عرض مشاركة واحدة
  #22  
قديم 31-05-2021, 04:08 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,493
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سلسلة كيف نفهم القرآن؟ ____ متجدد إن شاء الله

سلسلة كيف نفهم القرآن؟
رامي حنفي محمود




تفسير الربع الثالث من سورة ال عمران بأسلوب بسيط









الآية 34: ï´؟ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ ï´¾: أي: إن هؤلاء الأنبياء والرسل - وهم آدم ونوح وآل إبراهيم وآل عِمران - هم سلسلة طُهْر متواصلة في الإخلاص لله وتوحيده، والعملبِوَحْيِه، ï´؟ وَاللَّهُ سَمِيعٌ ï´¾ لأقوال العباد ï´؟ عَلِيمٌ ï´¾ بنيَّاتهم وأفعالهم؛ ولذلك يَصطفي مِنهم مَن يَعلمُ استقامته قولاً وفِعلاً، وهذا مِثل قوله تعالى: ï´؟ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ï´¾ [الأنعام: 124].

الآية 35: ï´؟ إِذْ ï´¾: أي: اذكر حينَ ï´؟ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ï´¾: أي: جعلتُ لك ï´؟ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا ï´¾: أي: خالصًا لك، لخِدمة بيتالمقدس، ï´؟ فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ ï´¾ وحدك ï´؟ السَّمِيعُ ï´¾ لدعائي ï´؟ الْعَلِيمُ ï´¾بنيَّتي).

الآية 36: ï´؟ فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى ï´¾ لا تصلح للخدمة فيبيت المقدس، ï´؟ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ ï´¾ وسوف يَجعل لها شأنًا، ثم قالت امرأة عِمران: ï´؟ وَلَيْسَ الذَّكَرُ ï´¾ الذي أردتُ للخدمة ï´؟ كَالْأُنْثَى ï´¾ في ذلك؛ لأن الذكر أقوى على الخدمة، ï´؟ وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا ï´¾: أي: أحَصِّنها ï´؟ بِكَ ï´¾ ï´؟ وَذُرِّيَّتَهَا ï´¾: أي: وكذلك أحَصِّن ذريَّتها بك ï´؟ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ï´¾: أي: المطرود من رحمتك).

الآية 37: ï´؟ فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ ï´¾: أي: فاستجاب اللهُ دعاءها، وقَبِلَ منها نَذرها أحسن قَبول - ولم يَقبل أنثى مَنذورة غيرها - وعصم ابنتها مريم وولدها مِن مَسِّ الشيطان عند الولادة، قال النبي صلى الله عليه وسلم - كما في الصحيحين -: ((ما مِن مولودٍ يُولد إلا والشيطان يَمَسُّهُ حين يُولد، فيَستَهِلُّ صارخًا مِن مس الشيطان، إلا مريم وابنها))؛ وذلك استجابةً لدعائها: ï´؟ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ï´¾، واعلم أن كلمة: ï´؟ بِقَبُولٍ حَسَنٍ ï´¾ توضح أن هناك زيادة في رضاه تعالى عن امرأة عمران).

ï´؟ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا ï´¾: أي: وتولَّى ابنتها مريمبالرعاية والتربية منذ ولادتها؛ وذلك لأن الله تعالى جعل زكريا عليه السلام كافلاً لها، قال تعالى: ï´؟ وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا ï´¾، فأسكَنها في مكان عبادته؛ ليربيها على أكمل الأحوال، فنشأت في عبادة ربها، وكان ï´؟ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ ï´¾ - وهو مكان صلاته - ï´؟ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا ï´¾ هنيئًا مُعَدًّا فـ ï´؟ قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا ï´¾: أي: مِن أين لكِ هذا الرزق الطيب؟ ï´؟ قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ï´¾.

الآية 38: ï´؟ هُنَالِكَ ï´¾: أي: في هذا المكان المبارك الذي حدثت فيه هذه الكَرامة لمريم: ï´؟ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ ï´¾ فـ ï´؟ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً ï´¾: أي: ولدًا صالحًا مباركًا، وإنما قلنا بأن المقصود بالذرية هنا هو الذكر وليس الأنثى؛ لأنه سبحانه قد أخبرَ في آيةٍ أخرى أن زكريا دعاهُ فقال: ï´؟ فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا ï´¾ [مريم: 5، 6]، ثم أتَمَّ زكريا دعاءه، فقال: ï´؟ إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ ï´¾: أي: لِمن دَعاك).

