عرض مشاركة واحدة
  #489  
قديم 09-04-2021, 01:40 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,207
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

شرح الآيات
قال: [ روي أن منافقاً ويهودياً ] المنافق من يبطن الكفر ويظهر الإيمان، هذا المنافق، مم اشتق له هذا اللفظ؟ من أنفقة اليربوع والعامة تسميه الجربوع، اليربوع أو الجربوع نحن اصطدناه أيام الصبا، يجعل له تحت الأرض منزلاً يأوي إليه ويلد فيه، ويقيل فيه، ويسهر فيه، وله طريق يخرج منه ويدخل، ويفعل نافقة من الجهة الأخرى يحفر الأرض حتى يكاد يخرق الأرض ويطلع، يترك قشرة رقيقة من التراب، فإذا جئت أنت تطلبه وتمشي وتحفر الأرض لما يشعر بك ما يخرج أمامك مع الطريق الأول الرسمي! لا. من النافقة يضربها برأسه ويخرج، ما تستطيع أن تلحق به، هذه نافقة اليربوع.فالمنافقون يظهرون الإيمان وعندهم اتصالات بالمشركين، عندما تستدعي الحال يخرج.إذاً قال: [ روي أن منافقاً ويهودياً اختلفا في شيء ] دنيوي كعنز، أو بستان، أو مال [ فقال اليهودي: نتحاكم إلى محمد صلى الله عليه وسلم ] لا لإيمانه بمحمد، هو يعلم أنه رسول الله، ولكن رجالهم قالوا: لا. إذا نحن دخلنا في دين محمد وأسلمنا انتهت آمالنا، انمحى من نفوسنا أمل أن نعود من جديد إلى مملكة بني إسرائيل.اليهود على علم يقيني بأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن الإسلام هو دين الأنبياء من آدم إلى محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه لا نجاة من النار إلا بالدخول فيه، والعمل بما فيه، يعرفون هذا أكثر من العرب، وحال بينهم وبين الدخول فيه أن مشائخهم وكهانهم رهبانهم أحبارهم قالوا: لا لا. نتعذب في النار ونخرج منها، ولكن لا نتابع الرجل فنترك ملتنا ونتخلى عن شرفنا وأمجادنا، ونحن ننتظر متى تعود إلينا مملكة بني إسرائيل، والآن تشكون في هذا؟ شككتم؟ ودولة بني إسرائيل من أقامها رغم أنوفنا؟ أليسوا هم؟هذه هي النواة التي يعملون عليها، ألف سنة وأربعمائة عام حتى أوجدوا دولة، وهم يحلمون أن تكون المملكة، كلمة دولة مؤقتاً فقط، وإلا فهي مملكة إسرائيل.[ فقال اليهودي: نتحاكم إلى محمد صلى الله عليه وسلم؛ لعلمه أنه يحكم بالعدل ولا يأخذ رشوة.وقال المنافق: نتحاكم إلى كعب بن الأشرف اليهودي، فتحاكما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ] لما اختلفا تحاكما إلى الرسول [ فقضى لليهودي ] قضى أي: حكم لليهودي بذلك الحق [ فنزلت فيهما هذه الآية: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ [النساء:60] ] هذا المنافق وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ [النساء:60] هذا اليهودي يَتَحَاكَمُوا [النساء:60] الآية.قال: [ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ [النساء:60] والمراد بهذا المنافق ] والذي يدعي أنه آمن بالقرآن والرسول صلى الله عليه وسلم.[ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ [النساء:60] المراد به اليهودي ] هو الذي آمن بالتوراة.[ والاستفهام هنا للتعجب، أي: ألم ينته إلى علمك موقف هذين الرجلين يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ [النساء:60] كعب بن الأشرف أو الكاهن الجهني، وقد أمرهم الله أن يكفروا به ] أي: بالطاغوت، وهو من يحكم بغير ما أنزل الله.قال: [ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ [النساء:61] ليحكم بينكم رأيت ياللعجب المنافقين يعرضون عنك إعراضاً هاربين من حكمك غير راضين بالتحاكم إليك لكفرهم بك وتكذيبهم لك فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ [النساء:62] وحلت بهم قارعة بسبب ذنوبهم أيبقون معرضين عنك؟ أم ماذا؟ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ [النساء:62] قائلين: ما أردنا إلا الإحسان في عملنا ذلك، والتوفيق بين المتخاصمين. هذا ما دلت عليه الآيات الثلاث، وأما الرابعة وهو قوله تعالى: أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا [النساء:63]. فإن الله تعالى يشير إليهم بأولئك لبعدهم في الخسة والانحطاط، فيقول: أُوْلَئِكَ [النساء:63] ] أي: البعداء [ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ [النساء:63] أي: من النفاق والزيغ ] وهو الميل عن الحق [ فهم عرضة للنقمة وسوء العذاب ].عرضة: متعرضون للنقمة وسوء العذاب، ونقمة الله عز وجل منهم.قال: فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ فلا تؤاخذهم ] لا تنظر إليهم ولا تؤاخذهم [ وَعِظْهُمْ آمراً إياهم بتقوى الله والإسلام له ظاهراً وباطناً، مخوفاً إياهم من عاقبة سوء أفعالهم بترك التحاكم إليك وتحاكمهم إلى الطاغوت، وقل لهم في خاصة أنفسهم قولاً بليغاً ينفذ إلى قلوبهم فيحركها ويذهب عنها غفلتها علهم يرجعون ].
