عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 15-12-2021, 09:35 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,201
الدولة : Egypt
افتراضي رد: التجـاوزات الماليـة وعقوبتها في الإسلام

مركز تراث للبحوث والدراسات - التجـاوزات الماليـة وعقوبتها في الإسلام (2)


د. حماد عبدالجليل البريدي



حظي المال بمكانة رفيعة في الإسلام؛ حيث وصفه الله -تعالى- بأنه زينة الحياة الدنيا، مساويًا بينه، وبين نعمة الذرية، قال الله -تعالى-: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}، ووصف الله -عز وجل- المال بأنه قوام الحياة فقال: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا}، قال ابن كثير: «يَنْهَى -تعالى- عَنْ تَمْكين السُّفَهَاءِ مِنَ التَّصَرُّفِ فِي الْأَمْوَالِ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ لِلنَّاسِ قِيَامًا، أَيْ: تَقُومُ بِهَا مَعَايِشُهُمْ مِنَ التِّجَارَاتِ وَغَيْرِهَا»، ولم يتوقف اهتمام الإسلام بقضية المال بعدِّه مقصدًا من مقاصد الشريعة الإسلامية الضرورية التي لا تقوم الحياة ولا تستقيم إلا بها، بل وضع من التشريعات ما يضبط وسائل إيجاد المال وتحصيله من الانحراف، وما يحفظ بقاء المال واستمراره من التعدي أو الضياع.
ونظرًا لأهمية هذا الموضوع فقد بدأنا في العدد الماضي سلسلة بعنوان: (التجاوزات المالية وعقوبتها في الإسلام)، وذكرنا ما يتعلق بالمال وحقيقته، وكيف أنه فتنة حذر منها القرآن الكريم والسنة النبوية، وكذلك طلب المال والحرص عليه، وأحوال الناس مع المال في هذه الأيام، واليوم نستكمل ما بدأناه.
خيرية المال وشره ليست لذاته
قال ابن حجر: «إن خيرية المال وشره ليست لذاته بل بحسب ما يتعلق به، وإن كان يسمى خيراً في الجملة، وكذلك صاحب المال الكثير ليس غنيا لذاته بل بحسب تصرفه فيه، فإن كان في نفسه غنيا لم يتوقف في صرفه في الواجبات والمستحبات من وجوه البر والقربات، وإن كان في نفسه فقيرا أمسكه وامتنع من بذله فيما أمر به خشية من نفاده، فهو في الحقيقة فقير صورة ومعنى وإن كان المال تحت يده لكونه لا ينتفع به لا في الدنيا ولا في الأخرى بل ربما كان وبالا عليه».
وقال ابن بطال: «معنى الحديث ليس حقيقة الغنى كثرة المال؛ لأن كثيرا ممن وسع الله عليه في المال لا يقنع بما أوتي فهو يجتهد في الازدياد ولا يبالي من أين يأتيه، فكأنه فقير لشدة حرصه، وإنما حقيقة الغنى غنى النفس، وهو من استغنى بما أوتي وقنع به ورضي ولم يحرص على الازدياد ولا ألح في الطلب فكأنه غني».
أصول المعاملات المالية المحرمة في الإسلام
اجتهد علماء الإسلام وفقهاؤه في جمع الأصول وتحديدها، التي ترجع إليها المعاملات المالية المحرمة في الشريعة الإسلامية، قال ابن العربي المالكي -رحمه الله-: «قواعد المعاملات أربع، أكل المال بالباطل، والربا، والغرر..»، وقال ابن رشد المالكي -رحمه الله-: «أصول فساد البيوع: الربا، والغرر، والشروط المحرمة إما تؤول إلى أحدهما، أو مجموعهما»، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: «أكل المال بالباطل في المعاوضة نوعان: ذكرهما الله في كتابه وهما: الربا والميسر، ثم إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصل ما جمعه الله في كتابه، فنهى عن بيع الغرر».
خطورة المعاملات المحرمة
ولا شك في خطورة المعاملات المحرمة ومكاسبها، على دين المسلم، وصلاح دنياه وآخرته، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «يَا كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ، إِنَّهُ لَا يَرْبُو لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ إِلَّا كَانَتِ النَّارُ أَوْلَى بِهِ»، والسحت هو المال الحرام، وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ جَسَدٌ غُذِّيَ بالحرَامِ».
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: «الطَّعَامَ يُخَالِطُ الْبَدَنَ وَيُمَازِجُهُ وَيَنْبُتُ مِنْهُ فَيَصِيرُ مَادَّةً وَعُنْصُرًا لَهُ، فَإِذَا كَانَ خَبِيثًا صَارَ الْبَدَنُ خَبِيثًا فَيَسْتَوْجِبُ النَّارَ؛ وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «كُلُّ جِسْمٍ نَبَتَ مَنْ سُحْتٍ فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ»، وَالْجَنَّةُ طَيِّبَةٌ لَا يَدْخُلُهَا إلَّا طَيِّبٌ».
