عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 09-05-2021, 04:02 PM
الصورة الرمزية abdelmalik
abdelmalik abdelmalik غير متصل
قلم فضي مميز
 
تاريخ التسجيل: Sep 2006
مكان الإقامة: المغرب
الجنس :
المشاركات: 6,009
الدولة : Morocco
افتراضي رد: تحذير خطير : اياكم وتمرينات الطاقة (الجزء السابع)

في موضع اخر اشار صراحة الى تفضيل المتصوفة الاعتماد على القلب بدل العقل، اليكم لقطتين من كلامه.








الان من باب التذكير بهذا الشان، اليكم ما سبق ان طرحته في مشاركتي رقم (592) من هذا الموضوع :



وبالمناسبة ليس فقط جلال الدين الرومي وشيخه شمس تبريز من كانا يحتقران العقل ولا يولونه اهمية، وإنما كبار مشايخ التصوف وعلى رأسهم ابن عربي لديهم نفس النظرة، وعندما اترجم كلام السيدة الفرنسية ستعرفون السبب، لكن قبل ذلك اليكم رابط موقع عربي





وتفضلوا مقتطفا من المقالة يؤكد بأن جهابذة التصوف الذين يسمونهم العارفين بالله كانوا لا يعطون قيمة للعقل لانهم يعتمدون على ما يسمونه ب "الكشف" و "الذوق" وغيرهما، اليكم نظرة ابن عربي للعقل :


بما أن المعرفة حالٌ للعارف، وليست أفكارًا أو معلومات تُحشَد، أو يتلقَّنُها التلميذ عن المعلِّم، فإن المنهج المعرفي هو التوسُّم الذي يتأسَّس على مبدأ الفراسة. ففي المعتقد الصوفي أن لكلَّ مشهد عينًا تخصُّه، مثلما أن لكلِّ عين مشهدًا يخصُّها. والفراسة هي الاسم الآخر للبصيرة. والبصيرة افتضاضٌ أو استبارٌ للمستور الراخم داخل المرئيات، الأمر الذي من شأنه أن يلخِّص الصوفية بأنها متعة الاتصال بالأسرار، أو الرغبة في حيازة الغامضات. ولهذا فإن أهل التصوف لا يقيمون للعقل كبير وزن؛ وما ذاك إلا لأن العقل في عرفهم محتاج دومًا إلى الدليل؛ فهو مُحْدَث، "والمحدث لا يدلُّ إلا على مثله"[31]. وهذا يعني أن العقل مخلوق؛ وليس في وسع المخلوق أن يدرك شيئًا سوى المخلوقات. وأما الخالق نفسه فلا سبيل إليه بواسطة العقل، لأنه عصيٌّ على الفهم والإدراك المنطقي، أو كما جاء في الرسالة القشيرية، "لا تُماقِلُه العيون، ولا تقابله الظنون"[32]. وهذا ما أكَّده الكلاباذي حين قال: "لا تدركه العيون، ولا تهجم عليه الظنون."[33] وهو يضيف في موضع آخر: "العقل يجول حول الكون، فإذا نظر إلى المكوِّن ذاب."[34] وذوبان العقل، حين ينظر إلى خالقه، هو استعارة جميلة معناها أنه يصاب بالعطالة إذا ما احتشد واستنفر ليلتقط صورة الله الذي "لا تهجم عليه الظنون". ومثل هذا القول يشبه قول الحق في أحد مواقف النفري: "حرفت العقول عني فوقفت في مبالغها."[35] ويؤيد السهروردي البغدادي هذا المذهب حين يرى العقل محرومًا من التمتع بالجمال الأزلي الذي لا ينكشف إلا للروح. وسرُّ ذلك أن "العقل موكل بعالَم الشهادة، لا يهتدي من الله سبحانه إلا إلى مجرد الوجود، ولا يتطرق إلى حريم الشهود..."[36]. هذه هي وظيفة العقل عند أهل التصوف: إنها تدبير شأن الدنيا، وليس شأن النزوح إلى الله.
أما ابن عربي – فيلسوف الشمول واللانهاية – فهو أكثر الصوفيين إيغالاً في تنحية العقل جانبًا بغية ترسيخ الكشف والتجلِّي والشوق والذوق، من حيث هي الدروب الوحيدة المفضية إلى الحق المطلق. يقول في الفص الرابع عشر من فصوص الحكم:[37]
فقلوبهم ساذجة من النظر العقلي، لعلمهم بقصور العقل، من حيث نظرُه الفكري، عن إدراك الأمور على ما هي عليه. والإخبار أيضًا يقصِّر عن إدراك ما لا يُنال إلا بالذوق. فلم يبقَ العلم الكامل إلا في التجلِّي الإلهي وما يكشف الحق عن أعين البصائر والأبصار من الأغطية، فتدرك الأمور، قديمها وحديثها، وعديمها وموجودها، ومحالها وواجبها وجائزها، على ما هي عليه في حقائقها وأعيانها.
وهو يؤكد، في موضع آخر من الفص نفسه، أن "الكيفيات لا تُدرَك إلا بالأذواق"[38]. والأهم من ذلك أن المدرِك لا يدرك من التجلِّيات إلا بحسب استعداده: "والتجلِّي لا يكون إلا بما أنت عليه من الاستعداد الذي به يقع الإدراك الذوقي، فتعلم أنك ما أدركت إلا بحسب استعدادك."[39]
والحقيقة أن مقولة "الاستعداد" هذه شديدة الأهمية، وذلك نظرًا لأنها تميز الأفراد بعضهم عن بعض؛ وبهذا فإنها تدشِّن أرضية فردية وشخصية للمعرفة، وتجعل من الذاتية شارِطًا أوَّلانيًّا للمعرفة. وينوِّه ابن عربي بهذه الحقيقة حين يقول: "وما ثَمَّ إلا علم وذات قام بها هذا العلم."[40] وهذا يعني أن هنالك "التحامًا نكاحيًا" بين العارف والمعروف، أو قُلْ بين الذات وموضوعها المعرفي. ولهذا فإن الموضوعية المطلقة هي ضرب من ضروب المحال!
ويأخذ ابن عربي على العقل مأخذًا يراه جديًّا، وذلك حين يقول في الفص الثاني والعشرين:[41]
ومما يدلُّك على ضعف النظر العقلي من حيث فكرُه كونُ العقل يحكم على العلة أنها لا تكون معلولة لمن هي علة له. هذا حكم لا خفاء به. وما في علم التجلِّي إلا هذا، وهو أن العلة تكون معلولة لمن هي علة له.
وهذه هي جدلية السبب والنتيجة، أو علاقتهما المتبادلة. فما كان سببًا في آنة من الآنات يصبح نتيجة في آنة أخرى؛ وما كان نتيجة يصبح سببًا. والجدير بالتنويه أن المنهج الجدلي الحديث يتبنَّى هذه الفكرة ويشرحها ويؤكد عليها. والمهم ههنا أن الشيخ الأكبر يأخذ على العقل عجزه وقصوره عن إدراك هذه الفكرة. بيد أن هذا المأخذ هو ضرب من الافتئات على العقل؛ إذ ليس ثمة من شيء أسهل من إدراك هذا الأمر. ففي ميدان الاقتصاد، مثلاً، يمكن لك أن تقول بأن الاستهلاك نتيجة للإنتاج، والإنتاج نتيجة للاستهلاك. وهكذا صار السبب نتيجة والنتيجة سببًا.



رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 18.54 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 17.94 كيلو بايت... تم توفير 0.61 كيلو بايت...بمعدل (3.27%)]