عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 26-06-2021, 01:05 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,763
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الخوف وآثاره التربوية

وإليكِ بعض النصائح:

أنت وزوجكِ قدوة لابنكما، وسيكون وعاءً لما يراه ويسمعه منكما، فكوني حَذِرةً ولا تُلقِّنيه أفكارًا خاطئة، ولا تَضعي في بيتك إلا الكتب الموثوقة، ولا تُدخِلي إلا المجلات القيِّمة، ولا تَسمعي إلا الإذاعات والقنوات المَقبولة.



ويجب أن يتعرَّف على الناس وطريقة تفكيرهم واختلافهم في السلوك والمعتقدات، ويُكوِّن رأيًا في القضايا الرئيسية، وليس شرطًا كونُ رأي ابنك نسخة عن رأيك أو رأي والده، المُهمُّ كونُ الرأي سليمًا وموافقًا للشرع، فيَفتح عقله ويَسمع كل شيء ثم لا يَقتنِع بكل ما يَسمعُ، بل ناقشي الآراء معه ليَعرِف مستند الصحيحة، ولتتمَّ غربلة الفاسِدة منها.



أكثر الأبناء يُقدِّسون والديهم ولا يتوقَّعون الأخطاء منهم، فدعي ابنك يَشعُر بأنكِ بشر فلا يرفعك زيادة، ولا يظنكِ عالمةً وفاهمةً في كل أمر، قولي له عما لا تعرفينه: "لا أدري"، وقديمًا قالوا: "نصف العلم: لا أدري"، وليعلم قدركِ الحقيقي لكيلا تَسقُطي في نظره، وينفِر منك يومًا.



وليعلم أن كل شخص يَلتقيه سيجد عنده شيئًا من الحكمة وعليه اقتباسها، (وقد تكون نادِرةً وغير موجودة لدى سواه من الناس)، فليأخذْها وليدَع ما سِواها، واكتِشاف ما عند الناس سيجعله ناضِجًا عميق التفكير بعيدَ النظرِ، وسيتعلَّم كيف يطرد بعض الأفكار فور سماعها؛ لأنها مخالفة للشرع، وسيتعلم أيها يَستحِقُّ منه التفكير والتأمُّل والاستفادة.



4- خافي على عِرضِه؛ فالمَيلُ للجنسِ الآخرِ غريزة لا يُمكِنُنا وقفُها، على أننا نستطيع تهذيبها بالوسائل المعروفة من تخفيف الاختِلاط، وإبعاد الأبناء عما يُثيرُ العواطف والغرائز.



ولكن الانحِراف أصبَحَ سَهلاً وفي مُتناوَل الجَميعِ، وأرقام الهواتِف يَتناقَلُها الشباب، والإنترنت ساعَدَ على التقارُب والتوادِّ بين الجنسَين، ولن يُنجينا إلا التقوى، ومن الصِّغَر سيُدرِك أطفالنا أن للفَتيات الشابَّات عالَمًا خاصًّا، وللشُّبان عالَمُهم، ونُعزِّزها نحن الآباء بإلقاء الملاحظات: "بأن تشبُّهَ أيهما بالآخر حرام، والمعاكسة عن طريق الهواتف وفي الأسواق تُخالِف المروءة والأخلاق، وتجرُّ إلى الأخطار".



وسيُساعِدك على ذلك أن الصِّبيان يَنفِرون من البنات من السابعة من العمر، ويَتُوقون لحياة مستقلَّة عنهنَّ، فيرفض الصبي اللعب مع قريباته من البنات، ويُشكِّل الذُّكور عالَمًا منفصِلاً، وهذا الأمر يُحزِن البنات، ويُحاوِلنَ اختراق هذه المقاطَعة واللعب مع أقرانهم وتنشأ المشكلات، وفي هذا فرصة للأهل لتقوية الأنوثة في الأنثى، والذكورة في الذَّكَر، وربط كل منهما بعالَمِه الأصلي؛ بحيث يتعوَّد التعامُل مع جنسِه بشكل ودِّي، ومع الجنسِ الآخرِ بطريق رسمية وعند الحاجة، على أن يَحترِم كل فريق خصائص الآخَر، الأمر الذي يَضبِط التعامل عند الكبر، ويحدُّ من الاستِرخاء ورفع الكُلفة.



