3- عنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «سَوْدَاءُ وَلُودٌ خَيْرٌ مِنْ حَسْنَاءَ لَا تَلِدُ»[106].
وجه الدلالة: فيه حث على تكثير النسل، والعزلُ فيه تقليل له[107].
أجيب بأن فيه علي بن الربيع وهو ضعيف[108].
4- عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: إِنِّي أَصَبْتُ امْرَأَةً ذَاتَ حَسَبٍ وَجَمَالٍ، وَإِنَّهَا لَا تَلِدُ، أَفَأَتَزَوَّجُهَا، قَالَ: «لَا»، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ فَنَهَاهُ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ، فَقَالَ: «تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ؛ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الْأُمَمَ»[109].
5- عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا جَالِسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا نُصِيبُ سَبْيًا وَنُحِبُّ المَالَ، كَيْفَ تَرَى فِي العَزْلِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَوَإِنَّكُمْ لَتَفْعَلُونَ ذَلِكَ، لَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا، فَإِنَّهُ لَيْسَتْ نَسَمَةٌ كَتَبَ اللَّهُ أَنْ تَخْرُجَ إِلَّا هِيَ كَائِنَةٌ»[110].
وجه الدلالة: قوله صلى الله عليه وسلم: «لا عليكم» يفيد النهي[111].
أجيب بأن الأصل عدم تقدير النهي، وإنما معناه ليس عليكم أن تتركوا، وهو الذي يساوي أن لا تفعلوا[112].
ثانيا: المعقول:
لأن فيه تقليل النسل، وقطع اللذة عن الموطوءة[113].
♦ القول الثالث: يحرم مطلقا.
القائلون به: الظاهرية[114]، وقول عند الشافعية[115]، وقول عند الحنابلة[116].
الأدلة التي استدلوا بها:
من السنة النبوية:
عَنْ جُدَامَةَ بِنْتِ وَهْبٍ، قَالَتْ: حَضَرْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فِي أُنَاسٍ سَأَلُوهُ عَنِ الْعَزْلِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «ذَلِكَ الْوَأْدُ الْخَفِيُّ»، وَهِيَ: ﴿ وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ ﴾} [التكوير: 8] [117].
وجه الدلالة من وجهين:
أحدهما: أنه نسخ جميع النصوص الدالة على إباحة العزل، ومن ادعى أنه أبيح بعد المنع فقد قفا ما لا علم له به، وأتى بما لا دليل له عليه[118].
أجيب بأن دعوى النسخ تحتاج إلى تاريخ محقَّق يبيِّن تأخُّر أحد الحديثين عن الآخر، وأنى ذلك؟[119].
الآخر: أنه صرَّح بتحريم الوأد[120].
أجيب عنه من خمسة أوجه كما تقدم.
♦ القول الرابع: يستحب استئذان الزوجة في العزل.
القائلون به: وجه عند الشافعية[121]، ووجه عند الحنابلة[122].
الأدلة التي استدلوا بها:
استدلوا بالمعقول:
لأن حق الزوجة في الجماع دون الإنزال بدليل أن الجماع يَخرج به من الفيئة، والعُنَّة[123].
أجيب بأننا نُسلم بأن الجماع من حق الزوجة، ولها المطالبة به، والجماعُ التام هو ما خلا عن العزل[124].
♦ الترجيح:
يتبين مما سبق أن العزل مباح إذا كان بإذن الزوجة، ولا مانع من اتفاق الزوجين على المباعدة بين فترات الحمل لمصلحة معتبرة شرعا؛ لأنه لم يرد دليل على تحريمه، بل ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رخص فيه في الجملة[125].
قال ابن العربي المالكي رحمه الله: للولد ثلاثة أحوال[126]:
الحال الأولى: قبل وجود الولد، وهذا جائز.
الحال الثانية: بعد قبض الرحم على المني، فلا يجوز حينئذ لأحد التعرض له.
الحال الثالثة: بعد تخلُّقه وقبل أن تنفخ فيه الروح، وهو أشد من الأولين في المنع والتحريم؛ لما روي فيه من الأثر «إنَّ السَّقْطَ يَظَلُّ مُخْتَبِطاً عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ يَقولُ: لَا أدْخُلُ حَتى يَدْخلَ أبَواي»[127]، فأما إذا نفخ فيه الروح فهو نفس بلا خلاف.
[1] يُنْظَر: ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، مادة «نظم».
[2]يُنْظَر: الخليل بن أحمد، العين، مادة «نظم»،وابن منظور، لسان العرب، مادة «نظم».
[3]يُنْظَر: الخليل بن أحمد، العين، مادة «نظم».
[4]يُنْظَر: ابن منظور، لسان العرب، مادة «نظم».
[5] يُنْظَر: الخليل بن أحمد، العين، مادة «نسل»، وابن فارس، معجم مقاييس اللغة، مادة «نظم».
[6]يُنْظَر: ابن منظور، لسان العرب، مادة «نسل».
[7] يُنْظَر: الخليل بن أحمد، العين، مادة «نسل»، وابن فارس، معجم مقاييس اللغة، مادة «نظم».
[8] ينظر: الخليل بن أحمد، العين، مادة «نسل»، والراغب الأصفهاني، المفردات في غريب القرآن، صـ (802-803).
[9] ينظر: الأزهري، تهذيب اللغة، مادة «نسل».
