باكثير وريادة التصور الإسلامي في الرواية التاريخية (واإسلاماه نموذجًا)
أحمد رشاد حسانين
باكثير وريادة التصور الإسلامي في الرواية التاريخية
(واإسلاماه نموذجًا)
من أبحاث مؤتمر "علي أحمد باكثير ومكانته الأدبية"
المنعقد بالقاهرة في 18-21 جمادى الآخرة 1431هـ/ 1-4 يونيه (حزيران) 2010م
تحت رعاية رابطة الأدب الإسلامي العالمية
حين نرصُد تواريخَ كِتابة باكثير لرواياته التاريخيَّة نجدُ أنَّه قد كتبها في ظروفٍ سياسيَّة وأجواء إقليميَّة مضطربة مرَّت بها الأمَّة العربيَّة والإسلاميَّة، فالفترة ما بين عام 1944م حين كتب باكثير رواية "واإسلاماه" وعام 1965م حين ألَّف رواية "الفارس الجميل" امتلأت بالوقائع المضطرِبة والحوادث الجسام وكثير من مستجدَّات الحرب والسياسة، ما أشاع في منطقتنا كثيرًا من فوضى التغيُّرات واضطرابات التحوُّلات والتحالُفات وتغيير الأنظمة وقيام الانقلابات.
وبدايةً: نستطيع القول أنَّه وحتى بعد منتصف العقد الرابع من القرن العشرين لم تكن معظم أقطارنا العربيَّة والإسلاميَّة قد حصلت بعدُ على استقلالها من الاستعمار والهيمنة الغربيَّة على أراضيها ومُقدَّراتها، وأيضًا لم يكد يمرُّ عامان بعد أنْ وضعت الحرب العالميَّة الثانية أوزارَها حتى بدَأتْ مشكلة المسلمين الأولى والأهم؛ وأعني بها مشكلة فلسطين وإعلان دولة إسرائيل.
وكأنَّ العرب والمسلمين أفاقوا فقط على إعلان الدولة! أي: إنهم منذ وعد بلفور عام 1917م وحتى عام 1948م كانوا في حالةٍ من الإهمال والاستهتار، وإذ بهم وبعد فَوات الأوان يُحرِّكون جُيوشهم نحو فلسطين لتحريرها، يُحرِّكونها في حماسٍ اندِفاعي دُون تخطيطٍ أو تنسيق، إضافةً إلى ابتِلاعهم طعم الهدنة والمفاوضات أكثَر من مرَّة، بدايةً من موجات تهجير اليهود وحتى عام إعلان الهدنة عام 1948م... وهكذا سقَطتْ فلسطين في براثن الصِّهيَوْنيَّة العالميَّة.
وأمَّا مصر حيث الأزهر أكبر مؤسَّسة إسلاميَّة، وحيث منظمة العرب الأولى جامعة الدول العربية، فقد كانت في حالةٍ يُرثَى لها سياسيًّا في ظِلِّ الاحتلال وتصارُع الأحزاب على الحكم وتدخُّل سُلطات الاحتلال أحيانًا وسُلطة القصر أحيانًا أخرى في تشكيل الوزارات وإعلانها، أَضِفْ إلى ذلك نكبة 1948م وأثرها السلبي في الشارع المصري والعربي.
وعلى المستوى الثقافي والفكري كان هنالك صِراعٌ آخَر بين العلمانيين والليبراليين من جهةٍ والتيَّارات الاشتراكية واليسارية من جهة أخرى، وكان الإخوان المسلمون يُجابِهون الفريق الأول فكريًّا وسياسيًّا في إفراطه واتِّجاهاته التغريبيَّة، ويجابهون الفريق الآخَر في تطرُّف دعواته الشموليَّة وأحيانًا الماديَّة والإلحاديَّة، ثم يدخُل القوميُّون العرب حلبة الصراع في مصر مع هُبوب رِياحهم من الشمال في سوريا ولبنان، وتصبح الساحة السياسيَّة والفكريَّة أشبه بحلبةٍ يَسُودُها اللغط والفوضى والارتباك، ولم يكنْ في الساحة مَن يملك رؤيةً للإرادة والهويَّة وبعْث الأمَّة سوى حركة الإخوان المسلمين، أضفْ إلى ذلك شعبيَّتهم في الشارع العربي والإسلامي وقوَّتهم المنظَّمة ورصيدهم في كفاح الإنجليز.
