عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 01-07-2021, 05:07 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 167,020
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله

الفقه على المذاهب الأربعة
المؤلف: عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري
الجزء الثالث
[مباحث الاجارة]
صـــــ 91 الى صــــــــ
105
الحلقة (133)


وإما يكون الإجارة على منفعة دار أو عقار أو حيوان أو آنية فإن كان على منفعة آدمي صانع أو أجير فحكمه أنه ليس لهما المطالبة باخذ الأجر إلا بعد الفراغ من عملها ما لم يكن هناك عرف بيقضي بالتعجيل فإنهما يعاملان به فإذا عمل النجار جزءا من عمله مثلا وأراد أخذ أجرته وامتنع المستأجر فليس له جبره على الدفع إلا بعد تمام العمل إلا إذا كانت العادة تقديم الدفع فيعمل بها فإذا أراد أن ينفصل عن العمل ولا يتمه فإن له أن يحاسب على ذلك الجزء الذي عمله.
أما إذا كان العقد على منفعة دار أو عقار أو راحلة أو آدمي للخدمة أوآنية (كآنية الفراشين) فإنه يصح فيها الاتفاق على تقديم الأجرة وتأخيرها بشرط أن لا يتأخر الشروع في العمل أكثر من عشرة أيام وإلا فلا يصح تعجيل الدفع فإذا لم يحصل اتفاق تدفع الأجرة يوما بيوم وبذلك تعرف أقسام الإجارة.
أما الركن الرابع وهو المنفعة فهي ما يقابل الذات فلا يمكن أن يشار إليها إشارة حسية استقلالا وإنما يشار إليها كذلك تبعا للذات المتعلقة بها على أن لاتكون متعلقة بجزء الذات وأن يكون الحصول عليها ممكنا مثال ذلك السكنى المتعلقة بالدار فإنها لا يمكن الإشارة إليها إشارة حسية استقلالا بدون إضافة إلى الدار وهي متعلقة بكل الدار أما إذا تعلقت بجزء من عين لا يمكن قسمتها كمنفعة جزء شائع في دابة فإنها لا تكون منفعة معتتبرة كالصفات المعنوية القائمة بالحيوان والإنسان مثل الحياة والقدر فإنه لا يصح استئجاره من اجلها لأنها منافع خاصة به لا يمن أخذها منه.
وأما تاصيغة فيشترط فيها الشروط المتقدمة في البيع وقد ذكرت موضحة فارجع إليها إن شئت.
ويشترط شروط (أحدهما) أن تكون لها قيمة فلا تصح شيء له منفعتها تافهة لا قيمة لها كالإيقاد من النار ونحو ذلك مما سيأتي بيانه فيما يجوز إجازته وما لا يجوز. ثانيهما أن تكون المنفعة مقدورا على تسليمها حسا أو شرعا فمثال الأول إجازة أرض للزراعة ولم يصل إليها ماء أو كانت غير صالحة للزراعة فإن المنفعة فيها غير مقدور على تسلميها أما الأرض التي غمرها الماء فإنه يمكن أن ينكشف عنها ولو نادر فإنه يصح إجازتها من غير نقد فإذا انكشف عنها وإلا فلا أما الذي لا أمل في انكشاف الماء عنها فإن إجارتها ليتعدى على آخر بالضرب أو ليعصر الخمر فإن كل ذلك لا يجوز شرعا. ثالثهما أن يمكن استيفاء المنفعة بدون استهلاك شيء من العين المستاجرة أو من عين أخرى متولدة قصدا.
مثال ذلك ان يستاجر بقرة ليشرب لبنها فإذا قال شخص لآخر استأجرت بقرتك مدة الشتاء بجنيهين لآخذ لبنها وقبل الآخر فإن العقد يفسد وكذا إذا قال له: اشتريت لبن البقرة مدة الشتاء بتكاليفها فغن هذا لا يصح، اما في الأجرة فلأن العقد تضمن استهلاك عين متولدة من العين المستاجرة وهي اللبن المتولد من البقرة فغن المنفعة لا تتحقق إلا باستهلاك اللبن، واما في الشراء فلأنه يلزم عليه شراء اللبن في الضرع وهو ممنوع على أن بيع اللبن في الضرع أواستأجار الحيوان المترتب عليه استهلاك اللبن
ليس بمننوع مطلقا وإنما هو ممنوع إذا لم تتحقق فيه شروط الجواز وبيان ذلك أن شراء اللبن في الضرع إما ان يكون جزافا من غير كيل وإنما أن يكون بكيل، فمثال الأول أن يقول سخص لآخر يملك أغناما كثيرة: إنني اشتري منك لبن عشرة أغنام او خمسة مدة شهر بكذا.