[10] ينظر: أبو زهرة، تنظيم الأسرة وتنظيم النسل، طبعة: دار الفكر العربي، ط1، 1396هـ، 1976م، صـ (101)، ومنظمة المؤتمر الإسلامي بجدة، مجلة مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي بجدة، الدورة الخامسة، العدد الخامس، 1409هـ، 1988م، (1/ 345).
[11] ينظر: منظمة المؤتمر الإسلامي بجدة، مجلة مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي بجدة، العدد الخامس، (1/ 168).
[12] يُنْظَر: الشيخ عطية صقر، موسوعة أحسن الكلام في الفتاوى والأحكام، (4/ 51).
[13] يُنْظَر: الفتاوى الإسلامية من دار الإفتاء المصرية، (14/ 202).
[14] يُنْظَر: ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، مادة «عزل».
[15] يُنْظَر: الخليل بن أحمد، العين، مادة «عزل»،وابن فارس، معجم مقاييس اللغة، مادة «عزل».
[16]يُنْظَر: ابن منظور، لسان العرب، مادة «عزل».
[17] يُنْظَر: ابن نجيم، البحر الرائق شرح كنز الدقائق، (3/ 214)، )، وابن عابدين، حاشية ابن عابدين «رد المحتار على الدر المختار»، (3/ 175)،وابن غانم، الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني، (2/ 143)، والعدوي، حاشية العدوي على شرح كفاية الطالب الرباني، (2/ 240-241).
[18] ينظر: النووي، روضة الطالبين وعمدة المفتين، (7/ 205)، وزكريا الأنصاري، أسنى المطالب في شرح روض الطالب، (3/ 186)، والغرر البهية في شرح البهجة الوردية، (4/ 170).
[19] ينظر: ابن قدامة، الكافي، تحقيق: د. عبد الله بن عبد المحسن التركي، طبعة: دار هجر- مصر، ط2، 1418هـ، 1998م، (4/ 383)،وعبد الرحمن بن أحمد بن قدامة المقدسي، الشرح الكبير، (21/ 391).
[20] ينظر: منظمة المؤتمر الإسلامي بجدة، مجلة مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي بجدة، العدد الخامس، (1/ 179).
[21] يُنْظَر: الشيخ عطية صقر، موسوعة أحسن الكلام في الفتاوى والأحكام، (5/ 271)، وموسوعة الأسرة تحت رعاية الإسلام (4/ 57، 69)، وفتاوى وأحكام للمرأة المسلمة، صـ (221).
[22] يُنْظَر: الغزالي، إحياء علوم الدين، طبعة: دار المعرفة- بيروت، بدون طبعة، 1402هـ، 1982م، (2/ 52)، وابن حجر العسقلاني، فتح الباري بشرح صحيح البخاري، (9/ 307).
[23] يُنْظَر: الغزالي، إحياء علوم الدين، (2/ 52).
[24] يُنْظَر: ابن حجر العسقلاني، فتح الباري بشرح صحيح البخاري، (9/ 307).
[25] يُنْظَر: الغزالي، إحياء علوم الدين، (2/ 52).
[26] يُنْظَر: ابن الهمام، فتح القدير شرح الهداية، (3/ 401).
[27] يُنْظَر: الغزالي، إحياء علوم الدين، (2/ 52)، وابن حجر العسقلاني، فتح الباري بشرح صحيح البخاري، (9/ 307).
[28] يُنْظَر: الغزالي، إحياء علوم الدين، (2/ 52).
[29]متفق عليه: أخْرجَهُ البخاري(5208)، باب العزل، ومسلم (1440)، كتاب النكاح.
[30]صحيح: أخْرجَهُ مسلم (1440)، كتاب النكاح.
[31]سانيتنا: أي تسقي لنا. [يُنْظَر: ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث والأثر (2/ 415)].
[32]صحيح: أخْرجَهُ مسلم (1439)، كتاب النكاح.
[33] يُنْظَر: الزيلعي، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق، (2/ 166)، وابن قيم الجوزية، زاد المعاد في هدي خير العباد، (5/ 130)، وابن حجر العسقلاني، فتح الباري بشرح صحيح البخاري، (9/ 306)، وابن الهمام، فتح القدير شرح الهداية، (3/ 400-401)، وزكريا الأنصاري، الغرر البهية في شرح البهجة الوردية (4/ 170).
[34]متفق عليه: أخْرجَهُ البخاري (4138)، باب غزوة بني المصطلق، ومسلم (1438)، كتاب النكاح.
[35] يُنْظَر: ابن حجر العسقلاني، فتح الباري بشرح صحيح البخاري، (9/ 307).
[36] متفق عليه: أَخْرَجَهُ البخاري (5210)، باب العزل، ومسلم (1438)، كتاب النكاح.
[37] يُنْظَر: ابن قيم الجوزية، زاد المعاد في هدي خير العباد، (5/ 129-130).
[38] صحيح: أَخْرَجَهُ مسلم (1443)، كتاب النكاح.
[39] يُنْظَر: ابن قيم الجوزية، زاد المعاد في هدي خير العباد، (5/ 129-130).
[40]صحيح: أخْرجَهُ أبو داود (2171)، باب ما جاء في العزل، والنسائي في الكبرى (9030)، باب العزل، وأحمد (11288)، وصححه الألباني. [يُنْظَر: الألباني، غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام، طبعة: المكتب الإسلامي- بيروت، ط3، 1405هـ، (240)].
[41]يُنظَر: ابن قيم الجوزية، زاد المعاد في هدي خير العباد، (5/ 131-132)، وابن الهمام، فتح القدير شرح الهداية، (3/ 400-401).
يتبع