وعلى ذلك فكل معاملة اشتملت على ربًا أو ظلم أو جهالة فهي محرمة بكتاب الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والأصل العام في المعاملات أن: كل فجوة في المعاملات تجلب نزاعاً، وخلافاً بين الطرفين، فالواجب سدها، لأن الشريعة جاءت بالمطالبة بتعميق الأخوة الإسلامية، والبقاء عليها صافية نقية، حتى نكون إخواناً متحابين لا متنافرين، ولا متنابذين ولا متدابرين.
صور من التجاوزات المالية المحرمة في الإسلام
ونستعرض بعضًا من صور المعاملات المالية التي يحرمها الإسلام وهي كالتالي:
أولاً : منع الزكاة
فرض الإسلام الزكاة وجعلها ركناً من أركانه؛ بحيث يكفر جاحدها ويفسق مانعها، ويقاتل من يتحدى الجماعة المسلمة ويستخف بها، وقد جهز أبو بكر - رضي الله عنه - جيشاً مؤلفاً من أحد عشر لواءً لقتال مانعي الزكاة، وسوّى بينه وبين المرتد عن الإسلام في وجوب قتاله، والزكاة هي الركن الثالث من أركان الإسلام، وهي أحد مبانيه التي لا يقوم إلا بها كما جاء في الحديث عن عَنِ ابْنِ عُمَرَ، -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ».
وقرنها الله -عز وجل- بالصلاة في مواضع كثيرة في كتابه الكريم، وهذا يدل على عظم مكانتها عند الله -عز وجل-، وعظم شأنها، قال الله -تعالى-: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ}، وقال -تعالى-: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ}.
مقياس بقاء الأخوة الإيمانية
وجعلها والصلاة مقياس بقاء الأخوة الإيمانية فقال: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ}، وهي وصية الله -عز وجل- للأنبياء والمرسلين، وقال سبحانه في قول عيسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام: {وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً}، وقال -عز وجل- في مدح إسماعيل - صلى الله عليه وسلم -: {وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيّاً}.
عناية السنة بالزكاة
واعتنت سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - بالزكاة عناية دقيقة فائقة، وهذا يدل على علو شأن الزكاة ومنزلتها العظيمة في الإسلام، فقد جاءت الأحاديث الصحيحة الكثيرة في العناية بالزكاة، والأمر بإخراجها، وبيان وجوبها، وإثم تاركها، وقتال من منعها، وبيان أصناف الأموال الزكوية: من بهيمة الأنعام، والذهب والفضة، وعروض التجارة، والخارج من الأرض: كالثمار، والحبوب وغير ذلك: كالمعدن والركاز، وأوضحت النصب ومقاديرها، وبينت السنة أحكام الزكاة بالتفصيل، وكذلك اعتنت السنة المطهرة ببيان أصناف أهل الزكاة الثمانية، وقد ذكر الإمام ابن الأثير أكثر من مائة وعشرة أحاديث في الزكاة، وهي أكثر من ذلك في المصنفات الحديثية، وهذا كله يدل على عظم شأن الزكاة وعلو منزلتها في الإسلام.
عدالة الزكاة في الإسلام
ومع حرص الإسلام على مصلحة الفقير فإن حرصه على عدالة الزكاة أشد، فقد جعل مقياس التقدير للنصاب الواجب هو مقدار ما يبذله الإنسان من مجهود في الحصول على المال: فإذا جاء المال بسهولة - نسبية - ووضح فيه الجانب السماوي كان الواجب كبيراً، ويقل المقدار الواجب كلما زاد عمل الإنسان للحصول على الكسب، فقد فرض الإسلام 20% (أي الخمس في المعادن والكنوز المدفونة في الأرض و 10% (العشر) في الزرع الذي يروى بماء المطر طول العام أو أكثره، ويقل المقدار إلى 5% فيما يسقى بالمجهود الإنساني، أما المال المحفوظ، وعروض التجارة، فالواجب فيها 2.5% (ربع العشر) أي دينار في كل أربعين ديناراً، شريطة بلوغ النصاب.
حق المجتمع
وعندما فرض الإسلام الزكاة راعى جانب المجتمع والجماعة المسلمة؛ فإن صاحب المال قد حصل على ماله بمجهوده ومشاركة الجماعة، فقد اشترى منهم، وباع لهم، وقدموا له الخدمات، وحافظوا له على ماله من السرقة، وأَمَّنوا حياتَه من الضياع، فلو عاد بعض المال على الجماعة في صورة خدمات ومساعدات فهذا حقهم، وهذه أيضاً من عدل الإسلام في أموال الناس، ومن حكم الله -عز وجل- في فرض الزكاة.
