عرض مشاركة واحدة
  #512  
قديم 23-04-2021, 03:04 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,500
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )



تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة النساء - (46)
الحلقة (269)

تفسير سورة النساء (50)


أمر الله عز وجل نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم أن يجاهد في سبيله سبحانه لا يكلف إلا نفسه، وأمره أن يحرض المؤمنين على القتال في سبيل الله، مبيناً له أنه باتخاذ الأسباب سيدفع الله عنه وعن المؤمنين أذى المشركين وشدتهم ونكايتهم؛ فهو سبحانه القادر على ذلك، وهو ذو البأس الشديد، والنكال الأليم بأعداء دينه وأنبيائه وعباده المؤمنين.
مراجعة لما سبق تفسيره من آيات سورة النساء
الحمد لله؛ نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله، فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.أما بعد:فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.ثم أما بعد:أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات!إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة، ليلة الأربعاء من يوم الثلاثاء ندرس كتاب الله عز وجل؛ رجاء أن نظفر بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود؛ إذ قال صلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله؛ يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم؛ إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده ).حقق اللهم رجاءنا، إنك ولينا ولا ولي لنا سواك!وها نحن مع سورة النساء المدنية المباركة، وأريد أن ألفت النظر: من منكم يجيبني عن هذا السؤال أيها الدارسون والمستمعون، وهو: الحسنة التي يوفق لها عبد الله أو أمة الله، مصدرها ما هو؟ من أين أتت؟الحسنة: وهو ما يحسن بك في جسمك، في عقلك، في حالك عامة، في قلبك ونور هدايتك، كأن تقوم آخر الليل تتهجد، هذا الحسنة مصدرها ما هو؟مصدرها الله هو واهبها، وإن أصابتك سيئة في بدنك، في مالك، في عقلك، في روحك، بغشيانك ذنباً من الذنوب، وارتكابك معصية مصدر هذه ما هو؟النفس، ما دليل ذلك من الكتاب والكريم؟قوله تعالى: مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ [النساء:79]، الحسنات مطلقة الله واهبها فيحمد ويشكر عليها، ما تجد حسنة في نفسك إلا وتقول: الحمد لله، وإن وجدت سيئة ولو كانت مرضاً في بدنك، حاش لله أنه أراد هذا منك، أنت خالفت سننه في خلقه، فمثلاً تحملت ما لا تطيق من العمل فمرضت، فلا ينسب هذا إلى الله. غشيت ذنباً من الذنوب، تقول الله! الله حرمه ونهاك عنه ووعدك في غيره الخير، كيف ننسبه إلى الله؟! هذه الآية: مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ [النساء:79].لما حصلت الهزيمة في أحد لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقتل منهم سبعون بطلاً وأوذي رسول الله صلى الله عليه وسلم فشج وجهه، وكسرت رباعيته، ودخل المغفر في رأسه، هذه السيئة من أين؟من أنفسهم؛ لأنهم ما وفوا بما عهد إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من المقام في مكانهم كيفما كانت الحال، لما شهدوا هزيمة المشركين، أكبوا يأخذون الغنائم، فوجد قائد المشركين فرصة فأحاط بهم، وكان الذي كان.خلاصة القول: إذا وجدت حسنة في نفسك احمد الله، الحمد لله.. الحمد لله.. الحمد لله.. وإن وجدت شيئاً مؤذي: أستغفر الله.. أستغفر الله.. أستغفر الله.
تفسير قوله تعالى: (فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك ...)
والآن مع هذه الآيات الثلاث، هيا نتغنى بها وأنتم تتلونها بألسنتكم وتتدبرون معانيها.قال تعالى بعد أعوذ بالله من الشيطان: فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنكِيلًا * مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا * وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا [النساء:84-86]، المحاسب، المجازي.