ومثال الثاني: أن يقول له: إنني أشتري منك بمائة رطل من اللبن آخذ منها خمسة أرطال.
ويشترط لجواز الأول تسعة شروط:
أن تكون الغنم المشترى لبنها متععدة وأن تكون مملوكة للبائع. وان تكون متساوية في اللبن. وان يكون الشراء في زمن الحلاب المعتاد (كزمن البرسيم) لنه يختلف في غيره كثرة وقلة. وأن يكون المشترك عاؤفا للقدر الذي تحلبه من اللبن وان يكون الشراء مقدرا بمدة لا ينقص اللبن قبلها. وأن يشرع في أخذ اللبن وان بدفع الثمن معجلا (مقدما) فإذا تححقت هذه الشروط فإنه يصح بيع اللبن جزافا.
أما إذا كان الشراء بالكيل فيشترط له خمسة شروط:
الأول: أن يكون الشراء في زمن الحلاب.
الثاني: أن يكون في مدة لا ينقص اللبن قبلها فإذا كان مدة الحلاب أربعة أشهر فلا يصح أن يشتري خمسة أشهر لأنه ينقص اللبن في الشهر الخامس.
الثالث: أن يشرع المشتري في الأخذ منة يوم العقد أو بعده بأيام.
الرابع: أن يسلم لرب الشياه دون غسيره (أي يتعاقد عقد سلم) فلا يصح أن يتعاقد مع غير المالك.
الخامس: أن يعجل دفع الثمن لأنه عقد سلم كما عرفت لأن العين للمشتراة المعجلة فلا يصح تاجيل الثمن وإى كان مقابلة دين بدين.
الشافعية - قالوا: لكل ركن من أركان الإجارة شروط فاما الركن الأول فيشترط له الشروط المتفقدمة في البيع
ومنها أن تكون مشتملة على الإيجاب والقبول لفظا وأن لا يفصل بينهما فاصل طويل عرفا الخ ما تقدم على ان البيع يشترط فيه عدم التأقيت وقت بخلاف الإجارة فإنه بخلاف الإجارة فإنها على العكس منه فيشترط فيها التأقيت.
وتنقسم صيغة الإجارة إلى قسمين صريحة، وكناية.
فالصيغة الصريحة هي ما دلت على معنى الإجارة فلا تحتمل غيره. والكناية ما احتملت الإجارة وغيرها.
ومثال الأول: ان يقول المالك: أجرتك هذه الدار سنة بكذا فيقول المستأجر فورا: قبلت.
وكذا إذا قال له: أكريتك هذه الدار أو منفعتها أو ملكتك شهرا بكذا فكل هذه صيغ صريحة تنعقد بها الإجارة سواء أضيفت إلى العين أو إلى المنفعة.
وبعضهم يقول: إن لفظ الإجارة وضع مضافا للعين فلا يصح إضافته إلى المنفعة فإذا قال أجرتك منفعة هذه الدار بطل العقد وهذا ليس هذا بصحيح لأن لفظ الإجارة يقتضي ملك المنفعة فإضافتها للمنفعة تاكيد لا ضرر منه.
ومثال الثانية: أن يقول له: جعلت لك منعفة هذه الدار سنة بكذا أو اسكن داري شهرا بكذا فإن ذلك كناية لأنه يحتمل أن يكون جعل المنفعة على طريق إجارة وغيرها.
وإذا وقع العاقدين على عقد مكتوب كالمتعارف في زماننا فإنه يصح ويقوم التوقيع على المكتوب مقام التلفظ بالصيغة ويكون من باب الكناية.