من هنا، وبعد أنْ كان الإخوان في مصر على قاب قوسين أو أدنى من الحكم في مَطلَع خمسينيَّات القرن الماضي، يُفاجأ العالم كلُّه بانقِلاب 1952م المخطَّط برعايةٍ أمريكيَّة، ويستولى العسكريون على الحكم، وتبدأ حقبة جديدة تمامًا في تاريخ المنطقة، حقبة أمريكيَّة جديدة هدفها الأساس إضعاف الإخوان ثم ضربهم، ومن ثَمَّ إزاحتهم عن الساحة السياسيَّة، وبالفعل تَمَّ الانقلاب عليهم وضربهم ضربةً قاصمة عام 1954م.
وفي مواجهة موجات التغريب والتحرُّر الليبرالي، كذلك في التصدِّي لتيَّارات المادية والإلحادية والاشتراكية، ومع انعدام الرؤية وشتات الأيديولوجيات حرص جيل من الإسلاميين أمثال: محمد فريد أبي حديد وسعيد العريان وعلي الجارم وجودة السحار وعلي أحمد باكثير - على المستوى الفكري والثقافي - أنْ يجدوا مَخرَجًا لهذه المآزق سَواء بين عالمهم الإسلامي والعدوِّ الخارجي، أو بين عالمهم الإسلامي في الداخل عن طريق طرْح الرُّؤَى والتصوُّرات الإسلاميَّة فنيًّا.
وعلى المستوى السياسي كان الإخوان وحدَهم يُواجِهون الفَوضَى الأيديولوجيَّة حتى تَمَّ ضربهم في عام 1954م، ثم مرَّة أخرى أواسط الستينيَّات وحتى هذه اللحظة.
من هنا حرص باكثير في رواياته التاريخيَّة على اختيار مواقف ومُنعَطفات مهمَّة في التاريخ الإسلامي وخاصَّة مواقف السقوط أو مُنعَطفات النهضة؛ لاستِخلاص العِبَر، وتدبُّر المثلات، وتأمُّل المصائر، وإعمال البصائر، وتجنُّب آفات الماضي، واستشراف المستقبل.
وأمَّا الروايات التاريخيَّة الإسلاميَّة التي أنجزها باكثير فهي:
واإسلاماه 1944م - سلامة القس 1944م - الثائر الأحمر 1948م - سيرة شجاع 1956م - الفارس الجميل 1965، هذا غير مسرحيَّاته الكثيرة ذات التوجُّه الإسلامي والتي ركَّز معظمها على القضيَّة الفلسطينيَّة ومواجهة اليهوديَّة المنحرفة والصِّهيَوْنيَّة العالميَّة المتوحِّشة، وقد حازَتْ رواية (واإسلاماه) على جائزة وزارة المعارف المصريَّة عام 1945م، كما تحوَّلت إلى فيلم سينمائي أخرجه الإيطالي أندرو مارتينيون، والجدير بالذِّكر أنها ترجمت إلى الإنجليزيَّة عام 2006م، وترجمتها الأستاذة ديانا بيومي.
