عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 25-03-2021, 11:45 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,486
الدولة : Egypt
افتراضي سمات الأمة الإسلامية

سمات الأمة الإسلامية
الشيخ وحيد عبدالسلام بالي



(خطبة عيد الأضحى)



إن الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وسلم، وبعدُ:
فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهَدْي هَدْي محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالةٌ، وكل ضلالةٍ في النار.

1 - إخلاص العبادة لله:
اعلموا - عباد الله - أن وظيفةَ المسلم في هذه الحياة هي إخلاص العبادة لله جل وعلا، قال سبحانه: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56]؛ فالواجبُ على كل مسلم أن يعرف أُسُسَ هذه الوظيفة كي يؤديَها على أكمل وجه وأفضل أداء.

العبادةُ: هي ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال والاعتقادات.
ولكن كثيرًا من الناس قد يخطئون الطريق، فيصرفون بعض العبادات لغير الله تعالى، فيقعون في الشِّرك وهم لا يعلمون.

فالنَّذْرُ: عبادةٌ يجب أن تكون لله وحده لا شريك له.
فلا يجوز أن تقول: نذرت للبدوي أو للدسوقي، ولا يجوز أن تقول: يا ربِّ، نذرت للدسوقي خروفًا إن شفيتَ ولدي، فهذا كله باطلٌ لا يجوز.

والدعاء عبادةٌ، فلا يجوز أن تقول: (شي الله يا حسين)، أو (يا رب، ببركة البدوي يسِّر أمري)؛ كل هذه ألفاظ شركيَّة، يجب أن يجتنبها المسلم.

ولا يجوز أن تطوفَ بقبر البدوي أو الدسوقي أو غيرهما؛ لأنه (لا طوافَ إلا بالكعبة)، والله تعالى يقول: ﴿ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ﴾ [الحج: 29].

فمِن تمام إخلاص العبادة: ألا تتوكَّل إلا على الله تعالى، ولا تنذر إلا لله تعالى، ولا تستعين إلا بالله تعالى، ولا تخاف إلا من الله تعالى.
فإن قال قائلٌ: هؤلاء أناسٌ صالحون، فلماذا لا نتوسل بهم إلى الله؟

نقول: هؤلاء الموتى - حتى إن كانوا صالحين - فلأنفسِهم فقط، لا ينفعونك بشيء، إنما الذي ينفعك إيمانك، تقواك، عملُك الصالح.

فإن قال قائلٌ: فهل يجوز أن نطلب منهم المدد، فنقول: (مدد يا جيلاني مثلًا)؟
الجواب: لا يجوز ذلك؛ لأن الذي يمدُّ العبادَ بالقوة والصحة والرزق وغير ذلك، هو الله وحده؛ قال سبحانه: ﴿ كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا ﴾ [الإسراء: 20]؛ فالمدد من عطاء ربِّك، وليس من عطاء غيره.

أيها المسلمون، تنبَّهوا لهذه الزلَّات التي تخدشُ نقاء العقيدة، وعلِّموها أبناءكم وبناتكم، وزوجاتِكم وأمهاتكم؛ فهي منتشرةٌ في النساء أكثر.

2 - دروس من قصة إبراهيم:
الدرس الأول:
ظل إبراهيم عليه السلام لا يُنجب، حتى اشتاق إلى الأولاد والذرية، فتوجَّه إلى الله تبارك وتعالى قائلًا: ﴿ رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [الصافات: 100]، فاستجاب الله دعاءه؛ حيث رأت زوجته سارةُ شوق إبراهيم للولد، فأهدت إليه خادمتَها (هاجرَ) وزوَّجته إياها؛ رجاءَ أن يُرزق منها ولدًا، وظلَّ إبراهيم يدعو ربه ﴿ رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾، فاستجاب الله دعاءه ﴿ فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ ﴾ [الصافات: 101]، فلما وضعت هاجرُ ابنَه البكرَ (إسماعيل)، فرِح به فرحًا شديدًا، وهنا جاء موعد الاختبار الأول؛ حيث أمر الله إبراهيم أن يحمل زوجته هاجر وابنها إسماعيل إلى أرض قاحلةٍ لا حياة فيها ولا ماء، ﴿ بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ ﴾ [إبراهيم: 37]، فحمَلهما إلى المكان الذي أُمر به، ثم وضعهما في هذه الصحراء تحت دوحةٍ - شجرة - كما ثبَت في البخاري، ثم انطلق قافلًا وقلبُه يتقطع لفراقِ زوجته وابنه الذي كان يشتاق إليه، كان في انتظاره، يتركه هنا رضيعًا حيث لا أنيس ولا جليس! لكنه أمرُ الله ولا بد من التنفيذ، بل لا بد من الطاعة والتسليم.

