الموضوع: قيم المعلم
عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 18-06-2021, 02:28 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,201
الدولة : Egypt
افتراضي رد: قيم المعلم

قيم المعلم (3)


د. علي بن عبده بن شاكر أبو حميدي





قيمة عدم التعصب



يقوم المعلِّم بغرس القِيم العَقَدية في الطلاب، وهو القدوة في ذلك؛ ليتحقق عدمُ ظهور أو تنامي ظاهرة التطرف لديهم من خلال هذه القِيم، وهي تبدأ بعدم التعصب لرأي ولا أهواء، فينشأ الطلاب محققين عدم ظهور أو تنامي ظاهرة التطرف في حياتهم.

قيمة عدم التعصب:
جاء الإسلام لكي يعيش الناس في أمن وسلام، والتعصب من الدوافع والانفعالات التي تؤدِّي إلى تحقيق التطرف والغلو، وهو عبارة عن "اعتقاد المتعصب أنه قبض على الحقيقة النهائية التي تَدفَعُ به إلى وجوب الالتزام الكامل برأي أو بمذهب أو جماعة أو قبيلة أو فترة تاريخية معينة، مما يجمع عادة بين الفضيلة والرذيلة، والحسَن والقبيح، والخطأ والصواب"؛ (بكار: 186).

وعدم التعصب يكون بإحقاق الحق أينما وجد والعمل به؛ ذلك لأن التعصب يؤدِّي إلى إهدار حقوق الآخرين؛ ولذا قام الإسلامُ ببُغْضه؛ لأنه سبب التفرقة والفُرْقة بين أمة الإسلام.

ولقد صوَّر القرآن الكريم هذه العصبيةَ العمياء بقوله: ﴿ وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ * قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ ﴾ [غافر: 47، 48].

وبهذه الآية حمل الأتباع تَبِعةَ ضلالهم؛ فقد منحهم اللهُ القدراتِ والآلات التي تمكِّنهم من اتباع الهدى، وهم عطلوا ذلك، وساروا في ركاب المضلِّين.

والإسلام منَع التعصُّبَ بحجة الالتزام؛ فهناك فَرْق كبير بين التعصب والالتزام؛ إذ "الالتزام انحياز إلى قطعيات لا تقبل الجدل، أو مبادئ عامة وقع الإجماع عليها؛ كالانحياز لأمهات الفضائل والعقائد؛ فالالتزام يكون بما علا على دوائر الاجتهاد، ويكون التعصب فيما يقبل النظر والتأمل؛ فالتعصب ضرب من ضروب الأنانية، ولا يكون مبنيًّا على أساس"؛ (بكار، مرجع سابق، 187).

وهناك تعصب محمود محبَّب إلى النفس التي آمنت بالله، وهو التعصب للعقيدة الإسلامية؛ إذ هو مظهرٌ من مظاهر الحياة الحرة الكريمة للأفراد، وهي حقٌّ من حقوقهم؛ لأن العقيدة "إذا كانت دينية، فهي أضبطُ المقاييس لأهواء الفرد ونزعاته، وأقوى الروادع بين الجماهير والجماعات، وإن كانت فكرية، فهي دليل الوعي، والوعي دليل الشخصية الحسية التي تعقل وتفكر"؛ (السباعي: 142).

وهناك تعصب مذموم نهى عنه الإسلام، ويعتبره أمرًا غير مرغوب، يؤدي إلى تفرقة الأمة.

وأما "التعصب الذميم، فهو أن تضطهد مخالفِيكَ في العقيدة، وتحقد عليهم، وتسيء معاملتهم، وتسلُبَ أموالهم، وتهين كرامتهم...؛ فهذا سبيل الشقاء والخراب في حياة الأفراد والجماعات، وهذا ما جاء الإسلام للقضاء عليه بين صفوف المتدينين"؛ (المرجع السابق: 144).

إذًا فالتعصب يتطلب التمييز بين قضيتين هامتين:
أ- التعصب لأصول العقيدة والشريعة، وهو التعصب المطلوب؛ لأنه يؤدِّي إلى إحقاق الحق، فهو المؤدي إلى عدم التطرف.

ب- التعصب لفرع من فروع الدين والدنيا، ما لم يرِدْ فيه نص قطعي الدلالة والثبوت، وهو من المجالات التي تتعدد فيها الاجتهادات الفكرية؛ فهذا يؤدي إلى عدم الأمن الفكري؛ إذ المتعصب في هذه الحالة يجسد عدم الأمن الفكري في جديته، وهو يؤدي إلى سلوكيات ومحظورات شرعية.

ومن خلال ما سبق يظهر أنواع التعصب، وهي كما يلي:
1- التعصب لمذهب.

2- التعصب منتميًا إلى بلد، أو قبيلة، أو قومية.

3- التعصب للرأي.

4- التعصب للهوى.

لذا على المعلم أن يُبعِدَ الطلاب عن التعصب؛ لِما له من آثار سلبية على الفرد والمجتمع، ومن أبرزها:
1- يدفع التعصب بصاحبه إلى سلوكيات غير مقبولة، تتنافى مع الفضيلة؛ فقد يظلم ويستبد؛ استخفافًا بالآخرين وبآرائهم، وقد يكذِب انتصارًا لرأيه وفكره ومذهبه.

2- يؤدي التعصب الفكري إلى التطرف والغلو والتشدد؛ كالتطرف الديني أو الفكري أو المذهبي.

3- يؤدي التعصب إلى التمييز على أساس العِرْق أو الجنس أو اللون؛ مما يؤدي إلى حرمان الآخرين من الحقوق والكرامة التي كرَّمهم اللهُ بها، والتي أقرَّها الإسلام، ومنحها لجميع البشر على السواء.

4- التعصب يعمل على تمزق الأمة الإسلامية وفُرْقتِها واختلافها؛ مما يؤدي إلى انتشار العداوة والبغضاء بين أفراد المجتمع، ويَشغَلهم ذلك عن البحث في القضايا المهمة والأساسية التي تضمن عزة المسلمين ونصرهم.


المراجع:
1- بكار، عبدالكريم محمد (2005): فصول في التفكير الموضوعي، دار القلم، دمشق.
2- السباعي، مصطفى (1999)، أخلاقنا الاجتماعية، المكتب الإسلامي، بيروت.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 18.97 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.34 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.31%)]