عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 23-04-2021, 02:59 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,352
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

تفسير قوله تعالى: (ما أصابك من حسنة فمن الله ...)
قال الله تعالى: مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ [النساء:79]، والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمته معه، مَا أَصَابَكَ [النساء:79]، يا رسولنا، فَمِنَ اللَّهِ [النساء:79]، أي والله، هو واهبها ومعطيها وخالقها، هو المسخر لها، والموفق لك أن تأتيها، وتعمل بها. الحسنة من الله، صحة، عافية، رخاء، علم، طهارة روح، زكاة، نفس، كل هذا من الله، إذ هو خلق هذا العبد، أوجد هذه العبادة، وأوجد فيها تأثيرها في قلبك ونفسك، ما من حسنة تصيب عبد الله أو أمة الله إلا والله من الله، لو لا الله ما كانت، لو لا وضع أسبابها منه تعالى ما كانت، فإياك أن تفهم أنك تأتي الحسنة من غير الله، كل الحسنات من الله عز وجل، مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ [النساء:79] فهي من الله.وبيان ذلك: زكت نفسك، وطابت أخلاقك، أليس أخذت بالأسباب، وهي عبادة الله عز وجل؟ إذاً: من وهبك هذه الحسنة؟ الله. رزقك الله مالاً وعيشاً رغداً من؟ أليس هو الله؟ أنت خلقت شيئاً؟ أمنت وحفظت في مالك وعرضك وما أوذيت، من حفظك؟ أليس الله؟ مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ [النساء:79]. على سبيل المثال: لما تقوم تلعن هذا الرجل وتشتمه، وتهدده فإذا به يصفعك أو يقتلك، هذه السيئة من الله أو منك؟ منك. لما تحتسي كأس الخمر فتفقد عقلك، وتأخذ في قول الباطل والمنكر، وقد تضرب أمك أو تذبح ابنك، هذه السيئة من الله؟ أليست منك أنت؟ عصيته وخرجت عن طاعته، وقد حرم هذا المسكر من أجل ألا تؤذي ولا تؤذى، فعصيته وشربت هذا المخدر أو المسكر، هذه السيئة من أين؟ من نفسك، وتأمل! والله لا توجد سيئة تصيب عبد الله أو أمة الله إلا بسبب ذنبه هو الذي تعاطاها. مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ [النساء:79]، لأن الله ما أمرك بأن تسرق، فإذا سرقت وقطعت يدك، هذه السيئة من الله؟ من نفسك أنت، الله ما أمرك أن تتكبر، فإذا تكبرت وكرهك الناس وبعدوا عنك، هذه السيئة من نفسك أو من الله؟ أما حرم الله الكبر؟ وهكذا.. ما من سيئة تصيب العبد إلا ومن نفسه، وإياك أن تنسبها إلى الله، أبداً حرام عليكم.والحسنة من واهبها سوى الله؟ مثلاً: نهينا عن التخمة، فإذا بك تأكل، هاتوا، صبوا، فامتلأ البطن، وأصابك التخمة ومرضت، هذا من الله؟ لا والله بل من نفسك، ما أذن لك الله في أن تسرف في أكلك وشربك، فلما أسرفت ومرضت من الله؟ خرجت في الليل في البرد الشديد كشفت عن جسمك وأنت تتعنتر في حوشك أو في الشارع فأصابك مرض وزكام، آلله هو الذي أصابك بهذا؟ أما أنت الذي فعلت هذا؟ هل أذن الله لك أن تتعرض للأذى بنفسك، كما لا تشرب السم لا تتعرض للبرد، وأنت قادر على أن تنجو منه. إذاً: وإخوانكم الذين في السجون، من الجماعات المتطاولة التي تطالب بالجهاد، هذه السيئة من الله أيضاً؟ آلله أمرهم أن يجاهروا ويطالبوا الحكام بتحكيم الشريعة وإلا سنعلن الحرب عليك وأنت كافر؟ والله ما قال هذا، ولا جاء في كتاب ولا سنة أبداً، من أنفسنا إذاً، وتفهموا هذه الآية: مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ [النساء:79].. فاحمد الله واثن عليه واشكره ليزدك. وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ [النساء:79]، من نفسك، إذاً: تب إلى ربك، وابتعد عن المهاوي والمساقط وانج، والله لا يخيبك.