ومثل ذلك كل عقد مكتوب فالمتابة تقوم مقام الصيغى الفظية على انها من باب الكناية ولا تنعقد في الإجارة بلفظ البيع فإذا قال له:
بعتك داري سنة بكذا لا ينعقد مطلقا لا إجارة ولا بيعا وذلك لأن لفظ البيع يقتضي التأبيد ولفظ (سنة) يقتضي التأقيت فيتناقض أول لفظ مع آخرهفلا يكون صريحا ولا كناية وكذلك لا ينعقد البيع بلفظ الإجارة.
ثم إن الإجارة تنقسم إلى قسمين: إجارة عين، وإجارة ذمة.
وإجارة العين هي عبارة عن العقد الوارد على منفعة ةتعلقة بشيء معين نعلوم للمستأجر كالمبيع الحاضر المعلوم للمشتري في البيع وذلك كأن يستأجر شخص عقارا معينا كأرض زراعية معينة لينتفع بزرعها مدة مخصوصة باجرة معينة أو يستأجر كذلك لينتفع بسكناها او شخص معين ليخدمه سنة.
وأما إجارة الذمة فهي عبارة عن العقد علة منفعة متعلقة بشيء غير معين بل موصوف بالذمة، أو بعبارة أخرى هي كما كانت المنفعة دينا في الذمة كما في السلم.
وذلك كأن يقول شخص لآخر آجرتك جملا صفته كذا ليحملك إلى بلد كذا فإن المنفعة في هذا بحمل غير معين بل موصوف في ذمة المؤجر فالمراد بالعين (في قولهم إجارة عين) ما قابل الذمة لا ما قابل المنفعة لأن عقد الإجارة وارد على المنفعة أي على أي حال، لكن تارة تكون المنفعة متعلقة بشيء نعين، كمنفعة العين الوراعية النعلومة، وتارة لا تكون كمنفعة الجمل الموصوف كما بيناه.
وإذا قد عرفت ذلك فعلم انه يشترط في إجاة الذمة أن تكون بصيغة خاصة، فلا تنعقد بغيرها وهي الزمت ذمتك أو أسلمت إليك كذا، فإذا أراد شخص أن يستأجر جملا غير معين من آخر، فلا بد أن يقول له ألزمت ذمتك كذا من القروش في جمل صفته كذا يحمل لي متاعي إلى جهة كذا أو يقول له: أسلمت إليك كذا من القروش مثل ذلك.
كل عقد يراد به منفعة متعلقة بشيء غير معين كما إذا قال له ألزمت ذمتك بكذا منة الرقوش لخياطة هذا الثوب أو في بناء هذا الحائظ لأن يكون معنى ذلك أن الذي يتعلق به المنفعة غير معين سواء كان هو المخاطب أو غيره ومن هذا يعلم أن إجارة العين لا يجوز معها للأجير أن يأذن لغيره بالعمل، فلو قال له: استأجرتك لبناء هذا الحائط فلم يبنه بنفسه وإذن لغيره بالبناء فيه، فإن ذلك لا يصح. ثم إن العامل الثاني إذا كان يعلم أن التعاقد على أن الذي يباشر العمل هو الأول لا تكون له أجرة على عمله مطلقا، وإذا كان لا يعلم الحقيقة كانت له أجرة المثل على من أذنه.
ويشترط في إجارة الذمة تسليم الأجرة في المجلس كرأس مال السلم، فلا يجوز فيها التاجيل وإلا كان مقالبلة دين بدين، لأن المنفعة في الذمة والأجرة دين في الذمة، وذلك غير جائز وكما لا يجوز تأجيلها لا يجوز الحوالة بها ولا عليها ولا استبدالها ولا البراءة منها فإذا وقع شيء من ذلك بطل العقد عند شرط التأجيل فإذا اشترطا وتفرقا من المجلس قبل القبض فإنه يبطل أيضا، أما إذا لم يتفرقا قبل العقد فإنه يصح.
وأما إجارة العين فإن كانت الأجرة فيها معينة كاستأجرتك لتخمني سنة بهذا الجمل فإنه لا يصح تأجيلها أيضا.
