
10-02-2022, 08:03 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,254
الدولة :
|
|
رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (50) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (51) كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ (52) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (53) كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كَانُوا ظَالِمِينَ (54)
شرح الكلمات:
إذ يتوفى.: أي يقبض أرواحهم لإماتتهم.
وجوههم وأدبارهم: أي يضربونهم من أمامهم ومن خلفهم.
بظلام للعبيد: أي ليس بذي ظلم للعبيد كقوله {ولا يظلم ربك أحداً} .
كدأب آل فرعون: أي دأب كفار قريش كدأب آل فرعون في الكفر والتكذيب والدأب العادة.
لم يك مغيراً نعمة: تغيير النعمة تبديلها بنقمة بالسلب لها أو تعذيب أهلها.
آل فرعون: هم كل من كان على دينه من الأقباط مشاركاً له في ظلمه وكفره.
معنى الآيات:
ما زال السياق مع كفار قريش الذين خرجوا من ديارهم بطراً ورئاء الناس فيقول تعالى لرسوله {ولو ترى إذ يتوفى الذين1 كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم2} وهم يقولون لهم {وذوقوا عذاب3 الحريق} وجواب لولا محذوف تقديره (لرأيت أمراً فظيعاً) وقوله تعالى
{ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد} هو قول الملائكة لمن يتوفونهم من الذين كفروا. أي ذلكم الضرب والتعذيب بسبب ما قدمت أيديكم من الكفر والظلم والشر والفساد وأن الله تعالى ليس بظالم لكم فإنه تعالى لا يظلم أحداً وقوله تعالى {كدأب آل فرعون4 والذين من قبلهم} أي دأب هؤلاء المشركين من كفار قريش في كفرهم وتكذيبهم كدأب آل فرعون والذين هن قبلهم {كفروا بآيات الله فأخذهم الله بذنوبهم} وكفر هؤلاء فأخذهم الله بذنوبهم، وقوله {إن الله قوي شديد العقاب} يشهد له فعله بآل فرعون والذين من قبلهم عاد وثمود وقوم إبراهيم وأصحاب مدين والمؤتفكات وأخيراً أخذه تعالى كفار قريش في بدر أخذ العزيز المقتدر، وقوله تعالى {ذلك بأن الله5 لم يك6 مغيراً نعمة أنعهما على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} إشارة إلى ما أنزله من عذاب على الأمم المكذبة الكافرة الظالمة، وإلى بيان سنته في عباده وهي أنه تعالى لم يكن من شأنه أن يغير نعمة أنعمها على قوم كالأمن والرخاء، أو الطهر والصفاء حتى يغيروا هم ما بأنفسهم بأن يكفروا ويكذبوا، ويظلموا أو يفسقوا ويفجروا، وعندئذ يغير تلك النعم بنقم فيحل محل الأمن والرخاء الخوف والغلاء ومحل الطهر والصفاء الخبث والشر والفساد. هذا إن لم يأخذهم بالإبادة الشاملة والاستئصال التام. وقوله تعالى {وأن الله سميع عليم} أي لأقوال عباده وأفعالهم فلذا بتم الجزاء عادلاً لا ظلم فيه. وقوله تعالى {كدأب آل7 فرعون والذين من قبلهم كذبوا8 بآيات ربهم فأهلكناهم بذنوبهم وأغرقنا آل فرعون وكل كانوا ظالمين} هذه الآية تشبه الآية السابقة إلا أنها تخالفها فيما يلي: في الأولى الذنب الذي أخذ به الهالكون كان الكفر، وفي هذه: كان التكذيب، في الأولى: لم يذكر نوع العذاب، وفي الثانية انه الإغراق، في الأولى لم يسجل عليهم سوى الكفر فهو ذنبهم لا غير وفي الثانية سجل على الكل ذنباًَ آخر وهو الظلم إذ قال {وكل كانوا ظالمين} أي بكفرهم وتكذيبهم، وصدهم عن سبيل الله وفسقهم عن طاعة الله ورسوله مع زيادة التأكيد والتقرير.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1- تقرير عذاب القبر بتقرير العذاب عند النزع.
2- هذه الآية نظيرها آية الأنعام {ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم} أي بالضرب.
3- تنزه الخالق عز وجل عن الظلم لأحد9.
4- سنة الله تعالى في أخذ الظالمين وإبدال النعم بالنقم.
5- لم يكن من سنة الله تعالى في الخلق تغيير ما عليه الناس من خير أو شر حتى يكونوا هم البادئين.
6- التنديد بالظلم وأهله، وأنه الذنب الذي يطلق على سائر الذنوب.
__________
1 جائز أن يكون المراد من هؤلاء قتلى بدر المشركين وجائز أن يكونوا ممن لم يقتلوا ببدر، وماتوا بمكة وغيرها.
2 قال الحس البصري: المراد من أدبارهم: ظهورهم وقال: "إن رجلاً قال لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا رسول الله: إني رأيت بظهر أبي جهل مثل الشراك "أي: سير النعل"؟ قال: ذلك ضرب الملائكة".
3 يقال لهم عند قبض أرواحهم، إذ بمجرد أن تقبض الروح يلقى بها في جهنم، كما يقال لهم يوم القيامة ذلك من قبل الملائكة.
4 الباء في قوله: {ذلك بأنّ الله} سببية والجملة مسوقة للتعليل.
5 {لم يك} أي: لم ينبغ له، ولم يصحّ منه لبالغ حكمته وعدله ورحمته.
6 {كدأب} خبر لمبتدأ محذوف تقديره: دأب هؤلاء كدأب آل فرعون، والدأب: العادة المستمرة.
7 {كذبوا} الخ.. تفسير دأبهم الذي فعلوه من تغييرهم لحالهم.
8 وجائز أن يكون المراد: كدأب آل فرعون أي: في تعذيبهم عند قبض أرواحهم، وفي قبورهم ويوم القيامة.
9 شاهده حديث مسلم عن أبي ذر عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن الله تعالى يقول: "يا عبادي إني حرّمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيراً فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه".
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|