لقد وجد باكثير وزملاؤه من كتَّاب الروايات والأعمال الفنيَّة المستندة إلى التاريخ - وجدوا فيه مساحة آمِنةً وأكثر رحابة، يستَطِيع الكاتب على أرضها أنْ يَصُول ويَجُول، دون أنْ تعترضه مخاوف أو محاذير، كذلك فإنَّ التاريخ حافلٌ بالنماذج الساطعة التي يمكن أنْ تُحتَذَى في الواقع المعيش الذي يفتَقِر إليها، وإذا كان الواقع يُعانِي الانقسام وتَحُوطه الهزائم وتُنال منه النكسات والمِحَن، فلا مفرَّ للكاتب من الهروب إلى التاريخ كي يجدوا فيه السَّلوى والتِئام الجراح، وباستعادته بمواقفه المضيئة وإحضار شُخوصه المتألِّقة على صفحة الواقع - يستيقظ الوعي وتشحذ الهمم وتُعبَّأ قُوَى الأمَّة للمواجهة واتِّخاذ زمام المبادرة، وربما تستعيدُ الأمَّة دورها الحضاري كخير أمَّةٍ أُخرِجت للناس.
تقديم موجز لرواية "واإسلاماه":
تتناوَل رواية "واإسلاماه" فترةً حرجة في تاريخ مصر والعالم الإسلامي؛ وهي فترة انتقال الحكم من الدولة الأيوبيَّة الغاربة إلى دولة المماليك الصاعدة، وكانت فترةً شديدةَ الاضطراب، كما أنها عاصَرتْ صِراعًا شديدًا بين الإسلام والغرب الصليبي من جهةٍ وغزو التتار من جهةٍ أخرى وسُقوط بغداد عاصمة الخلافة في أيديهم، ثم بعد ذلك دمشق وزحفهم إلى فلسطين استِعدادًا لغزو مصر حتى لاقاهم سُلطان مصر سيف الدين قطز وانتصر عليهم انتصارًا حاسمًا في عين جالوت بأرض فلسطين.
وتقف الرواية على سِيرة البطل المسلم سيف الدين قطز قاهر التتار، وتصور جهاده كأروع ما تكون سيرة المجاهدين.
ويُركِّز المؤلف على نجاح قطز في إدراك النصر وانتزاعه في ظُروفٍ شديدة الصعوبة وكيف استعادت الأمَّة رُوحها بفريضة الجهاد الكبرى وعبَّأت قُواها لمواجهة خطر الفناء.
إنَّ الرواية تجلو صفحة رائعة من صفحات التاريخ الإسلامي في الشرق المسلم بعامَّة وفي مصر بخاصَّة، حيث نهضت بقيادة قطز بالقسط الأوفر من هذا الجهد الكبير، فصانت وجود الأمَّة وعصَمتْ تراث الإسلام من الضَّياع في يومٍ من أمجد أيَّامها.
وتكشف الرواية أيضًا عن مرحلةٍ من مراحل الجِهاد الطويل منذ قِيام الدولة السلجوقيَّة وحتى بداية قِيام دولة المماليك في مُناهضة الهجمة الصليبيَّة الآتية من الغرب.
كما تُقدِّم الرواية نموذجًا مشرفًا للعالِم العامِل متمثلاً في الشيخ العز بن عبدالسلام الذي نهض بمسؤوليَّاته كقيادةٍ روحيَّة للأمَّة، وكان مثلاً رائعًا في علوِّ الهمَّة، وثبات الموقف، وجُرأة الرأي، والتعالي على الصغائر والدَّنايا.
مع الرواية في تصوُّراتها وقيمها الإسلاميَّة:
أولاً: إحياء فريضة الجهاد ضرورةٌ لإحياء روح الأمَّة وصيانة وجودها:
يبدأ المؤلف مقدمة الرواية بالآية الكريمة الرابعة والعشرين من سورة التوبة من قوله تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾ [التوبة: 24].
ويكتب مؤلفها في المقدمة:
"هذه قصَّة تجلو صفحةً رائعة من صفحات التاريخ المصري في ظلِّ عهدٍ من أخصب عهوده، وأحفلها بالحوادث الكبرى والعِبَر الجليَّة، يطلُّ منها القارئ على المجتمع الإسلامي في أهمِّ بلاده من نهر السند إلى نهر النيل، وهو يستيقظُ من سُباته الطويل على صَلِيل سيوف المغيرين عليه من تتار الشرق وصليبيِّي الغرب، فيهبُّ للكفاح والدفاع عن أنفس ما عنده من تراث الدين والدنيا.."[1].
