عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 12-11-2021, 06:04 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,773
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الشهادة في سبيل الله: أمنية غالية ومنزلة عالية

وهذا حنظلة بن أبي عامر: كان حنظلة قد ألمَّ بأهله حين خروجه إلى أُحد، ثم هجم عليه الخروج في النَّفير فأنساه الغسل أو أعجله، فلما قُتل شهيدًا، أخبر رسول الله أصحابه أن الملائكة غسَّلته؛ فسمِّي غَسِيل الملائكة.

فعن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله قال لامرأة حنظلة: ((مَا كَانَ شَأْنُهُ؟))، قالت: خرج وهو جُنُبٌ حين سمع الهاتفة، فقال رسول الله: ((لِذَلِكَ غَسَّلَتْهُ الْمَلَائِكَةُ))، فقد خرج في صبيحة عرسه وهو جنب، فلقي ربَّه شهيدًا.

وصدق من قال:
أهل الشهادة في الآثار قد أَمِنوا
من فتنةٍ وابتلاءاتٍ إذا قُبِرُوا
ويوم يُنفخ صور ليس يزعجهم
والناس قائمةٌ من هوله ذُعِرُوا
وما سوى الدَّيْنِ من ذنب وسيئةٍ
على الشهيد فعند الله مغتفَرُ
أرواحهم في عُلا الجنات سارحةٌ
تأوي القناديل تحت العرش تزدهرُ
وحيث شاءت من الجنات تحملها
طير مغرِّدةٌ ألوانها خضرُ
إن الشهيد شفيع في قرابته
سبعين منهم كما في مسندٍ حصر
والترمذي أتى باللفظ في سنن
وفي كتاب أبي داود معتبرُ
مع ابن ماجة والمقدام ناقله
في ضمن ست خصال ساقها الخبرُ
ما كل من طلب العلياء نائلها
إن الشهادة مجدٌ دونه حفرُ
وقد تردد في الأمثال من زمن
لا يبلغ المجد حتى يلعق الصَِّبُر
ربي اشترى أنفسًا ممن يجود بها
نعم المبيع ورب العرش ما خسروا


أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم.

الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان، ولك الحمد أن جعلتنا من أمَّة محمد عليه الصلاة والسلام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:
أيها الكرماء الأجلاء عباد الله: ولا يظنَّ ظان أن الشهيد هو من قُتل في ساحات الوغى فحسب؛ فقد شرحت السنة وفسَّرت في أنواعها، فليس قيد في الشهادة والشهيد أن يكون قتيلًا على أيدي الكفار في معركة حربية معه، فقد أخبر النبي صلي الله عليه وسلم جملة من الشهداء.

قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَا تَعُدُّونَ الشَّهِيدَ فِيكُمْ؟))، قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، قَالَ: ((إِنَّ شُهَدَاءَ أُمَّتِي إِذًا لَقَلِيلٌ))، قَالُوا: فَمَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: ((مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ مَاتَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ مَاتَ فِي الطَّاعُونِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ مَاتَ فِي الْبَطْنِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَالْغَرِيقُ شَهِيدٌ)(رواه مسلم).

وقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((الشَّهَادَةُ سَبْعٌ سِوَى الْقَتْلِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ: الْمَطْعُونُ شَهِيدٌ، وَالْغَرِقُ شَهِيدٌ، وَصَاحِبُ ذَاتِ الْجَنْبِ شَهِيدٌ، وَالْمَبْطُونُ شَهِيدٌ، وَصَاحِبُ الْحَرِيقِ شَهِيدٌ، وَالَّذِي يَمُوتُ تَحْتَ الْهَدْمِ شَهِيدٌ، وَالْمَرْأَةُ تَمُوتُ بِجُمْعٍ شَهِيدٌ)(رواه أبو داود).

وعند الترمذي عن سعيد بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن قُتِل دون ماله فهو شهيد، ومَن قُتل دون دمه فهو شهيد، ومن قُتل دون أهله فهو شهيد)).

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ جَاءَ رَجُلٌ يُرِيدُ أَخْذَ مَالِي؟ قَالَ: ((فَلا تُعْطِهِ مَالَكَ))، قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَاتَلَنِي؟ قَالَ: ((قَاتِلْهُ))، قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلَنِي؟ قَالَ: ((فَأَنْتَ شَهِيدٌ))، قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلْتُهُ؟ قَالَ: ((هُوَ فِي النَّارِ)(رواه مسلم).

وعن سويد بن مقرن رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: ((مَنْ قُتِلَ دُونَ مَظْلَمَتِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ)(رواه النسائي).