فقالت له زوجته: يا إبراهيم، أين تذهب وتترُكُنا بهذا الوادي الذي ليس فيه إنسٌ ولا شيءٌ؟!
وجعل لا يتلفت إليها، فقالت: آللهُ أمَرَك بهذا؟ قال: نعم، قالت: إذًا لا يضيِّعنا، ثم رجعت؛ فهذه رواية البخاري.

وفي رواية أخرى للبخاري أيضًا: ((قالت: يا إبراهيم، إلى من تتركنا؟ قال: إلى الله، قالت: رضيت بالله))[1]، إنه التسليم الكامل لله عز وجل، إنه الرِّضا بقضاء الله عز وجل.

الدرس الثاني:
ظلت هاجر بابنها إسماعيل في الصحراء، فلما نفَد الماءُ هرولتُ بين الصفا والمروة سبع مرات؛ تبحث عن الماء، وفي المرة الأخيرة سمعت صوتًا، فجاءت إلى ابنها، فإذا ملَكٌ كريمٌ، إنه جبريل عليه السلام يضرب بجناحِه الأرض، فنبع الماء مِن باطن الأرض بقدرة الله تعالى، وجاءت قبيلةُ جُرْهُم لتستأذن من هاجر أن تنزل معها على الماء، فوافقت بشرط ألا يكون لهم حقٌّ في الماء، وليشرَبوا كما يشربُ الناس، ولَمَّا كبِر إسماعيلُ تزوَّج منهم، وتعلم منهم العربية، فجاء إبراهيم ليرى ابنَه، فلم يجِدْه، فقال لزوجته: كيف حالكم؟ فاشتكت شدة الحياة، وجهد العيش، فقال لها: إذا جاء إسماعيل، فأقرئيه مني السلام، وقولي له يغيِّر عتبة داره، فلما جاء أخبرته، فقال: هذا أبي يأمرني بطلاقك، الحقي بأهلك، وتزوَّج أخرى، وبعد مدةٍ جاء إبراهيم ليزوره، فلم يجده، فسأل عنه قالت: خرج للصيد، ثم سألها عن حالهم: فأثنت على الله تعالى، وقالت: نحن بخير حالٍ، فقال لها: إذا جاء إسماعيل فأقرئيه السلام، وقولي له: يمسك عتبة داره، فلما جاء أخبرته، فقال لها: هذا أبي، يأمرني بإمساكك والمحافظة عليك.

وفي ليلة من الليالي يرى نبيُّ الله إبراهيم منامًا عجيبًا، أنه يذبح ابنه العزيز عليه، الحبيب إلى قلبه، ورؤى الأنبياء وحيٌ، فيذهب إلى ابنه وهو شابٌّ يسعى، ﴿ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ﴾ [الصافات: 102].

وهذا اختبارٌ صعبٌ، فلو مات بين يديه؛ لكان أهون عليه، ولكنه هو الذي يذبحه بنفسه، يا لها من نفس صبور جسور! ولكن لا بد من تنفيذ أمر الله؛ لأن كل شيء في سبيل الله يهون، حتى لو كانت النفس أو الولد الذي ظل ينتظره سنين عِددًا.

فماذا كان جواب (الشاب الحليم)؟ ﴿ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ﴾ [الصافات: 102]، بل أنت سيد الصابرين يا إسماعيل.
من يتحمل ما تحمَّلتَ؟!
من يُطيق ما أطقتَ؟!

استسلامٌ للذبح، بل استسلامٌ لأمر الله، لا أدري والله مِن أيهما أعجب؟
أمِن صبر إسماعيل عليه السلام واستسلامه للذبح إرضاءً لله، أم مِن صبر إبراهيم عليه السلام وإمساكه بالسكين بيده لذبح ابنه بنفسه؟!

ولسان حال إبراهيم عليه السلام يقول: ((إن لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مُسمًّى))، وذهبا إلى المكان المحدد؛ لتنفيذ أمر الله ولسانُ حالهما يقول: ((لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك)).
أين قلب الوالد الحنون؟!
قد أذعن لله واستسلم.
بل أين قلب الولد، ألا يخاف الموت؟!
قد خضع لله واستسلم.

استسلم الوالد والولد لله تعالى، بل أسلَمَا جميعًا لأمر الله، ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ﴾ [الصافات: 103]؛ إي والله هذا هو الإسلام الحقيقيُّ؛ أن نُقدِّم أغلى ما نملك لله ربِّ العالمين.

