
05-02-2022, 07:13 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,725
الدولة :
|
|
رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد

بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
المجلد الاول
(33)
من صـــ 286 الى صـــ 292
قوله: {وبنعمت الله هم يكفرون} وفى العنكبوت {يكفرون} بغير (هم) لأن فى هذه السورة اتصل (الخطاب) {والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات} ثم عاد إلى الغيبة فقال:
{أفبالباطل يؤمنون وبنعمت الله هم يكفرون} فلا بد من تقييده بهم لئلا يلتبس الغيبة بالخطاب والتاء بالباء. وما فى العنكبوت اتصل بآيات استمرت على الغيبة فلم يحتج إلى تقييده بالضمير.
قوله: {ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم} كرر إن، وكذلك فى الآية الأخرى {ثم إن ربك} لأن الكلام لما طال بصلته أعاد إن واسمها وثم، وذكر الخبر.
ومثله {أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون} أعاد (أن) لما طال الكلام.
قوله: {ولا تك في ضيق مما} وفى النمل: {ولا تكن} بإثبات النون. هذه الكلمة كثر دورها فى الكلام فحذف النون فيها تخفيفا من غير قياس بل تشبها بحروف العلة. ويأتى ذلك فى القرآن فى بضعة عشر موضعا تسعة منها بالتاء، وثمانية بالياء، وموضعان بالنون، وموضع بالهمزة.
وخصت هذه السورة بالحذف دون النمل موافقة لما قبلها وهو قوله: {ولم يك من المشركين} والثانى أن هذه الآية نزلت تسلية للنبى صلى الله عليه وسلم حين قتل حمزة ومثل به فقال عليه السلام: لأفعلن بهم ولأصنعن، فأنزل الله تعالى: {ولئن صبرتم لهو خير للصابرين واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون} فبالغ فى الحذف ليكون ذلك مبالغة فى التسلى، وجاء فى النمل على القياس، ولأن الحزن هنا دون الحزن هناك.
فضل السورة
روى المفسرون فى فضل السورة أحاديث ساقطة. منها حديث أبى الواهى: من قرأ سورة النحل لم يحاسبه الله بالنعم التى أنعم عليه فى دار الدنيا، وأعطى من الأجر كالذى مات فأحسن الوصية. وعن جعفر أن من قرأ هذه السورة فى كل شهر كفى عنه سبعون نوعا من البلاء، أهونها الجذام والبرص، وكان مسكنه فى جنة عدن وسط الجنان، وحديث على: يا على من قرأ سورة النحل فكأنما نصر موسى وهارون على فرعون، وله بكل آية قرأها مثل ثواب أم موسى.
بصيرة فى.. سبحان الذى أسرى بعبده
السورة مكية بالاتفاق. وآياتها مائة وخمس عشرة آية عند الكوفيين وعشر عند الباقين. وكلماتها ألف وخمسمائة وثلاث وستون. وحروفها ستة آلاف وأربعمائة وستون. والمختلف فيها آية واحدة {للأذقان سجدا} .
فواصل آياتها ألف إلا الآية الأولى، فإنها راء. ولهذه السورة اسمان: سورة سبحان، لافتتحاها بها، وسورة بنى إسرائيل لقوله: فيها {وقضينآ إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين} .
مقصود السورة ومعظم ما اشتملت عليه: تنزيه الحق تعالى، ومعراج النبى صلى الله عليه وسلم، والإسراء إلى المسجد الأقصى، وشكر نوح عليه السلام، وفساد حال بنى إسرائيل، ومكافأة الإحسان والإساءة، وتقويم القرآن الخلائق، وتخليق الليل والنهار، وبيان الحكمة فى سير الشمس والقمر ودورهما، وملازمة البخت المرء، وقراءة الكتب فى القيامة،وبيان الحكمة فى إرسال الرسل، والشكوى من القرون الماضية، وذكر طلب الدنيا والآخرة، وتفضيل بعض الخلق على بعض، وجعل بر الوالدين والتوحيد فى قرن واحد، والإحسان إلى الأقارب، والأمر بترك الإسراف، وذم البخل، والنهى عن قتل الأولاد، وعن الزناء، وقتل النفس ظلما، وأكل مال اليتيم، وعن التكبر، وكراهية جميع ذلك، والسؤال عن المقول والمسموع، والرد على المشركين، وتسبيح الموجودات، وتعيير الكفار بطعنهم فى القرآن، ودعوة الحق الخلق، وإجابتهم له تعالى، وتفضيل بعض الأنبياء على بعض، وتقرب المقربين إلى حضرة الجلال،
وإهلاك القرى قبيل القيامة، وفتنة الناس برؤيا النبى صلى الله عليه وسلم، وإباء إبليس من السجدة لآدم، وتسليط الله إياه على الخلق، وتعديد النعم على العباد، وإكرام بنى آدم، وبيان أن كل أحد يدعى فى القيامة بكتابه، ودينه، وإمامه، وقصد المشركين إلى ضلال الرسول صلى الله عليه وسلم وإذلاله، والأمر بإقامة الصلوات الخمس فى أوقاتها، وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بقيام الليل، ووعده بالمقام المحمود، وتخصيصه بمدخل صدق، ومخرج صدق، ونزول القرآن بالشفاء، والرحمة، والشكاية من إعراض العبيد، وبيان أن كل أحد يصدر منه ما يليق به،
والإشارة إلى جواب مسألة الروح، وعجز الخلق عن الإتيان بمثل القرآن، واقتراحات المشركين على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتفصيل حالهم فى عقوبات الآخرة، وبيان معجزات موسى، ومناظرة فرعون إياه، وبيان الحكمة فى تفرقة القرآن، وآداب نزوله، وآداب الدعاء وقراءة القرآن، وتنزيه الحق تعالى عن الشريك والولد فى {الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا} إلى قوله: {وكبره تكبيرا} .
