عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 09-03-2021, 04:13 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,873
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الهم الجسدي في الأدب النسائي الحداثي

الهم الجسدي في الأدب النسائي الحداثي


د. صالحة رحوتي



إذ إنه لا يضمن أنه لا يكون هنالك من سيتحدث بأنها قد عاشت تلك التجارب الجسدية، أو أنها على الأقل أنها من تتحرق لكي تتمتع بها... أو أنه هو - وذلك على الأقل - ذلك الزوج غير المقنع والمشبع جسديا ولا المرضي عنه!!


وهذا ما لا يرضاه المبدع العربي مهما تخلص من رِبق الدين... ومهما «تعصرن"... وإلى أي حد ما تضمخ ب"نور" الحداثة وتعطر بـ"أريج" الحضارة والتقدم!!!

والحل - لكي تُتَفادى هذه الانزلاقات - يكمن في:

أن تتبنى المرأة مساراً خاصا في التعبير الأدبي يعبر عن خصوصياتها، وذلك دون أن تمتح مما يفعله الرجل في هذا الميدان، ودون أن تتوسل الوسائل التي اختارها... ولتترك المسار الإبداعي ينساب بعفوية وبفطرية دونما تكلف ولا اقتداء، ولا حتى استعداء ولا شجار ولا تنافس، بل بتكامل وتعاون وتفاهم وتلاقح أفكار...

فلتكن هي هي، ولتعبر عما يعنيها ويخصها ككيان له مقوماته ومعاييره ومميزاته، وعما تريد أن تعبر عنه بحرية مع اعتبار لحيثيات الواقع المعاش، دونما تحدٍّ ولا استفزاز، بل برغبة أكيدة في التواصل وإسماع الصوت، ومع استحضار هم تصحيح مسار علاقات بينها وبين المجتمع ككل، ثم بينها وبين الشقيق في الأحكام، كانت وما زالت تلك العلاقات يشوبها الغبش، ويلطخها سوء الفهم، وتحطم وشائجها التقاليد البعيدة عن الدين...


4 - الرغبة في إرضاء الغرب لنيل الحظوة لديه:

إنه مما لا شك فيه أن كينونة المبدعة المرأة في المجتمع العربي صمام أمان له،
ووسام فخَار على صدره، إذ هي الأقدر على التعبير عن حاجيات نصف ذلك المجتمع، والأمْكَن من حسن تصوير واقع النساء اللواتي تشترك معهن في الهوية والجنس والآمال والتطلعات، وفي كل حيثيات الماضي والحاضر والمستقبل...

لكن المشكلة أن الإبداعات الأدبية منهن هن المبدعات الحداثيات، تلك التي كان من الممكن أن تكون آليات تغيير وإمتاع في نفس الوقت، تنقي الشوائب وتغرس الأصيل، وتلك الصادرة ممن يفترض أنهن يعشن الهم ويكتوين بلهبه، لا تعبر حقيقة عن واقع المجتمع، وبالخصوص عن حاجة المرأة الرئيسية في أن تتمتع بإنسانيتها أولا وأخيراً قبل كل شيء...إنسانية أصيلة تستحقها، ونابعة من كونها من جنس المكرم من طرف الباري عز وجل الذي استخلفها كما الرجل، من أجل إعمار الأرض وفق منهج الحق والصواب.


ثم والإشكالية تتفاقم وتتناسل منها الأبعاد والتداعيات حين يشتهرن أولئك المبدعات، إذ يترقين ويرقين درجات السلم الاجتماعي بفضل "ثقافتهن" وإصداراتهن، ثم وينسين هموم القاعدة الأوسع من عموم النساء، ويصبح همهن الأكبر هو إثارة انتباه السيد الغرب وتلامذته النجباء واستجداء جوائزهم، وذلك عن طريق الكتابة حول المرغوب في الحديث عنه من فضائح وشذوذ في الفكر والسلوك، كتابة تتوخى التصوير والنشر في واضحة الضوء، وكذا التطبيع، دونما محاولة لفهم الأسباب، وللبحث عن الحلول.


