
26-08-2021, 05:28 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,551
الدولة :
|
|
رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة الانعام
الحلقة (380)
تفسير سورة الأنعام (13)
من أحبه الله من عباده وفقه للإيمان، ويسر له طريق الهداية والرشاد، فالواجب في حقه أن يعرض عمن يريدون له أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه، والعاقل لا يستبدل سبل الشياطين بسبيل الهدى الذي أرشده إليه رب العالمين، بل يقيم على طاعة الله عز وجل، وأداء العبادات، وترك المعاصي والسيئات، ما امتدت به الحياة، حتى يحشر إلى ربه يوم القيامة راضياً مرضياً.
تفسير قوله تعالى: (قل أندعو من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا ...)
الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة.
ثم أما بعد:
أيها الأبناء والإخوة المستمعون، ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة والتي بعدها ندرس كتاب الله عز وجل؛ رجاء أن نفوز بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود؛ إذ قال فداه أبي وأمي وصلى الله عليه وسلم، قال: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم؛ إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده ).
هذا ولنذكر أننا مع سورة الأنعام المكية المباركة الميمونة، تلك السورة التي زفت بسبعين ألف ملك ولهم زجل وتسبيح، ونحن مع الآيات الثلاث التي سنسمع -إن شاء الله- تلاوتها مجودة مرتلة من أحد الأبناء، ثم نأخذ في تدبرها وشرحها وفهم مراد الله منها، رجاء أن نعلم فنعمل.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. ( قُلْ أَنَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنفَعُنَا وَلا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ * وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ * وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ )[الأنعام:71-73].
معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! قول ربنا جل ذكره: ( قُلْ أَنَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنفَعُنَا وَلا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ )[الأنعام:71]، من الآمر؟ إنه الله. من المأمور؟ رسول الله، ( قُلْ )[الأنعام:71] يا رسولنا لهؤلاء المشركين الكافرين، الذين يحاولون أن يردوكم عن دينكم.
محاولة المشركين صرف المسلمين عن عبادة الله تعالى إلى عبادة أوثانهم
وهنا أذكركم بأن سورة الكافرون التي بين سورتي الكوثر والنصر، سورة: ( قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ )[الكافرون:1] نزلت بشأن رغبة المشركين؛ إذ قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم والجماعة المؤمنة معه: اعبدوا معنا آلهتنا سنة ونعبد معكم إلهكم سنة! عرض رخيص، ولولا حماية الله فلربما قبل، لم؟ قد نقول: هم ما عرفوا الله، لكن إذا عبدوه معنا سوف يعرفون ويؤمنون ويستقيمون، ولكن الله عز وجل لم يرض ذلك، وأنزل على رسوله قوله: ( قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدتُّمْ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ )[الكافرون:1-6]، فكان فيصلاً، أيأسهم وقطع آمالهم والحمد لله. وهذا التأكيد الظاهر في التكرار لييأسوا، ومع هذا أخذوا أيضاً يخلون ببعض المؤمنين ويعرضون عليهم:لم الاستمرار في هذا الدين الجديد، وها أنت في كرب، وأنت في كذا، لم تعدلون عن دين آبائكم وأجدادكم؟
وأنتم تعرفون السياسة وتعرفون أصحاب الأهواء والأطماع، الآن تعرفهم في كل مكان بأساليب خاصة، فأنزل الله تعالى على رسوله قوله: ( قُلْ )[الأنعام:71] يا رسولنا ( أَنَدْعُوا )[الأنعام:71]، أنعبد، ( مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنفَعُنَا وَلا يَضُرُّنَا )[الأنعام:71]، والاستفهام للإنكار، كيف يكون هذا؟ ( أَنَدْعُوا )[الأنعام:71]، بمعنى: أنعبد، لأن الدعاء هو العبادة، ما كانوا يصومون ولا يصلون للآلهة، ولكن كانوا يعبدونها بدعائها، والاستغاثة بها، والاستعاذة بها، وذبح القربان لها، والحلف بها، هذه هي مظاهر العبادة، والدعاء يشملها، فلهذا من دعا غير الله كفر، لم يبق له حظ في الإسلام، ولم ندعو غير الله؟ هل الذي ندعوه يجيب دعاءنا؟ هل يفرج كربنا؟ هل يقضي حوائجنا؟ هل سيدفع الضرر عنا؟ هل سيجلب الخير؟ لا؛ لأنه لا يملك لنفسه ولا لنا شيئاً.
