عرض مشاركة واحدة
  #758  
قديم 17-09-2021, 02:12 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,201
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )



تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة الانعام
الحلقة (387)
تفسير سورة الأنعام (20)

أظلم الناس الذي يفتري على الله الكذب ويزعم أنه نبي يوحى إليه من عند الله، وهؤلاء الظالمون وكل ظالم عداهم إذا حانت ساعتهم، واقترب أجلهم، وكانوا في غمرات الموت جاءهم ملك الموت وأعوانه لينتزعوا أرواحهم، وهم أثناء ذلك يبكتونهم ويطلبون منهم إخراج أرواحهم ويتوعدونهم بالعذاب الأليم عند انتزاع الروح، والعذاب الأشد إيلاماً منه الذي ينتظرهم في الآخرة بسبب تكذيبهم وإعراضهم عن دين الله، واستغنائهم بما رزقهم الله عز وجل إياه في الدنيا من النعيم الزائل.
تفسير قوله تعالى: (ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء ...)
الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
ثم أما بعد:
أيها الأبناء والإخوة المستمعون، ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة واللتين بعدها ندرس كتاب الله عز وجل، رجاء أن نفوز بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود، إذ قال صلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده ).
وها نحن نستمع إلى آياتنا التي نتدارسها مرتلة مجودة أولاً، ثم نشرح ونبين مراد الله تعالى لنا منها.
مداخلة: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ * وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُمْ مَا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ )[الأنعام:93-94]. ‏
عظم ظلم مفتري الكذب على الله ومدعي النبوة ومدعي القدرة على المجيء بمثل ما أنزل الله تعالى
معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! ما زلنا مع سورة الأنعام المكية، فقول ربنا جل ذكره: ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ )[الأنعام:93] والله لا أظلم منه، لا أظلم ممن يكذب على الله، ويقول: أمر الله أو نهى الله والله لم يأمر ولم ينه، أو يقول: حرم الله أو أحل الله والله لم يحرم ولم يحل، أو يقول: أرسلني ربي إليكم رسولاً والله ما أرسله، أو يقول: إني أشفع لكم عند الله يوم القيامة والله ما شفّعه، أو يقول: لله شريك، أو لله شفيع، أو لله ولد، وينسب إلى الله تعالى من الأسماء والصفات ما الله تعالى منه بريء، هذا لا أظلم منه، وشأنه شأن المشرك بالله، المتخذ شريكاً لله يعبده مع الله، فقد افترى على الله أعظم الافتراء.(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا )[الأنعام:93] أولاً، ( أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ )[الأنعام:93]، يقول: أوحى الله إلي بكذا وكذا، وأنا نبي الله، وهذه الدعوى وجدت على عهد رسول الله في آخر حياته، فادعى كثيرون النبوة والرسالة على رأسهم مسيلمة الكذاب، والأسود وفلان وفلان، وهي قائمة وباقية.
ما هناك أظلم ممن يدعي النبوة ويقول: إني يوحى إلي وأُعلَّم من طريق الله بما لم يُعَلِّمه الله، فأغلق الله تعالى هذا الباب، باب الدخول بدعوى أني نبي أو فلان يوحى إليه، هذا الباب مغلق، فإنه من أعظم الأبواب؛ إذ هو افتراء على الله وكذب للتضليل وإفساد البشرية.
(وَمَنْ أَظْلَمُ )[الأنعام:93] أي: لا أحد، فالاستفهام للنفي، ( مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا )[الأنعام:93] فكذب على الله وقال: أمرني، أعطاني، أوحى إلي. ( أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ )[الأنعام:93].
ثالثاً: ( وَمَنْ قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ )[الأنعام:93] هذه مثلها.
فهذه ثلاثة افتراءات كلها شر، ولا يرضى ذو عقل لنفسه أن يتصف بواحدة منها.
إذاً: فكيف يردون على رسول الله دعواه النبوة والرسالة وأن القرآن ينزل عليه؟ لو كان الرسول صلى الله عليه وسلم ما أوحي إليه ولا أرسل لما كان سيجرؤ على أن يقول هذا، وهذا جزاء المفترين على الله الكاذبين عليه.