وتؤصَّلُ هذه المعاني منذ الصغر وأثناء مُمارَسة الحياة اليومية، فكلَّما حدث موقِف يُقال على مسمع من الصغار: "هذا مَكروهٌ"، و"هذا مُستحبٌّ"، "هذا لا يَليق وليس من المُروءة"، و"هذا لائق"؛ بحيث يَستقبِحون ما يُستقبَحُ ويُشجِّعونَ ما يأمُر به الدِّين ويُحبُّونه؛ فيُنتقَد أمامهم اللباس المخالِفُ للشرعِ، وتُنتقَد أمامهم المُعاكَسة، ويُثنى على من يغضُّ بصره ومَن يَلتزِم باللباس المُحتشِم، وإذا جاء في التلفاز منظر غير لائق اقلِبي المحطَّة على الفور مع الاستِنكار، والتبرير بأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال كذا، والله - سبحانه - نهى عن كذا، وهذه الكلمات مع ما يُرافِقها من تعليقات وردود، أفعالٌ تَرسخ في عقول الصغار، ومع مرور الأيام يَقتبِسون هذه الأفكار ويُدافِعون عنها، ويأبى ضميرُهم مُخالَفتَها مهما كانت الإغراءات.



عوِّديه أن يستأذِنَ في الدخول، وأن يُعلِم بوصوله إلى الدار بقرع الجرس، وكلَّما صادف بابًا مُغلقًا قرَعه برفقٍ قبل فتحِه، وإذا كنتِ في خدمة البيت وانكشفَ منكِ شيء، فاطلُبي منه غضَّ بصره، وإذا كانت مذيعة الأخبار امرأةً فاطلبي منه ألا يَجلِس قُبالةَ التلفاز ولا يُكثِر النظر، بل يكتفي بالسماع، وكل ذلك سيُعوِّده على الابتعاد عن مواطِن الشُّبهات.



والقصص الواقعية لها تأثير في هذا المجال، فاحكي لأبنائك عن قصص التغرير التي تتعرَّض لها الفتيات، وعن الفروق بين الذَّكرِ والأنثى؛ حيث تظنُّ البنتُ كل همسةٍ إشارة لحبٍّ حقيقي، في حين يَتسلى الشابُّ بالفتيات، وحين يريد الزواج لا يَختار من الشوارع، وإنما يَبحث عن بنت العائلة العفيفة.



كوني صريحةً مع ابنكِ المراهِق إذا وجدتِ منه زيغًا ورأيتِه يفتح المواقع الإباحية، وبأيِّ أسلوبٍ بيِّني له ما سيجرُّ عليه فتح هذه المواقع من معاناة لا تَعدِل أبدًا اللذة من الاطِّلاع عليها، وليس سهلاً أن يرى الشاب هذه المناظر ولا يجد بالمُقابل زوجة تَصرِف هذه الطاقة التي استعَرت بين جوانبه.



ومن الأفضل أن ينام الإخوة معًا في غرفة واحدة ليكون كل واحد منهم رقيبًا عتيدًا على الآخَر، ولتتقوى علاقتهم بعضهم ببعض، فيَستعيضوا عن العلاقات المحرَّمة (مع الجنس الآخر) بالعلاقات الأخوية المحبَّبة المَتينة.



5- خافي على ماله:

كوني قدوةً له في كيفية إنفاق الأموال؛ نشتري ما نحتاجه حقًّا، وما لا نحتاجه لا نأخذه، ونتركه لغيرنا، ولو وزَّعوه مجانًا، وهذا يُربِّي القناعة، والقناعة أهمُّ القيم؛ فالبضائع تملأ الدنيا والإعلانات تروِّج لها، ولا نستطيع شراء كل شيء، وتأتي القناعة بإشباع غريزتَيْ حبِّ "التملُّك" وحب "الشراء"، وإليك بعض الاقتراحات:

حبُّ التملُّك غريزة قوية، فاجعلي لصغيرك مجموعة من الممتلكات الخاصة التي لا يُشارِكه فيها سواه، واتركيه يتصرف فيها على هواه (شرط ألا يُفسِدها)، فيكون له طرف خاص من الغرفة لسريره، ولمكتبه الخاص به، وخزانة تضمُّ مجموعةً من الكتب والقرطاسيَّة والأغراض والألعاب التي يُحبُّها والتي يَختارها بذوقه، وتُناسِب عمره وميوله، وبحيث تجدد في الأعياد والمناسبات، بلا إسراف.



لا تَسمحي لأحد بالتصرُّف في ممتلكاته بلا إذنه، ولا تُجبِريه على إعارة لُعَبه للآخَرين، ليكن قراره؛ فقد يَكسِرونها وتندَمين، أو تُسبِّبين له ردَّ فعلٍ سلبيٍّ فيَكره الإعارة، أو مُشارَكة الأولاد له، ولكن حبِّبي الكرم إليه، وشجِّعيه على مشاركة إخوته في اللعب والمرح وتبادُل الألعاب.



عوِّديه ألا يطلب مالاً من أحدٍ سِوى والدَيه، ولا ضير بأن يأخُذَ من أقاربِه الكبار "عيدية" أو هدية، شرط أن يُقدِّموا له المال بمزاجِهم؛ أي بلا طلب منه ولا استِشراف.