الناسخ والمنسوخ:
فى هذه السورة آيتان منسوختان {وقضى ربك} إلى قوله: {ربياني صغيرا} الدعاء للميت م فى حق المشركين {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى} ن {ربكم أعلم بكم} إلى قوله: {ومآ أرسلناك عليهم وكيلا} م آية السيف ن.
المتشابهات:
قوله: {ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا} وخصت سورة الكهف {أجرا حسنا} ؛ لأن الأجر فى السورتين الجنة، والكبير والحسن من أوصافها؛ لكن خصت هذه السورة بالكبير بفواصل الآى قبلها وبعدها، وهى (حصيرا) و (أليما) و (عجولا) وجلها وقع قبل آخرها مدة. وكذلك فى سورة الكهف جاء على ما يقتضيه الآيات قبلها، وبعدها وهى (عوجا) وكذا (أبدا) وجلها ما قبل آخرها متحرك. وأما رفع (يبشر) فى سبحان ونصبها فى الكهف فليس من المتشابه.
قوله: {لا تجعل مع الله إلاها آخر فتقعد مذموما مخذولا} وقوله: {ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا} وقوله: {ولا تجعل مع الله إلاها آخر فتلقى في جهنم ملوما مدحورا} فيها بعض التشابه، ويشبه التكرار وليس بتكرار؛ لأن الأولى فى الدنيا، والثانية فى العقبى، والخطاب فيهما للنبى صلى الله عليه وسلم، والمراد به غيره، كما فى قوله: {إما يبلغن عندك الكبر} وقيل: القول مضمر، أى قل لكل واحد منهم: لا تجعل مع الله إلها آخر فتقعد مذموما مخذولا فى الدنيا وتلقى فى جهنم ملوما مدحورا فى الأخرى. وأما الثانية فخطاب للنبى صلى الله عليه وسلم وهو المراد به. وذلك أن امرأة بعثت صبيا لها إليه مرة بعد أخرى، سألته قميصا، ولم يكن عليه ولا له صلى الله عليه وسلم قميص غيره، فنزعه ودفعه إليه، فدخل وقت الصلاة،
فلم يخرج حياء، فدخل عليه أصحابه فرأوه على تلك الصفة، فلاموه على ذلك، فأنزل الله تعالى {فتقعد ملوما} يلومك الناس {محسورا} مكشوفا. هذا هو الأظهر من تفسيره والله أعلم.
قوله: {ولقد صرفنا في هاذا القرآن "ليذكروا} ، وفى آخر السورة {ولقد صرفنا للناس في هاذا القرآن" من كل مثل} فزاد، (للناس) وقدمه على القرآن، وقال: فى الكهف {ولقد صرفنا في هاذا القرآن للناس} إنما لم يذكر فى أول سبحان (للناس) لتقدم ذكرهم فى السورة، وذكرهم فى (الكهف) إذ لم يجر ذكرهم، وذكر الناس فى آخر سبحان، وإن جرى ذكرهم؛ لأن ذكر الإنس والجن جرى معا، فذكر (للناس) كراهة الالتباس، وقدمه على {في هاذا القرآن} كما قدمه فى قوله: {قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هاذا القرآن لا يأتون بمثله} ثم قال: {ولقد صرفنا للناس في هاذا القرآن} وأما فى الكهف فقدم {في هاذا القرآن} لأن ذكره أجل الغرض.
وذلك أن اليهود سألته عن قصة أصحاب الكهف، وقصة ذى القرنين، فأوحى الله إليه فى القرآن؛ وكان تقديمه فى هذا الموضع أجدر، والعناية بذكره أحرى وأخلق.
قوله: {وقالوا أإذا كنا عظاما ورفاتا أإنا لمبعوثون خلقا جديدا} ثم أعادها فى آخر السورة بعينها، من غير زيادة ولا نقصان؛ لأن هذا ليس بتكرار؛ فإن الأول من كلامهم فى الدنيا، حين جادلوا الرسول،وأنكروا البعث، والثانى من كلام الله حين جازاهم على كفرهم، وقولهم ذلك وإنكارهم البعث، فقال {مأواهم جهنم كلما خبت زدناهم سعيرا ذلك جزآؤهم بأنهم كفروا بآياتنا وقالوا أإذا كنا عظاما ورفاتا أإنا لمبعوثون خلقا جديدا} .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|