أمر الله تعالى لنبيه بالجهاد في سبيله
قوله جل ذكره: فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ [النساء:84]، من المخاطب هنا؟الرسول عليه السلام. من يخاطبه بهذا؟الله. أين الله؟ على عرشه فوق سماواته بائن من خلقه، ونحن بين يديه، والله لا يغيب عنه من أمرنا شيء، الله تعالى يقول لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم: فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ [النساء:84]، أي: بناءً على ما سبق من أنه لما فرض الجهاد كانت طائفة تتململ، وأخرى تعتذر، وأخرى تطالب بتأخير القتال، ولما يدعون يقولون: أطعنا، وإذا خرجوا بيتوا خلاف ذلك، ماذا تفعل إذا يا رسولنا؟ فقاتل وحدك، فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ [النساء:84]، هذه الجملة دلت دلالة قطعية أنه لا يوجد أشجع من رسول الله قط في الأرض، لا أبيض ولا أصفر، لا علي ولا خالد بن الوليد ، عرفتم؟كيف فهمنا هذا يا شيخ؟ أيكلفه الله بأن يقاتل وحده؟ لولا علمه تعالى بشجاعته يكلفه وحده؟ ويدل لذلك واقع الحياة، يقول الأبطال: كنا إذا حمي الوطيس نلوذ برسول الله صلى الله عليه وسلم، علي وعمر وخالد وفلان وفلان.. إذا اشتدت المعركة نجيء وراء الرسول نلوذ به، هذا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ [النساء:84]، أبنائي هل عرفنا سبيل الله قبل اليوم؟ ما هو سبيل الله هذا؟من يقوم ويبين لنا؟ أو مع الأسف نسينا؟ أي طريق: هل الكعبة أو طريق الشام؟ سبيل الله: هي أن يعبد وحده في الأرض، وليسعد العابدون في دنياهم وفي أخراهم.وهذا الذي نقوله في كل ركعة: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ [الفاتحة:6]، (الصراط) الطريق، (المستقيم) لا اعوجاج فيه، ونحن سائرون، عن يميننا الواجبات ننهض بها، وعن شمالنا المنهيات نتجنبها.. وإلى متى؟ إلى ساعة الوفاة عند باب الجنة.سبيل الله: الطريق الموصلة إلى رضاه، سبيل الله الطريق الموصلة إلى جواره، ما هي؟ أن يعبد وحده، تلك العبادة تزكي النفس وتطهرها، حينئذٍ العابدون في سبيل الله، وهل إذا قاتلنا من أجل تحرير البلاد يعتبر هذا سبيل الله؟ تحرير الوطن، ماذا تقولون؟أوسع لكم دائرة العلم: إذا نحن مسلمون صادقون، وهاجمنا العدو الكافر المشرك، حينئذٍ قتالنا سبيل الله تلون:أولا: دفع هذا الظالم، وإخراجه وإبعاده عن ديارنا.ثانياً: قتال هذا الكافر لكفره، نريد أن نهزمه ليدخل في الإسلام؛ فهو سبيل الله.إذاً: أما أن يكون قتالنا فقط من أجل المال أو السلطة أو الرياسة، أو التحرر والاستقلال، ولم نرد بهذا أن يعبد الله وحده فليس في سبيل الله؛ لأننا إذا قاتلنا ودافعنا العدو عن المؤمنين والمؤمنات مكناهم من عبادة الله. إذاً: هو سبيل الله عز وجل.ونأسف أننا جاهدنا بريطانيا وإيطاليا وأسبانيا وفرنسا وبلجيكا و.. و.. ولما تحررنا ودفعنا العدو خارج البلاد أغمضنا أعيننا وسكرنا في حب الدنيا، ولم نقم الصلاة، ولم نجبِ الزكاة، ولم نأمر بمعروف، ولم ننه عن منكر، ولم نقم حداً من حدود الله، ولم نقم بدعوة إلى الله داخل بلادنا أو خارجها.إذاً: فقتالنا ما كان خالصاً لله، بل لتحرير الوطن! هذه الحقيقة، ذكرناكم بها وإن مضت؛ لأننا مع قول ربنا، فَقَاتِلْ [النساء:84] يا رسولنا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ [النساء:84]، ما سبيل الله؟ أن يعبد الله وحده.
