عرض مشاركة واحدة
  #853  
قديم 05-01-2022, 05:00 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,262
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (158) وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (159) وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (160) وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (161) فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَظْلِمُونَ (162)
شرح الكلمات:
لا إله إلا هو: أي لا معبود بحق إلا الله.
النبي الأمي: المنبئ عن الله والمنبأ من قبل الله تعالى، والأمي الذي لم يقرأ ولم يكتب. نسبة إلى الأم كأنه ما زال لم يفارق أمه فلم يتعلم بعد.
يؤمن بالله وكلماته: الذي يؤمن بالله رباً وإلهاً، وبكلماته التشريعية والكونية القدريه.
تهتدون: ترشدون إلى طريق كمالكم وسعادتكم في الحياتين.
أمة يهدون بالحق: أي جماعة يهدون أنفسهم وغيرهم بالدين الحق وبه يعدلون في قضائهم وحكمهم على أنفسهم وعلى غيرهم إنصافاً وعدلاً لا جور ولا ظلم.
أسباطاً: جمع سبط: وهو بمعنى القبيلة عند العرب.
استسقاه قومه: أي طلبوا منه الماء لعطشهم.
فانبجست: فانفجرت.
المن والسلوى: المن: حلوى كالعسل تنزل على أوراق الأشجار، والسلوى: طائر لذيذ لحمه.
اسكنوا هذه القرية: هي حاضرة فلسطين.
وقولوا حطة":: أي احطط عنا خطايانا بمعنى الإعلان عن توبتهم.
رجزاً من السماء: أي عذاباً من عند الله تعالى.
معنى الآيات:
بعد الإشادة بالنبي الأمي وبأمته، وقصر الفلاح في الدارين على الذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه قد يظن ظان أن هذا النبي شأنه شأن سائر الأنبياء قبله هو نبي قومه خاصة وما ذكر من الكمال لا يتعدى قومه فرفع هذا الوهم بهذه الآية (158) حيث أمر الله تعالى رسوله أن يعلن عن عموم رسالته بما لا مجال للشك فيه فقال
{قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً} وقوله {الذي له ملك السموات والأرض} وصف لله تعالى وقوله {لا إله إلا هو} تقرير لألوهية الله تعالى بعد ذكر قدرته وسلطانه وملكه وتدبيره لذا وجب أن لا يكون معبود إلا هو وهو كذلك إذ كل معبود غيره هو معبود عن جهل وعناد وظلم. وقوله {فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي} أمر الإله الحق إلى الناس كافة بالإيمان به تعالى رباً وإلهاً، وبرسوله النبي الأمي نبياً ورسولاً، وقوله {الذي يؤمن بالله وكلماته} صفة للنبي الأمي إذ من صفات النبي الأمي محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه يؤمن بالله حق الإيمان وأوفاه ويؤمن بكلماته أي بكلمات الرب التشريعية1 وهي آيات القرآن الكريم، والكونية التي يُكوّن الله بها ما شاء من الأكوان إذ بها يقول للشيء كن فيكون كما قال لعيسى بتلك الكلمة كن فكان عيسى عليه السلام وقوله {واتبعوه لعلكم تهتدون} هذا أمر الله إلى الناس كافة بعد الأمر بالإيمان به وبرسوله النبي الأمي أمر بإتباع نبيه محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجاء هداية2 من يتبعه فيما جاء به فيهتدي إلى سبيل الفوز في الدارين هذا ما تضمنته الآية الأولى (158) أما الآية الثانية (159) فقد تضمنت الإخبار الإلهي بأن قوم موسى وإن ضلوا أو أجرموا وفسقوا ليس معنى ذلك أنه لم يكن فيهم أو بينهم من هم على هدى الله فهذه الآية كانت كالاحتراس من مثل هذا الفهم، إذ أخبر تعالى أن {من قوم موسى أمة} أي جماعة تكثر أو تقل {يهدون بالحق3} أي يعملون بالحق في عقائدهم وعباداتهم ويدعون إلى ذلك وبالحق يعدلون فيما بينهم وبين غيرهم فهم يعيشون على الإنصاف والعدل، ولم يذكر تعالى أين هم ولا متى كانوا هم؟ فلا يبحث ذلك، إذ لا فائدة فيه، ثم عاد السياق إلى قوم موسي يذكر أحداثهم للعظة والاعتبار وتقرير الحق في توحيد الله تعالى وإثبات نبوة رسوله وتقرير عقيدة البعث والجزاء أو اليوم الآخر.