وليكن في جيبِه دائمًا مبلغ من المال يتناسَبُ مع عمره - أي: مصروف يومي - يُنفِقه على هواهُ، ولا ضير من توجيهه بأن يُحافظ عليه، وينفقه فقط حين الحاجة - أي: إذا جاع أو احتاج قلمًا أو كراسةً - فبعض الأطفال يَظنُّونَ إنفاقه كله مُتعينًا عليهم، ويَحرِصون يوميًّا على التخلُّص منه!



ورغم الاهتِمام الشديد من هذا الجيل بالمالِ وحرصِهم على حيازته، نرى أبناءنا يَستهترون بالنقدِ بعد الحصول عليهِ، فيَشترون البضائع المتنوِّعة، وسرعان ما يَملُّون ويَتخلَّصونَ منها، ويتوقُون للشراء من جديد.



ويلحُّ أبناؤنا على رفع مصروفهم ثم يَرمونه في الزبالة، ادخُلوا كافيتريا الجامعة وشاهِدُوا العاملة وهي ترمي أكواب القهوة الطازجة و"السندويشات" الشهية الساخنة المَتروكة على الطاوَلات، فلماذا اشتَراها الأبناء إذا لم تكن لدَيهم الرغبة في شربها وأكلِها؟ وقد خطر لي يومًا إحصاء ما رُمي أمامي، فوجدتُ ما قيمته خمسين ريالاً، وهذا ما رأيته أنا فقط؛ أي إنها ترمي في الشهر ما قيمته 1500 ريال وهذا في جامعة واحدة، فكم يرمون في المدارس؟ وفي المَرافِق الأخرى؟



وأكثر الأبناءِ لا يَستحقُّون وضع المال بين أيديهم؛ فاهتِماماتهم سخيفة، وعُقولهم ضعيفة، إنهم مُسرفون ومُبذِّرون ومُستهتِرون، أبناؤنا يَحتاجون لإرشادات صحيحة يَعرِفون بها قيمة المال، والطريقة الصحيحة لإنفاقه، وإلا فلا تضَعوا المال بسخاء بين أيديهم.



اعزلي ابنكِ عن مواطن الشهوة قدر الإمكان، واقلِبي قناة التلفاز حين تظهر الإعلانات، وجنِّبي أولادك المَعروضات المُغرية في الأسواق ودكان الألعاب بالذات، إلا في المناسبات.



المال وسيلة لتحقيق الاستقرار، فنَشتري به الشيء الضروري، فإنْ وسَّع الله علينا اشترَينا الأشياء التي قد نحتاجُها، فإنْ فاضَ المال بين أيدينا اشترينا من الكماليات ما يُفيدنا ويُصلِح حياتنا.



اصحَبيه كل مدة إلى الأسواق المعتدلة الأسعار، واشتري له ما يحبه من الطعام والملابس والكتب - ولكن بلا إسراف، واصحَبيه إلى دكان الألعاب في المناسبات - مثل الأعياد أو إذا تفوَّق أو نجَحَ - ولكن ولكي يتعلَّم القناعة حدِّدي له مبلغًا يَختار فيه ما شاء مما يُناسِب عمره ومُيوله؛ وذلك ليشعُر بالحرية ولا يُسيطِر عليه الشعور بالحرمان.



انتبهي! أبناؤنا يَستهتِرون بموارد الأرض، ويتركون الأنوار مضاءة، والتلفاز شغالاً، ويُسرِفون في الماء، ويُهمِلون إقفال صنابير المياه جيدًا، ولا يبالون بتلوث كوكبنا.



فأصلِحوا مفاهيم أبنائكم الاقتصادية، المال - وإن فاضَ - نعمة يجب حفظُها وحرامٌ إهدارها، ومصاريفُ الحياة كثيرة، ويَنبغي ضبطُها والاعتناء بما يُجدي ويَبقى، وشراء آلة العجن أجدى من شراء البيتزا، وشراء آلةٍ لتقطيع الخضار أبقى من شراء شرائح البطاطا المقلية، وهذا كسب أكبر لأفراد العائلة جميعًا.




والماركات تأكُل الأموال لغلائها، ولا تجلب السعادة، ونستطيع العيش من دونها، والأسواق تنوَّعَت وكَثُرت، وهي مليئة بأجمل البضائع، والأغنياء صارُوا يشترون منها، ولا يَستحون من رخصِها!



التوفير ليس عيبًا، وإنما "عقدة النقص" هي العيب، وهي ما يَمنع أبناءنا من التوفير، واسمَعوا هذه القصة الحقيقية، وأرجو أن تَعتبِروا منها: فرضت إحدى المدارِس قميصًا معينًا تلبسنه البنات في اليوم الوطني، وكان ثمنُه 80 ريالاً، استحَت الفتيات الفقيرات ودفعْنَ ثمنه وأخذنه، بينما اعترضَت الغنيات على غلائه؛ لأنه مجرد قميص وسِعرُه في المحلات الرخيصة عشرة ريالات، ووافقَت المدرسة لهنَّ واشترينه من هناك.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 23.60 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 22.98 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.66%)]