عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 15-06-2021, 04:49 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,391
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )



تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة المائدة - (16)
الحلقة (326)
تفسير سورة المائدة (23)


أنزل الله عز وجل التوراة على موسى عليه السلام لما استقل بنو إسرائيل وخرجوا من سلطان الفراعنة، وجعل فيها الهدى والنور ليحكم بها في الناس النبيون من عهد موسى إلى ما قبل عهد عيسى عليه السلام، ثم كلف سبحانه الأحبار من أهل الكتاب أن يحكموا بما فيه كما حكم أنبياؤهم، ولا يخشون أحداً من الناس وإنما يطلبون بحكمهم وجه الله والحق، فلما جاء عيسى عليه السلام أنزل عليه الإنجيل مصدقاً لما في التوراة وأمره أن يحكم به، وأمر أتباعه أن يحكموا به من بعده.
قراءة في تفسير قوله تعالى: (يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر ...) وما بعدها من كتاب أيسر التفاسير
الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.أما بعد:فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.ثم أما بعد:أيها الأبناء والإخوة المستمعون، ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة والثلاث بعدها ندرس كتاب الله عز وجل؛ رجاء أن نظفر بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود، إذ قال صلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده ).وها نحن مع سورة المائدة المدنية المباركة الميمونة، ومع هذه الآيات، لكن أريد أن أذكركم بالآيات قبلها، إذ هي كالسلسة الذهبية متصلة الحلقات، فاسمعوا تلاوة الآيات التي درسناها قبل هذه وتأملوا.أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ * سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ [المائدة:41-43].
هداية الآيات
قال المؤلف غفر الله له ولكم ورحمه وإياكم والمؤمنين: [ هداية الآيات: من هداية الآيات: أولاً: استحباب ترك الحزن باجتناب أسبابه ومثيراته ]، أما قال تعالى موجهاً رسوله: يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ [المائدة:41] من المنافقين واليهود؟إذاً: يستحب لنا الاقتداء برسول الله؛ أننا نترك الحزن ونبتعد عنه؛ وذلك بترك أسبابه واجتناب مثيراته.[ ثانياً: حرمة سماع الكذب لغير حاجة تدعو إلى ذلك ]، إن دعت الحاجة إلى أن تسمع في حادثة معينة، في قضية معينة وهم يسمعونك الكذب الذي قيل فلا بأس، أما بدون حاجة تستدعي أن تسمع فلا يحل لنا أن نسمع الكذب، سواء كان في صحيفة أو جريدة أو في إذاعة أو في مجلس أو من محب، من أين أخذنا هذه الهداية؟ من قوله تعالى: سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ [المائدة:42]، وهذا ذم لهم وتقبيح لحالهم وسوء فعالهم: سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ [المائدة:42]، هل المؤمنون الصادقون سماعون للكذب؟ الجواب: لا، وإن ابتلي المؤمنون بذلك حين لم يعرفوا الطريق، يجلسون الساعة والساعات وهم يسمعون الأباطيل والأكاذيب، وما سبب ذلك أنهم ما عرفوا.[ ثالثاً: حرمة تحريف الكلام وتشويهه للإفساد ]، حرام على مؤمن أن يحدث أو يتكلم بكلام ويحرف بعض التحريف أو يلوي لسانه حتى ما يأتي به على الوجه المطلوب، هذا المسلك يفعله اليهود وحرمه الله علينا، ذمهم بذلك وقال: يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ [المائدة:41].[ رابعاً: الحاكم المسلم مخير في الحكم بين أهل الكتاب، إن شاء حكم بينهم وإن شاء أحالهم على غيره ]، القاضي المسلم إذا تحاكم إليه يهوديان أو نصرانيان أو كافران فهو مخير، إن شاء أن يحكم بينهم حكم، وإن شاء أن يتركهم تركهم، إذ لا خير فيهم.[ خامساً: وجوب العدل في الحكم ولو كان على غير المسلم ]، لقوله تعالى: وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ [المائدة:42]، ما أنت بملزم بأن تحكم بين يهود ونصارى، لكن إن حكمت فاحكم بالعدل؛ لأن الله يحب العدل وأهله.[ سادساً: تقرير كفر اليهود وعدم إيمانهم ] فدلت الآية على هذا وقررت كفرهم وعدم إيمانهم، إذ قال تعالى: وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ [المائدة:43]، وصدق الله العظيم. والآن مع الآيات التي نتدارسها الليلة إن شاء الله.
