عرض مشاركة واحدة
  #29  
قديم 08-06-2021, 04:34 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,878
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سلسلة كيف نفهم القرآن؟ ____ متجدد إن شاء الله

سلسلة كيف نفهم القرآن؟ [1]

تفسير الربع العاشر من سورة آل عمران بأسلوب بسيط

رامي حنفي محمود

الآية 169: ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ﴿ بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ ﴾: أي: في جوار ربهم (الذي جاهدوا مِن أجله، وماتوا فيسبيله)، ﴿ يُرْزَقُونَ ﴾: أي: يَجري عليهم رزقهم في الجنة، ويُنعَّمون).

الآية 170: (﴿ فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ﴾: يعني: لقد عَمَّتهم السعادة حين مَنَّ الله عليهم، فأعطاهم من النعيم والرضا ما تَقَرُّ به أعينهم، ﴿ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ ﴾: يعني: وهم يفرحون بإخوانهم المجاهدين(الذين فارقوهم وهم أحياء)، لِعِلْمِهم أن إخوانهم إذا استُشهِد في سبيل الله مُخلِصين له، فإنهم سوف ينالون منالخير الذي نالوه، و﴿ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ فيما يَستقبلونه مِن أمرالآخرة، ﴿ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ على ما فاتهم من أمور الدنيا).

الآية 171، والآية 172، والآية 173: (﴿ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ ﴾: يعني: وإنهم لفي فرحة غامرة بما أُعطاهم الله مِن عظيم جُودِه وواسعكرمه، ﴿ وَأَنَّ اللَّهَ ﴾: أي: وَبأن الله (﴿ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ ﴿ الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ ﴾: أي: الذين لبُّوا نداء الله ورسوله، وخرجوا في أعقاب المشركين إلى "حمراء الأسد"، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم رأى أن يَرفع معنويات أصحابه الذين جُرحوا وهُزِموا بأحُد، وأن يُرهِب أعداءه، فأمر مؤذناً يؤذن بالخروج في طلب أبي سُفيان وجيشه، فاستجاب المؤمنون وخرجوا معه (﴿ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ ﴾):أي: رغم ما كان بهم من آلام وجراح، وبذلوا غاية جهدهم،والتزموا بطاعة نبيهم، (﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ ﴾): أي: مِن هؤلاء المؤمنين، (﴿ وَاتَّقَوْا ﴾) ربهم، فلم يُشركوا به، ولم يَعصوه فيما أمرهم به أو نهاهم عنه، فأولئك لهم (﴿ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾)، وهؤلاء المؤمنون هم (﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ ﴾): أي: قال لهم بعض المشركين: (﴿ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ ﴾): أي: إنَّ أبا سُفيان ومَن معه قد أجمعوا أمرهم على الرجوع إليكم لقتلكم، فاحذروهم واخشوا لقاءهم، فإنه لا طاقة لكم بهم، (﴿ فَزَادَهُمْ ﴾) ذلك التخويف (﴿ إِيمَانًا ﴾): أي: يقينًا وتصديقًا بوعد الله لهم بالنصر عليهم، ولم يَثْنِهم ذلك عن عزمهم، فساروا إلى حيث شاء الله، (﴿ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ ﴾): أي: هو سبحانه كافينا شَرّ ما أرادوه بنا من الأذى، (﴿ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾) الذي نُوكل إليه أمورنا، ونفوضها إليه).

فلما قالوا ذلك، مَرَّ أحد حلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بمعسكر أبي سفيان، فسأله أبو سفيان عن الرسول صلى الله عليه وسلم، فأخبره أنه قد خرج في طلبكم ومعه جيش كبير وكُلُّهُم تَغَيُّظٌ عليكم، ونصحهم أن يرحلوا، فألقى الله الرعب في قلب أبي سفيان، فانهزم وهرب برجاله إلى مكة، خوفاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه.

واعلم أنّ في قوله تعالى: (﴿ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا ﴾): دليلٌ على أن الإيمان يزيد وينقص، فيزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية.

الآية 174: ((﴿ فَانْقَلَبُوا ﴾) من "حمراء الأسد" إلى "المدينة" مع نبيهم (﴿ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ ﴾): أي: بالثواب الجزيل، وبالمنزلة العالية،وبالنصر على أعداء الله، وبالتوفيق للخروج بهذه الحالة، و (﴿ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ ﴾): أي: وفازوا بالسلامة من القتل والقتال، (﴿ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ ﴾) وذلك بطاعتهم له ولرسوله، (﴿ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ﴾) عليهم وعلى غيرهم).

الآية 175: ((﴿ إِنَّمَا ﴾) المُثبِّط لكم (الذي يصيبكم بالإحباط والكسل عن الجهاد) هو (﴿ ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ ﴾) الذي جاءكم (﴿ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ ﴾): أي: يُخوِّفكم أنصاره، (﴿ فَلَا تَخَافُوهُمْ ﴾) لأنّهم ضِعافٌ لا ناصرَ لهم، (﴿ وَخَافُونِ ﴾) بالإقبال على طاعتي (﴿ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾) بي ومُتبعينَ لرسولي).

الآية 176: ((﴿ وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ ﴾): أي: لا تحزن بسبب هؤلاء الكُفار لمسارعتهم في الجحودوالضلال، (﴿ إِنَّهُمْ لن يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا ﴾) بذلك الكُفر، إنما يضرون أنفسهم بحرمانها من الجنة ونعيمها، فأولئك (﴿ يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا ﴾) أي: نصيباً من الخير (﴿ فِي الْآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾)).


