عرض مشاركة واحدة
  #106  
قديم 17-03-2022, 04:42 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,548
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (106)
صـ 180 إلى صـ 186

العنصرية، وتلك الأجسام إن لم يكن فاعلا لها فهو محتاج إلى ما لم (1) يفعله، وإن قدر أنه المؤثر فيها فليس مؤثرا مستقلا فيها ; لأن الآثار الحاصلة فيها لا تكون (2) إلا باجتماع اتصالات وحركات تحصل بغيره.
فتبين أن تأثيره مشروط بتأثير غيره، وحينئذ فتأثيره من كماله، فإن المؤثر أكمل من غير المؤثر، وهو مفتقر في هذا الكمال إلى غيره، فلا يكون واجبا بنفسه، فتبين أنه ليس واجبا بنفسه من هذين الوجهين، وتبين [أيضا] أن فاعله (3) ليس مستغنيا عن فاعل تلك الأمور التي يحتاج إليها الفلك، لكون الفلك ليس متميزا مستغنيا من كل وجه عن كل ما سواه، بل هو محتاج إلى ما سواه من المصنوعات، فلا يكون واجبا بنفسه، ولا مفعولا لفاعل مستغن عن فاعل ما سواه.

[امتناع وجود ربين للعالم]

وإذا كان الأمر في الفلك الأطلس هكذا، فالأمر في غيره أظهر، فأي شيء اعتبرته من العالم (4) وجدته مفتقرا إلى شيء آخر من العالم، فيدلك ذلك مع كونه [ممكنا مفتقرا ليس بواجب بنفسه] (5) على (6) أنه مفتقر إلى فاعل ذلك الآخر (7) ، فلا يكون في العالم فاعلان فعل كل منهما ومفعوله مستغن عن فعل الآخر ومفعوله، وهذا كالإنسان مثلا فإنه يمتنع أن يكون

_________
(1) لم: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(2) ن، م: لا تحصل.
(3) ن (فقط) : وتبين أنه فاعله.
(4) ن (فقط) : العامل، وهو تحريف.
(5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(6) أ، ب: إلى. والمثبت من (م) .
(7) ن (فقط) : مع كونه مفتقرا إلى فاعل ذلك الآخر، وهو نقص وتحريف.
**********************

الذي خلقه غير الذي خلق ما (1) يحتاج إليه، فالذي خلق مادته كمني الأبوين ودم الأم هو الذي خلقه، والذي خلق الهواء الذي يستنشقه والماء الذي يشربه هو الذي خلقه ; لأن خالق ذلك [لو] (2) كان خالقا غير خالقه، فإن كانا خالقين كل منهما مستغن عن الآخر في فعله ومفعوله، كان ذلك ممتنعا ; لأن الإنسان محتاج إلى المادة والرزق، فلو كان خالق مادته ورزقه غير خالقه، لم يكن مفعول أحدهما مستغنيا عن مفعول الآخر.
فتبين [بذلك] (3) أنه يمتنع أن يكون للعالم فاعلان، مفعول كل منهما مستغن عن مفعول الآخر، كما قال تعالى: {ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق} [سورة المؤمنون: 91] .
ويمتنع (4) أن يكونا مستقلين ; لأنه جمع بين النقيضين، ويمتنع أن يكونا متعاونين متشاركين، كما يوجد ذلك في المخلوقين يتعاونون على المفعولات ; لأنه حينئذ لا يكون أحدهما فاعلا إلا بإعانة الآخر له، وإعانته فعل منه لا يحصل إلا بقدرته، بل [وبعلمه] (5) وإرادته، فلا يكون هذا معينا لذاك حتى يكون ذاك معينا لهذا، ولا يكون ذاك (6) معينا لهذا حتى يكون هذا معينا لذاك ; وحينئذ لا يكون هذا معينا لذاك ولا ذاك

_________
(1) عبارة " خلق ما ": ساقطة من (ب) وفي (أ) : غير الذي ما يحتاج إليه.
(2) لو: ساقطة من (ن) فقط.
(3) بذلك: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) ن (فقط) : وممتنع.
(5) ن، م: وبعمله، وهو تحريف.
(6) ن، م: هذا.
**************************

