عرض مشاركة واحدة
  #604  
قديم 30-05-2021, 04:30 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,254
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )




تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة المائدة - (5)
الحلقة (315)

تفسير سورة المائدة (13)

افتراءات أهل الكتاب كثيرة، وادعاءاتهم الباطلة لا تنتهي، فقد ادعى النصارى أن عيسى بن مريم هو الله، ومنهم من ادعى أنه ابن الله، وادعى النصارى مع اليهود أنهم أبناء الله وأحباؤه، وذلك لما دعاهم الرسول إلى عبادة الله وخوفهم من عذابه إن هم كفروا وأعرضوا، وقد أمر الله نبيه أن يقول لهم: إن عيسى عبد الله، ولو شاء الله أن يهلكه فلن يعصمه منه أحد، ويخبرهم أن الله لا يعذب أولياءه وأحباءه، وإنما هم مستحقون لعقابه وعذابه.
قراءة في تفسير قوله تعالى: (فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية ...) وما بعدها من كتاب أيسر التفاسير
الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.ثم أما بعد: أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة والتي بعدها ندرس كتاب الله عز وجل؛ رجاء أن نظفر بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود، إذ قال صلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده ). وها نحن مع سورة المائدة المباركة الميمونة، ومع هذه الآيات الثلاث، وهي قول ربنا جل ذكره: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ * يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [المائدة:17-19].
هداية الآيات
أذكركم بالآيتين السابقتين قبل الشروع في دارسة هذه الآيات، الآيتان السابقتان هما قول ربنا عز وجل: فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ [المائدة:13-14].قال المؤلف غفر الله له ولكم ورحمه وإياكم والمؤمنين: [هداية الآيتين: من هداية الآيتين: أولاً: حرمة نقض المواثيق ونكث العهود ]، فلا يحل لمؤمن ولا مؤمنة، لا يحل لآدمي أو آدمية أن ينقض عهداً أو أن ينكثه، أما لعن الله بني إسرائيل لنقضهم العهد أم لا؟ سواء كان العهد بينه وبين الله، أو بينه وبين الإنسان، يجب الوفاء بالعهود.[ حرمة نقض المواثيق ونكث العهود، ولا سيما ما كان بين العبد وربه ]، أتعاهد ربك ثم تنقض العهد؟ أتشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وتتخلى عن عبادة الله؟ أتشهد أن محمداًرسول الله وتتبع غيره وتمشي وراءه وتتخلى عن سنة رسول الله؟ أي نقض أكثر من هذا النقض؟! [ ثانياً: الخيانة وصف لازم لأكثر اليهود ]، الخيانة صفة لازمة لأكثر أفراد اليهود، وقل من ينجو منهم من هذه الصفة الخبيثة، وهي نقض المواثيق. [ الخيانة وصف لازم ] لا ينفك [ لأكثر اليهود إلى اليوم، فقل من سلم منهم من هذا الوصف ]، أقول: من عشرات السنين ونحن في هذا المسجد النبوي الشريف ننصح للعرب حكاماً ومحكومين علماء وأميين أن: اتفقوا مع اليهود، خذوا بينكم وبينهم عهداً وميثاقاً؛ حتى يطمئن إخوانكم ويستقرون في ديارهم التي قسمت بينهم وبين أعدائهم اليهود بذنوبنا السابقة، اتفقوا معهم واعلموا أنها فرصة فقط من أجل أن تقووا إخوانكم وتعلموهم وتزودوهم بالطاقات، ثم اليهود سوف ينقضون العهد بأنفسهم، فاغتنموا هذه الفرصة، لا تقولوا: إذا اتفقنا مع اليهود فلا يمكن أبداً أن ننقض العهد ونبقى دائماً مفرطين في أرض الله وبلاده، بل سوف ينقضون العهد، فقووا إخوانكم وكثروا من عددهم بدل أنهم مشردون هنا وهناك في أنحاء العالم، فيصبحون قوة، وسينقض اليهود العهد وتغلبوا، وكان إخواننا يضحكون من هذا ويسخرون: كيف نتفق مع اليهود وكيف وكيف؟! ومضت خمسون سنة والآن رضينا بالقسمة، ويا ليتها القسمة الأولى! والشاهد في هذا: أننا نؤمن بكلام الله، وقد أخبر الله تعالى بأن اليهود ينقضون العهود؛ فلهذا خذ حذرك من عهودهم ومواثيقهم، فإذا كان لك هدف وغرض في العهد فاربطه معهم، لتحقق هدفك، واعلم أنهم سينقضون ذلك، وهذا كلام الله؛ فلهذا قلنا: الخيانة وصف لازم لأكثر اليهود، فقل من سلم منهم من هذا الوصف.أما المسلمون فلا ينقضون العهود أبداً، هذا الحبيب صلى الله عليه وسلم عقد عقداً مع بني قينقاع، فنقض العهد بنو قينقاع، فماذا فعل بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أجلاهم، أبعدهم عن المدينة فقط، ما قتل رجالهم ولا سبى نساءهم، والتحقوا بأذرعات من أرض الشام.وبنو النضير خانوا عهدهم، نقضوا ميثاقهم، فحاصرهم الرسول صلى الله عليه وسلم برجاله ثم أجلاهم وأبعدهم، ما قتل منهم رجلاً ولا سبى امرأة ولا طفلاً، وبنو قريظة انضموا إلى المقاتلين والمحاربين لرسول الله، فنقضوا عهدهم ودخلوا في جماعة الأحزاب لقتال الرسول صلى الله عليه وسلم.والشاهد عندنا في هذا الوصف الذي أخبر الله تعالى به عنهم، فلا تثق في اليهود، إن عاهدتهم عهداً أو ميثاقاً فتنبه له فقط، فسينقضونه.[ ثالثاً: استحباب العفو عندة القدرة، وهو من خلال الصالحين ]، يستحب للمؤمن إذا قدر على أن يغلب أو يأخذ يستحب له أن يعفو، لأنه كامل يزداد كمالاً، ويصفح ولا ينتقم، ولا يأخذ بالذنب، يستحب له ذلك ليكون أكمل الناس، وإن أخذ حقه فله ذلك على شرط: ألا يزيد على ما هو حقه، لكن العفو أفضل وخاصة بين المؤمنين وبين المسلمين، العفو حتى مع اليهود، عفا عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو مأمور بهذا: فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [المائدة:13]، فكيف بما بينك وبين أخيك المؤمن وقد قدرت على أن تضربه أو تأخذ حقك منه ثم تقول: تركناه لله وعفونا عنك يا أخي علك تتوب؟![ رابعاً: حال النصارى لا تختلف كثيراً عن حال اليهود ]، تجمعهم كلمة: كفار، تجمعهم كلمة: أهل كتاب، تجمعهم كلمة: أعداء الله ورسوله والمؤمنين، لا تختلف كثيراً عن حال اليهود، [ كأنهم شربوا من ماء واحد ]، كأنهم رضعوا من ثدي واحد، ولعل السر -والله أعلم- أن روح اليهود تسري في أجسامهم، وأن تعاليم اليهود ومكرهم ينفخونه في النصارى! ولا يبعد هذا أبداً، كأنهم تلامذتهم وهم لا يشعرون، يربونهم على النكث والنقض والخيانة وما إلى ذلك.قال: [ وعليه فلا يستغرب منهم الشر، ولا يؤمنون على سر، فهم في عداوة الإسلام والحرب عليه متعاونون متواصون ]، فالآن لو يدخل العرب مع اليهود في حرب فالنصارى كلهم إلى جنب اليهود! من أين أخذنا هذا؟ من هداية هاتين الآيتين الكريمتين: فَبِمَا نَقْضِهِمْ [المائدة:13]، وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ [المائدة:14] الآية.
مراجعة لما سبق تفسيره من آيات سورة المائدة

