عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 26-04-2021, 03:10 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,450
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

قراءة في كتاب أيسر التفاسير
والآن مع شرح هاتين الآيتين فلنستمع. ‏
معنى الآيات
قال: [ معنى الآيتين: روي أن ابن أم مكتوم رضي الله تعالى عنه لما نزلت هذه الآية بهذه الصيغة: ( لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ )، أتى النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة فقال: كيف وأنا أعمى يا رسول الله؟ فما برح مكانه حتى نزلت: غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ ، فأدخلت بين جملتي: لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ، وجملة: وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ .ومعنى الآية: هو أن الله تعالى ينفي أن يستوي في الأجر والمنزلة عنده تعالى من يجاهد بماله ونفسه ومن لم يجاهد بخلاً بماله وضناً بنفسه ] إذ إنهم لا يستويان.قال: [ واستثنى تعالى أولي الأعذار من مرض ونحوه ]، وقد علمنا مما تتقدم أن الأعذار هي: العرج، والمرض، والعمى، أو كتمريض رجل لوالده مثلاً، كما تأخر علي مرة على النبي صلى الله عليه وسلم لتمريض واحد من الناس بإذن الرسول صلى الله عليه وسلم.قال: [ واستثنى تعالى أولي الأعذار من مرض ونحوه، فإن لهم أجر المجاهدين وإن لم يجاهدوا، وذلك لحسن نياتهم ]، إذ إن بعضهم والله لما يتأخر يبكي حتى يعود الرسول والمجاهدون من الغزو، فهو عجز وما استطاع أن يوفر له مركوباً ليركبه، أو أنه مريض في بدنه، فيبقى متألماً متحسراً حتى يعود الرسول والمؤمنون إلى المدينة، وفي هذا نستمع إلى هذا الحديث النبوي: روى البخاري تعليقاً وغير واحد من أصحاب السنن: أن النبي صلى الله عليه وسلم وقد قفل عائداً من إحدى غزواته -وهي غزوة تبوك- قال لأصحابه: ( إن بالمدينة -هذه-رجالاً ما قطعتم وادياً ولا سرتم مسيراً إلا كانوا معكم، أولئك قوم حبسهم العذر )، إنه إعلان نبوي. فقوله عليه الصلاة والسلام: ( إن بالمدينة رجالاً )، أي: فحولاً عظاماً، ( ما قطعتم وادياً )، أي: في مسيركم، ( ولا سرتم مسيراً )، أي: خلاف الوادي، ( إلا كانوا معكم )، لا بأبدانهم وذواتهم، وإنما كانوا معكم بقلوبهم وبما يحصل من الأجر لهم. وفي سورة التوبة يقول الله تعالى: لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضَى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ [التوبة:91-92]، ولهذا فإنه في كل زمان ومكان إذا كان المؤمن صادق النية والعزم، لكنه عجز عن القيام بالعمل، فإنه يؤجر على نيته، فمثلاً: قام قائم وقال: اجمعوا لأخيكم مالاً حتى يعود إلى بلده، وأخذ الناس يساعدونه إلا أن أحدهم ما استطاع، إذ إنه ليس في جيبه شيء، فتألم وتحسر عند ذلك، فإنه في الأجر مع الذين أنفقوا سواء، وآخر ما استطاع أن يصوم فتتألم وكله عزم ونية أن لو يقدر على الصوم، فكذلك هو في الأجر سواء مع من صام. قال: [ ومعنى الآية: أن الله تعالى ينفي أن يستوي في الأجر والمنزلة عنده تعالى من يجاهد بماله وبنفسه ومن لم يجاهد بخلاً بماله وضناً بنفسه ]، والبخل والضن بمعنىً واحد.