذان القولان مبناهما: على أن الكفارة سببها الفطر من الصوم أو من الصوم الصحيح بجماع أو بجماع وغيره على اختلاف المذاهب. فإن أبا حنيفة يعتبر الفطر بأعلى جنسه ومالك يعتبر الفطر مطلقا فالنزاع بينهما إذا أفطر بابتلاع حصاة أو نواة ونحو ذلك. وعن أحمد رواية أنه إذا أفطر بالحجامة كفر كغيرها من المفطرات. بجنس الوطء فأما الأكل والشرب ونحوهما فلا كفارة في ذلك. ثم تنازعوا هل يشترط الفطر من الصوم الصحيح؟
فالشافعي وغيره يشترط ذلك فلو أكل ثم جامع أو أصبح غير ناو للصوم ثم جامع أو جامع وكفر ثم جامع: لم يكن عليه كفارة؛ لأنه لم يطأ في صوم صحيح. وأحمد في ظاهر مذهبه وغيره يقول: بل عليه كفارة في هذه الصور ونحوها؛ لأنه وجب عليه الإمساك في شهر رمضان فهو صوم فاسد فأشبه الإحرام الفاسد. وكما أن المحرم بالحج إذا أفسد إحرامه لزمه المضي فيه بالإمساك عن محظوراته فإذا أتى شيئا منها كان عليه ما عليه من الإحرام الصحيح وكذلك من وجب عليه صوم شهر رمضان إذا وجب عليه الإمساك فيه وصومه فاسد لأكل أو جماع أو عدم نية فقد لزمه الإمساك عن محظورات الصيام. فإذا تناول شيئا منها كان عليه ما عليه في الصوم الصحيح.
وفي كلام الموضعين عليه القضاء. وذلك لأن هتك حرمة الشهر حاصلة في الموضعين؛ بل هي في هذا الموضع أشد؛ لأنه عاص بفطره أولا فصار عاصيا مرتين فكانت الكفارة عليه أوكد ولأنه لو لم تجب الكفارة على مثل هذا لصار ذريعة إلى ألا يكفر أحد فإنه لا يشاء أحد أن يجامع في رمضان إلا أمكنه أن يأكل ثم يجامع بل ذلك أعون له على مقصوده فيكون قبل الغدا عليه كفارة وإذا تغدى هو وامرأته ثم جامعها فلا كفارة عليه وهذا شنيع في الشريعة لا ترد بمثله.
فإنه قد استقر في العقول والأديان أنه كلما عظم الذنب كانت العقوبة أبلغ وكلما قوي الشبه قويت والكفارة فيها شوب العبادة وشوب العقوبة وشرعت زاجرة وماحية فبكل حال قوة السبب يقتضي قوة المسبب. ثم الفطر بالأكل لم يكن سببا مستقلا موجبا للكفارة. كما يقوله أبو حنيفة ومالك فلا أقل أن يكون معينا للسبب المستقل بل يكون مانعا من حكمه وهذا بعيد عن أصول الشريعة. ثم المجامع كثيرا ما يفطر قبل الإيلاج فتسقط الكفارة عنه بذلك على هذا القول وهذا ظاهر البطلان والله أعلم.
وسئل:
عما إذا قبل زوجته أو ضمها فأمذى. هل يفسد ذلك صومه؟ أم لا؟
فأجاب:
يفسد الصوم بذلك عند أكثر العلماء.
وسئل:
عن الميت في أيام مرضه أدركه شهر رمضان ولم يكن يقدر على الصيام وتوفي وعليه صيام شهر رمضان وكذلك الصلاة مدة مرضه ووالديه بالحياة. فهل تسقط الصلاة والصيام عنه إذا صاما عنه وصليا؟ إذا وصى أو لم يوص؟
فأجاب:
إذا اتصل به المرض ولم يمكنه القضاء فليس على ورثته إلا الإطعام عنه.

وأما الصلاة المكتوبة فلا يصلي أحد عن أحد ولكن إذا صلى عن الميت واحد منهما تطوعا وأهداه له أو صام عنه تطوعا وأهداه له نفعه ذلك والله أعلم.

(شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون (185)

وقد أجمعت الأمة إجماعا ظاهرا على وجوب صيام شهر رمضان, وأنه الشهر التاسع من شهور العام بين شعبان وشوال, والأفضل أن يقال: جاء شهر رمضان, وصمنا شهر رمضان؛ موافقة للفظ القرآن وأكثر الأحاديث.
فأما إطلاق رمضان عليه:
فقال القاضي وغيره: يكره إطلاق هذا الاسم عليه من غير قرينة تدل على أن المراد به الشهر؛ لأن الله سبحانه قال: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن} [البقرة: 185].

8 - ولما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: «لا تقولوا جاء رمضان؛ فإن رمضان اسم الله, ولكن قولوا: جاء شهر رمضان».





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 32.70 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 32.07 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.92%)]