الآية 178: ((﴿ وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ ﴾): يعني: ولا يَظُنَنَّ الجاحدون أننا إذا أَطَلْنا أعمارهم, ومتعناهم بمُتع الدنيا, ولمنؤاخذهم بكفرهم وذنوبهم, أنهم قد نالوا بذلك خيرًا لأنفسهم، (﴿ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا ﴾): يعني: إنما نؤخر عذابهموآجالهم؛ ليزدادوا ظلمًا وطغيانًا، (﴿ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴾): أي: يُهينهم ويُذلُّهم في الآخرة).

الآية 179: ((﴿ مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ) مِن التباس المؤمن منكم بالمنافق، (﴿ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ﴾) وذلك بالمِحَن والابتلاءات والتكاليف الشاقة (كالجهاد والهجرة والزكاة وصلاة الفجر)، (﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ ﴾) الذي يعلمه مِن عباده، فتعرفوا المؤمن منهم من المنافق،(﴿ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ ﴾): يعني: غير أن الله تعالى يصطفي من رسله مَن يشاءلِيُطلِعَهُ على بعض علم الغيب بِوَحْيٍ منه سبحانه، (﴿ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾)).


الآية 181: ((﴿ لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ ﴾) يطلب منا أن نُقرِضَهُأموالا(﴿ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ ﴾) (﴿ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا ﴾) (﴿ وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ﴾): أي: وسنكتب أيضاً أنهم راضون بما كانمِن قَتْل آبائهم لأنبياء الله ظلمًا وعدوانًا، وسوفنؤاخذهم بذلك في الآخرة، (﴿ وَنَقُولُ ﴾) لهم وهم في النار يُعَذَّبون: (﴿ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ ﴾)).

(وقد أوضحنا معنى قول الله تعالى: (﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً ﴾)، في تفسير الآية رقم (245)، في الربع السادس عشر من سورة البقرة، فراجعها إن شِئت).

الآية 182: ((﴿ ذَلِكَ ﴾) العذاب الشديد - وهو عذاب الحريق (﴿ بِمَا قَدَّمَتْ ﴾): أي: بسبب ما قدمته (﴿ أَيْدِيكُمْ ﴾) في حياتكم الدنيا من المعاصي القوليةوالفعلية والاعتقادية، وأن عذابكم ليس ظلما من الله لكم، (﴿ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾)).


الآية 183: ((﴿ الَّذِينَ قَالُوا ﴾): يعني: هؤلاء اليهود هم الذين قالوا - حين دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام -: (إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا):أي: أوصانا في التوراة، (﴿ أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ ﴾):أي: حَتَّى يَأْتِيَنَا بصدقةٍ يتقرب بها إلىالله، فتنزل نارٌ من السماء فتحرقها، (﴿ قُلْ ﴾): أنتم كاذبون فيقولكم لأنه (﴿ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ ﴾) (﴿ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾) في دَعواكم).

الآية 184: ((﴿ فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا ﴾) أقوامهم (﴿ بِالْبَيِّنَاتِ ﴾): أي: بالمعجزات الباهراتوالحجج الواضحات، (﴿ وَالزُّبُرِ ﴾): أي: وجاءوهم بالكتب السماوية، (﴿ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ ﴾): أي: وهذه الكتب السماوية هي نورٌ يكشف الظلمات، ببيانها ووضوحها).

واعلم أن حرف الواو الذي بين كلمة: (﴿ الزُّبُرِ ﴾)، وبين كلمة: (﴿ الْكِتَابِ الْمُنِيرِ ﴾): تسمى (عطف بيان)، يعني: عطف توضيح، لتبين أن هذه الكتب هي كتب منيرة، وليس معناها أن (﴿ الزُّبُرِ ﴾)، شيئٌ، (﴿ وَالْكِتَابِ الْمُنِير ﴾) شيئٌ آخر، (فكأن المعنى: (وجاؤوا أقوامهم بالزُبُر التي هي كتب منيرة)، وهذا مِثل قوله تعالى: (﴿ الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ ﴾) يعني: (الكتاب الذي يفرق بين الحق والباطل)، ومِثل قوله تعالى: (﴿ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ ﴾) يعني: (قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ، وهو هذا الكتاب المبين).

الآية 185: ((﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ) (﴿ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾) (﴿ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ﴾): يعني: فمَن أكرمهربه ونجَّاه من النار وأدخله الجنة، فقد نال غاية ما يَطلب،(﴿ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾): أي: متعة زائلة، فلا تغترُّوا بها).


[1] وهي سلسلة تفسير للآيات التي يَصعُبُ فهمُهافي القرآن الكريم (وليس كل الآيات)، وذلك بأسلوب بسيط جدًّا، وهي مُختصَرةمن (كتاب: "التفسير المُيَسَّر" (بإشراف التركي)، وأيضًا من "تفسير السّعدي"، وكذلك من كتاب: " أيسر التفاسير" لأبو بكر الجزائري) (بتصرف)، عِلمًا بأنّ ما تحته خط هو نص الآية الكريمة، وأما الكلام الذيليس تحته خط فهو شرحُ الكلمة الصعبة في الآية.
واعلم أن القرآن قد نزلَ مُتحدياً لقومٍيَعشقون الحَذفَ في كلامهم، ولا يُحبون كثرة الكلام، فجاءهم القرآن بهذاالأسلوب، فكانت الجُملة الواحدة في القرآن تتضمن أكثر مِن مَعنى: (مَعنىواضح، ومعنى يُفهَم من سِيَاق الآية)، وإننا أحياناً نوضح بعض الكلماتالتي لم يذكرها الله في كتابه، حتى نفهم لغة القرآن.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 26.93 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 26.31 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.33%)]