قال: [ واستثنى تعالى أولي الأعذار من مرض ونحوه، فإن لهم أجر المجاهدين وإن لم يجاهدوا، وذلك لحسن نيتهم وعدم استطاعتهم ] لكن لو كانت نيتك حسنة وأنت مستطيع على العمل فإن ذلك لا ينفع، إذ ما دامت النية حسنة إذاً فادفع المال وصم.قال: [ فلذا قال تعالى: وَكُلاً ]، أي: من المجاهدين بأموالهم وأنفسهم والقاعدين للأعذار، قال [ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى التي هي الجنة ]، وهل الله يخلف وعده؟ والله ما يتخلف.قال: [ وقوله: وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً أي: فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً [النساء:95] لعذر دَرَجَةً [النساء:95]، وإن كان الجميع لهم الجنة وهي الحسنى ] وفضلهم الله لأنه ليس لهم عذر، وإنما قعدوا فما أنفقوا ولا جاهدوا.قال: [ وقوله تعالى: وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ لغير عذر أَجْراً عَظِيماً ، وهو الدرجات العالية مع المغفرة للذنوب والرحمة للنفوس، وذلك لأن الله تعالى كان أزلاً وأبداً غفوراً رحيماً، ولذا غفر لهم ورحمهم، اللهم اغفر لنا وارحمنا معهم ] يا رب العالمين!مرة أخيرة: يقول تعالى وهو يعلمنا: لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ [النساء:95]، قولوا: نعم لا يستويان. فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ [النساء:95] لعذر، دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى [النساء:95]، أي: القادرين والعاجزين.ثم قال تعالى: وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ [النساء:95]، والقاعدون هنا هم الذين بخلوا وضنوا بأموالهم وهم مؤمنون. وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا [النساء:95]، لا يقدر قدره إلا الله تعالى، دَرَجَاتٍ مِنْهُ [النساء:96]، أي: درجات عالية يعطيها لهم، إذ إنه مالكها ومعطيها وواهبها والمنعم بها. وَمَغْفِرَةً [النساء:96]، فلا تبقي أثراً للذنب في النفس. وَرَحْمَةً [النساء:96]، وهي دار السلام. وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [النساء:96]، فما سألت الله مغفرته إلا غفر لك، ولا سألت رحمته إلا رحمك؛ لأن هذا شأنه دائماً وأبداً، فهو غفور رحيم.
هداية الآيات
قال: [ من هداية الآيتين: أولاً: بيان فضل المجاهدين على غيرهم من المؤمنين الذين لا يجاهدون ] والآن لماذا نحن لا نجاهد؟ والجواب أيها الأحباب: أن الله عز وجل قد كفانا مؤنة الجهاد بتدبيره وهو العليم الحكيم، وما أصبحنا والله في حاجة إلى أن نرسي سفننا الحربية على شاطئ أسبانيا أو إيطاليا أو فرنسا؛ لأن تلك الديار أصبحت مفتوحة الأبواب لنا، فلك أن تأذن فيها وتكبر وتدعو إلى ربك، ولا يصرفك صارف ولا يصدك صاد عن ذلك. فهذه أمريكا فيها ملايين المسلمين وعشرات المراكز والمساجد، وألمانيا فيها عشرات المساجد، والدعوة قائمة فيها، وهذه أيضاً بريطانيا أبواب الدعوة فيها مفتوحة، وكذلك فرنسا فيها ثلاثة آلاف مسجد، وإيطاليا معقل الصليبية فيها العديد من المساجد، إذاً فهيا نجاهد، لكن بم نجاهد؟ والجواب: أن الله قد أراحنا من المدفع والرشاش، وبالتالي فلنجاهد بالعلم والمال، فإن قيل: أي علم يا شيخ! نجاهد به؟ أولاً: نترك حالنا نحن المسلمين، إذ نحن هابطون لاصقون بالأرض من إندونيسيا شرقاً إلى موريتانيا غرباً؛ لأننا كما يعلم الله هبطنا من علياء السماء إلى الأرض وأصبحنا كغيرنا، فملئت ديارنا بالخبث والظلم والشر والفساد والعبث، لكن مع هذا نحن نقول: يجب على المسلمين أن يعودوا إلى الله، أن يتوبوا إلى ربهم، إذ إنهم أحرار، فمن الذي يمنعهم وأغذيتهم وأكسيتهم متوفرة لديهم؟!فإن قيل: كيف نتوب؟ والجواب: نعبد الله وحده بما شرع، وعند ذلك تتجلى فينا حقائق الإيمان من الأخوة والمودة والحب والولاء، وينتهي كل مظهر من مظاهر الشر والخبث والفساد؛ لأن نور الله بيننا، ولأن سنة الرسول قائمة فينا، فنحتاج فقط إلى أن نصدق الله في أننا مسلمون، ونسلم القلوب والوجوه له عز وجل.فهيا نبدأ بالتوبة والرجوع إلى الله، وذلك أن أهل كل حي من أحياء مدينة من المدن يجتمعون كل ليلة ويتلقون الكتاب والحكمة من صلاة المغرب إلى صلاة العشاء، لا يتخلف رجل ولا امرأة إلا لعذر حقيقي، فيجتمعون ليتعلموا وليعرفوا، إذ من المستحيل أن يلتقوا وهم جاهلون، كيف يرغبون في الملكوت الأعلى وقلوبهم مظلمة ونفوسهم مدنسة؟ثم أي شيء يكلف المؤمنين إن عملوا هذا؟ إن اليهود والنصارى والمجوس والمشركين إذا دقت الساعة السادسة أوقفوا دولاب العمل، وأقبلوا بنسائهم وأطفالهم إلى الملاهي والملاعب ليروحوا عن أنفسهم، ونحن لماذا -إذا مالت الشمس إلى الغروب- لا نحمل نساءنا وأطفالنا إلى بيوت ربنا فنتعلم الكتاب والحكمة، وكلنا عزم على أن ما تعلمناه نعمل به؟ ويبقى الحال هكذا طول العام، فلا يبقى عند ذلك باطل أو شر أو فساد أو ضعف أو نقصان، إذ مستحيل أن يبقى ذلك كله، ونرقى بسلم الكمال إلى الملكوت الأعلى.نعود إلى قضية الجهاد فأقول: ما دام أن الله قد فتح لنا العالم من الصين إلى أمريكا، فيجب أن تكوَّن لجنة عليا تضم من كل إقليم من أقاليم المسلمين عالمين اثنين، هذه اللجنة تضع خارطة لتلك الجماعات والجاليات الإسلامية في كل العالم، وتقدر نفقاتها وكم تتحملها، وتضرب على كل مؤمن ديناراً أو درهماً في العام؛ ليساهم كل مؤمن في الجهاد في سبيل الله، فتكون أضخم وأعظم ميزانية في العالم، إذ إن كل مؤمن يدفع ريالاً واحداً.ثم إن كل مركز أو كل مسجد يبعث إليه بإمام رباني عالم -ويوحدون الكتاب الذي يدرس- فيعلمهم قال الله وقال رسوله صلى الله عليه وسلم، فلا مذهبية ولا حزيبة ولا طرقية ولا وطنية، وإنما مسلمون أمرهم واحد، وفي صمت وعدم تبجح كما هي عادتنا أيام الهبوط. فهذا هو الجهاد يا من يطالبون بالجهاد، أما الجهاد والعنترية وتكفير الحكام والقتال فهذا ظلم.. باطل.. منكر.. حرام.. شر.. فساد، والله لن ينتج إسلاماً، ولن يوجد خيراً قط؛ لأنه على سبيل غير سبيل محمد صلى الله عليه وسلم.إذاً: ميدانان: ميدان الخارج، أي: تكون لجنة عليا فنعطيها قلوبنا وأموالنا، وميدان الداخل، أي: أننا نعطي قلوبنا ووجوهنا لله في صدق، وذلك بأن نجتمع في بيوت ربنا بصدق، سواء في قرانا أو في جبالنا أو في سهولنا، فنتعلم الكتاب والحكمة، ثم العزم على العمل بشرع الله عز وجل، فوالله ما تمضي سنة إلا والأنوار تغمر ديار العالم الإسلامي. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 22.28 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 21.66 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.82%)]