وحينذاك، أي حين النأي عن الفضاءات الطبيعية - التي تتفاعل وتحيا فيها المرأة بعفوية - يصطنعن الحديث عن عدم الزج بالأخلاق، وينادين بعدم احتساب ما ورد في المضمون من مفاهيم عند تقييم الإبداع كما سلف الذكر، ويتخذن هذه الحجج متاريس يتوقين بها تبعات كل مساءلة حول تأثير ما يكتبن، وحول آثار ما ينشرن من مفاهيم على التوجه القيمي والأخلاقي في المجتمع بشكل عام، تلك المفاهيم الدخيلة المستوردة والتي يجدن أنفسهن مطالبات بتسويقها في إطار السياق الثقافي والفكري المتبع من طرفهن.

الهم الجسدي لدى المرأة... مقاربة تصورية إبداعية:

وبعد محاولة جرد وتتبع الأسباب الداعية إلى احتكار الحديث عن الجسد لجل إبداعات الحداثيات، أعتقد أنه من المطلوب العمل على صياغة مقاربة ممكنة معقولة ممتوحة من القيم الربانية، وتؤدي إلى درء الغموض وإلى تسليط الضوء على هذه القضية المهمة المحور، قضية علاقة المرأة بالجسد في واقعنا التقاليدي البعيد عن الدين...

إذ الحديث عن الجسد ليس من قبيل المحرم ولا الغير مرغوب فيه كلية... فالحق الجسدي للمرأة كفله الشرع، وأيد ذلك العلم المدعو إلى اعتماد نتائجه من طرف الدين، وليس من المطلوب إلغاؤه وتجاوزه بالكلية من طرف المرأة في إبداعاتها الأدبية، إنما المستهجن هو تكرار طرح هذا الموضوع في الكتابات النسوية، حتى إن القارئ أو المتلقي ليظن أن ما لها - هي الأنثى - انشغال إلا بتضاريس الجسد تستفتيها حول كيفية سد جوعتها...


ثم، حتى لو أن المبدعة لا تعاني فعلا من الحرمان الجسدي ذلك الموضوع المستهلك، وتصوره فقط من أجل تسليط الضوء عليه ونقده، ولكي تساهم في فضح مكنوناته أمام المجتمع من أجل علاجه، فإن في هذا الأمر هدراً لطاقاتها الأدبية والفكرية، لأن للمرأة هموما أخرى أهم وأفدح تأثيراً عليها وعلى محيطها من قضية الحرمان من حق الجسد.


فأنواع متناسلة متعددة من القهر تمارس على المرأة، جور وحيف وطغيان وينزرع الكل شوكًا في دهاليز حياة النساء ليردوها أسفل سافلين... متاهة حالكة منتنة وتنتعش فيها الحيرة والضياع... ويساق النساء إلي فضاءاتها عنفًا كل آن وحين.


ثم إن الهم الجسدي لدى المرأة ليس همًّا قائماً بذاته منبثقا من نفسه، إنما هو عبارة عن تداعيات كثيرة أشياء أخرى...
فعن طريق الغوص في حميميات النساء، وبواسطة تقصى أغوار أسرارهن الزوجية، يبدو واضحاً أن الحواجز بين المرأة وبين التواصل الحميمي المشبع مع الزوج منبعه الإحساس بالظلم الممارس من طرفه تجاهها، سواء أكان ذلك الظلم متعمداً أم دون نية الإساءة لسيطرة وانحشار التقاليد.


فعدم الإشباع الحاصل لديها ليس مرجعه إلى عدم حضور جسد يقاربها، وإنما لغلالة من الأحاسيس والمشاعر تمنعها من استمراء ذلك القرب.