وإذ يُركِّز الكاتب في قصته على إحياء فريضة الجهاد وحيويَّتها بالنسبة للمسلمين، فهو أيضًا يلتمس في الدِّين قضايا وموضوعات شتَّى لها حضورها القوي في حياة المسلمين ومفهوم الكاتب للدِّين يتواءم مع التصوُّر الشامل للدِّين نفسه كمنظومةٍ متكاملة، فالدِّين ليس شعائر وعبادات فحسب، وإنما هو عبادة وتربية وسلوك وأخلاق؛ لذا فإنَّا لا نعدم في الرواية إثارة الكثير من هذه الجوانب وطرح تصوُّراتها الإيجابيَّة على هُدًى من دِيننا الحنيف.
ثانيًا: تصوُّرات إسلاميَّة في مجال التربية والتعليم:
1- الحرص على تعليم الصبية والنشء مبادئ الدين:
وتمثَّل ذلك في اهتمام كلٍّ من غانم المقدسي وابن الزعيم على حُسن تنشئة قطز حين كان مولى لديهما وتعليمه لغة اللسان العربي ومبادئ الدِّين والتردُّد على المساجد للأخْذ عن المشايخ والعلماء:
"وقد تعلم من الشيخ أنَّ النعمة لا تدوم إلا بالشُّكر، فليشكر نعمة الله وأساس الشكر التقوى، وملاك التقوى الجهاد في سبيل الله: جهاد النفس بكفِّها عن الآثام، وجهاد العدوِّ بدفْعه عن بلاد الإسلام"[2].
2- التأدُّب بآداب الدِّين يعصم المرء من العُقوق والعِصيان:
وهي قضيَّة تربويَّة مهمَّة يضَعُها المؤلف أمامنا حين يرسم صورتين متناقضتين لسلوكيَّات من حياة الأول: محمود (قطز) والثاني: موسى بن غانم المقدسي.
فحياة الأوَّل بدَتْ فيها خُطواته واثقة قويَّة وغاياته واضحة ومحدَّدة بالاستقامة والاستعانة بالله والاستماع للصالحين، وأمَّا الفتى الثاني فقد أشقى حَياته وضيَّع شبابه في مُصاحبة قُرَناء السوء وإطلاق العنان لنزواته دُون رادِعٍ، فكان جبارًا، عاقًّا، شقيًّا.
"ولكنَّ موسى أخلف ظنَّ أبيه فيه فكان ميَّالاً إلى الشَّراب واللهو ومخالطة عُشَراء السُّوء من الفتيان الخُلَعاء الماجنين، وقد حاوَل أبوه أنْ يصرفه عن ذلك فما زاد إلا عتوًّا ونفورًا"؛ الرواية ص 62.
وأمَّا قطز "فقد تعلَّق قلبه بالعبادة والتقوى وتردَّد على مجالس العلم في جامِع المدينة (دمشق)، ولا سيَّما دروس الشيخ ابن عبدالسلام وكان سيده ابن الزعيم يُشجِّعه على ذلك"؛ الرواية ص72.
3- تربية النَّشء المسلم على رُوح الفروسيَّة وإعدادهم للجندية:
وتلمَس ذلك في سِيرة محمود (قطز) وهو لا يزال صبيًّا ينشأ في كنف خاله السلطان جلال الدين بن خوارزم شاه، فقد حرص السلطان على تَنشِئة الصبي على شيءٍ من حياة الخشونة، والتدريب على مهارات القتال والكر والفر والتحلِّي بالشجاعة والثَّبات عند اللقاء.