على سبيل المثال: عيسى بن مريم روح الله وكلمته، لو وقفت ألف سنة تقول: يا ابن مريم، يا روح الله، يا عيسى! امرأتي بها كذا.. أنا مصاب بكذا وكذا؛ فوالله ما استجاب لك، ولا سمع دعاءك ولا عرف حاجتك، ولا يقوى على أن يعطيك شيئاً، فكيف بالأولياء والصالحين الذين ألهتهم هذه الأمة أيام جهلها وظلمة نفوسها؟!
آثار الجهل الناشئ عن انصراف المسلمين عن هدي القرآن الكريم
هذه الآية ما كانوا يقرءونها، لو اجتمعوا عليها اجتماعنا هذا وقرءوها والله ما دعوا عبد القادر ولا العيدروس ولا البدوي ولا فاطمة ، ولا الحسين أبداً، لكن القرآن يقرءونه على الموتى، لا يجتمعون عليه ليتفكروا ويتدبروا ويعرفوا مراد الله من كلامه وما أراده منهم وما طلبه لهم، فكيف يعلمون؟ هل سيوحى إليهم؟ فعلتنا أنهم صرفونا عن القرآن، لا بالحديد والنار، ولكن بالسحر والباطل والكلام، فما أصبح اثنان يجتمعان على آية يتدبرانها، ولا على سورة يفهمان مراد الله منها، فعم الجهل والظلام وأصبحنا كالمشركين، وقد ظهرت لنا مظاهر كان المشركون خيراً منا فيها، فالمشركون -عليهم لعائن الله- كانوا إذا كانوا في الشدة لا يفزعون إلا إلى الله، إذا أصابهم قحط أو مرض أو بلاء أو مصيبة لا يعرفون إلا الله عز وجل، لا يذكرون معه اللات ولا العزى ولا غيرهما، لكن إذا جاء الرخاء واللهو يعبدون غير الله، وأما المسلمون الجاهلون من القرن الرابع إلى اليوم -إلا من رحم الله- فلا فرق عندهم بين الشدائد والرخاء واليسر، في الكل: يا سيدي عبد القادر ، يا مولاي إدريس ، يا سيدي فلان يا فلان.. والسيارات مكتوب عليها: يا فاطمة ، يا حسين ، فلا إله إلا الله إلا الله! ما سبب هذا يرحمكم الله؟
إنه الجهل الذي نتج عن إبعادنا عن القرآن الكريم، وافهموا هذا وبلغوه، نظر الخصوم ذلكم الثالوث المظلم المكون من المجوسية واليهودية والصليبية، نظروا في اجتماعات خاصة، فرأوا أن هذه الأمة ما علت ولا ارتفعت، ولا طابت ولا طهرت إلا بالوحي الإلهي القرآني الكريم، فقالوا: إذاً: نقضي عليها، كيف نقضي عليها؟ هل ندخل معها في حروب؟ ما نجحنا، دخلنا وما فزنا، إذاً: السر في عزها وكمالها وعلمها القرآن، أبعدوا القرآن عنها. وهل يستطيعون أن ينتزعوه من صدور المؤمنين والمؤمنات؟ ما استطاعوا، هل يستطيعون أن يأخذوا كل مصحف في الأرض؟ لا يمكنهم. إذاً: الطريقة الوحيدة أن نبعدهم عن تدبره وتفهمه، ومن هنا نحوله إلى الموتى، إذا مات السيد أو ماتت السيدة يجتمعون عليهما ويقرءون القرآن، قرابة ألف سنة وهذا هو الوضع، فمن ثم شاع فينا الضلال والباطل وانتشر الكفر والشرك، والحمد لله على أن ردنا الله.
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|