عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 19-06-2021, 03:50 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,201
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )



تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة المائدة - (25)
الحلقة (335)
تفسير سورة المائدة (31)


لما أرسل الله سبحانه وتعالى نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم برسالة الإسلام، فقدمها صلوات الله وسلامه عليه للعالم بأسره صافية نقية، ليخرج بها الناس من ظلمات الكفر واتباع الديانات المحرفة إلى نور التوحيد القويم، لما كان ذلك أعرض أكثر أهل الكتب من يهود ونصارى عن قبول الحق، فأخبر الله عنهم أنهم لو آمنوا لكفر عنهم ما سبق من أفعالهم المشينة في حقه وحق رسله، ولو أنهم اتبعوا ما تدعو إليه التوراة والإنجيل للزمهم أن يؤمنوا بالقرآن المذكور فيها، ويتبعوا الرسول النبي الأمي الذي بشرت به.
مراجعة لما سبق تفسيره من آيات سورة المائدة
الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.ثم أما بعد:أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة والليالي الثلاث بعدها ندرس كتاب الله عز وجل القرآن العظيم؛ رجاء أن نفوز بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود؛ إذ قال فداه أبي وأمي وصلى الله عليه ألفاً وسلم، قال: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده )، لذا ندرس كتاب الله.
وها نحن مع سورة المائدة المدنية المباركة الميمونة، ومع هذه الآيات الثلاث: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ * وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ * وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ [المائدة:64-66].
اعلموا أن هذا كلام الله لا كلام أحد سواه، أنزله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وهو ضمن كتاب كريم موجود في اللوح المحفوظ: بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ [البروج:21-22]، هذا الكلام الإلهي اجتمعنا من أجل أن نتدارسه، فهيا بنا نتدارس.


سعة رحمة الله تعالى الشاملة لأهل الكتاب حال دخولهم الإسلام
والآن فتح باب جديد؛ لأن ربنا رءوف رحيم، والعبيد كلهم عبيده، خذوا هذه القاعدة: كل البشر أولاد آدم نساءً ورجالاً في أي عصر في أي بلد، كلهم نسبتهم إلى الله لا تتبدل، فهم عبيده، يرحم من يستحق الرحمة ويعذب من يستوجب العذاب.فكلهم عبيد لله وهو سيدهم ومالكهم، فمن أطاع السيد ومشى على منهاجه أنجحه وفوزه وأدخله دار النعيم، ومن أعرض أو تكبر أو عبث بعقله وترك طاعة سيده تعرض للعذاب والبلاء والفتنة في الدنيا والآخرة.واسمع ما يقول ربنا تعالى: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ [المائدة:65]، وهم اليهود والنصارى، وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا [المائدة:65]، صدقوا بوجود الله الذي لا إله إلا هو ولا رب سواه، آمنوا بما أخبر به تعالى من الغيب والشهادة، آمنوا بكتبه ورسله، آمنوا بلقائه، آمنوا بالعالم الثاني، بالنعيم والعذاب المهين، إيمان راسخ في قلوبهم، لو أنهم آمنوا أولاً وَاتَّقَوْا [المائدة:65] ثانياً، اتقوا ماذا؟ اتقوا غضب الله وعذابه بطاعته وطاعة رسوله، قال صوموا فنصوم، قال: حجوا فنحج، قال: ناموا فننام، هذه هي الطاعة، وبهذه الطاعة يتقى عذاب الله وسخطه. وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ [المائدة:65] يهوداً ونصارى آمَنُوا وَاتَّقَوْا [المائدة:65]، فالجزاء ما هو؟ لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ [المائدة:65]، نمحو كل ما ارتكبوا من الذنوب والآثام والمساوئ، وندخلهم جنات النعيم.ما هو السبب؟ السبب هو: أن عبداً يزكي نفسه ويطهرها فتصبح كأنفس الملائكة هذا الذي يدخله الله دار السلام، والذي يخبث نفسه ويلوثها بالذنوب والأوضار والآثام ينزل إلى الدركات السفلى في عالم الشقاء في النار دار البوار، هذا هو السر، آمنوا واتقوا، زكت نفوسهم، طابت أرواحهم وطهرت، فماذا يفعل بهم؟ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ [المائدة:65]، ومن لم يؤمن أو آمن ولم يتق فنفسه خبيثة منتنة، ما هي متأهلة للعروج إلى الملكوت الأعلى ودخول الجنة دار الأبرار.وإليكم آية حتى لا تنخدع وتجهل، اسمع هذا البيان: يقول الله جل جلاله وعظم سلطانه في سورة الأعراف بين الأنفال والأنعام من كتاب الله القرآن العظيم، يقول: إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ [الأعراف:40]، حتى يدخل البعير في عين الإبرة، مستحيل هذا، مستحيل أن صاحب الروح الخبيثة يدخل دار السلام، ويواكب النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، هذا حكم الله.اسمع ما يقول تعالى لأعدائه الكافرين به المحاربين لرسالته ورسوله، يقول: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ [المائدة:65]، محوناها وأدخلناهم جنات النعيم؛ لأنهم عبيدنا، فإذا آمنوا واتقوا محي ذلك عنهم، فإذا طابوا وطهروا فأين ينزلون؟ في دار السلام.ومن سورة النساء يقول تعالى: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ [النساء:69]؛ لأن طاعة الله وطاعة الرسول تزكية للنفس، بم تزكو النفس يا عباد الله؟ هل بالماء والصابون؟ تزكو بالإيمان وصالح الأعمال مع بعد عن المدسيات والمخبثات من الشرك والكفر والذنوب والمعاصي. هذه مظاهر الرحمة الإلهية تتجلى في هذه الآية: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ [المائدة:65].وأيما مؤمن يؤمن ويقوي إيمانه ويتقي ربه ولو بعد الظلم والشرك والباطل والكفر فإن الله عز وجل يغفر سيئاته ويدخله جنات النعيم، هذه بشرى عظيمة أم لا؟ بكم تشترونها؟ بملء الأرض ذهباً. وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ [المائدة:65]، غطيناها، وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ [المائدة:65]، فهذا الخبر ينفع كل إنسان على وجه الأرض، وإنما بدأ بأهل الكتاب لأنهم حرب على الله ورسوله، ومع هذا لو آمنوا واتقوا لما بالى بكفرهم وحربهم ولا عنادهم ولا قتلهم الأنبياء؛ لأن الإيمان والعمل الصالح يغسل النفس ويطيبها فتصبح كأرواح الملائكة، فأين تنزل؟ في الملكوت الأعلى.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 38.61 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 37.98 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.63%)]