أما إذا كانت دينا في الذمة كاستأجرتك لتخمني سنة بمجمل صفته كذا، فإنه يجوز تأجيلها وتعجيلها. وإذا استأجر شخص من آخر شيئا معينا، ولم يشترط أو التأجيل، كما إذا قال له استأجرت منك هذا الجمل بكذا ولم يشترط شيئا فإن الأجرة في هذه الحالة تكون معجلة.
وأما الركن الثاني وهو العاقد سواء كان مؤجرا أو مستأجرا فيشترط له الشروط التي تقدمت في البيع من كونه مطلقا ولا مجنون ولا محجور عليه لسفه. كما لا يصح من المكروه بغير حق إلى آخر ما تقدم في البيع الإسلام في بعض الأمور فلا يصح كافر أن يشتري مصحفا أو رقيقا مسلما. وهنا يصح للكافر أن يستأجر مسلما لخدمته وإن كان يكره.
وكذلك لا يشترط إطلاق التصرف في الإجازة في جميع الصور. فإن السفيه يصح أن يؤجر نفسه في الأمور كلها التي لا يكسب بها عادة ككونه أجيرا في الحج بخلاف المهن التي يكتسب بها كالحدادة والنجارة، فإنه لا يصح أن يؤجر نفسه فيها.
وأما الركن الثالث: وهو المعقود عليه فإنه يشمل أمرين: الأجرة والمنفعة، كما تقدم قريبا.
فأما الأجرة فإنها تارة تكون غير معين، وتارة تكون حاضرة معينة. فيشترط في غير المعينة ما يشترط في الثمن من الشروط المتقدمة في مباحث البيع فلا بد أن تكون معلومة قدرا وجنسا ونوعا وصفة.
مثال ذلك أن يقول: آجرتك هذه الدار بعشرة جنيهات مصؤية صحيحة. فذكر العشرة بيان للقدر والجنيهات بيان لجنس إذا يحتمل أن تكون عشرة قروش أو عشرة ريالات أو جنيه فلما ذكرت الجنيهات تبين جنس العشرة. ومصرية بيان للنوع لأن الجنيه أنواع متععدة كالإنكيزي والمصري وغيرهما وصحيحة بيان لصفة النقد إذ يحتمل دفعها أنصافا من الجنيهات وقد لا تكون رائجة كالصحيح.
ومثل ذلك ما إذا استأجر حيوانا يشترط أن يبين جنسه من خيل أو إيل ونوعه كبختي أو روسي جمل أو هجين أو نحو ذلك وذكورته وأنوثته وصفته سيره كأن يذكر سريعة السير واسعة الخطا أو بطيئة السير ونحو ذلك.
وأما إذا كانت الأجرة معينة فإنه يشترط فيها رؤيتها فإذا قال له: أجرتك له: أجرتك هذه الدار بهذا الجمل فإنه يشترط رؤية الجمل.
والغرض من ذلك رفع اللبس والإبهام حتى لا يقع نزاع بين المتعاقدين ولهذا اشترطوا فيمن استأجر دابة أو راحلة ليركبها بيان قدر السير الذي في الليل والنهار إلا إذا كان للناس في مثل ذلك عرف متبع فإنه يعمل به إلا إذا اشترط أحدهما ما يخالف العرف فإنه يعمل بالشرط. ولا فرق في ذلك بين أن تكون معينة أو غير معينة.
وكذلك يشترطا بيان الشيء الذي يريد أن يحمله على الراحلة أو على الدابة إن كان غائبا ورؤيته أو جسه باليد إن كان حاضرا. وبيان جنسه إن كان مكيلا.
ومن أجل ذلك قالوا: لاتصح من الجهالة دابة بعلفها ولا إجارة دار مدة معينة بالإنفاق لما في ذلك على عمارتها لما في ذلك من الجهالة.
فينبغي في مثل ذلك أن تقدر العمالة أو قيمة الإنفاق على الدابة ويجعل المبلغ أجرة. ثم يأذن المالك لمستأجر في إنفاق هذا المبلغ في علف الدابة بشرط أن يكون هذا الإذن خارج العقد وهذه حيلة يصح العمل بها.