هكذا يقول تعالى: ( وَمَنْ قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ )[الأنعام:93]، النضر بن الحارث قال: نستطيع أن نأتي بمثل هذا القرآن، ولو شئنا لأتينا بمثله، وكلها ادعاءات باطلة وافتراءات مردودة، والله لا يستطيع أحد أن يأتي بآية واحدة، وتحداهم الله أن يأتوا بآية فما استطاعوا؛ إذ قال تعالى: ( وَإِنْ كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ )[البقرة:23].
معنى قوله تعالى: (ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطو أيديهم أخرجوا أنفسكم)
ثم قال تعالى: ( وَلَوْ تَرَى )[الأنعام:93] أيها السامع ( إِذِ الظَّالِمُونَ )[الأنعام:93] وهم الكاذبون على الله، المفترون عليه، المتجاوزون لحدوده، المحققون للباطل، المبطلون للحق؛ إذ كل هؤلاء ظلمة، إذ حقيقة الظلم: وضع الشيء في غير موضعه، فالذي يقول: فلان نبي فقد وضع النبوة في غير موضعها، والذي يقول: أنا نبي فكذلك.(وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ )[الأنعام:93] المشركون، المفترون على الله، الكاذبون عليه، المدعون النبوة، المدعون الوحي.. وما إلى ذلك، هؤلاء الظالمون لأنفسهم لو تراهم وهم ( فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ )[الأنعام:93]، والغمرات: جمع غمرة، غمره الماء: غطاه، غمره الحزن والكرب: غشيه وغطاه، غمرات الموت لا تعرفها إلا إذا حضرت من هو في سكرات الموت، لما تتجلى لك تلك الغمرة، يفيق لحظة ويغمى عليه لحظات.
(وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ )[الأنعام:93] حولهم، ملك الموت وأعوانه ( بَاسِطُوا أَيْدِيهِمْ )[الأنعام:93] لضربهم، ولو ترى لرأيت أمراً فظيعاً فيغمى عليك وما تقوى على أن تشاهده، والملائكة المراد بهم هنا: ملك الموت وأعوانه.
(بَاسِطُوا أَيْدِيهِمْ )[الأنعام:93] بالضرب على وجوههم، ( أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمُ )[الأنعام:93]، والروح إذا شاهدت ملك الموت وكانت في الحلقوم ترجع إلى الأقدام، وتعود إلى كل جزء من أجزاء الجسم خوفاً من ملك الموت، وهذا ليس من باب التهويل، والله إنه لهو الواقع، هذا جزاء الظالمين، لو رأيت لرأيت أمراً عجباً وحالة أفظع.
العذاب الأليم جزاء الظالمين لاستكبارهم وافترائهم على الله تعالى
(وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ )[الأنعام:93] عذاب الذل والحقار والصغار والذل والدون، ( الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ )[الأنعام:93] بسبب ما كنتم تقولون وتفعلون من أنواع الشر والباطل والظلم والفساد، ( بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ )[الأنعام:93] أولاً، ( وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ )[الأنعام:93] لا تصغون ولا تسمعون، لا تقبلون من يقولها، لا تعملون بها، بل تترفعون حتى لا تسمعوا كلام الله وما يحويه من الهدى والنور لعباد الله. فهل عينوا لهم الجريمة أم لا؟ قال تعالى: ( بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ) كنسبة الولد إلى الله وكنسبة الزوجة إليه تعالى، أليس هذا ظلماً؟ بلى. فالذي ينسب إليه مخلوقاً من مخلوقاته ويقول: هذا شريكه.. هذا شفيع عند الله أما كذب على الله؟ كالذي يدعي الوحي وأنه يوحى إليه، فهو كاذب على الله.
(بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ )[الأنعام:93] أولاً، ( وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ )[الأنعام:93]، آيات الله القرآنية التي تحمل شرائعه، كانوا إذا سمعوا الرسول صلى الله عليه وسلم يقرأ يتكبرون، إذا قيل لهم: قال الله كذا يتكبرون ويستكبرون، ولا يذعنون ولا يقبلون الحق، ولا يريدونه.

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 30.30 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 29.67 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.07%)]