هداية الآيات
من هداية الآيات معاشر المستمعين والمستمعات:[ أولاً: حرمة التحاكم إلى غير كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ] وما نجا منه أحد سوى المملكة، إخواننا في الشرق والغرب يتحاكمون إلى غير كتاب الله وسنة رسوله، أخرجوهم، أنقذوهم، كيف نفعل؟ المطلوب منهم: أن يتوبوا إلى الله توبة نصوحاً، وهي: أن يعودوا إلى بيوت ربهم، كما كان سلفهم الصالح لا يتخلون عن صلاة الجماعة وقتاً من الأوقات، ويجلسون في وقت الفراغ من العمل الدنيوي، وذلك بين المغرب والعشاء، وكل ليلة يتلقون الكتاب والحكمة، ليصبحوا علماء عالمين عارفين، ومن ثم واعظهم، مربيهم، مزكيهم، عالمهم، إذا حدث بين اثنين نزاع خصومة، بدلاً من أن ينقلوها إلى القوانين اللاإلهية ينقلوها إلى كتاب الله وسنة رسوله، ولو اجتمعنا وانقدنا لربنا ممكن في العشر سنوات ما تحدث خصومة، وإذا حدثت نتحاكم إلى الله ورسوله، ولنترك الحاكم يطبق ما شاء من قوانينه المادية، أما نحن معشر المؤمنين إذا اختلفنا في شيء عندنا كتاب الله، فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ [النساء:59] فإذا كان أمراً دنيوياً، مالاً، حينئذ ما ترك الله وما فرط في الكتاب من شيء، وإذا حكم إمام المسجد بأن الحق لفلان افرح أنت وابتسم، واحمد الله أن نجاك وما أخذت حق أخيك، وهو أيضاً إذا حكم له يسجد لله شكراً على إفضاله وإنعامه، ويطلب السماح من أخيه، ويأخذ يلينه ويطيبه حتى تبقى المودة والإخاء كما أمر الله أن يكون بين المؤمنين، أما هذا الجفاء، هذا الجهل، هذا البعد، هذا الانقطاع، هذه الفهوم المختلفة، هذه الأفكار المتنوعة، لا نجاة إلا عند الله.قال: [ حرمة التحاكم إلى غير كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ].نعم إذا ظلمك كافر أو يهودي أو نصراني، لا بأس أن تتحاكم عند حاكمه لتأخذ حقك ما تتنازل، أما إذا خاصمك مؤمن فقل: أترك هذا الحق لوجه الله، ولا أدخل معك محكمة يحكم فيها بغير شرع الله، من يصل إلى هذا المستوى؟ العالمون، العارفون، كيف نصبح عالمين عارفين؟ بالبركة.. بالانتساب.. بقراءة المجلات والجرائد.. كيف؟ إذا لم نعكف في صدق في بيوت الله، نتلقى الكتاب والحكمة في صدق، وما علمنا شيئاً إلا عملنا به، فنترقى في العلم والعمل فيكمل العلم ويكمل العمل، ونستنير ونصبح بصراء عالمين.[ ثانياً: وجوب الكفر بالطاغوت أياً كان نوعه ].واقرءوا قول الله عز وجل: لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة:256-257]. اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا [البقرة:257] من هم المؤمنون؟ المؤمنون الذين آمنوا بالله بعدما عرفوه، آمنوا بمحابه ومكارهه، ووطنوا النفس على أن يأتوا المحبوب ويتخلوا عن المكروه، أولئك الذين اتقوا الله بعدما آمنوا به، فلم يجرؤ أحدهم على أن يخرج عن طاعته أو يفسق عن أمره، أولئك المعنيون بقوله: اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ [البقرة:257] من ظلمات الشرك والكفر والذل والنفاق والسقوط والهبوط إلى النور الإلهي في قلوبهم وأبصارهم، وفي كل حياتهم، أين المؤمنون، وأين أهل العلم، وأين الدعوة إلى الله، وأين أين؟