رسائل واتس أب (3)
خيرية الحارثي
(1)
قال ابن تيمية - رحمه الله -: "الدعاء والتوكُّل من أعظم الأسباب التي تنَال بها سعادة الدنيا والآخرة".
قال ابن القيم - رحمه الله -: "ومَن صدَق توكُّله على الله في حصول شيء ناله"، وقال أيضًا: "فالتوكل من أعظم الأسباب التي يَحصُل بها المطلوب، ويَندفِع بها المكروه".
(2)
والمتوكِّل على الله يُفَوِّض أمره إلى الله؛ قال الله تعالى عن مؤمن آل فرعون: ﴿ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ﴾ [غافر: 44].
وقد ذكر ابن القيم - رحمه الله - توضيحًا للتفويض بالمثال - ولله المثل الأعلى - وهو أن المفوِّض مَثلُه مَثَل الطفل الصغيرِ العاجزِ الذي فَوَّض أمرَه إلى والدِه الذي يقوم بشأنه، فهو يحمله ويذهب به والطفل مطمئنٌّ لذلك، ويعلم أن أباه أعلم منه بمصلحته، وربما حملَه والده والطفلُ لا يعلم لماذا حمله، ولا أين هو ذاهب؟ لكنه مطمئن أنه ما فعل ذلك إلا لمصلحته.
(3)
المتوكِّل على الله يَثِق بالله ويُحسِن الظن به، فهو يوقن أن الله تعالى يراه ويسمع صوته ويعلم حاله وحاجته، وهو أرحم به من نفسِه؛ فالله تعالى هو العليمُ الحكيمُ الخبير اللطيف البصير بالعباد، فما قدَّرهُ اللهُ تعالى فهو الخير، فيكون المتوكِّل على الله صابرًا ثابتًا مطمئنًّا راضيًا بما قدره الله تعالى؛ فقد يُقدِّرُ اللهُ تعالى ما لا يريده العبد فيكون ظاهره الشر، لكنْ في باطنه وعاقبته الخير العظيم، ﴿ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 216]، فلا يَضطرب قلبه ولا ييئس من رحمة الله تعالى.
(4)
عن سعيد بن المسيب قال: التقى عبدالله بن سلام وسلمان، فقال أحدهما لصاحبه: إن متَّ قبلي فالقَني، فأخبِرْني ما لقيتَ مِن ربك، وإن متُّ قبلك لقيتُك فأخبرتك، فقال أحدهما للآخر: أوَتلقى الأموات الأحياء؟
قال: نعم، أرواحهم تذهب في الجنة حيث شاءت، قال: فمات فلان فلقيه في المنام فقال: "توكَّل وأَبشِر، فلم أر مثل التوكل قطُّ، توكَّل وأَبشِر فلم أر مثل التوكل قطُّ".
(5)
من أجمل ما قيل في التوكل:
قال الحسن: "إنَّ مِن توكُّل العبد أن يكون الله هو ثقته".
عن المغيرة بن عباد قال: قيل لبعض الرهبان: "مَن المُتوكِّل؟" قال: "مَن لم يَسخط حكم الله - عز وجل - على كره أو محبة".
وعن سفيان الثوري في قوله تعالى: ﴿ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ [النحل: 99] قال: أن يَحملهم على ذنب لا يُغفَر.
عن صالح بن شعيب، قال: أوحى الله - عز وجل - إلى عيسى ابن مريم - عليه السلام -: "أَنزِلني من نفسك كهمِّك، واجعلني ذخرًا لك في معادك، وتقرَّب إليَّ بالنوافل أُدنِكَ، وتوكَّل عليَّ أَكفِكَ، ولا تولَّ غَيري فأَخذُلك".