وفي هذا إرشادٌ إلى اغتنام الدعاء في الأماكن المباركة (كالمساجد بصفة عامة)، (وكالبيت الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى) بصفة خاصة، وكذلك في الأزمِنة المباركة (كشهر رمضان، والعشر الأوائل من ذي الحجة، وعند نزول المطر، وقُبَيْل طلوع الفجر، وفي آخر ساعة من يوم الجمعة، وغير ذلك).

الآية 39: ï´؟ فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ ï´¾: أي: يُخبركبخبر يَسُرُّك، وهو أنه رزقك ï´؟ بِيَحْيَى ï´¾ الذي سيكونُ ï´؟ مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ ï´¾: أي: مُصَدِّقًا بعيسى ابن مريم عليه السلام - الذي سيكونُ وُجودُهُ بكلمةٍ مِن الله، وهي كلمة: "كُن" -، ï´؟ وَسَيِّدًا ï´¾: أي: وسيكون يحيى سيدًافي قومه، له المكانة والمنزلةالعالية، ï´؟ وَحَصُورًا ï´¾: أي: لا يأتي الذنوب والشهوات الضارة، ï´؟ وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ ï´¾ الذين بلغوا الذروة في صلاحهم).

الآية 40: ï´؟ قَالَ ï´¾ زكريا فرِحًا متعجبًا: ï´؟ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ ï´¾: أي: أدركتني الشَّيخوخة وأضعفتني ï´؟ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ ï´¾: أي: عقيم، ï´؟ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ï´¾: يعني: هذا الذي يَحدث لكِ ليس بمُستبعَد على الإله القادر الذي يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ من الأفعال الخارقةللعادة).

الآية 41: ï´؟ قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً ï´¾: يعني: علامةً علىوجود هذا الولد؛ ليَحصل لي السرور والاستبشار، ï´؟ قَالَ آيَتُكَ ï´¾ التي طلبتَها هي ï´؟ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا ï´¾: يعني: ألاَّتستطيع التحدث إلى الناس ثلاثة أيام إلا بالإشارة إليهم، مع أنك سَوِيٌّ صحيح، ï´؟ وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا ï´¾: يعني: وفي هذه المدة أكثِرْ مِن ذِكر ربك، ï´؟ وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ ï´¾: أي: أواخِر النهار وأوائله).

الآية 42: ï´؟ وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ ï´¾: والمُراد بهذاالاصطفاء أنه سبحانه اختارها لطاعته، وفرَّغَها لعبادتِه؛ ولذلك خَصَّها بأنواع الهِداية والعِصمة واللُّطف، فقد كفاها أمْرَ عَيْشها، فكانَ رِزقها يأتيها من عند الله، وأنه تعالى أسْمَعَها كلام الملائكة شَفَاهَة، ولم يَحدث هذا لأنثى غيرها، ï´؟ وَطَهَّرَكِ ï´¾ مِن الكُفر والمَعصية والأخلاق الرذيلة، ï´؟ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ ï´¾: والمُراد بهذا النوع منالاصطفاء أنه تعالى وَهَبَ لها عيسى عليه السلام من غير أب،وأنطقَ عيسى حالَ انفصالِهِ منها ليَشهد لها ببراءتها مِن التُّهمة،فبذلك جعلها وابنها آية للعالمين).

الآية 43: ï´؟ يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ ï´¾: أي: داوِمِي على الطاعة لربك، وقومي في خشوع وتواضع، شكرًا له على ما أعطاكِ مِن نِعَمِه، ï´؟ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ ï´¾، ويُلاحَظ هنا أنه سبحانه لم يقل: (واركعي مع الراكعات) مع أنها أنثى، وقد قال عنها - أيضًا - في آيةٍ أخرى: ï´؟ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ ï´¾ [التحريم: 12]؛ وذلك لأنه تعالى لمَّا كان يريد أن يَمدحَ عبدًا من عباده - رجلاً كانَ أو امرأة - كان يَمنحه درجة الرجال، قال تعالى: ï´؟ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ï´¾ [البقرة: 228].