فبعض حقد دفين يتغلغل تدريجيًّا مع تواتر السلوكيات المهينة لها، حتى تصبح المقاربة عبئا ترزح تحت ثقله وتمقت حدوثه وكينونته، ثم وهي لا تستطيع البوح بالإحساس بالظلم لتواطؤ الكل على تقبله وعلى التعايش معه، لكن ومع مرور الزمن لا بد وأن يبدو منها ما ينبئ عن استثقالها لتلك العلاقات الحميمية، فتنشأ لدى الزوج أحاسيس تجاهها يطبعها التجاهل ويداخلها الاستعلاء، ثم من بعد ذلك:
- فإما أن يستمر في استغلال الجسد لأنه "مِلكُه"، ولو أنه يعلم بعدم رضا صاحبته، تأكيداً لقوامة يراها له، ويعتقد أنها تكفل له حق التصرف فيها كلها حتى ولو كانت كارهة له.
- وإما أن يستعيض عن ذلك الجسد غير المستمرئ للعلاقة، وغير المتجاوب، بآخرَ منقادٍ يلبي رغباتِه، سواء في "الحلال" عن طريق التعدد، أو في الحرام بارتياد المواخير وذلك حسب التوجه، وعلى قدر كَمِّ المبادئ والقيم.

ولذا فإن حل المشكلة ليس بتسليط الضوء على النتيجة وإنما على الأسباب.

إذ النتيجة ما هي إلا حصيلة تراكمات ما، هي الفاعلة الحقيقية في عملية إنتاجٍ ما مشْكلٍ.
لكن...أوَ تروم الحداثيات المكرسات أدبهن للحديث عن الأجساد البحث عن حلول أو حتى التعريف بإشكالات ما بخصوص هذا الموضوع وحوله؟؟

إذ لعله من العبثية بمكان أن يقال بأن الأدب ما هو إلا النقل والتصوير بهدف الإمتاع بالقالب الجميل المنمق لا غير...

ثم...لابد من أن هذا الطرح - على الأقل تطبيقياً - متجاوز ومرفوض من طرف المبدعات النسوانيات الحداثيات، إذ هن بالرغم من أنهن يحاولن الإقناع نظرياً باعتناقهن للمقولة الحداثية "الفن للفن" دون استهداف الفعالية والتغيير، إلا أنهن يُصَرِّحْن أيضا - وعلى الكثير من المنابر - أنهن يَرُمْنَ من وراء إنتاجاتهن الأدبية إلى إسماع صوت النساء، وإلى إظهار واقعهن المطموس والمخنوق بالمسكوت عنه عن طريق تعريته بالكتابة عنه، هو وكل ما يحيط به...

وانطلاقا إذاً من إرادة التغيير هاته الكامنة والمضمنة في خطابات هؤلاء المبدعات، فإن تكرار تصوير الهم الجسدي للمرأة بمعزل عن الحديث عن الأسباب المؤدية إلى حصول ذلك الجوع، لا يغير من الأمر شيئا، بل يكرس ويُسوِّق فقط صورة المرأة "الكائن المهووس بالجنس"، تلك التي تنضح شبقاً، وتتضوع خيانة، وتنثر الفتنة والمجون، صورة قدمتها ألف ليلة وليلة وكرستها التقاليد المجحفة البعيدة عن الدين.

لكن ربما تفضل "المرأة المثقفة" الأديبة الحداثية النسوانية عدم التغيير - عن طريق استقراء الأسباب والبحث عن حلول لها - أصلاً، ولربما تستمرئ القيام بدور الضحية حتى تستبيح القيام بما تريد وتستحب...


مازوشية وتريد أن تظهر بها سادية الرجل... وذلك من أجل استدامة البكاء على حاجيات جسدها....وأجساد بنات جنسها تلك "المتردية الصريعة بفعل الإهمال"!