يا من تشرب الدخان، لا نقول لك: اذبح ولدك، بل استسلم وألقِ السيجارة عن فمك.
يا من تقترض من البنك بالرِّبا، لا نقول لك: اذبح ولدك، ولكن استسلم ورُدَّ المال للبنك وأقلع عن الربا.
يا من تسمعُ الأذان ولا تجيبه، لا نقول لك: اذبح ولدك، بل استسلم لله وأقِمْ فرضَ الله.
يا مَن تتبرَّجين في الشوارع، لا نقول لك: اذبحي ولدك، ولكن استُري جسدك بالحجاب الذي أمرك به الله.
يا مَن تسهر أمام التلفاز المُدمِّر للأخلاق، استسلم لله تعالى وأغلِق هذا الجهاز.

﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ﴾؛ أي: وضع جبين إسماعيل على التلِّ: وهو المكان المرتفع من الأرض، فكبَّه على وجهه للتلِّ، وجعل رقبته إلى أعلى؛ كيلا ينظر إلى وجهه أثناء الذبح!

يا له من موقف عصيبٍ يَعجِزُ اللسان عن وصفه، ويقفُ القلم عن تسطيره، إن إبراهيم لن يذبحه بيده، إنه سيذبحه بقلبه، بوجدانه، بشعوره، بأحاسيسه، إنه الإيمان، نعم إنه الإيمان، الإيمان يتكلم، يتحرك، ينفذُ أمر ربِّه.

ومسك السكِّين فعلًا.. الله أكبر، نجح الخليلان، فاز النبيَّانِ، ظهر الصدق، ﴿ وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الصافات: 104 - 105]، كانوا من المحسنين في إيمانهم، في استسلامهم، في تنفيذ أمر ربهم، ﴿ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ [الصافات: 107]، ونزل جبريل بكبشٍ ليذبحه إبراهيم فداءً لابنه إسماعيل، ولتظل الأضحيَّةُ سُنةً إلى قيام الساعة، تريقُ الدمَ في هذا اليوم إحياءً لسُنَّة أبينا إبراهيم، وإرضاء لربِّ العالمين.

3 - سمات الأمة المسلمة:
أمة الإسلام:
إنكم أمةٌ مختارة، أمةٌ مصطفاةٌ، أمة متميزة.
متميزة في عقيدتها، متميزةٌ في منهجها.
متميزة في عبادتها، متميزة في أخلاقها.
متميزة في معاملاتها، متميزة في دعوتها.

1- العقيدة:
عقيدتكم عقيدةٌ راسخةٌ لا تتزلزل، شامخةٌ لا تتضعضع، واضحةٌ لا تتوارى؛ فعقيدتكم في الله: ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص: 1 - 4].

وعقيدتُكم في أسمائه: ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الأعراف: 180].

وعقيدتكم في صِفاته: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الشورى: 11].
وعقيدتكم في قضائه وقدره: ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ * وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ ﴾ [القمر: 49 - 50].
وعقيدتكم في حُكمه وأمره: ﴿ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ ﴾ [يوسف: 40].
وعقيدتكم في علمه: ﴿ وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ ﴾ [القصص: 69].
وعقيدتكم في غيبه: ﴿ وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ﴾ [الأنعام: 59].

2 - المنهج:
أما منهجكم يا أمَّة الإسلام، فخيرُ منهج، وأوضح سبيل، وأقوم طريقٍ، أبان عنه ربُّ العزة يوم نادى: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [الأنعام: 153].

3 - العبادة:
أما عبادتكم: فأشرفُ عبادةٍ، وأزكى قُربة، وأعظم طاعة.
ولذا فقد أمركم الله بالتوجُّه بها إليه وحده لا يشاركه فيها شريكٌ، ولا يقاسمه فيها قسيمٌ؛ ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأنعام: 162 - 163].

4 - الأخلاق:
وأما أخلاقُكم يا أمة الإسلام، فأطهرُ خلقٍ وأرفعُه، وأعلى مقام وأحسنه، أرشَدَكم الله إلى حُسن الأخلاق، فقال: ﴿ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ ﴾ [الإسراء: 53].

أرشدكم إلى حُسن المعاملة حتى مع أعدائكم، فقال: ﴿ وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ [فصلت: 34].

وبيَّن رسولُكم صلى الله عليه وسلم أن حُسْنَ الخُلق دليلٌ على كمال الإيمان، فقال صلى الله عليه وسلم: ((أكملُ المؤمنين إيمانًا أحسنُهم خُلقًا))[2].