قراءة في تفسير قوله تعالى: (ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ...) وما بعدها من كتاب أيسر التفاسير
الآن ندرس هذه الآيات في الكتاب الذي بين أيدينا، لنزداد بصيرة ومعرفة لهذه الآيات. ‏
معنى الآيات
قال: [ روي أن بعضاً من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم طالبوا بالإذن لهم بالقتال، ولم يؤذن لهم؛ لعدم توفر أسباب القتال، فكانوا يؤمرون بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ريثما -أي: وقت ما- يأذن الله تعالى لرسوله بقتال المشركين، ولما شرع القتال -وفرض وأذن فيه- جبن فريق منهم عن القتال ]، والجبن معروف، الجبن الذي يباع في السوق، أما كان حليباً سائلاً مائعاً ثم تجمد وجبن، فالذي كان يندفع.. الجهاد الجهاد، جبن، فهمتم معنى الجبن؟قال: [ ولما شرع القتال جبن فريق منهم عن القتال وقالوا: لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ [النساء:77]، متعللين بعلل واهية، فأنزل الله تعالى فيهم هاتين الآيتين: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ [النساء:77]، أي: عن القتال: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ [النساء:77]، ريثما يأذن الله بالقتال عندما تتوفر إمكانياته، فلما فرض القتال ونزل قوله تعالى: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا [الحج:39]، جبنوا ولم يخرجوا للقتال، وقالوا: لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ [النساء:77]، يريدون أن يدافعوا الأيام؛ حتى يموتوا ولم يلقوا عدواً خوراً وجبناً، فأمر تعالى الرسول أن يقول لهم: مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا [النساء:77] فعيشكم في الدنيا مهما طابت لكم الحياة هو قليل: وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى [النساء:77]، الله بفعل أمره وترك نهيه بعد الإيمان به وبرسوله، وسوف تحاسبون على أعمالكم وتجزون بها: وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا [النساء:77] -أي: لا ينقص حسنة- لا ينقص حسنة ولا بزيادة سيئة.هذا ما تضمنته الآية.أما الآية الثانية: فقد قال تعالى لهم ولغيرهم ممن يخشون القتال ويجبنون عن الخروج للجهاد: أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُّمُ الْمَوْتُ [النساء:78]؛ إذ الموت طالبكم ولا بد أن يدرككم، كما قال تعالى لأمثالهم: قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ [الجمعة:8]]، تفرون هاربين؟ ما يجري وراءكم هو، تجدونه أمامكم.[ قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ [الجمعة:8]، ولو دخلتم حصوناً ما فيها كوة ولا نافذة؛ فإن الموت يدخلها عليكم ويقبض أرواحكم.ولما ذكر تعالى جبنهم وخوفهم ذكر تعالى سوء فهمهم وفساد ذوقهم فقال: وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ [النساء:78]، يعني: أنه إذا أصابهم خير من غنيمة أو خصب ورخاء قالوا: هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ [النساء:78]، لا شكراً لله، وإنما لا يريدون أن ينسبوا إلى رسول الله شيئاً من خير كان ببركته وحسن قيادته، وإن تصبهم سيئة: فقر أو مرض أو هزيمة، يقولون: هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ [النساء:78]، أي: أنت السبب فيها. قال تعالى لرسوله: قل لهم: قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ [النساء:78]، كل من الحسنة والسيئة من عند الله، هو الخالق والواضع السنن لوجودها وحصولها، ثم عابهم في نفسياتهم الهابطة، فقال: فَمَالِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا [النساء:78]. هذا ما دلت عليه الآية الثانية.أما الآية الثالثة والأخيرة في هذا السياق، وهي قوله تعالى: مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ [النساء:79] الآية.. فإن الله تعالى يخاطب رسوله صلى الله عليه وسلم فيخبره بأن الحسنة من الله تعالى، إذ هو الآمر بقولها أو فعلها وموجد أسبابها الموفق للحصول عليها، أما السيئة فمن النفس، إذ هي التي تأمر بها، وتباشرها مخالفة فيها أمر الله أو نهيه، فلذا لا يصح نسبتها إلى الله تعالى.وقوله تعالى: وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا [النساء:79]، يسلي به رسوله عما يلاقيه من أذى الناس، وما يصادفه من سوء أخلاق بعضهم؛ كالذين ينسبون إليه السيئة تطيراً به فيخبره بأن مهمته أداء الرسالة، وقد أداها والله شاهد على ذلك، ويجزيك عليه بما أنت أهله، وسيجزي من رد رسالتك وخرج عن طاعتك، وكفى بالله شهيداً ].