لا إله إلا الله، لا كاشف لها إلا الله. [ ثالثاً: وجوب الدعوة إلى التحاكم إلى الكتاب والسنة ووجوب قبولها ].يجب أن نقوم بدعوة المؤمنين إذا أرادوا أن يتحاكموا إلى الكتاب والسنة، لا إلى قال فلان وقال فلان، من الفتاوى الهابطة، ولا قال القانون الفلاني، الكتاب والسنة، ووجوب قبول الحكم.إذا حكم القاضي أو الإمام أو المفتي يجب أن تخرج من المحكمة وقد حكم عليك وأنت تبتسم فرحاً، لا غضباً ولا انتقاماً ولا ثأراً، وسيأتي في آية بعد هذه، وهي قوله تعالى: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا [النساء:65] أدنى حرج مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [النساء:65].اختر لنفسك عبد الله أنت مؤمن أو لا؟ قال: [ وجوب الدعوة إلى التحاكم إلى الكتاب والسنة ووجوب قبولها ].إذا تحاكمنا وحكم علينا يجب أن نقبل، ما نرفع القضية إلى محكمة أخرى، أو نخرج غضاباً ساخطين! بل نخرج ونحن نبتسم فرحين بأن الله نجانا من هذا الحق وهو ليس لنا.[ رابعاً: استحباب الإعراض عن ذوي الجهالات ] يستحب أن نعرف عن أصحاب الجهالات المتنوعة، حتى لا نقع معهم في فتنة، ما عندهم آداب ولا سلوك ولا كذا، نأخذ في جدالهم، والصراع معهم فتنة بلا معنى، استرشاد بهذه الآية نعرض عنهم، وجاءوا تائبين، نادمين، آسفين، حينئذ وعظهم وبشرهم وبين لهم، ما داموا في تلك الضوضاء وذلك الاضطراب والقلق اتركهم.قال: [ ووعظهم بالقول البليغ ] وهذا لا بد وأن يكون الواعظ ذا بلاغة، ذا فصاحة، ذا بيان، ذا لغة كما كان الرسول عليه الصلاة والسلام يحدث كل قبيلة بلهجتها صلى الله عليه وسلم.قال: [ ووعظهم بالقول البليغ الذي يصل إلى قلوبهم فيهزها ].فإذا اهتزت القلوب معناها تحركت وذهب الجمود واللصوق، وأصبحت قابلة لأن تفهم وتعي وتعلم.معشر المستمعين اسمعوا الآيات مرة ثانية وتأملوها. أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ [النساء:60] شيء مؤسف أو لا؟ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالًا بَعِيدًا [النساء:60] وبالأمس بكينا وقلنا: تحدث خلافات بين البلاد الإسلامية ويرفضون التحاكم إلى كتاب الله وسنة رسوله، ويرفعون قضاياهم إلى الكفر، إلى الأمم المتحدة، إلى مجلس الأمن، أيجوز هذا؟ أليس تناقضاً تاماً مع الإيمان؟ وشيء آخر: هل استقرت حالهم؟ هل استفادوا من ذلك شيئاً العداء والبغضاء والنزاع والصراع هو هو.. لم ما يأتون إلى روضة رسول الله، تحت إشراف خادم الحرمين الشريفين، ويخرجون متحابين.يا شيخ ما يستطيعون. لم؟لأنهم ما آمنوا، لو كان هناك إيمان حق، ما هو صوري تقليدي، والله ما يستطيع أن يقف في وجهه كافر، وينظر إليه ليتحداه أبداً، ويقول لخصمه: خذ ما تريد ولا أقف أمامك أبداً، لكن أين الإيمان؟ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ [النساء:60] من أمرهم؟ الله عز وجل وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ عن طريق الحق، عن طريق الهداية، عن طريق الكمال والإسعاد ضَلالًا بَعِيدًا [النساء:60] حتى لا يرجعوا.فسرنا مرات الضلال البعيد، هل هناك فرق بين الضلال القريب والبعيد؟ إليكم مثالاً: أخونا يريد أن يمشي الآن إلى مكة في الجنوب من المدينة. خرج من هنا وبعد ما دارت به الطريق ومشى شمالاً، إلى غد صباحاً وهو في طريق الشام، وبعد قيل: أين ذاهب أنت؟ قال: إلى مكة، أين يذهب بعقلك؟ أنت جئت من المدينة ذاهب إلى مكة؟ قال: نعم. مكة تركتها وراءك، ضللت يا عبد الله.إذاً: مسافة ليلة واحدة ما زال عنده الطعام والشراب، يستطيع أن يرجع في ذلك اليوم إلى المدينة ويتجه جنوباً إلى مكة، هذا ضلال قريب أو بعيد؟قريب، لكن إذا مشى شهراً كاملاً وهو ذاهب إلى الشمال، وبعد قيل: أنت إلى أين يذهب بعقلك؟ أنت ما أنت ذاهب إلى مكة؟ كيف شهر كامل، يعود في شهر آخر أو لا؟ أين طعامه؟ أين شرابه؟ ما يستطيع انتهى؛ لأن ضلاله بعيد، فالضلال القريب صاحبه إذا عُلِّم علم، الآن يوجد ضلال بعيد في قلوب ملايين المسلمين، ما يرجعون، ضلال قريب مؤمن تقي بر، ارتكب جريمة من الجرائم، وعظته، أنبته ذكر الله بكى يرجع، أما الذي توغل في الزنا والجرائم والباطل والشر.. ما يرجع، ضلاله بعيد، والآيات تصرح بهذا، والرسول صلى الله عليه وسلم يضرب لذلك مثلاً، اسمع ما يقول عند قول الله تعالى: بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ [المطففين:14] قال صلى الله عليه وسلم: ( إذا أذنب العبد ذنباً -العبد هو المؤمن رجلاً كان أو امرأة- وقع في قلبه نكتة سوداء -ظلمة- فإن هو تاب ونزع صقلت الله ) انمحت ويبقى القلب مستنيراً يرى الحق ويقدم عليه، ويرى الباطل ويبتعد عنه، فإن هو زاد ذنباً آخر وقعت النكتة إلى جنب النكتة، صيّرت نكتة أكبر من الأولى أو لا؟ وما نزع ولا تاب ولا صقل، وزاد ذنباً ثالثاً ورابعاً، غشى وغطى القلب ذاك السواد تلك الظلمة، ذلكم الران الذي قال الله فيه: بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ [المطففين:14].فلهذا أمرنا بتعجيل التوبة، وعدم التباطؤ والتراخي، فريضة الله على كل مؤمن ومؤمنة إذا أذنب أن يتوب على الفور، ما يقول: حتى يقع كذا، حتى يحصل كذا وكذا. بإجماع الأمة أن التوبة تجب على الفور، لماذا؟ خشية أن تتراكم الذنوب وتتراكم السيئات ويصبح أحدهم يضحك عند المعصية.وضربنا لهذا مثلاً نذكركم به: مسلمة تدعي الإسلام من عشرين سنة وتلبس القصير وتتعنتر بالشوارع، هذه لما تمر بك لو قلت لها : يا أمة الله اتقي الله، احتجبي، ماذا تصنع معك؟ تسخر، وتخرج لسانها وتقول: هذا رجعي كذا، تستهزئ، والله العظيم.ومؤمنة فقط أسبوعها الأول بدأت تكشف عن وجهها، هذه إذا وجدتها كاشفة إن قلت لها: أما تتقين الله يا مؤمنة! استحت وغطت وجهها، لماذا؟ لأن ضلالها قريب من أسبوع فقط أو أسبوعين، لكن التي عاشت عشرين سنة وهي كالعاهرة في الشوارع ترجع هذه؟ ما ترجع أبداً.مثال آخر مريض، أول مرض الأطباء يعالجونك، إذا استشرى الداء وانتشر، يقولون: خذوه إلى المقبرة، لو عالجتها من قبل، وهكذا يجب علينا أن نتعاهد نفوسنا، وأن نعرف من نحن، وما نحن، وإلى أين المصير؟والطريق واضح، والله يدخل في رحمته من يشاء.وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 25.30 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 24.67 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.48%)]