معينا لهذا، كما لا يكون الشيء معينا لنفسه بطريق الأولى، فالقدرة التي بها يفعل الفاعل لا تكون حاصلة بالقدرة التي يفعل بها الفاعل الآخر، بل إما أن تكون (1) من لوازم ذاته، وهي قدرة الله تعالى، أو تكون حاصلة بقدرة غيره كقدرة العبد، فإذا قدر ربان متعاونان (2) لا يفعل أحدهما حتى يعينه الآخر، لم يكن أحدهما قادرا على الفعل بقدرة لازمة لذاته، ولا يمكن أن تكون قدرته حاصلة من الآخر ; لأن الآخر لا يجعله قادرا حتى يكون هو قادرا، فإذا لم تكن قدرة واحد منهما من نفسه، لم يكن لأحدهما قدرة بحال.
فتبين امتناع كون العالم له ربان، وتبين امتناع كون واجب الوجود له كمال يستفيده من غيره، وتبين امتناع أن يؤثر في واجب الوجود غيره، وهو سبحانه مستحق للكمال الذي لا غاية فوقه، وذلك الكمال لازم له ; لأن الكمال الذي يكون كمالا [للموجود] (3) ، إما أن يكون واجبا له، أو ممتنعا عليه، أو جائزا عليه، فإن كان واجبا له فهو المطلوب، وإن كان ممتنعا لزم أن يكون الكمال الذي للموجود ممكنا للممكن ممتنعا على الواجب، فيكون الممكن أكمل من الواجب.
[عود إلى الكلام على اتصاف الله بصفات الكلام]
وأيضا، فالممكنات فيها كمالات موجودة، وهي من الواجب بنفسه، والمبدع للكمال المعطي له الخالق له أحق بالكمال؛ إذ الكمال إما وجود، وإما كمال وجود، ومن أبدع الموجود كان أحق بأن يكون موجودا؛ إذ

_________
(1) ن، م: بل إنما يكون، وهو تحريف.
(2) ب: بأن متعاونين، أ، ب: بان متعاونان، والمثبت عن (ن) .
(3) ن، م: للوجود.
**********************************

المعدوم لا يكون مؤثرا في الموجود (1) ، وهذا كله معلوم. فتبين أن الكمال ليس ممتنعا عليه، وإذا كان جائزا أن يحصل وجائزا أن لا يحصل، لم يكن حاصلا إلا بسبب آخر، فيكون واجب الوجود مفتقرا في كماله إلى غيره، وقد تبين بطلان هذا أيضا.
فتبين أن الكمال لازم لواجب الوجود واجب له يمتنع سلب الكمال عنه، والكمال أمور وجودية، فالأمور العدمية لا تكون كمالا إلا إذا تضمنت أمورا وجودية، إذ العدم المحض ليس بشيء فضلا عن أن يكون كمالا، فإن الله سبحانه إذا ذكر ما يذكره من تنزيهه ونفي النقائص عنه، ذكر ذلك في سياق إثبات صفات الكمال له، كقوله تعالى: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم} [سورة البقرة: 255] فنفي السنة والنوم يتضمن كمال الحياة والقيومية، وهذه من صفات الكمال.
وكذلك قوله: {لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض} [سورة سبأ: 3] ، فإن نفي عزوب ذلك عنه يتضمن علمه به، وعلمه به من صفات الكمال.
وكذلك قوله: {ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب} [سورة ق: 38] ، فتنزيهه لنفسه عن مس اللغوب يقتضي كمال قدرته، والقدرة من صفات الكمال، فتنزيهه يتضمن كمال حياته وقيامه وعلمه وقدرته، وهكذا نظائر ذلك.
فالرب تعالى موصوف بصفات الكمال التي لا غاية فوقها، إذ كل غاية تفرض كمالا إما أن تكون واجبة له أو ممكنة أو ممتنعة. والقسمان

_________
(1) أ، ب: الوجود.
*****************************

الأخيران (1) باطلان فوجب الأول، فهو منزه عن النقص وعن مساواة شيء من الأشياء له في صفات الكمال، بل هذه المساواة هي من النقص أيضا، وذلك لأن المتماثلين يجوز على أحدهما ما يجوز على الآخر، ويجب له ما يجب له، ويمتنع عليه ما يمتنع عليه، فلو قدر أنه ماثل شيئا في شيء من الأشياء، للزم اشتراكهما فيما يجب ويجوز ويمتنع [على] (2) ذلك الشيء، وكل ما سواه ممكن قابل للعدم، بل معدوم مفتقر إلى فاعل وهو مصنوع مربوب محدث، فلو ماثل غيره في شيء من الأشياء، للزم أن يكون هو والشيء الذي ماثله فيه ممكنا قابلا للعدم، بل معدوما مفتقرا إلى فاعل، مصنوعا مربوبا محدثا، وقد تبين أن كماله لازم لذاته لا يمكن أن يكون مفتقرا فيه إلى غيره، فضلا عن أن يكون ممكنا أو مصنوعا أو محدثا، فلو قدر مماثلة غيره له في شيء من الأشياء، للزم كون الشيء الواحد موجودا معدوما، ممكنا واجبا، قديما محدثا، وهذا جمع بين النقيضين.
فالرب تعالى مستحق للكمال على وجه التفصيل كما أخبرت به الرسل، فإن الله [تعالى] (3) أخبر أنه بكل شيء عليم، وعلى كل شيء قدير، وأنه سميع بصير، وأنه عليم قدير، عزيز حكيم، غفور رحيم، ودود مجيد، وأنه يحب المتقين والمحسنين والصابرين، ويرضى عن (4) الذين