الآية 44: ï´؟ ذَلِكَ ï´¾ الذي قصَصْناهُ عليك هو ï´؟ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ ï´¾ الذي ï´؟ نُوحِيهِ إِلَيْكَ ï´¾ ï´؟ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ ï´¾: أي: وما كنتَ معهم حين اختلفوا في كَفالة مريم أيُّهم أحَقُّ بها وأوْلَى، فأجْرَوُا القرعة، وألقَوْا أقلامهم التي يكتبون بها التوراة، فوقع الاختيار على قلم زكريا عليه السلام، ففاز بكفالتها، ï´؟ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ ï´¾: أي: حين وقع بينهم هذاالخصام).

الآية 45: ï´؟ إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ ï´¾: أي: يُبشركِ بمولودٍ يكون وجوده بكلمةٍ من الله، وهي كلمة: "كن"، وهذا المولود ï´؟ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ï´¾، وسيكون ï´؟ وَجِيهًا ï´¾: أي: له الجاه والشرف والقدْر ï´؟ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ï´¾ عندالله يوم القيامة)، واعلم أن لفظ: (المَسيح) هو لقب من الألقاب المُشَرَّفة كالصِّدِّيق والفاروق، وأصلُهُ بالعِبرانية: (مشيحا)، ومعناه: المبارك).

الآية 46: ï´؟ وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ ï´¾: أي: بعد ولادته، ï´؟ وَكَهْلًا ï´¾: أي: وكذلك يكلمهم في حال كُهُولتهبعد أن ينزل من السماء في آخر الزمان ويَقتلالدَّجَّال، (قال الحسين بن الفضل رحمه الله: "وفي هذه الآية نَصٌّ في أنه عليه الصلاة والسلامسينزل إلى الأرض)، فقد رُفِعَ عيسى عليه السلام إلى السماء وَعُمْرُهُ ثلاثٌ وثلاثون سنة (أي وهو في شبابه)، ï´؟ وَمِنَ الصَّالِحِينَ ï´¾: أي: وهو مَعدود من أهل الصلاح والفضلفي قوله وعمله).


الآية 47: ï´؟ قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ ï´¾؟! ï´؟ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ï´¾: أي: هذا الذي يحدث لكِ ليس بمُستبعَد على الإله القادر،الذي يُوجِدُ ما يشاء من العدم، و ï´؟ إِذَا قَضَى أَمْرًا ï´¾: أي: إذا قدَّرَ أمرًا، وأراد إيجاد شيء: ï´؟ فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ï´¾.

ويُلاحَظ هنا أن الله تعالى قال في قصة مريم: ï´؟ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ï´¾؛ لأن الأمر كان مُعجِزًا وخارقًا للعادة، مِن غير وجود السبب الطبيعي للإنجاب، أما في أمر زكريا عليه السلام فإنه قال: ï´؟ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ï´¾؛ لأن الأمر كان طبيعيًّا بين الرجل والمرأة، وكانت أسباب الإنجاب موجودة، ولكنها كانت مُعَطَّلَة).

الآية 48: ï´؟ وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ ï´¾: أي: ويعلمه الكتابة، ï´؟ وَالْحِكْمَةَ ï´¾: أي: وسُنَن الأنبياء عليهم السلام، والفِقه، والسَّداد في القول والفعل، ï´؟ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ ï´¾.

الآية 49، والآية 50، والآية 51: ï´؟ وَرَسُولًا ï´¾: أي: ويَبعثهرسولاً ï´؟ إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ ï´¾ قائلاً لهم:ï´؟ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ï´¾ تدلُّعلى أني مُرْسَلٌ مِن الله، وهي ï´؟ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ ï´¾: أي: أصنع لكم ï´؟ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ ï´¾: أي: مِثل شَكل ï´؟ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ ï´¾ ï´؟ وَأُبْرِئُ ï´¾: أي: وبإذن الله تعالى أشفِي ï´؟ الْأَكْمَهَ ï´¾ وهو الأعمى، ï´؟ وَالْأَبْرَصَ ï´¾ وهو الذي أصابه مَرَضُ البَرَص فتغيَّر لونُ جلدِه، ï´؟ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ ï´¾ ï´؟ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ ï´¾ ï´؟ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ï´¾: أي: إن كنتم مُصَدِّقين حُجَجَ اللهِ وآياتِه، مُقرِّين بتوحيده).