يسأل السلطان ابنته جهاد (جلنار) ويتأكَّد منها عن خروجه في إحدى رحلاته التدريبيَّة مجهزًا أسلحته: "ولكن خبِّريني أولاً ألم يمتَطِ محمود جواده الأشقر ولبس خوذته الفولاذيَّة ودرعه المسرَّدة، وتقلَّد سيفه ورمحه الطويل، وتنكب قوسه وحمل ترسه؟"[3].
4- أخلاق الإسلام هي خيرُ عاصمٍ للشباب:
فالتقوى والحياة يعصمان الشباب المسلم من الزَّلَلِ، ومثل هذه الأخلاق الأصلية إسلاميًّا تسمو بوجدان الإنسان وتهذب عواطفه، وتتعالى بالغرائز موجهة إياها وجهتَها الصحيحة، فلا ندم ولا خُسران.
وخيرُ مثالٍ على ذلك يضربُه في قصَّة الحب العظيمة التي نشَأت وكبرت مع كلٍّ من قطز وجلنار (محمود وجهاد)؛ حيث نمت بذرة الحب وترَعرَعتْ بين الحبيبين كشجرةٍ طيِّبة أصلها ثابت وفرعُها في السماء، وقد لعب الحياء والورَع الدورَ البارز في صِيانة شجرة الحب بين العاشقين ورِعايتها حتى جنَيَا منها خيرَ الثِّمار.
وبالحياء والوَرَع والتأدُّب بآداب الأخلاق الإسلاميَّة واجَه الحبيبان لوعة الحب ونار الشوق مُتحلين بالصبر وتحمُّل المكاره، كما كان إخلاص كلٍّ منهما للآخَر عاملاً مُهِمًّا على الثبات ونموِّ الحلم والتطلُّع صوب الغد بالتفاؤل والأمَل، ما توَّج حبهما بالزواج وكلَّل حياتهما بالسعادة.
ثالثًا: في مجال العقيدة والالتزام بمتطلباتها:
تُطلَق كلمة (العقيدة) في اللغة على ما انعَقَد عليه القلب واستمسك به وتعذَّر تحويلُه عنه، لا فرق في ذلك بين ما كان راجعًا إلى تقليدٍ أو وهْمٍ وما كان راجعًا إلى دليلٍ عقلي.
وتُستَعمَل أيضًا في اللغة بمعنى الاقتناء، يُقال: اعتقد ضيعة أو مالاً؛ أي: اقتناهما، وعقَد قلبه على الشيء: لزمه، واعتقدت كذا؛ أي: عقدت عليه القلب والضمير.
وبما أنَّ الإيمان عقدٌ واعتقادٌ بين الإنسان وربه فقد وجَب على المؤمن أنْ يكون ملتزمًا بمتطلَّبات هذا العقد الموثق وبنوده، وهي كثيرة مُتشعِّبة بكثرة مظاهر حياة الإنسان وتعدُّد مناشطها التعبُّديَّة والفكريَّة والاجتماعيَّة وسائر منظومة حَياته؛ أولاً على مستوى الالتِزام الفردي، ثم على مستوى الالتزام الجمعي، ثم على مستوى الالتزام الأممي، حيث وشيجة العقيدة وآصِرة الأخوَّة الإسلاميَّة من أقوى الوشائج وأمتَنِ الأواصر الجامعة للأمَّة على صعيدٍ ومصيرٍ واحد، والقادرة على صياغة الأمَّة في صورة جسدٍ واحد إذا تداعى منه عضو انفعلت وتداعت له سائر الأعضاء قوَّة أو وهنًا، وكما ذكرنا فإنَّ القضايا والتصوُّرات التي يثيرها عقد الإيمان والاعتقاد كثيرة ومتداخلة في حياة الإنسان المسلم كبر شأنه أو صغر، وسنذكُر أهمَّ ما أثارَه المؤلِّف في رواية "واإسلاماه" من قَضايا المنظومة الإيمانيَّة العقديَّة خاصَّة في شؤون الإدارة والسياسة والحكم وقيادة الأمَّة ومنها:
يتبع