عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 24-01-2022, 12:54 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,725
الدولة : Egypt
افتراضي رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد




بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
المجلد الاول
(32)
من صـــ 279 الى صـــ 285

معظم ما اشتملت عليه السورة: تخويف العباد بمجئ القيامة، وإقامة حجة الوحدانية، وذكر ما فى الأنعام من المنافع والنعم، وما فى المراكب من التجمل والزينة، وذكر المسيم والنبات والشجر، وتسخير الشمس والقمر، وتثبيت الأرض والجبال والحجر، وهداية الكواكب فى السفر والحضر، والنعم الزائدة عن (العد والإحصاء) ، والإنكار على أهل الإنكار، وجزاء مكر المكار، ولعنة الملائكة على الأشرار، عند الاحتضار، وسلامهم فى ذلك الوقت على الأبرار والأخيار، وبيان أحوال الأنبياء والمرسلين مع الأمم الماضين، وذكر الهجرة والمهاجرين، وذكر التوحيد، وتعريف المنعم، ونعمه السابغات، ومذمة المشركات بوأد البنات، وبيان الأسماء والصفات، والمنة على الخلائق بإنزال الرحمات، وعدها من الإنعام فى باب الأنعام والحيوانات، وبيان فوائد النحل، وذكر ما اشتمل عليه:
من عجيب الحالات، وتفضيل الخلق فى باب الأرزاق والأقوات، وبيان حال المؤمن والكافر، وتسخير الطيور فى الجو صافات، والمنة بالمساكن والصحارى والبريات، وشكاية المتكبرين، وذكر ما أعد لهم من العقوبات، والأمر بالعدل والإحسان، والنهى عن نقض العهد والخيانات، وأن الحياة الطيبة فى ضمن الطاعات، وتعلم الاستعاذة بالله فى حال تلاوة الآيات المحكمات، ورد سلطان الشيطان من المؤمنين والمؤمنات، وتبديل الآيات بالآيات، لمصالح المسلمين والمسلمات، والرخصة بالتكلم بكلمة الكفر عند الإكراه والضرورات، وبيان التحريم والتحليل فى بعض الحالات، وذكر إبراهيم الخليل وما منح من الدرجات، وذكر السبت والدعاء إلى سبيل الله بالحكمة والعظات الحسنات، والأمر بالتسوية فى المكافآت بالعقوبات، والأمر بالصبر على البليات، ووعد المتقين والمحسنين بأعظم المثوبات، بقوله: {إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون} .
الناسخ والمنسوخ فى هذه السورة ثلاث آيات منسوخة م {تتخذون منه سكرا} م {إنما حرم ربي الفواحش} ن {فإنما عليك البلاغ} م آية السيف ن {وجادلهم بالتي هي أحسن} م آية السيف ن.
المتشابهات:
فيها فى موضعين {إن في ذلك لآيات} بالجمع. وفى خمسة مواضع: {إن في ذلك لآية} على الوحدة. أما الجمع فلموافقة قوله: {مسخرات} فى الآيتين؛ لتقع المطابقة فى اللفظ والمعنى. وأما التوحيد فلتوحيد المدلول عليه.
من الخمس قوله: {إن في ذلك لآية لقوم يذكرون} وليس له نظير. وخص بالذكر لاتصاله بقوله: {وما ذرأ لكم في الأرض مختلفا ألوانه} ؛ فإن اختلاف ألوان الشىء وتغير أحواله يدل على صانع حكيم لا يشبهها ولا تشبهه، فمن تأمل فيها اذكر.
ومن الخمس: {إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون} فى موضعين، وليس لهما نظير. وخصتا بالفكر؛ لأن الأولى متصلة بقوله: {ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات} وأكثرها للأكل، وبه قوام البدن، فيستدعى تفكيرا وتأملا، ليعرف به المنعم عليه فيشكره. والثانية متصلة بذكر النحل، وفيها أعجوبة: من انقيادها لأميرها، واتخاذها البيوت على أشكال يعجز عنها الحاذق منا، ثم تتبعها الزهر والطلى من الأشجار، ثم خروج ذلك من بطونها لعابا أو ونيما، فاقتضى ذلك فكرا بليغا، فختم فى الآيتين بالتفكر.
قوله: {وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا من فضله} ، وفى الملائكة: {وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا} ، ما فى هذه السورة جاء على القياس؛ فإن (الفلك) المفعول الأول لترى، و (مواخر) المفعول الثانى، و (فيه) ظرف، وحقه التأخر. والواو فى (ولتبتغوا) للعطف على لام العلة فى قوله: {لتأكلوا منه} . وأما فى الملائكة فقدم (فيه) موافقة لما قبله، وهو قوله: {لتأكلوا منه لحما طريا} فقدم الجار والمجرور، على الفعل والفاعل، ولم يزد الواو على (لتبتغوا) لأن اللام فى (لتبتغوا) هنا لام العلة، وليس يعطف على شىء قبله. ثم إن قوله: {وترى الفلك مواخر فيه} و {فيه مواخر} اعتراض فى السورتين يجرى مجرى المثل، ولهذا وحد الخطاب،وهو قوله: (وترى) وقبله وبعده جمع، وهو قوله: (لتأكلوا) و (تستخرجوا) و (لتبتغوا) . وفى الملائكة: (تأكلون) و (تستخرجون) ، (لتبتغوا) ومثله فى القرآن كثير، منه {كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا} وكذلك {تراهم ركعا سجدا} ، {وترى الملائكة حآفين من حول العرش} وأمثاله. أى لو حضرت أيها المخاطب لرأيته فى هذه الصفة؛ كما تقول: أيها الرجل، وكلكم ذلك الرجل، فتأمل فإن فيه دقيقة.
قوله: {وإذا قيل لهم ماذآ أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين} وبعده: {وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا} إنما رفع الأول؛ لأنهم أنكروا إنزال القرآن، فعدلوا عن الجواب، فقالوا: أساطير الأولين. والثانى من كلام المتقين، وهم مقرون بالوحى والإنزال، فقالوا: خيرا، أى أنزل خيرا، فيكون الجواب مطابقا، و (خيرا) نصب بأنزل. وإن شئت جعلت (خيرا) مفعول القول، أى: قالوا خيرا ولم يقولوا شرا كما قالت الكفار. وإن شئت جعلت (خيرا) صفة مصدر محذوف، أى قالوا قولا خيرا. وقد ذكرت مسألة (ماذا) فى مواضعه.
قوله: {فلبئس مثوى المتكبرين} ليس فى القرآن نظيره للعطف بالفاء على التعقيب فى قوله: {فادخلوا أبواب جهنم} واللام للتأكيد تجرى مجرى القسم موافقة لقوله: {ولنعم دار المتقين} وليس له نظير، وبينهما: {ولدار الآخرة خير} .
قوله: {فأصابهم سيئات ما عملوا} هنا وفى الجاثية، وفى غيرهما {ما كسبوا} ؛ لأن العمل أعم من الكسب، ولهذا قال: {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره} وخصت هذه السورة (بالعمل) لموافقة ما قبله: {ما كنا نعمل من سواء بلى إن الله عليم بما كنتم تعملون} ولموافقة ما بعده وهو قوله: {وتوفى كل نفس ما عملت} ومثله: {ووفيت كل نفس ما عملت} فى الزمر. وليس لها نظير.
قوله: {لو شآء الله ما عبدنا من دونه من شيء} قد سبق.
قوله: {ولله يسجد ما في السماوات} قد سبق.