_________
(1) ن، م: الآخران.
(2) على: ساقطة من (ن) فقط.
(3) تعالى: زيادة في (أ) ، (ب) .
(4) ن، م: على.
*******************************

آمنوا وعملوا الصالحات، ولا يحب الفساد، ولا يرضى لعباده الكفر، وأنه خلق السماوات والأرض [وما بينهما] (1) في ستة أيام ثم استوى على العرش، وأنه كلم موسى تكليما وناداه وناجاه، إلى غير ذلك مما جاء به الكتاب والسنة.
وقال في التنزيه: {ليس كمثله شيء} [سورة الشورى: 11] ، {هل تعلم له سميا} [سورة مريم: 65) {فلا تضربوا لله الأمثال} [سورة النحل: 74] ، {ولم يكن له كفوا أحد} ، {فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون} [سورة البقرة: 22] فنزه نفسه عن النظير باسم الكفء والمثل والند والسمي (2) .
وقد بسط الكلام على هذا في غير هذا الموضع، وكتبنا رسالة مفردة في قوله: {ليس كمثله شيء} ، وما فيها من الأسرار والمعاني الشريفة (3) .
فهذه طريقة الرسل وأتباعهم من سلف الأمة وأئمتها: إثبات مفصل، ونفي مجمل (4) ، إثبات صفات الكمال على وجه التفصيل، ونفي النقص والتمثيل، كما دل على ذلك سورة: {قل هو الله أحد الله الصمد} ، وهي تعدل ثلث القرآن [كما ثبت ذلك في الحديث

_________
(1) وما بينهما: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) أ (فقط) : والمسمى، وهو تحريف.
(3) ذكر ابن قيم الجوزية في رسالة " أسماء مؤلفات ابن تيمية " ص [0 - 9] 6 أن لابن تيمية " رسالة في تفسير قوله تعالى: (ليس كمثله شيء) نحو خمسين ورقة ".
(4) ن (فقط) : محل، وهو تحريف.
*********************************

الصحيح] (1) ، وقد كتبنا تصنيفا [مفردا] في تفسيرها (2) وآخر في كونها تعدل ثلث القرآن (3) .
فاسمه الصمد يتضمن صفات الكمال، كما روى الوالبي، عن ابن عباس [- رضي الله عنهما] (4) أنه قال: [هو] (5) العليم الذي كمل في علمه، والقدير الذي كمل في قدرته، والسيد الذي كمل في سؤدده، والشريف الذي كمل في شرفه، والعظيم الذي كمل في عظمته، والحليم الذي كمل في حلمه، والحكيم الذي كمل في حكمته، وهو الذي كمل في أنواع الشرف والسؤدد، هو الله [سبحانه وتعالى] (6) هذه صفته [لا تنبغي إلا له] (7) .
والأحد يتضمن نفي المثل عنه (8) ، والتنزيه الذي يستحقه [الرب] (9)

_________
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(2) ن، م: مصنفا في تفسيرها.
(3) لابن تيمية كتاب " تفسير سورة الإخلاص " وقد طبع أكثر من مرة منها الطبعة الأولى بالمطبعة المنيرية، سنة 1352. وله أيضا كتاب " جواب أهل العلم والإيمان بتحقيق ما أخبر به رسول الرحمن من أن (قل هو الله أحد) تعدل ثلث القرآن " وقد طبع أكثر من مرة، منها طبعة المطبعة السلفية سنة 1376.
(4) رضي الله عنهما: زيادة في (أ) ، (ب) .
(5) هو: ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) سبحانه وتعالى: زيادة في (أ) ، (ب) .
(7) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) . وفي (ب) : تبتغي، وهو تحريف، والمثبت من (أ) .
(8) ن، م: له.
(9) الرب: ساقطة من (ن) ، (م) .
*************************




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 27.48 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 26.85 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.29%)]