الزكاة عبادة لله
ولا شك أيضاً أن الزكاة ليست ضريبة يؤديها المسلم إلى الدولة راضياً أو كارهاً. لا، إنها عبادة لله -عز وجل-، ولله في أموالنا حق التصرف المطلق، إن الله -عز وجل- هو الذي أنبت الزرع، كما قال -تعالى-: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (63) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ}، والله هو المنعم بالآلات، والعقل المفكر، والقوة المجاهدة، والأنعام المسخرة، فلله ما أعطى، ولله ما أخذ، وهو فعال لما يريد، فإن الإسلام لا يقبل أن تكون الزكاة مَغرماً يدفعها المسلم وهو كاره، والله -عز وجل- بين أن من علامات المنافقين {وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ}.
علوِّ منزلة الزكاة
ويدل على علوِّ منزلة الزكاة أن من منعها يقاتل؛ لحديث ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّ الإِسْلاَمِ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ».
تحذير النبي - صلى الله عليه وسلم- من منع الزكاة
وحذر النبي - صلى الله عليه وسلم- من منعها وبين أن مانعها متعرض لعقاب الله وعذابه يوم القيامة، فقال: «مَا مِنْ صَاحِبِ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ، لَا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا، إِلَّا إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، صُفِّحَتْ لَهُ صَفَائِحُ مِنْ نَارٍ، فَأُحْمِيَ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ، فَيُكْوَى بِهَا جَنْبُهُ وَجَبِينُهُ وَظَهْرُهُ، كُلَّمَا بَرَدَتْ أُعِيدَتْ لَهُ، فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ الْعِبَادِ، فَيَرَى سَبِيلَهُ، إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِمَّا إِلَى النَّارِ»
قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَالْإِبِلُ؟ قَالَ: «وَلَا صَاحِبُ إِبِلٍ لَا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا، وَمِنْ حَقِّهَا حَلَبُهَا يَوْمَ وِرْدِهَا، إِلَّا إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، بُطِحَ لَهَا بِقَاعٍ قَرْقَرٍ، أَوْفَرَ مَا كَانَتْ، لَا يَفْقِدُ مِنْهَا فَصِيلًا وَاحِدًا، تَطَؤُهُ بِأَخْفَافِهَا وَتَعَضُّهُ بِأَفْوَاهِهَا، كُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ أُولَاهَا رُدَّ عَلَيْهِ أُخْرَاهَا، فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ الْعِبَادِ، فَيَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِمَّا إِلَى النَّارِ»
قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ؟ قَالَ: «وَلَا صَاحِبُ بَقَرٍ، وَلَا غَنَمٍ، لَا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا، إِلَّا إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ بُطِحَ لَهَا بِقَاعٍ قَرْقَرٍ، لَا يَفْقِدُ مِنْهَا شَيْئًا، لَيْسَ فِيهَا عَقْصَاءُ، وَلَا جَلْحَاءُ، وَلَا عَضْبَاءُ تَنْطَحُهُ بِقُرُونِهَا وَتَطَؤُهُ بِأَظْلَافِهَا، كُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ أُولَاهَا رُدَّ عَلَيْهِ أُخْرَاهَا، فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ الْعِبَادِ، فَيَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِمَّا إِلَى النَّارِ».
حكم مانع الزكاة
وأما حكم مانعها ففيه خلاف مشهور بين أهل العلم، مع إجماعهم على كفر من جحدها، قال شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز -رحمه الله-: «... في حكم تارك الزكاة تفصيل، فإن كان تركها جحداً لوجوبها مع توافر شروط وجوبها عليه كفر بذلك إجماعاً، ولو زكَّى مادام جاحداً لوجوبها، أما إن تركها بخلاً أو تكاسلاً، فإنه يعد بذلك فاسقاً، قد ارتكب كبيرة عظيمة من كبائر الذنوب «. وقال العلامة محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله- : «من أنكر وجوبها فقد كفر إلا أن يكون حديث عهد بإسلام، أو ناشئا في بادية بعيدة عن العلم وأهله فيعذر، ولكنه يعلَّم، وإن أصر بعد علمه فقد كفر مرتدًّا، وأما من منعها بخلاً وتهاوناً ففيه خلاف بين أهل العلم: فمنهم من قال: إنه يكفر، وهو إحدى الروايتين عن الإمام أحمد، ومنهم من قال: إنه لا يكفر، وهذا هو الصحيح، ولكنه قد أتى كبيرة عظيمة، والدليل على أنه لا يكفر حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - وفيه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكر عقوبة مانع زكاة الذهب والفضة، ثم قال: «حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ الْعِبَادِ، فَيَرَى سَبِيلَهُ، إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِمَّا إِلَى النَّارِ».

وإذا كان يمكن أن يرى له سبيلاً إلى الجنة؛ فإنه ليس بكافر؛ لأن الكافر لا يمكن أن يرى سبيلاً له إلى الجنة، ولكن على مانعها من الإثم العظيم ما ذكره الله -تعالى».
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 26.37 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 25.74 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.38%)]