عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 30-03-2021, 04:54 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,657
الدولة : Egypt
افتراضي مواقف مشرفة في الدفاع عن النبي عليه الصلاة والسلام

مواقف مشرفة في الدفاع عن النبي عليه الصلاة والسلام












محمد علي الخلاقي




ما خلق الله تعالى أكرم ولا أجل من نبيه عليه الصلاة والسلام قال ابن عباس رضي الله عنهما: والله ما خلق الله وما ذرأ وما برأ نفسًا أكرم عليه من محمد، وما سمعت الله أقسم بحياة أحد غير محمد فقال جل وعلا: ﴿ لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾ [الحجر: 72]، وقد خصه ربه بالشفاعة وأعطاه الوسيلة وهي منزلة في الجنة لا يبلغها نبي مرسل ولا ملك مقرب غيره، وقرن اسمه إلى اسمه، وأمر الأمة باتباعه والاقتداء به وجعل ذلك علامة على محبة الله تعالى وتعظيمه قال تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ﴾.. [آل عمران: 31]، فمحبته أصل من أصول الإسلام، وعلامة من علامات الإيمان، فلا يصح إسلام أحد إلا بمحبته ولا يذوق طعم الإيمان وحلاوته إلا من قدم محبته على جميع من سواه يقول عليه الصلاة والسلام: « ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان.. وذكر منها أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما... »، وعدم محبته مؤذن بالعقوبة، وسبب للهلاك قال تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾ [التوبة: 24]، يقول ابن سعدي رحمه الله في تفسير هذه الآية: وهذه الآية الكريمة أعظم دليل على وجوب محبة اللّه ورسوله، وعلى تقديمها على محبة كل شيء، وعلى الوعيد الشديد والمقت الأكيد، على من كان شيء من هذه المذكورات أحب إليه من اللّه ورسوله، وجهاد في سبيله‏.‏







وعلامة ذلك، أنه إذا عرض عليه أمران، أحدهما يحبه اللّه ورسوله، وليس لنفسه فيها هوى، والآخر تحبه نفسه وتشتهيه، ولكنه يُفَوِّتُ عليه محبوبًا للّه ورسوله، أو ينقصه، فإنه إن قدم ما تهواه نفسه، على ما يحبه اللّه، دل ذلك على أنه ظالم، تارك لما يجب عليه‏.







وقد جاء في الحديث الشريف قوله عليه الصلاة والسلام: « لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين »، فلا إيمان لمن لم يحب النبي عليه الصلاة والسلام ويعظمه حق التعظيم، ويوقره غاية التوقير وينزله المنزلة التي أنزله إياها ربه سبحانه وتعالى، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: « إن قيام المدحة والثناء عليه ـ صلى الله عليه وسلم ـ والتعظيم والتوقير له قيام الدين كله وسقوط ذلك سقوط الدين كله »، فمن أذى نبيه أو انتقصه أو استهزاء به فقد خرج من الإسلام، وأبق من الدين واستحق العقاب والخسران، وإذا كانت منزلة النبي عليه الصلاة والسلام بهذا المقام السامي، والمكانة الرفيعة فإن الدفاع عنه واجب والذود عنه فرض، والوقوف أمام من تنقصه أو استهزاء به، فلا نرضى أن يتعرض لنبينا بالسخرية أو الاستهزاء ونحن نرى ونسمع ثم لا نحرك ساكنًا، فلا قيمة للعيش إذا استهين بنبينا وانتقص من حبيبنا.







ولو نظرنا إلى حال صحابته الكرام كيف كانوا يفدونه بأرواحهم وأموالهم وأبنائهم، لا يرضون أن يشاك شوكة أو يتعرض له بكلمة أو أذى، والسيرة مليئة بقصص هؤلاء العظماء الذين كانت لهم مواقف مشرفة، وتضحيات جليلة، تبين مدى حبهم له عليه الصلاة والسلام، فهذا:



أبوبكر الصديق رضي الله عنه: عندما تعرض كفار قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قائم يصلي حيث جاءه عقبة ابن أبي معيط فوضع رداءه في عنقه وجذبه إليه بشدة يريد خنقه، فجاءه أبوبكر الصديق ودفعه عنه وهو يقول: أتقتلون رجلًا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم.







