عرض مشاركة واحدة
  #47  
قديم 21-03-2022, 08:56 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,647
الدولة : Egypt
افتراضي رد: المحرر في أسباب نزول القرآن ___ متجدد


المحرر في أسباب نزول القرآن
المؤلف: خالد بن سليمان المزيني
المجلد الاول

سُورَةُ البَقَرَة
من صــ 254 الى صـ 258
الحلقة (47)

14 - قال الله تعالى: (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ (198)
* سَبَبُ النُّزُولِ:

1 - أخرج البخاري عن ابن عبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قال: كانت عكاظ ومجنَّةُ وذو المجاز أسواقاً في الجاهلية فتأثموا أن يتجروا في المواسم،فنزلت: (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ) في مواسم الحج.
2 - أخرج الإمام أحمد وأبو داود عن أبي أمامة التيمي، قال: قلت لابن عمر: إنا نُكري، فهل لنا من حج؟ قال: أليس تطوفون بالبيت، وتأتون المعرَّف، وترمون الجمار، وتحلقون رؤوسكم؟ قال: قلنا: بلى. فقال ابن عمر: جاء رجل إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فسأله عن الذي سألتني، فلم يجبه حتى نزل عليه جبريل - عليه السلام - بهذه الآية: (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ) فدعاه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: أنتم حجاج.
* دِرَاسَةُ السَّبَبِ:
هكذا جاء في سبب نزول الآية. وقد أورد جمهور المفسرين هذه الروايات وجعلوها سبباً لنزولها منهم الطبري والبغوي وابن عطية والقرطبي،وابن كثير والطاهر بن عاشور لكن بعد النظر والتأمل تبين أن بين السببين اختلافًا، فهل يمكن الجمع بينهما أو لا بد من الترجيح؟
أنا لم أجد من أهل العلم من تطرق لهذا ونظر فيه لكن لعل من أمثل ما يُجمع به بين السببين أن يقال: إن ابن عبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - علم ما حصل في القصة المذكورة التي رواها ابن عمر ثم ساقها على وجه الإجمال كما في حديثه، لكن يعكر على هذا أن المذكور في حديث ابن عبَّاسٍ أسواق الجاهلية المشهورة وفيها البيع والشراء بخلاف المذكور في حديث ابن عمر فإنه الإجارة وبدون ذكر الأسواق.
ويمكن أن يقال بأن مراد ابن عبَّاسٍ بقوله: (فنزلت) ليس النزول المصطلح عليه عند العلماء وهو النزول عند حدوث واقعة أو إيراد سؤال فنزلت الآية جواباً لهذا لكن مراده أن الجمع بين التجارة والعبادة في الحج يتناول حكمَه لفظُ الآية وأنه مما أذن اللَّه فيه لكن يعكر على هذا قوله: فتأثموا أن يتجروا في المواسم فنزلت. فإن هذا اللفظ لا يسعف هذا الفهم.
فإذا تعذر الجمع بينهما فلا بد من الترجيح وحينئذ هل يقدم حديث ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لأن راويه البخاري، بخلاف حديث ابن عمر فراويه أحمد وأبو داود وقد أجمعت الأمة على أن أصح كتاب بعد كتاب اللَّه تعالى الجامع الصحيح للبخاري؟
يشكل على هذا أن حديث ابن عمر صحيح لا مطعن فيه بوجه من الوجوه.
فما الجواب الفصل لحل هذا الإشكال؟
فالجواب: أن الحديث المقدم في السببية هو حديث ابن عمر - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وبيان ذلك أن الحديث فصّل الحديث تفصيلاً يدل على الضبط والإتقان فقول ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: جاء رجل إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فسأله عن الذي سألتني. يبين أن سؤاله كسؤال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فالقضية فيها سؤال، والسؤال أيضاً عن الكراء في الحج ثم قوله: فلم يجبه حتى نزل عليه جبريل بهذه الآية، دليل صريح على أن الآية نزلت بسبب سؤال الرجل.
وقوله: فدعاه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دليل على ما تقدم إذ لو كانوا جماعة كما في حديث ابن عبَّاسٍ لما قال الراوي (دعاه).
ثم مما يؤيد هذا ويؤكده أن الأسواق الثلاثة تنتهي، قبل الحج وحينئذ تنفك التجارة عن العبادة فلا يبقى إشكال يُسأل عنه.
فإن قيل: كيف قال ابن عبَّاسٍ: (فتأثموا فنزلت الآية)؟
فالجواب: ربما فهم ابن عبَّاسٍ هذا من قوله تعالى: (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ) والجناح هو الإثم والحرج كما في قوله تعالى: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا ... ) الآية.
* النتيجة:
أن سبب نزول الآية هو حديث ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - في قصة سؤال الرجل لرسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن الكراء في الحج، فلم يجبه حتى نزل عليه جبريل - عليه السلام - بهذه الآية، والآية بعموم لفظها تتناول جميع التجارات في الحج وليست مقصورة على صورة السبب وذلك لصحة سند الحديث، وتصريحه بالنزول، وموافقته للفظ الآية واللَّه أعلم.
* * * * *

15 - قال الله تعالى: (ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (199)
* سَبَبُ النُّزُولِ:

أخرج مسلم والبخاري والترمذي والنَّسَائِي وابن ماجه عن هشام بن عروة ابن الزبير عن أبيه قال: كانت العرب تطوف بالبيت عراةً إلا الحمس. والحمس قريش وما ولدت كانوا يطوفون عراةً إلا أن تعطيهم الحمس ثياباً فيُعطي الرجالُ الرجالَ والنساءُ النساءَ. وكانت الحُمس لا يخرجون من المزدلفة وكان الناس كلهم يبلغون عرفات. قال هشام: فحدثني أبي عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: الحمس هم الذين أنزل الله - عَزَّ وَجَلَّ - فيهم: (ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ) قالت: كان الناس يفيضون من عرفات. وكان الحمس يفيضون من مزدلفة. يقولون: لا نفيض إلا من الحرم. فلما نزلت: (أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ) رجعوا إلى عرفات.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 28.20 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 27.57 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.23%)]