وجاء في الموسوعة الفقهية: "ذهب الفقهاء أن للظلم أثرًا في الحكم على المقتول أنه شهيد، ويقصد به غير شهيد المعركة مع الكفار، ومن صور القتل ظلمًا: قتيل اللصوص، والبغاة، وقطاع الطرق، ومن قُتل مدافعًا عن نفسه، أو ماله، أو عن المسلمين، أو عن أهل الذمة، أو من قُتل دون مظلمة، أو دمه، أو دينه، أو أهله، أو مات في السجن وقد حُبس ظلمًا، وأولئك كما ذهب جمهور الفقهاء لهم وصف الشهادة في الدنيا، ونحسبهم كذلك في الآخرة، دون قطع أو إيجاب على الله تعالى، إلا إنهم كما قال صاحب كتاب فقه السنة: "فقد أطلق الشرع عليهم لفظ الشهداء، وهؤلاء يغسلون ويصلى عليهم"، فمن جمعت له هذه الأوصاف أو وصف منها فهو شهيد في مصر أو في أي بلد من البلاد، متى كان مسلما موحدًا للمولى تبارك وتعالى… والله تعالى أعلى وأعلم".

فأبشروا وأمِّلوا، واطمعوا في فضل ربكم؛ فلقد ثبت في صحيح مسلم أن سَهْلَ بْنَ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ، بَلَّغَهُ اللَّهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ)).

أعمال تعدل الشهادة والجهاد في سبيل الله:
أيها المسلمون: إن من رحمة الله تعالى بعباده أنْ أهدى لهذه الأمَّةِ أعمالًا سهلة يسيرة، ولكن ثوابها يعدل ثواب المجاهد الشهيد في سبيل الله، ولا ننسَ أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الجميع بالدعاء بالفردوس الأعلى من الجنة والتي أعدَّها الله للمجاهدين في سبيله، ومن هذه الأعمال ما يلي:

السعي على خدمة الأرملة والمسكين:
روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله، أو القائم الليل الصائم النهار))؛ رواه البخاري.

بر الوالدين:
روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه يستأذنه في الجهاد فقال: ((أحي والداك؟))، قال: نعم، قال: ((ففيهما فجاهد))؛ رواه البخاري.

العمل الصالح في عشر ذي الحجة:
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من أيام العملُ الصالح فيهن أحبُّ إلى الله من هذه الأيام العشر))، فقالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء))؛ رواه أحمد والبخاري والترمذي واللفظ للترمذي.

العمل على الصدقة:
روى رافع بن خديج رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((العامل في الصدقة بالحق لوجه الله عز وجل كالغازي في سبيل الله عز وجل حتى يرجع إلى أهله))؛ رواه أحمد.

العمل والتكسب لإعفاف النفس والعيال وبر الوالدين:
مرَّ رجل على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فرأى الصحابة جدَّه ونشاطه، فقالوا: يا رسول الله، لو كان هذا في سبيل الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن كان خرج يسعى على ولده صغارًا فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على نفسه يَعُفُّها فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى رياءً ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان))؛ رواه الطبراني.

الحج والعمرة:
جاء عن الشفاء رضي الله عنه أنها قالت: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أريد الجهاد في سبيل الله، فقال: ((ألا أدلُّك على جهاد لا شوكة فيه؟ حجُّ البيت))؛ رواه الطبراني وصححه الألباني.

وروى الحسين بن علي رضي الله عنهما أن رجلًا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني جبان وإني ضعيف، فقال: ((هلم إلى جهاد لا شوكة فيه: الحج))؛ رواه الطبراني وصححه الألباني.

مجاهدة النفس:
روى أبو ذر الغفاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أفضل الجهاد أن يجاهد الرجل نفسَه وهواه))؛ رواه ابن النجار وصححه الألباني.

روى فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المجاهد من جاهد نفسه في الله))؛ رواه أحمد.

التمسك بالسنة زمن الفتن:
روى عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن من ورائكم زمانَ صبر، للمتمسك فيه أجرُ خمسين شهيدًا منكم))؛ رواه الطبراني.

قول الحق عند سلطان جائر:
روى جابر بن عبدالله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((سيد الشهداء حمزة بن عبدالمطلب، ورجلٌ قام إلى إمام جائر فأمَرَه ونهاه فقتَله))؛ رواه الحاكم وحسنه الألباني.

طلب العلم أو تعلمه في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من جاء مسجدي هذا، لم يأتِه إلا لخير يتعلمه أو يعلمه، فهو في منزلة المجاهد في سبيل الله، ومن جاءه لغير ذلك فهو بمنزلة الرجل ينظر إلى متاع غيره))؛ رواه الحاكم وصححه الألباني.

وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ خَرَجَ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ، كَانَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى يَرْجِعَ))؛ رواه الترمذي.


انتظار الصلاة بعد الصلاة:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا أدلُّكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفعُ به الدرجات؟))، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ((إسباغُ الوضوء على المكاره، وكثرةُ الخُطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط))؛ رواه مسلم.


بارَك الله لي ولكُم في القُرآن العظيم، ونفَعَنا جميعًا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستَغفِر اللهَ العظيم الجليل لي ولكم من كلِّ ذنبٍ، فاستغفروه يغفر لكم إنَّه هو الغفور الرحيم. وأقم الصلاة.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 28.16 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 27.53 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.23%)]