فأقبلوا على أبي بكر وأخذوا يضربونه حتى غشي عليه فحُمل إلى داره وهو يقول ما صنع محمد عليه الصلاة والسلام، وجاء من حديث أسماء بنت أبي بكر رضي عنها قولها: فأتى الصريخ إلى أبي بكر، فقال: أدرك صاحبك، قالت: فخرج من عندنا وله غدائر أربع وهو يقول: ويلكم، أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله، فلهوا عنه وأقبلوا على أبي بكر، فرجع إلينا أبو بكر فجعل لا يمس شيئًا من غدائره إلا رجع معه.







فانظر كيف ضحى بنفسه ليدافع عن النبي عليه الصلاة والسلام، وكيف كان رضي الله عنه لا يهاب العواقب في سبيل الدفاع عنه ونصرته رضي الله عنه، لذلك استحق هذه المنزلة العالية رضي الله عنه.







وهذا خبيب ابن عدي رضي الله عنه يضرب لنا أروع مثال في كمال الحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث كان يقدمه على نفسه التي هي أغلى ما يملكه، فعندما رفعه المشركون على الخشبة ليصلبوه نادوه وناشدوه: أتحب أن محمدًا مكانك وأنت في بيتك؟ فقال: لا والله ما أحب أن يفديني بشوكة يشاكها في قدمه.







وفي رواية قال لهم: والله ما أحب أني بين أهلي ومحمد صلى الله عليه وسلم في المكان الذي هو فيه تشوكه شوكة، فقال بعضهم:






أسرتْ قريش مسلمًا في غزوةٍ


فغدا بلا وجَلٍ إلى السيافِ


سألوه هل يُرضيك أنَّك سالمٌ

ولك النبيُّ فدا من الإتلافِ


فأجاب كلَّا لا سلمتُ من الرَّدَى

ويصابُ أنفُ محمَّدٍ برعافِ










فلله دره كيف قدم روحه على أن يصاب محمد بشوكة تؤذيه أو ضر يمسه، ففاضت روحه وهو يصرح بحبه لنبيه ودفاعه عنه رضي الله عنه، حتى إن أبو سفيان حين سمعه يقول ذلك قال: ما رأيت أحدًا يحب أحًدا كحب أصحاب محمَّدٍ محمَّدًا.







قمة في الحب وروعه في التضحية، ونماذج في الشجاعة رضي الله عنهم جميعًا.







ومن النماذج المشرقة الخالدة: موقف طلحة بن عبيد الله في غزوة أحد لما عصى الرماة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزلوا من على الجبل فانقض المشركون على الرسول صلى الله عليه وسلم ومن معه، فقتلوا منهم سبعين ثم أرادوا بعد ذلك قتل النبي صلى الله عليه وسلم فاجتمع بعض الصحابة للدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم وكان على رأس هؤلاء طلحة بن عبيد الله - رضي الله عنه - فهذا جابر بن عبدالله يخبر بقوله: لما كان يوم أحد وولى الناس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في ناحية في اثني عشر رجلًا منهم طلحة، فأدركه المشركون، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من للقوم؟» قال طلحة: أنا قال: «كما أنت» فقال رجل أنا، قال: «أنت» فقاتل حتى قُتل ثم التفت، فإذا المشركون فقال: «من لهم؟» قال طلحة: أنا، قال: «كما أنت» فقال رجل من الأنصار: أنا قال: «أنت» فقاتل حتى قُتل، فلم يزل كذلك حتى بقي مع نبي الله (طلحة) فقال: «من للقوم؟» قال طلحة: أنا فقاتل طلحة قتال الأحد عشر حتى قطعت أصابعه فقال: «حس» فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو قلت: بسم الله لرفعتك الملائكة والناس ينظرون» ثم رد الله المشركين عن رسوله، واندحر أعداءه وسلم نبيه وقد أصابه من الجراح وشج في وجهه الشريف وكسرت رباعيته صلى الله عليه وسلم، قال قيس بن حازم: رأيت يد طلحة شلاء وقى بها النبي يوم أحد وجرح في تلك الغزوة تسعًا وثلاثين أو خمسًا وثلاثين وشلت أصبعه أي السبابة والتي تليها.



يتبع





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 21.35 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 20.72 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.94%)]