مع أنه بإمكانها المطالبة بحقها الجسدي مباشرة انطلاقا من أنها أصبحت الآن "المثقفة"، وتدرك أن الدين كما العلم يسلمان لها بحق المطالبة... طبعا بوسائل أنظف وأرقى وأسمى... وليس بالابتذال وبالعنف وبالشقاق...

إذ بالإمكان - في نهاية المطاف - أن تطالب بَطلاتها في كتاباته الأدبية بالانسحاب من تلك المؤسسة الزوجية التي تعتبرها هي ذلك السجن... والتي لا تكفل لهن الحصول على ما يساهم في إرساء التوازن النفسي والشعوري لديهن من حقوق، حتى تلك الجسدية منها...

فالمبدعة المثقفة تمثل النخبة الأنثوية المعول عليها في حسن تمثيل المرأة في جميع المجالات، ومن ثم، عليها أن تستشعر ثقل العبء الملقى على عاتقها، وأن لا تتملص منه ذلك العبء اختيارا منها لأن "تحقق" ذاتها، وذلك عن طريق ركوب النشاز المثير للجدل وللنقاش، رغبة في الثورة على قمعٍ طالها مطولاً ومنعها من التعبير عن الذات...
فالتحدي و"تحقيق الذات" عن طريق سلوك هذا المسلك يجب أن ينشغل حوله فكر المبدعة طويلا قبل أن تمارسه، وعليها أن تستقرئ في ذهنها المثقف تداعيات ما ستقوم به عليها، وعلى من يرين فيها الأنموذج القائد إلى التغيير والانعتاق.


فحين تكرس الفكر الذكوري القائل بمحدودية فكر الأنثى وطغيان الجسد على انشغالاتها، فهي –ولابد- ستجهض حلم المرأة ككل في أن تغير من صورة لها متوارثة، ونحتت أبعادها أيدٍ ظالمة متسلطة استغلت قوة الجسد منها في إحقاق الغلبة.


فعلى المرأة المبدعة إذاً أن تعلم أن تحقيق الذات والتحدي الحقيقي ليس هو تحدي من يرى في كتابات الجسد شينًا وعيباً بالإصرار على الكتابة في ذات الموضوع، ولكن التحدي هو إخراج المرأة من سجن رد الفعل إلى القيام بالفعل المختار المطلوب فعله، أي بالقيام برسم صورة المرأة المتوازنة التي تعنى بتحقيق الإشباع لنفسها في كل باب ومجال.. الفكري والثقافي والاجتماعي وحتى السياسي، ولم لا طبعاً؛ الجسدي؛ لكن بصورة توحي بأنها فاعلة إيجابية مؤثرة، لا ضحية مستلبة مفعول بها مخاتلة مخادعة منتهزة لفرص الخيانة والتدليس...


وسأورد هنا نصوصا حديثية شريفة قد تُمكِّن قراءتها والاستفادة منها من إعطاء فكرة حول كيفية إعادة تشكيل عقل المرأة، وذلك حتى تتخلص من الموروث المكرس لاستبقاء صورتها في إطار معين، سطرت مقاييسه منذ زمن ولى ومضى، وما زال هو الكائن والمستدام:

‏1 - " حدثنا ‏ ‏عبد الله بن محمد، ‏ ‏حدثنا ‏ ‏سفيان ‏ ‏عن ‏ ‏الزهري ‏ ‏عن ‏ ‏عروة ‏ ‏عن ‏ ‏عائشة ‏ ‏رضي الله عنها، ‏ جاءت ‏ ‏امرأة ‏ ‏رفاعة القرظي إلى ‏ ‏النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فقالت:
كنت عند‏ ‏رفاعة ‏ ‏فطلقني ‏ ‏فأبتّ‏ ‏طلاقي، فتزوجت ‏ ‏عبد الرحمن بن الزبير، ‏إنما معه مثل ‏ ‏هدبة ‏‏ الثوب، فقال: ‏ ‏أتريدين أن ترجعي إلى ‏ ‏رفاعة؟ ‏ ‏لا حتى تذوقي ‏عسيلته ‏ ‏ويذوق عسيلتك.
‏وأبو بكر ‏ ‏جالس عنده ‏، ‏وخالد بن سعيد بن العاص ‏ ‏بالباب ينتظر أن يؤْذن له، فقال: يا ‏ ‏أبا بكر ‏ ‏ألا تسمع إلى هذه ما تجهر به عند النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم؟".
[الحديث رقم 2445 - باب الشهادات - صحيح البخاري. أبت طلاقي : طلقني البتة أي ثلاثاً].

