عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 23-04-2021, 03:07 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,500
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

تفسير قوله تعالى: (الله لا إله إلا هو ليجمعنكم إلى يوم القيامة...)
اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا [النساء:87].
وجوب توحيد الله تعالى في عبادته
هيا نتغنى بهذه الآية: اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا [النساء:87]، فاحفظها الليلة يا ابن عمي ويا ابن أخي، وصل بها في النوافل، وذلك حتى ترسخ في ذهنك، وهي تكفي لأن تصلي بها العشاء والظهر، وهي آية من أجل الآيات. اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا [النساء:87] لا أحد، اللَّهُ [النساء:87]، من هو (الله)؟ أتريد أن تعرفه بذاته؟ ما تستطيع، ما تقدر، ولكن تعرفه بصفاته وأسمائه وأفعاله، وهذا الاسم الجليل العظيم لا يسمى به كائن سوى الله تعالى، ولو أن امرءاً سمى ولده (الله) لحكم بكفره ويستتاب أو يقتل، ولو أن متعنتراً من جهال المسلمين أو من معاندة اليهود والنصارى سمى ولده: الله، ويناديه بـ(يا ألله)، إن كان كافراً ازداد في كفره ويقتل، وإن كان مسلماً يستتاب ثلاث ليالٍ وهو محبوس في دار الهيئة، يرجع أو لا؟ يتوب أو لا؟ يستغفر أو لا؟ فإن أصر قطع رأسه. اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ [النساء:87]، ما معنى (لا إله إلا هو)؟ أي: لا معبود بحق إلا هو، إذ لا يوجد في الملكوت الأعلى ولا في الملكوت الأسفل، ولا في غير هذه الملكوت من يعبد بحق قط إلا الله تعالى، فمن أين لنا بهذا؟ سمعنا الناس يقولون فقلنا! وهل يكفي هذا؟ لا يكفي، فأنت تشهد بين يديه: أشهد أن لا إله إلا الله، فعلى أي شيء أقمت شهادتك؟ ما علمك الذي علمته وشهدت بمقتضاه أنه لا إله إلا الله؟ الله الذي لا إله إلا هو، أي: لا معبود بحق إلا هو، فكل من عبِد فهو عبادة باطلة؛ لأنه ظلم وأخذها بدون موجب ولا مقتضي ولا حق، إذ العبادة استحقها الله بموجب أعظم الموجبات ومقتضى أسمى المقتضيات.مرة أخرى: الله الذي لا إله إلا هو، أي: لا معبود في الكائنات يعبد بحق إلا هو، فإن قيل: لمَ؟ فالجواب: استحق الله العبادة واستوجبها وأصبحت لازمة له؛ لأنه خالق الخلائق، وموجد الموجودات، ومكون المكونات، فأنت عبد فاعبد خالقك، فمن يلومك؟! وأنت عبد فاعبد رازقك، فمن يلومك؟! وأنت عبد فاعبد من مصيرك إليه ومرجعك إليه، فمن يلومك؟! أما أن تعبد من لا يملك لك شيئاً، فبأي حق؟! أيخلقك الله ويرزقك ويحفظ حياتك من رحم أمك إلى أن يتوفاك ولا تعبده وتعبد غيره؟ أي ظلم أبشع من هذا الظلم؟ وأي ظلم أفظع من هذا الظلم؟ والله لا ظلم أشد من هذا الظلم، إذ الشرك بالله ظلم، فهذا لقمان الحكيم النوبي السوداني يعلم ولده فيقول له: يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان:13]، فما هو الظلم؟الآن لو أخذت النظارة من عينيك يا فلان، فأكون بذلك قد ظلمتك، أو يقوم فلان فيبعدك من المجلس يا فلان، فيكون بذلك قد ظلمك، أو يدخل أحدكم يديه في أذنيه ويغني، فيكون بذلك قد ظلم، إذ ليس هذا مكاناً للغناء، أو يفتح سرواله ويبول عند السارية، وعليه فالظلم هو وضع الشيء في غير موضعه، وهو درجات، فكونك تسب فلاناً ظلم، وكونك تذبحه أعظم الظلم.إذاً: الشرك بالله تعالى ظلم عظيم؛ لأن الذي خلق ورزق وأدار الكون والحياة كلها لا تعبده وتعبد غيره من مخلوقاته ممن صنع وخلق وأوجد! سواء كان الشمس أو القمر أو ملك من الملائكة أو نبي من الأنبياء أو صالح من الصلحاء، فضلاً عن التماثيل والأصنام والأحجار والقبور والمزارات والأشجار، فكيف تُقبل عليها بقلبك ووجهك وتعبدها ولو بكلمة أو انحناء برأسك لحظة؟!