تفسير قوله تعالى: (إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا...)
يقول الله تعالى: إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ [المائدة:44]، من المتكلم بهذا؟ الله جل جلاله، إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا [المائدة:44]، من يحكم بالتوراة؟ النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا [المائدة:44] وعليهم، يحكمون بها لهم وعليهم، والنبيون: جمع نبي، والأنبياء قيل: أربعة آلاف نبي من موسى إلى عيسى، وقيل: ثلاثة آلاف أو ألف على الأقل، فالتوراة من أنزلها؟ الله تعالى، أنزلها على نبيه موسى عليه السلام، واسمع ما يقول تعالى: إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا [المائدة:44]، اسلموا قلوبهم ووجوههم لله، وهذه صفعة على وجه الكافرين من اليهود والنصارى، أبوا أن يسلموا وأنبياؤهم كانوا مسلمين على ملة إبراهيم ملة الإسلام، لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ [المائدة:44]، أي: يحكمون كذلك بالتوراة، فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ * وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا [المائدة:44-45] أي: في التوراة أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ * وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [المائدة:45-47]. فهيا نتدارس هذه الآيات.قول ربنا جل ذكره: إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ [المائدة:44]، التوراة الكتاب المعروف، أنزله الله تعالى على نبيه موسى بن عمران، لما استقل بنو إسرائيل وخرجوا من سلطان الفراعنة، ووصف التوراة بأن فيها الهدى إلى كل كمال وإسعاد، إلى كل إعزاز إلى كل تطهير وصفاء، وفيها نور يلوح لأصحابها لا يغشون الظلمات ولا يتخبطون في الجهل والشر والفساد، حقاً جعل الله فيها الهدى والنور.ثم أخبر فقال: يَحْكُمُ بِهَا [المائدة:44] أي: بالتوراة النَّبِيُّونَ [المائدة:44]، النبيون من عهد موسى إلى عيسى، وكانوا أكثر من ألف نبي، يحكمون بها كما نحكم نحن بالقرآن، نحل ما أحل ونحرم ما حرم، نعطي هذا حقه ونأخذ من هذا ما أخذه بالباطل.وقوله: يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا [المائدة:44]، أسلموا لله قلوبهم ووجوههم، أنت مسلم يا عبد الله؟ قال: أي نعم، قلنا: ماذا أسلمت لله؟ قلبك مع الدنيا والشهوات والأهواء، أتكذب؟ فماذا أسلمت؟ إنه يقال: أسلم الشيء يسلمه: إذا أعطاه؛ فالإسلام معناه: أن نسلم قلوبنا لله، فلا تتقلب طول حياتنا إلا في رضا الله، ونسلم وجوهنا لله، فلا ننظر إلا إلى الله، هو الذي نرهبه، هو الذي نحبه، هو الذي نطيعه ونعبده، هذا الإسلام.قال: يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا [المائدة:44]، وهي إشارة أفصح من عبارة؛ أن الأنبياء من عهد إبراهيم إلى عيسى كانوا مسلمين، أسلموا قلوبهم ووجوههم لله، واليهود والنصارى يحاربون رسول الإسلام والمسلمين ويدعون أنهم أهل كتاب! أنبياؤكم كانوا مسلمين فكيف تكفرون بالإسلام وتحاربونه؟ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا [المائدة:44] وهم اليهود، ونعم الأنبياء الذين طبقوا التوراة وحكموا بها من عهد موسى إلى عيسى، حتى عيسى نفسه كان يطبق التوراة، إذ هي أداة الأحكام وبيان الحلال والحرام، أما الإنجيل فمواعظ وحكم، ونسخ الله به بعض الأحكام تخفيفاً على الناس. يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ [المائدة:44]، الربانيون والأحبار أيضاً يحكمون بالتوراة ويطبقونها، والربانيون: جمع رباني، ويروى أن علياً قال: إني لرباني. والأحبار جمع حبر، وعبد الله بن عباس معروف بلقب الحبر، حبر هذه الأمة، فالرباني هو العالم المتبحر في علمه المربي لغيره، هذا هو الرباني، عبد عرف الله والطريق إليه، ثم أخذ يدعو الناس إلى ذلك ويربيهم فهو يقال فيه: رباني، قطعاً هو عالم ولا شك في ذلك، ولكن زاد على كلمة العلم والمعرفة العمل ثم التربية والتعليم لغيره، والأحبار: جمع حبر، العالم الذي يبين للناس ويعرفهم بشرع الله عز وجل.