قوله: {ليكفروا بمآ آتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون} ومثله فى الروم و (فى) العنكبوت: {وليتمتعوا فسوف يعلمون} باللام والياء. أما التاء فى السورتين فبإضمار القول أى قل لهم: تمتعوا، كما فى قوله: {قل تمتعوا فإن مصيركم إلى النار} وكذلك: {قل تمتع بكفرك} .
وخصصت هذه السورة بالخطاب لقوله: {إذا فريق منكم} وألحق ما فى الروم به. وأما [ما] فى العنكبوت فعلى القياس، عطف على اللام قبله، وهى للغائب.
قوله: {ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دآبة} وفى الملائكة: {بما كسبوا ما ترك على ظهرها} الهاء فى هذه السورة كناية عن الأرض، ولم يتقدم ذكرها. والعرب تجوز ذلك فى كلمات منها الأرض، تقول: فلان أفضل من عليها، ومنها السماء، تقول: فلان أكرم من تحتها، ومنها الغداة (تقول) : إنها اليوم لباردة. ومنها الأصابع تقول: والذى شقهن خمسا من واحدة، يعنى الأصابع من اليد. وإنما جوزوا ذلك لحصولها بين يدى متكلم وسامع. ولما كان كناية عن غير مذكور لم يزد معه الظهر لئلا يلتبس بالدابة؛ لأن الظهر أكثر ما يستعمل فى الدابة؛ قال صلى الله عليه وسلم: "المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى" وأما فى الملائكة فقد تقدم ذكر الأرض فى قوله:
{أولم يسيروا في الأرض} وبعدها: {ولا في الأرض} فكان كناية عن مذكور سابق، فذكر الظهر حيث لا يلتبس. قال الخطيب: إنما قال فى النحل: {بظلمهم} ولم يقل (على ظهرها) احترازا عن الجمع بين الظاءين؛ لأنها تثقل فى الكلام، وليست لأمة من الأمم سوى العرب. قال: ولم يجئ فى هذه السورة إلا فى سبعة أحرف؛ نحو الظلم والنظر والظل وظل وجهه والظفر والعظم والوعظ، فلم يجمع بينهما فى جملتين معقودتين عقد كلام واحد، وهو لو وجوابه.
قوله: {فأحيا به الأرض بعد موتهآ} وفى العنكبوت: {من بعد موتهآ} وكذلك حذف (من) من قوله: {لكي لا يعلم بعد علم شيئا} وفى الحج {من بعد علم شيئا} فحذف (من) فى قوله: {بعد موتهآ} موافقة لقوله: {بعد علم شيئا} وحذف (من) فى قوله: {بعد علم شيئا} لأنه أجمل الكلام فى هذه السورة، فقال: {والله خلقكم ثم يتوفاكم} وفصله فى الحج فقال: {فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة} إلى قوله: {ومنكم من يتوفى} فاقتضى الإجمال الحذف، والتفصيل الإثبات. فجاء فى كل سورة ما اقتضاه الحال.
قوله: {نسقيكم مما في بطونه} وفى المؤمنين {في بطونها} لأن فى هذه السورة يعود إلى البعض وهو الإناث لأن اللبن لا يكون للكل. فصار تقدير الآية: وإن لكم فى بعض الأنعام، بخلاف ما فى المؤمنين، فإنه لما عطف ما يعود على الكل ولا يقتصر على البعض - وهو قوله: {ولكم فيها منافع كثيرة ومنها تأكلون وعليها} لم يحتمل أن يكون المراد البعض، فأنث حملا على الأنعام، وما قيل: إن (الأنعام) هاهنا بمعنى النعم لأن الألف واللام يلحق الآحاد بالجمع والجمع بالآحاد حسن؛ إلا أن الكلام وقع فى التخصيص. والوجه ما ذكرت. والله أعلم.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 24.15 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 23.52 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.60%)]