2 - ‏"حدثنا ‏ ‏أبو بكر بن أبي شيبة ‏ ‏وعمرو الناقد ‏ ‏واللفظ ‏ ‏لعمرو ‏ ‏قالا حدثنا ‏ ‏سفيان ‏ ‏عن ‏ ‏الزهري ‏ ‏عن ‏ ‏عروة ‏ ‏عن ‏ ‏عائشة ‏ ‏قالت: جاءت امرأة ‏ ‏رفاعة ‏ ‏إلى النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فقالت:كنت عند ‏ ‏رفاعة ‏ ‏فطلقني ‏ ‏فبتّ طلاقي، ‏ ‏فتزوجت ‏ ‏عبد الرحمن بن الزبير، ‏ ‏وإن ما معه مثل ‏ ‏هدبة الثوب، ‏ ‏فتبسم رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فقال: ‏ ‏أتريدين أن ترجعي إلى ‏ ‏رفاعة؟ ‏ ‏لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك.
قالت: ‏ ‏وأبو بكر ‏ ‏عنده ‏ ‏وخالد ‏ ‏بالباب ينتظر أن يؤذن له فنادى: يا ‏ ‏أبا بكر ‏ ‏ألا تسمع هذه ما تجهر به عند رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم؟".
[الحديث رقم 2587 - باب النكاح - صحيح مسلم].

هذا الحديث بروايتيه في الصحيحين يثبت كيف أن امرأة ما في ذاك الزمن علمت أن عند الرجل الذي تزوجته - بعد مفارقة زوجها الأول - عجز جنسي، فذهبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وأخبرته بالذي عرفته، وكَنَّتْ عن حالة عجزه بتشبيه ما عنده بهدبة الثوب، أي بالخيوط الجانبية المتعلقة بالثوب في انسدالها وارتخائها... فكان أن اخبرها أن عليها أن تنتظر حتى يثبت ذلك عند اللقاء الحميمي، حتى لا تكون قد تسرعت وجانبت الصواب في حكمها عليه، لأنها طلقت ثلاثا، والشرع يعاقب ذلك المُطلِّق ثلاثا بأن يحرمه من استعادة الحياة المشتركة مع تلك التي طلقها إلا بعد أن تتزوج زوجا آخر، ثم وتمارس معه العلاقة الجسدية الفعلية حتى ينال جزاءه المستهتر بقدسية العلاقة الزوجية، ويمنع من التلاعب والاستخفاف عن طريق تكرار إحداث أبغض الحلال إلى الله.
فلم يعب عليها الرسول صلى الله عليه وسلم أنها اهتمت بمسألة الإشباع الجسدي، فذلك حق مكفول يضمنه كون المرء إنسانًا، سواء أ كان ذكرا أم أنثى، إذ ابتسم - في نص صحيح مسلم - واكتفى بالتوجيه لفعل ما يضمن حق الطرف الآخر أيضا.


لكن كان هنالك من تدخل الصحابي خالد بن سعيد بن العاص، وذلك انطلاقا من نظرة جاهلية للمرأة، كانت ما تزال قائمة بالنفس لكونها ما تزال حديثة عهد بتلك الفترة، فعاب على المرأة المجاهرة بالمطالبة، لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكترث له، ولم يجعل لرأيه صدى في توجيهه وتصويبه، إذ كان دوره عليه الصلاة والسلام وضع الناس على الجادة الربانية لا الاستجابة للأهواء البشرية.