فقال تعالى في الآية الثالثة (160) {وقطعناهم4} أي بني إسرائيل {اثنتى عشرة أسباطاً أمماً} 5 أصل السبط ابن البنت وأريد به هنا أولاد كل سبط من أولاد يعقوب عليه السلام. فالأسباط في بني إسرائيل كالقبائل في العرب كل قبيلة تنتسب إلى أبيها الأول، وأتت لفظ اثنتي عشرة لأن معنى الأسباط الفرق والفرقة مؤنثة، وقوله: {وأوحينا إلى موسى إذا استسقاه قومه} أعلمناه بطريق الوحي وهو الإعلام الخفي السريع، ومعنى {استسقاه} طلبوا منه السقيا لأنهم عطشوا لقلة الماء في صحراء سينا. {أن اضرب بعصاك الحجر} هذا الموحى به، فضرب {فانبجست6} أي انفجرت {منه اثنتا عشرة عيناً} ليشرب كل سبط من عينه الخاصة حتى لا يقع اصطدام أو تدافع فينجم عنه الأذى وقوله تعالى {قد علم كل أناس مشربهم} يريد عرف كل جماعة ماءهم الخاص بهم وقوله تعالى {وظللنا عليهم الغمام وأنزلنا عليهم المن والسلوى} هذا ذكر لإنعامه تعالى على بني إسرائيل وهم في معية موسى وهارون في حادثة التيه، حيث أرسل تعالى الغمام وهو سحاب أبيض بارد يظلهم من الشمس حتى لا تلفحهم، وأنزل عليهم المن7 وهي حلوى كالعسل سقط ليلاً كالطل على الأشجار، وسخر لهم طائراً لذيذ اللحم يقال له السلوى وهو طائر السمانى المعروف وقلنا لهم {كلوا من طيبات ما رزقناكم} وقوله تعالى {وما ظلمونا} بتمردهم على أنبيائهم وعدم طاعتهم8 لربهم حتى نزل بهم ما نزل من البلاء، {ولكن كانوا أنفسهم يظلمون} 9 هذا ما دلت عليه الآية الثانية أما الآية الثالثة (161) فقد تضمنت حادثة بعد أحداث التيه في صحراء سيناء وذلك أن يوشع بن نون بعد أن تولى قيادة بني إسرائيل بعد وفاة موسى وهارون وانقضاء مدة التيه وكانت أربعين سنة غزا يوشع ببني إسرائيل العمالقة في أرض القدس وفتح الله تعالى عليه فقال لبني إسرائيل ادخلوا باب المدينة ساجدين أي منحنين خضوعاً لله وشكراً على نعمة الفتح بعد النصر والنجاة من
التيه، وقوله إثناء دخولكم الباب كلمة {حطة} الدالة على توبتكم واستغفاركم ربكم لذنوبكم فإن الله تعالى يغفر لكم خطئياتكم، وسيزيد الله المحسنين منكم الإنعام والخير الكثير مع رضاه عنكم وإدخالكم الجنة، هذا معنى قوله تعالى {وإذ قيل لهم اسكنوا هذه القرية} أي مدينة فلسطين10 {وكلوا منها حيث شئتم} لما فيها من الخيرات {وقولوا حطة وادخلوا الباب سجداً نغفر لكم خطيئاتكم سنزيد المحسنين} . أما الآية الرابعة (162) فهي قد تضمنت الإخبار عن الذين ظلموا من بني إسرائيل الذين أمروا بدخول القرية ودخول الباب سجداً. حيث بدلوا {قولاً غير الذي قيل لهم} فبدل حطة قالوا حنطة، وبدل الدخول منحنين ساجدين دخلوا يزحفون على أستاههم، فلما رأى تعالى ذلك التمرد والعصيان وعدم الشكران أنزل عليهم وباء من السماء كاد يقضي على آخرهم هذا معنى قوله تعالى {فبدل الذين ظلموا منهم قولاً غير الذي قيل لهم فأرسلنا عليهم رجزاً من السماء بما كانوا يظلمون} .
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1- عموم رسالة النبي محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لكافه الناس عربهم وعجمهم أبيضهم وأصفرهم11.
2- هداية الإنسان فرداً أو جماعة أو أمة إلى الكمال والإسعاد متوقفة على إتباع النبي محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
3- إنصاف القرآن للأمم والجماعات فقد صرح أن في بني إسرائيل أمة قائمة على الحق، وذلك بعد فساد بني إسرائيل، وقبل مبعث النبي الخاتم أما بعد البعثة المحمدية فلم يبق أحد على الحق، إلا من آمن به واتبعه لنسخ سائر الشرائع بشريعته.
4 إذا أنعم الله على عبد أو أمة نعمة ثم لم يشكرها تسلب منه أحب أم كره وكائناً من كان.
__________

1 وبكلماته التنزيلية كالتوراة والإنجيل والزبور.
2 هذا الرجاء بالنسبة إلى المأمورين بالإتباع لا إلى الله تعالى، لأنه بكل شيء عليم وعلى كل شيء قدير.
3 يهدون إلى الله تعالى عباده بواسطة ما شرع لهم وهداهم به من الوحي الذي أنزل على رسله وأنزل به كتبه.
4 التقطيع: الشدة في القطع والمراد به التقسيم إلى اثنتى عشرة فرقة كل فرقة بمنزلة القبيلة العربية حيث تنتسب إلى أبيها الأعلى أي الأوّل.
5 {أمما} بدل من {أسباطاً} وفائدته: الأخبار بأنهم باركهم الله تعالى فأصبح أهل كل سط أمة كاملة والسبط أصله شجر يقال له السبط تعلفه الإبل.
6 أصل الفعل بجس يقال: بجسته أي: شققته فانبجس مطاوع بجس الشيء إذا شقّة.
7 المنّ: مادة بيضاء تنزل من السماء كالطل حلوة الطعم تشبه العسل، وإذ جفّت كانت الصمغ، والسلوى: طائر معروف يقال له السُمَانى بضم السين وفتح النون على وزن حُبَارى.
8 وبعدم شكرهم لهذه النعم أيضاً إذا كفران النعم يسبب زوالها بعقوية تنزل بمن لم يشكر نعم الله تعالى عليه.
9 أي ظلموا أنفسهم فعرضوها للبلاء، أمّا الله تعالى فمحال أن يبلغ العبد ظلمه أو ضرّه. روى مسلم عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قوله: " إنّ الله تعالى قال: يا عبادي إني حرّمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا.. يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني.
10 اسم القرية: أريحا، وكلمة فلسطين عامة في القطر كلّه.
11 عموم الرسالة المحمدية يستوجب القيام بها ودعوة الناس إليها، والمسلمون هم المطالبون بذلك وإلاّ فهم آثمون بتفريطهم وتقصيرهم.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 22.10 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 21.48 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.84%)]