معنى قوله تعالى: (فلا تخشوا الناس واخشون ولا تشتروا بآياتي ثمناً قليلاً...)
ثم قال تعالى: فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ [المائدة:44] هذا قيل للرهبان، للربانيين والأحبار من أهل الكتاب، نهاهم أن يخشوا الناس ويخافوهم، وأوجب عليهم خشيته وخوفه، وحرم عليهم بيع الأحكام الشرعية بالأثمان المادية، عطشت، جعت، مرضت، إياك أن تتنازل عن آية واحدة من أجل صحتك أو شبعك. وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا [المائدة:44]، وليس المعنى أنه يبيع الآية، بل يبيع حكمها ومعناها، يجحد معناها، فيحل ما تحمله من حرام من أجل مصلحة دنيوية، وهذا معروف. وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ [المائدة:44]، هذا نزل في التوراة وعرفه الله الربانيين والأحبار ودعاهم إلى القيام به وعرفوه، وبعد ذلك ما الذي حصل؟ اشتروا بآيات الله تعالى ثمناً قليلاً، باعوا الآخرة بالدنيا، إذاً: فهم في ذلك كافرون: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ [المائدة:44]، وقد بعثوا من فدك أو خيبر بعثاً يحاولون أن يطبقوا أهواءهم على الشريعة وينكروا الرجم الموجود في التوراة، وعلى كل حال نذكر هذا ونحن نشاهد واقع المسلمين وما هم فيه.قال تعالى: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ [المائدة:44] فاعتاض عنه غيره أو حوله وبدله وغيره لمنافع مادية فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ [المائدة:44] حقاً وصدقاً.
تفسير قوله تعالى: (وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين ...)
قال تعالى: وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا [المائدة:45] أي: فرضنا في التوراة القصاص: أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ [المائدة:45] بحسب قوتها وضعفها، هذا في التوراة.ثم قال تعالى: فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ [المائدة:45]، من تصدق بسنه، ما طالب بكسر السن الآخر، من تصدق بذبح أبيه فلم يطالب بذبح أبي الآخر، من تصدق بأذنه؛ أصيب بالصمم من ضربة، وترك ذلك لله؛ فهذا له ذلك: فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ [المائدة:45] أي: لذنبه، على شرط: أنه إذا أراد التوبة الحقة أن يأتي ويقول: أنا قطعت أذن فلان، أنا كسرت سن فلان، أقيموا الحد علي، فإن عفي عن هذا كان ذلك كفارة له، فإن لم يتقدم ولم يطالب بإقامة الحد عليه وقطعت أذنه أو كسرت سنه فذلك كفارة له، أما بدون أن تقطع يده أو رجله فلا، لا بد أن يكون تاب وأتى إلى الحاكم ليقول: أقم الحد علي، أو يقوله لأهل المظلوم. فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [المائدة:45]، ما الظلم؟ وضع الشيء في غير موضعه، حكم الله تعالى بقطع اليد فحكمت أنت بالسجن سبع سنين، وضعت الشيء في غير موضعه أم لا؟ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ [المائدة:45] واستبدل بأحكام الله أحكام الهوى وما تمليه النفوس وما تمليه الشياطين، فهل هذا ظالم أو عادل؟ والله إنه لظالم، حكم الله بين أيدينا: فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [المائدة:45]، تقدم إليه خصمان فحكم بالباطل لأحدهما مقابل رشوة، وضع الحكم في غير موضعه، فهو ظالم، كل من لم يحكم بما أنزل الله فهو ظالم.

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 43.79 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 43.16 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.43%)]