وكيف لا تكونون بهذه المنزلة مِن الأخلاق الرفيعة، وقد كان قائدُكم ومعلمكم وقدوتكم صلى الله عليه وسلم في قمتها، يوم قال عنه خالقه: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4]؟ وإنما عبَّر بلفظ (على) الدال على علوِّ المنزلة ورفعة المقام.

5 - المعاملات:
أما معاملاتكم يا أمة الإسلام:
فقد نبعت بالأخوة يوم قال ربكم: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾ [الحجرات: 10].
ونبضت بالرحمة يوم قال: ﴿ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ﴾ [الفتح: 29].
وفاضت بالسماحة يوم قال: ﴿ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ﴾ [البقرة: 109].

الدعوة:
أما دعوتُكم يا أمة الإسلام:
فأساسها العلم: ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ﴾ [محمد: 19]، ﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ﴾ [يوسف: 108].

وطريقها الحكمة: ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ﴾ [النحل: 125].
وسبيلُها الصبر: ﴿ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ ﴾ [لقمان: 17].

وشعارها الدعاء للعاصين: يوم علَّمكم أبوكم إبراهيم، فقال: ﴿ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [إبراهيم: 36].

4 - الماضي المجيد:
أمة الإسلام، إنكم أمة:
أحمدية المنهج...
دستورها كتاب الله تعالى.
قدوتها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قِبلتُها بيتُ الله.
مآبُها جنةُ الله.
أمة الإسلام: إن لكم تاريخًا مشرقًا، وماضيًا مضيئًا؛ ألستم أنتم الذين قُدْتُم الدنيا بالإسلام؟!
وسُدتم العالم بالقرآن؟!
وأظللتم الورى بالعدل والإيمان؟!
قولوا: بلى، بل قولوا:
نحن بالإسلام كنا خير معشرْ
وحكَمْنا باسمِه كسرى وقيصَرْ

وزرعنا العدلَ في الدنيا فأثمَرْ
ونشرنا في الورى "اللهُ أكبَرْ"


الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

فإذا أنكر عليكم منكرٌ، أو جحد فضلَكم جاحدٌ، فقولوا:
سائِلوا التاريخ عنا ما وعى
مَن حمى حقَّ فقيرٍ ضُيِّعَا

مَن بنى للعلم صرحًا أرفعَا
من أقام الدينَ والدنيا معَا


سيجيبُك المسلمون: ألستم أحفاد الصدِّيق المبارك، وعُمر الفاروق، وابن عبدالعزيز الزاهد، والمعتصم.. وابن المبارك الواعظ؟!
نحن بالإيمان أَحْيَيْنَا القلوبْ
نحن بالإسلام حرَّرنا الشعوبْ

نحن بالقرآن قوَّمنا العيوبْ
وانطلقنا في الشمال والجنوبْ

نحن بالأخلاق نوَّرنا الحياةْ
نحن بالتوحيد أَعلَيْنا الجباهْ

نحن بالفرقان علَّمنا الرُّعاةْ
نحن بالتكبير زَلْزَلْنا الطُّغاةْ

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

أمَّة الإسلام: لقد جمع دينُكم بين القلوب، وآخى بين النفوس، وغضَّ الطرفَ عن العناصر والأنساب.
يا أخي في الهند أو في المغربِ
أنا منك، أنت مني، أنت بي

لا تسلْ عن عُنصري عن نَسَبِي
إنه الإسلام أمي وأبي


5 - نظرة الأعداء إليكم:
أمَّة الإسلام: إن أعداءكم يعرفون مصدرَ قوَّتكم، وسبب صمودكم، وأساس وَحدتِكم، وَقَف أحدهم يقول يومًا: لن تستطيعوا السيطرة على المسلمين إلا بأمرين:
تمزيق هذا الكتاب من صدور المسلمين.
وتدمير هذه الكعبة التي حولها يجتمعون.
لكننا نقول: خيَّب الله ظنَّك، وأخفق أمَلَك، وردَّ كيدك في نحرك.
نحن صمَّمنا وأقسمنا اليمين
أن نعيش ونموت مسلمين

مستقيمين على الحقِّ المبين
مُتَحدِّين ضلالَ المُبطِلين


يوم فاح حقدهم، وظهر كيدهم، فقال قائلهم: لا بد من تشكيل جيشٍ قويٍّ؛ لاحتلال المدينة، وهدم المسجد النبويِّ منها؛ لإرغام العرب والمسلمين على الخضوع لنا، والركوع على أقدامنا.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 42.56 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 41.93 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.48%)]