هكذا -إذاً- يمكن أن تستفيد المبدعة المسلمة المتزنة من إعادة قراءة النص الديني، ذلك الذي يحاول الذكوريون أن يسخروه لجانبهم من أجل غمط المرأة حقوقها عن طريق قراءاتهم الذاتية الموسومة بالفكر التقاليدي، وذلك من أجل استحضار الإيجابية لدى المرأة، ومن أجل خلق الفاعلية البناءة فيها، تلك المؤدية إلى إثبات الذات وتحقيقها في هذا المجال، وذلك عوَض:

• - دفعِها إلى لعب دور الضحية.
• - وتشجيعها على القيام بالتحايل وباستحلال الوسائل المشبوهة المُدينة والمركسة لها من أجل تحقيق الإشباع.
• - وبالخصوص تحريضها على نبذ الدين، ودعوتها إلى التخلي عن القيم الدينية التي تصورها لها على أنها المهينة للمرأة، والمعتبرة لها من قبيل الأعوج الناقص المسخر لاستمتاع صاحب القوامة والسيادة، المالك لحق استبدال جسد بآخر في إطار التعدد من أجل الحفاظ على غنى وجمالية الحريم.

فيمكن للمبدعة مثلا أن تصور امرأة تعاني من إهمال الزوج، فتطالبه بالقيام بالواجب أو بإطلاق السراح، وذلك حتى تستطيع أن تحقق لنفسها استقرارًا نفسياً وجسدياً مع من تختاره مرة أخرى... عوض تصوير حالة خيانة زوجية على أنها سبيل أمثل مشروع للاقتصاص من زوج مستهتر أو عنيف أو حتى عاجز!

وقد تحاكم في هذه الحالة من طرف ذكوريين:
- لأنها جعلت المرأة تفضل الحاجة الجسدية على مصلحة أطفال وأسرة.
- ولأنها سمحت لها بأن تتساوى مع الرجل الذي يفعل الفعل ذاته مع امرأة لا تشبعه.

لكن وبالرغم من المحاكمة التي قد تتعرض لها ستتجاهل ردة فعلهم، لأنها لابد وأنها ستخدم نفسها والنساء ككل، لأنها ستقنعهم أنها تفعل ذلك لأنها تفضل الصراحة على أن يطعن الرجل من الخلف وأن يخان، لأن المرأة إنسان مكرم...


ثم هي ذات مبادئ، ولم تعد ترغب في أن توسم بالكيد وبالمخاتلة، ولم تعد تستحسن الانصياع للفكر الموروث والتقاليد، وحتى للدين المحرف الذي طالتها أغلاله المكبلة منذ زمن بعيد.

كل هذه الخطوات لا بد وستكون السُلّم الذي سيرتقي به الإبداع النسائي، إذ سيتخلص من كونه مجرد تعابير باهتة سوقية عن حالة القهر كانت...أو حتى ما زالت قائمة... تعابير تُركِس في وحل الابتذال...وتَحُط من قدر المبدعات...

إذ إن تلك النتاجات الأدبية الحداثية المهووسة بالجسد لا تعين إلا على تكريس مفهوم نقصان المرأة وقصور فكرها الذي لا يستطيع ولا يستسيغ إلا الحديث عن "الشهوات" وإلا الارتماء في أحضان الانفلاتات... وإلا انتحاء منحى التفاهات.

---------------------
* ملحوظة:
تم التدقيق من قِبل محرر قِسم / حضارة الكلمة. مع خالص شكرنا للكاتبة الفاضلة على هذه الدراسة القيمة جدًّا، ونأمل أن تزودنا بكل جديد.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 28.06 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 27.43 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.24%)]