وكذلك قالوا: تأجير العامل بما يحصل من عمله. فلا يصح تأجير الجزار بجلد الشاة التي يسلخها لأن حال الجلد قبل السلخ مجهول. فيجوز أن يكون رقيقا أو ثخينا أو به عيب ينقص قيمته. وكذلك لا يصح تأجير الطحان ببعض ما يطحنه من الحبوب كربع أو قدح من الدقيق الناتج من لعد التحليل مجهول بالنسبة لما به من النخالة فيجوز أن تكون النخالة كثيرة ويجوز أن تكون يسيرة والباقي بعد التحليل مجهول أيضا فإن الأجرة المعينة كالدقيق المأخوذ من هذا القمح يشترط فيه القدرة على التسليم حال العقد. وهنا ليس كذلك لأن القمح لا يمكن تسليمه دقيقا قبل طحنه. هذا ينافي شرط القدرة على تسليمه. ومثله جلد الشاة فإنه مقدور على تسلينه. وقد يرد على هذا أنهم لأجازوا للشخص أن يستأجر من يحج عنه بالنفقة وهي مجهولة.
والجواب أن أمر الحج ليس من باب الإجارة وإنما هو من باب الجعالة فهو قد جعل له الانفاق عليه مقابل الحج عنه.
وأما المنفعة: فيشترط فيها شروط:
منها: أن تكون لها قيمة فلا تصح الإجارة على منفعة كأن يستأجر أشجارا ليجفف الثياب أو آنية ليزن بها الدكان أو نحو ذلك كما تقدم.
ومن ذلك ما إذا استأجر شخصا لنادي له بكلمة تروح سلعته كالدلال إلا إذا تكلم كثيرا وعمل أعمالا يستحق عليها الأجرة كالانتقال من مكان إلى مكان وعروض السلعة في كل مكان وتكرار النداء على بيعها ونحو ذلك.
أما مجرد كلمة أو كلمتين فإنه لا يستحق عليها أجرا واو كانت الكلمة سببا في بيع السلع. فما يأخذه الشخص الذي يستحق عليه الأجر، وإنما يحل له الأجر بنسبة تعبه، وكثره تردده وكلامه، ومع ذلك فلا يستحق عليها إلا أجر المثل والمتعارف بين الناس.
ومنها أن لا تكون عينا مقصودة بعقد الإجارة كما استأجر بقرة من أجل لبنها فغن العقد يتضمن أن المقصود إنما هو استفياء اللبن واللبن عين لا تملك بعقد الإجارة قصدا لأن الأعيان لا تملك بالإجارة إلا تبعا.
ومثل ما إذا استأجرت بستانا من أجل ثمره أو بركة ماء من أجل سمكها ونحو ذلك من كل ما تكون فيه المنفعة عينا مقصودة من العقد بخلاف ما إذا كانت المنفعة عينا تابعة كما إذا استأجر امرأة لإرضاع الخياط لأنهما لا يقصدان لذاتهما.
ومها: أن يكون العمل المتعلقة مقدورا على تسليمه حسا وشرعا فلا يصح استئجار الحائض على كنس المسجد ولا استئجار زوجة الغير بدون إذن زوجها.
ومنها: أن لا يكون العمل المتعلقة به المنفعة واجبا على الأجير فلا يصح الاستئجار على الصلاة ونحوها من كل العبادات التي لا نيابة فيها أما ما يرصده الواقفون على الأئمة والأذان ونحو ذلك فيؤخذ لا على أنه أجرة وإنما هو جعل أو يؤخذ الأجرة عن الحج عن الغير وغسل الميت وحفر القبر ودفن الموتى وحمل الموتى.
ومنها: أن يكون العمل والمنفعة معلومين فالخياط يعرف في الثوب والمعلم يعرف عمله بالزمن كما سيأتي. وحمل الدواب يعرف بمقدار المحمول وهكذا. وسيأتي تكملة هذا في مبحث ما يجوز اسئجاره.
ومن هذا تعلم أقسام الإجارة اثنان وإجارة ذمة.