أركان الدولة الإسلامية
قال الله تعالى: لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ [النساء:84]، التحريض: الحث، والترغيب: معاشر المؤمنين! إنا خارجون إلى غزاة كذا، سرية كذا، أما إلزام لا.. لا.وهذا يبقى إلى اليوم، والحمد لله ألف مرة أن السلطان عبد العزيز ودولته باقية، ونحن نحطم فيها من كل جانب انتبهتم؟ التجنيد عندهم إجباري، لماذا؟ أوروبا عندها التجنيد إجبارياً، المسلمون المقلدون إجبارياً، إذا بلغت الثامنة عشرة يجب أن تتجند، لماذا السعودية وهي دولة القرآن ما تفرض على المواطنين الجهاد، أجيبوا؟ لهذه الآية الكريمة: فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ [النساء:84] على القتال.من يرغب في التجنيد.. في التعليم، فليتفضل، أما إلزامياً ما في؟ لهذه الآية الكريمة، فهمتم هذه أو لا؟تأمل! تجد الدنيا كلها تفرض التجنيد على مواطنيها، إلا المملكة ما أوجبت، ترغب تفضل سجل وادخل، أما إلزاماً لا، ما علمناه وما وجد، من أين جاءهم هذا؟ لأن عبد العزيز لما أقام الدولة أقامها على مبادئ الإسلام الصحيحة، الأركان الأربعة، إذا سقط ركن سقطت، وقواعد الإسلام خمسة، إذا سقطت قاعدة، بقي إسلام؟ أركان الإيمان كم؟ ستة، إذا سقط ركن بقي إيمان؟ هبط كل شيء.إذاً: أركان الدولة الإسلامية، وهذا الكلام نردده من ثلاثة وأربعين عاماً في هذا المسجد، والزوار والحجاج والمستمعون و.. و.. إلخ، وأنا أقول: يجب على الإقليم الإسلامي إذا استقل عن الدولة الكافرة أن تقام فيه الدولة على أربعة أركان: ذكرها الله تعالى، وبينها في قوله اسمع: الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ [الحج:41] أي: استقلوا.. حكموا أو لا؟ قبل أن يحكموا كيف يكلفون؟ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ [الحج:41] ماذا فعلوا؟ فرفشوا.. غنوا؟ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ [الحج:41]، أقاموها قياماً حقاً، لا يمكن أن يبقى مسلم في ديارنا لا يصلي.في الجند أمره واضح، لا يمكن لعسكري أن يترك الصلاة؛ لأنهم بين يدي رقابة قاداتهم وولي أمرهم، المواطنون أيما مواطن من ذكر أو أنثى ترفع به دعوى إلى الهيئة ما يصلي، يجلبونه وينتزعونه ويصلي، فإن قال: لا أصلي، ثلاثة أيام ويقطع رأسه؛ إذ لا حق له في الحياة، سبحان الله! والله لا حق له في الحياة، كيف يأكل الطعام ويشرب الماء ويتنفس الهواء وهو لا يعبد الله، بأي حق؟ يقتل.ثانياً: وَآتَوُا الزَّكَاةَ [الحج:41] يا صاحب الغنم! إذا ملكت أربعيناً رأس تأتينا بجدي أو خروف.يا صاحب الإبل! إذا ملكت خمساً تعطينا نعجة.. عشراً تعطينا نعجتين.. خمس عشرة ثلاث نعاج.. عشرين أربع نعاج.. خمساً وعشرين تعطينا ابن الناقة اللبون.يا صاحب البقر! -وإن كان ما عندنا في المملكة أبقار كثيرة- إن ملكت ثلاثين بقرة هات عجل، وصاحب الشعير كصاحب التمر، كصاحب الذهب والفضة، الزكاة قاعدة الإسلام الثالثة؟إذاً: فجبيت الزكاة جباية حقة، والله يأخذون صاع الشعير، وصاع التمر.ثالثاً: وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ [الحج:41]، لا بد من هيئات جماعات مستقلة في كل قرية، في كل حي، مهمتها إذا شاهدت معروفاً متروكاً تقول لصاحبه: افعل هذا، كيف تتركه، شاهدت مرتكب منكر: يا عبد الله! لا يصح هذا، افعل هذا، اترك هذا: وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ [الحج:41]. وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ [الحج:41]، كم ركناً أقيمت عليه الدولة الإسلامية؟ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ [الحج:41]، استقل لنا نيف وأربعون إقليماً من إندونيسيا إلى موريتانيا ما بغلنا أن إقليماً واحداً أجبر المواطنين على إقام الصلاة، بلغكم هذا أنتم؟ ولا جبوا الزكاة، ولكن عوضوا عنها بالضرائب، لِم هذا؟ الضريبة لا بأس، والزكاة خل الزكاة، لا إله إلا الله، يا للعورة ما أفضحنا. الضرائب! حتى على النافذة، والزكاة لا ما نطالب بها، خل الناس أحرار، اتركهم يكفروا.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 35.25 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 34.62 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.78%)]