وهنا ينبغي أن نعرف الفرق بين المُعجِزات وبين ما يُسمونه بـ (السِّحر والشَّعْوَذَة): وهو أن المعجزة التي تحدث على يد النبي فإنه لا يَتباهَى بها، بل يَستدِلُّ بها لتقريب الناس إلى ربهم عَزَّ وجَلَّ، ولِدَعوَتِهم إلى التوحيد الخالص، وإلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وغير ذلك من أعمال الخير والصلاح، أما التي تحدث على يد الكاهن أو الساحر فإنه يَدعو بها لنفسه وللشياطين، وللشِّرك بالله عَزَّ وجَلَّ، وفِعل المُنكَرات، وأكْل أموال الناس بالباطل.

ثم قال لهم عيسى عليه السلام: ï´؟ وَمُصَدِّقًا ï´¾: أي: وجئتُكُم مُصَدِّقًا ï´؟ لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ ï´¾ المُنَزَّلة على أخي موسى عليه الصلاة والسلام، لأحُثَّكُم على العمل بها، ï´؟ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ ï´¾ مِن الأطعِمة بسبب ذنوبكم، ثم أعادَ تذكيرهم بالمعجزات مرة أخرى، فقال: ï´؟ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ï´¾؛ وذلك ليكون كلامه مؤثرًا في قلوبهم وطباعهم الغليظة، ولِيُؤكد أنها مِن عند الله، وليست من عند نفسه، فكأنه أراد أن يقول: "وجئتُكم بآيةٍ تدل على أن الله هو ربي وربكم، وعلى أني رسولٌ من عنده".

ï´؟ فَاتَّقُوا اللَّهَ ï´¾ ï´؟ وَأَطِيعُونِ ï´¾ فيما أبَلغُكُم به عن الله، ï´؟ إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ ï´¾: أي: إن الله - الذي أدعوكم إليه - هو وحده ربي وربكم فاعبدوه، فأنا وأنتم سواءٌ فيالعُبودية والخضوع لله تبارك وتعالى، وإلاَّ، فدَعونا نتسائل: (أين قال عيسى في الإنجيل: (اعبدوني لأنني أنا ربُّكُم)؟! وأين هو - أصلاً - إنجيل عيسى ابن مريم عليه السلام؟! وهل يُعقلُ أن ينزل الإله مِن عَليائِهِ لِيَعيشَ في بطن امرأة، ثم يَخرج منه ليَعيش على الأرض، فيَرضع مِن أمِّهِ، ويحتاجَ إلى الطعام والشراب، وينام، ويحتاجَ إلى قضاءِ حاجته، ويَنشغلَ بأمر نفسِه؟! هل هذا إلهٌ يَستحق أن يُعبَد؟!) تعالى اللهُ عن ذلك عُلُوًّا كبيرًا؛ ولذلك قال عيسى عليه السلام بعدها: ï´؟ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ ï´¾: يعني: وهذا - أي عبادة الله تبارك وتعالى وحده لا شريك له - هو الطريق الصحيح الذي لا اعْوِجاجَ فيه)، وهذا مُطابقٌ تمامًا لِما دعا إليه جميع الأنبياء والرسل منتوحيد الله تعالى، وإخلاص العبادة له.




[1] وهي سلسلة تفسير للآيات التي يَصعُبُ فهمُها في القرآن الكريم (وليس كل الآيات)، وذلك بأسلوب بسيط جدًّا، وهي مُختصَرة من كتاب: (التفسير المُيَسَّر (بإشراف التركي)، وأيضًا من تفسير السعدي) (بتصرف)، عِلمًا بأنَّ ما تحته خط هو نص الآية الكريمة، وأما الكلام الذي ليس تحته خط فهو شرحُ الكلمة الصعبة في الآية.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 30.18 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 29.55 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.08%)]