الحنابلة - قالوا: يشترط لصحة الإجارة ثلاثة شروط:
الأول: معرفة الأجرة لقوله عليه الصلاة السلام: "من استاجر أجيرا فليعلمه أجره" فلا تصح الإجارة إذا لم تبين الثمن المؤجل فما صح أن يكون ثمنا في الذمة صح أن يكون أجرة كذلك ويصح إجارة بجنس ما يخرج منها. كما أجر أرضا لشخص يزرعها قمحا بأردبين قمح. ولكن يشترط أن لا يكون في العقد أجرتها بأردبين مما يخرج مما يخرج منها فإن قال ذلك فإنه لا يصح. ويصح إجازة العامل والمرضعة يطعامهما وكستوهما وعند التنازع في صفة الطعام والكسوة يكون لهما الحق في طعام وكسوة مثل طعام الزوجة وكسوتها. وسيأتي (في مبحث ما تجوز إجازته) تكلمه لذلك.
وإذا أعطى شخص ثوبا لخياط ليخطه أو لصباغ أو نحوهما ولم يعقد إجارة فإنه يصح ويكون لهما أجر المثل بشرط أن يكون الصابع مختصا بالعمل أما إذا لم يكن كذلك فإنه يستحق أجر المثل إلا بشرط أو تعريض.
ومثل ذلك ما إذا حمل شخص لآخر متاعا إلى مكان بدون عقد فإن للحمال (الشيال) أجر المثل
(ومثل ذلك ما جرت العادة باستعماله بدون عقد كدخول الحمام وركوب السفن (المعديه) وحلق الرأس وغسل الثياب وشرب الماء والقهوة وغير ذلك من أنواع المباحات فإنه يصح وفيه أجر المثل.
الشرط الثاني: معرفة المنفعة المعقود عليها فهي كالبيع ينبغي العلم بالمبيع وتعرف المنفعة بأمرين:
الأول: العرف (وهو ما يتعارفه الناس بينهم) فمتى كان الناس عرف فإنه يكتفى به عن تعيين عين المنفعة وصفتها في ذلك كسكنى الدار فإنها معروفه لا تحتاج إلى بيان. نعم لا يجوز للساكن أن يعمل فيها ما يضرها فإذا استأجر دارا للسكنى فلا يصح أن يعملها مصنعا للحدادة أوللنجارة أو مخزنا للحبوب أو نحو ذلك مما يضر الدار والعرف لا يعتبر هذه الأشياء سكنى.
الأمر الثاني: الوصف فتعرف المنفعة بالوصف كما إذا استأجر حمالا ليحمل له قطعة حديد فإنه ينبغي له أن يبين زيتها ويبين المكان الذي يريد أن يحملها إليه لأن المنفعة لا يمكن معرفتها إلآ بهذا الببيان وإذا استأجر شخص آخر على أن يحمل متاعا إلى آخر فذهب فوجد المحمول إليه غائبا فرده ثانيا فإن له أجر حمله ذهابا وإيابا أما إذا وجد ميتا فليس له أجر حمله ذهابا فقط؛ وذلك لأن الموت قهري لا يمكن معه احتياط بخلاف غيره فإنه يمن فيه الاحتياط فعلبيها تحديد الزمان والمكان والوقت قبل أن بذهب الحمال.
ويجوز أن ستأجر الأجنبي الأمة أو الحرة لخدمته ولكن عليه أن يصرف وجهه عن الحرة فلا بنظر إلى شيء منها.
أما الأمة فإنه يصح له أن ينظر ما عدا عورة الصلاة المتقدمة وعليه أن لا يخلو في بيت مع الأمة أو الحرة لأن الخلوة من داعي الفساد.
وتصح إجارة المنفعة بالمنفعة سواء اتحد جنسها كسكنى دار بسكنى دار أخرى أم اختلفت كسكنى الدار في نظير صيغته أو تزويجه لأن كل ما جاز أن يكون ثمنا في البيع جاز أن يكون في الإجارة.
الشرط الثالث: أن تكون المنفعة مباحة لغير ضرورة وأن تكون مقصودة فلا تصح الإجارة على ضرب شخص أو فعل محرم كالنباحة كما لا تصح إجارة الدار لتكون محلا للباعات أو لبيع الخمر أو للقمار أو نحو ذلك مما لا يحل.
وكذا لا يحل استئجار أواني الذهب والفضة أو الكلب لأنه لا يباح للضرورة وكذلك لا يحل اسئجار الأشياء التي منفعتها ليست مقصوردة كالأشياء التي يزين بها حانوته أو مائدته.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 35.96 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 35.33 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.75%)]