هداية الآيات
الآن هداية الآيات، وكل آية تحمل هداية، وأعيد القول: لم سميت الآية آية؟ أولاً: كم آيات القرآن الكريم؟ستة آلاف ومائتان وأربعون آية أو ما يقاربه، كل آية ولو كانت مُدْهَامَّتَانِ [الرحمن:64]، أقصر آية في القرآن، مُدْهَامَّتَانِ [الرحمن:64]، وأطول آية في كتاب الله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى [البقرة:282]،والآية معناها العلامة، وتدل على أمرين:الأول: على وجود الله العليم، الحكيم، القوي، القدير، الرءوف، الرحيم.والثاني: على صحة نبوة صلى الله عليه وسلم؛ إذ لا يعقل أبداً أن يوجد كلام بدون متكلم، لا يعقل أن يوجد علم بدون عالم، أليس كذلك؟ فكل آية تدل على وجود الله عز وجل؛ إذ هو الذي تكلم بها وأوحاها وأنزلها. هذا أولاً.ثانياً: الذي نزلت عليه وأوحيت إليه لا يكون إلا رسولاً؟ أليس الرسول الذي تعطيه رسالة كلامية أو كتابية بلغها إلى فلان، كيف ينزل عليه كتابه ولا يكون رسوله؟ مستحيل.والآية في اللغة العربية: العلامة، أعطني آية تدل على بيت فلان؟ تقول له العمود الفلاني كذا.. إذا وجدته هو العلامة على بيت فلان.قال: [ من هداية الآيات:أولاً: قبح الاستعجال -الاستعجال محمود أو قبيح؟ قبيح جد القبح- والجبن -محمود أو لا؟ مذموم- وسوء عاقبتهما ]، كيف تكون؟[ ثانياً: الآخرة خير لمن اتقى -من أين؟- من الدنيا ]، والله العظيم، الآخرة لمن اتقى خير من الدنيا، أو لا؟ الآخرة لمن اتقى الله خير له من الدنيا ولو أعطي الدنيا كلها.[ ثالثاً: لا مفر من الموت ولا مهرب منه بحال من الأحوال ]، ممكن في من يهرب أو يفر؟ مستحيل، لا مفر من الموت ولا مهرب منه؛ لقوله تعالى: أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ [النساء:78].[ ربعاً: الخير والشر كلاهما بتقدير الله عز وجل ]، أما قال تعالى: قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ [النساء:78]، أي: من الخير والشر.[ خامساً: الحسنة من الله والسيئة من النفس ]، وإليكم الحديث النبوي الشريف، يقول صلى الله عليه وسلم: ( والذي نفسي بيده! )، من هو الذي نفس الرسول بيده؟ الله، هذه يمين الرسول الحبيب صلى الله عليه وسلم، ( والذي نفسي بيده! لا يصيب المؤمن من هم ولا حزن ولا نصب، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله عنه من خطاياه ).واسمع قتادة من رجالات التابعين يقول: لا يصيب رجلاً خدش عود، ولا عثرة قدم، ولا اختلاج عرق إلا بذنب، وما يعفو الله عنه أكثر من ذلك.كان السلف الصالح إذا عثرت بغلته أو فرسه راجع نفسه، آه! أذنبت ساعة كذا، قصرت في كذا، لم، والكافر ما يصاب ولا تعثر دابته؟ هذا يريد الله تطهيره وتنقيته، ما يبقى ذاك الوسخ على قلبه، يصبه بمصيبة لتطهيره وتصفيته، وهذا الذي أقسم عليها الرسول وحلف، أليس كذلك؟قال: [ الحسنة من الله والسيئة من النفس؛ إذ الحسنة أمر الله بأسبابها بعد أن أوجدها وأعان عليها، وأبعد الموانع عنها، والسيئة من النفس؛ لأن الله نهى عنها وتوعد على فعلها، ولم يوفق إليها ولم يعن عليها، فهي إذاً: من النفس ].وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 23.91 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 23.28 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.63%)]