الإيمان بالبعث والجزاء
اللَّهُ [النساء:87]، الذي، لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ [النساء:87]، لم قلنا: الذي؟ تفسير؛ لأن (الله لا إله إلا هو) ليس هو الخبر، فـ(الله) مبتدأ، والخبر جملة: لَيَجْمَعَنَّكُمْ [النساء:87]، اللَّهُ [النساء:87]، الذي، لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ [النساء:87]، ما له؟ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ [النساء:87]، فأحببنا أن يفهم المؤمنون والمؤمنات أن الله استحق العبادة ووجبت له دون غيره؛ لأنه خالق الكون كله، ورازق ذاك الرزق كله، ومردنا ومصيرنا إليه، وجزاؤنا عليه بالخير أو بغير ذلك، فكيف نعبد غيره؟!بعض الجاهلين يفهم أن العبادة هي أن يركع للصنم أو للحجر أو يعلقه في عنقه، وهذا غير صحيح، إذ لا يصح أن تعبد أي كائن من الكائنات بأي نوع من العبادات، فالله يعبد الانحناء بالركوع، والآن نشاهد أمة كاملة راكعة، لمَ ركعتم؟ عبدنا الله عز وجل، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا [الحج:77]، أمرنا فركعنا، فإذا جئت من هو أعلى منك وركعت له فقد أشركت، فيا عقلاء تأملوا! إذا أشركت هذا المخلوق فيما هو لله فقد أعطيته قسطاً منه، فهذا هو الشرك، يقال: السيارة بيننا شركة، والدار بيننا شركة، وهكذا الشرك بيننا، وهذا الانحناء وهذا الركوع خاص بالله تعالى.وأدنى شيء الحلف، فالذي يحلف بإنسان أو بمخلوق أو بكائن سوى الله تعالى، والله لقد أشرك في عبادة الله تعالى؛ لأن الأكبر هو الله، ولا يقسم ولا يحلف إلا بأكبر لا بكبير، ( من حلف بغير الله فقد أشرك )، قالها أبو القاسم معلماً ومحلماً، فلا نحلف أبداً لا بأم ولا بأب ولا بأخ، وقد ذهب الناس للأسف إلى أن يحلفوا بكل شيء إلا الله، وسبب ذلك كله هو الجهل، وأننا أيضاً لا نبلغ ما تعلمناه، فنسمع الليلة كلمة تساوي الملايين وندفنها في قبورنا ولا نتحدث بها أبداً، بينما لو كانت كلمة سوء فإنها تنتشر من بيت إلى بيت.لعل الشيخ واهم؟! لقد شخنا في هذه الأمة وعاشرناها سبعين سنة، فهذه هي أحوالنا وهذه هي أوضاعنا، فكيف تسمع هدى وما تنقله؟! عند باب المسجد تقول: سمعت كذا وكذا حتى يستقر ذلك الحكم في ذهنك وفي نفسك وتقوى على العمل به، أما أن نسمع ولا نبلغ فوالله إنها لمصيبة.فهل عرفتم الشرك؟ الذي يقف الآن أمام الحجرة: يا رسول الله! المدد، يا رسول الله! الغوث، إني في كذا، والله لولا الشُرَط والبوليس المحيط بالحجرة لركع الناس وسجدوا، وأقسم بالله على ذلك، بل ويضبطونهم وهم يطوفون، وذلك قبل أن يسدوا الطواف كانوا يطوفون بالحجرة! أمة جاهلة هابطة.والرسول صلى الله عليه وسلم لم يسمح لصاحبه أن يقول له: ما شاء الله وشئت، وإنما قال له منكراً: ( قل: ما شاء الله وحده )، فقد عاش عليه السلام ثلاثاً وعشرين سنة وهو رابط الحزام يدعو إلى الله وتوحيده، ثم يرضى أن يعبد مع الله؟! أعوذ بالله.وهذا المشرك: يا فاطمة! يا حسين! يا عبد القادر! يا سيدي فلان، يا سيدي فلان، نسوا الله نسياناً كاملاً، والذي يموت على هذه الوضعية إن لم يتداركه الله بأن يشهد شهادة حق وهو في سياق الموت، وذلك بأن يقول: لا إله إلا الله ثم يتوفى عنها، وما عرف عبد القادر ولا البدوي، هو في عداد أهل النار والعياذ بالله، ( من كان آخر كلامه من الدنيا: لا إله إلا الله دخل الجنة ).وصل اللهم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.71 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 19.08 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.19%)]