عرض مشاركة واحدة
  #632  
قديم 15-06-2021, 04:53 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,450
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )



تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة المائدة - (19)
الحلقة (329)
تفسير سورة المائدة (26)


الله عز وجل غني عن عباده، فهو سبحانه القهار الواحد الأحد الصمد، وقد بين سبحانه في هذه الآيات أن من يرتد بعد إيمانه فإن الله سيأتي بقوم آخرين يحبهم ويحبونه، أذلة على المؤمنين، وأعزة على الكافرين، يجاهدون في سبيل الله لينشروا في الناس نور الإسلام، وهؤلاء هم أولياء الله ورسوله والمؤمنين، وأولياء الله هم الغالبون.
تفسير قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه...)
الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً. أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة. ثم أما بعد:أيها الأبناء والإخوة المستمعون، ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة -ليلة الأربعاء من يوم الثلاثاء- ندرس كتاب الله عز وجل، رجاء أن نفوز بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود؛ إذ قال صلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده ).وها نحن مع سورة المائدة المدنية المباركة الميمونة، ومع هذه الآيات الثلاث. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ [المائدة:54-56].معاشر المستمعين والمستمعات! أعيد إلى أذهانكم أن الله تبارك وتعالى نادانا في كتابه القرآن العظيم تسعة وثمانين نداء بقوله: ( يا أيها الذين آمنوا ). وعرفنا أن الله عز وجل منزه عن اللهو واللعب، فهو لا ينادينا إلا لواحدة من خمس: إما ليأمرنا بفعل ما يسعدنا ويكملنا في الدنيا والآخرة، أو لينهانا عما يشقينا ويردينا ويخسرنا في الدنيا والآخرة، أو ليبشرنا بما نزداد مسابقة في الخيرات ومنافسة في الصالحات، أو تحذيراً لنا من عواقب السوء، أو ليعلمنا ما نحن في حاجة إلى علمه.تتبعنا واستقصينا كتاب الله فوجدنا نداءات الرحمن لعباده المؤمنين تسعة وثمانين نداء، وأضفنا إليها نداء آخر فأصبحت تسعين، وهذا النداء هو: يا أيها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ [الطلاق:1] الآيات، فهو وإن كان في الظاهر للنبي صلى الله عليه وسلم لكنه في الواقع لأمته، فلهذا كتبنا ذلك الكتاب وسميناه: (نداءات الرحمن)، ودرسناه في هذه الحلقة ثلاثة أشهر وزيادة، وطبع ووزع مجاناً، وقلنا: لو كنا أحياء أو دبت الحياة فينا لترجم هذا الكتاب إلى لغات المسلمين عامة، ويوضع عند سرير كل ضيف في أي فندق من الفنادق، فقد اشتملت تلك النداءات على كل ما هو في القرآن من الوضوء والغسل إلى الرباط والجهاد، بيان الحلال والحرام، في السلم في الحرب، في الجهاد وفي غيره.. كل المتعلقات بحياتنا موجودة في تسعين نداء، والقرآن نقرؤه على الموتى ولا نشعر بما فيه، وهذا شأن أمة هبطت من علياء السماء فلصقت بالأرض. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا [المائدة:54] يقول تعالى منادياً لنا، فنجيبه: لبيك اللهم لبيك، مَنْ يَرْتَدَّ [المائدة:54]، و(من يرتدد) قراءة نافع ، فقراءة أهل المدينة وأهل الشام: (من يرتدد) بالفك، والكل صالح، والقرآن نزل على سبعة أحرف، والارتداد معروف، مشى ثم رجع إلى الوراء، مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ [المائدة:54] أي: عن الإسلام، بعدما أقبل عليه وأخذ فيه وصام وصلى انتكس ورجع إلى الوراء. ‏
إجمال الصفات المذكورة في الآية الكريمة
يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ [المائدة:54]، من صفاتهم أنهم أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ [المائدة:54]، كيف أنتم؟ هل أنتم أذلة على المؤمنين، أم تدفعون وتتكبرون وتصرخون وتهينون؟ ومع الكافرين اللين والعطف، و(مسيو) أو (مستر)، على كل حال الدار دار عمل والجزاء أمامنا. أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ [المائدة:54]، بمعنى: أشداء غلاظ، ما يلينون ولا ينكسرون ولا يتعطفون بين أيديهم، أقوياء بعزة الإسلام، وليس معنى هذا أنهم يسبون أو يشتمون، المسلم لا يسب ولا يشتم ولا يظلم، ولا يسرق ولا يكذب ولا يخدع، العزة ألا تذل أمام الكافر وتنكسر، أنت المؤمن العزيز، وهو الكافر الذليل المهين.ومن صفاتهم: يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ [المائدة:54]، هذا القيد الذهبي، في سبيل الله لا في سبيل المنصب، ولا المال، ولا الزوجة، ولا الولد، ولا الحكم، ولا الوطن، جاهد المسلمون وكشف الله عورتنا، جاهدنا قرابة خمس وأربعين سنة، نجاهد الكفار الطليان، الفرنسيين، الأسبانيين، البريطانيين، الهولنديين تحت عنوان الوطن، جهاد في سبيل الوطن، في تحرير البلاد.لو أن أهل إقليم أو منطقة قاتلوا باسم الله، من أجل الله لأقاموا دولة الإسلام يوم حكموا البلاد واستقلوا، من يوم أن تسلموا الزمام أقاموا الصلاة، وجبوا الزكاة، وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر، هل حصل هذا؟ لا يحصل ومستحيل؛ لأننا ما قاتلنا في سبيل الله، أي: من أجل أن يُعبد الله وحده ويحب ويطاع في أمره ونهيه، هذا أمر مفروغ منه، لا تطالب بالدليل أبداً. يُجَاهِدُونَ [المائدة:54] في سبيل من؟ فِي سَبِيلِ اللَّهِ [المائدة:54]، أي: بأن يعبد الله وحده بما شرع؛ إذ ما خلق الخلق إلا ليُعبد ويذكر ويشكر، وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ [المائدة:54]، ما يصرفهم عن الجهاد من يعذرهم أو يلوم ويعتب عليهم.قال تعالى: ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ [المائدة:54] لا يضيق فضله عن أحد أراده، عليم بمن هو أهل للفضل ومن هو ليس بأهل لفضله وإنعامه وإكرامه.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 37.16 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 36.53 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.69%)]