تحريف أهل الكتاب للتوراة والإنجيل وحفظ الله تعالى للقرآن الكريم
الآن مع هذه الآيات، حيث يقول تعالى: يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ [المائدة:15]. قوله تعالى: يَا أَهْلَ الْكِتَابِ [المائدة:14] من المنادي؟ الله جل جلاله. من هم أهل الكتاب؟ هم اليهود والنصارى، لأن اليهود عندهم التوراة، والنصارى عندهم الإنجيل، والتوراة والإنجيل كتابان أنزلهما الله على رسوليه: موسى وعيسى، لكن الحقيقة أن التوراة ثلثها من كلام الله، وثلثان من كلام أحبارهم وعلمائهم، والإنجيل لا يوجد فيه من كلام الله خمس ولا عشر، الإنجيل في يوم من الأيام حولوه إلى خمسة وثلاثين إنجيلاً، فكم نسبة كلام الله فيه؟ وبعد أن كشفت عورتهم ووقعوا في محنة العار والذم حولوا الإنجيل إلى خمسة أناجيل: لوقا، وبرنابا، ويوحنا، ومتى، ومرقس.أما القرآن كتاب الله فلم يزد فيه حرف واحد، ولم ينقص منه حرف واحد وليست كلمة، وقد ذكرت لكم أن مؤتمرات سرية انعقدت من أجل إسقاط حرفين من القرآن الكريم فما استطاعوا؛ لأن الله عز وجل تعهد بحفظه، فقال عز وجل: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر:9]، وإذا تولى الله حفظ شيء فهل يمكن أن يؤخذ؟ مستحيل! ومن آيات ذلك أنه محفوظ في صدور النساء والرجال، فهل سيقتلون أهل القرآن كلهم؟ ما يستطيعون؛ فلهذا أرادوا أن يسقطوا كلمة (قل)، فبدل: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ [الأعراف:158] (يا أيها الناس)! وبدل: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون:1] (يا أيها الكافرون)! كلمة (قل) هذه حيرتهم، قالوا: ما نستطيع أن نقنع العقلاء بأن القرآن كلام محمد لا كلام الله، وإنما محمد عربي صقلته حرارة الصحراء فخاض في هذه المعارض بذكائه، فما دمنا نجد (قل) فإنه لا يمكن أن يقول متكلم لنفسه: قل، إذاً: لا بد أن هناك من يقول له: قل ويعلمه، فإذا استطعنا أن نحذف كلمة (قل) في يوم من الأيام فسنقنعهم بأن هذا ليس كلام الله، هذا كلام محمد صلى الله عليه وسلم.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 36.06 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 35.43 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.74%)]