عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 06-03-2021, 07:49 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,180
الدولة : Egypt
افتراضي الاستعداد لشهر رمضان بين أهل الطاعة والإيمان وأهل الفجور والعصيان

الاستعداد لشهر رمضان بين أهل الطاعة والإيمان وأهل الفجور والعصيان
الشيخ فؤاد بن يوسف أبو سعيد





إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]
﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]
﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]

أما بعد؛ فإن أصدق الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار.
أعاذنا الله وإياكم من النار، ومن كل عمل يقرب إلى النار، اللهم آمين.
الاستعداد لشهر رمضان بين أهل الطاعة والإيمان وأهل الفجور والعصيان..
جاء شهر الصيام بالبركات، فأكرم به من زائر هو آت..

هو الشهر الوحيد الذي ذكر اسمه صراحة في القرآن الكريم، قال سبحانه: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ﴾ [البقرة: 185]

وكما ميَّزه الله سبحانه بإنزال القرآن فيه؛ ميَّزه بأن فرض فيه الصيامَ على هذه الأمَّة؛ أمة محمد عليه الصلاة والسلام، فقال: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ [البقرة: 185].

شهرٌ تستعدُّ لاستقباله الخلائق؛ ففيه تُزَيَّنُ الجنة وتُفتح أبوابها الثمانية، وفيه تغلق النار أبوابها السبعة، ففي الحديث: «إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ». (خ) (3277).

والملائكة الكرام يستعدُّون لهذا الشهر؛ لينادي مناديهم: ("يَا بَاغِيَ الخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، ...")، (ت) 682)، (جة) (1642).

وتستعدُّ الملائكةُ برئاسة الروحِ الأمين؛ جبريلَ عليهم السلام للنزولِ بالبركاتِ والرحماتِ في هذا الشهرِ الفضيل، قال سبحانه: ﴿ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ ﴾ [القدر: 4]. هذه بعض استعداداتِ أهل السماوات، فكيف باستعداد أهل الأرض لرمضان؟

أما كفَّار الجنِّ والشياطينِ والمردة، فينتظرون الأصفاد والأغلال والسلاسل، طيلةَ شهرِ رمضان، فقد قال صلى الله عليه وسلم: ("إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ، وَمَرَدَةُ الجِنِّ..."). (ت) (682)، (جة) (1642)، ("وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ" (خ) (1899)، ("وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ")، (م) (1079)، ("وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ...")، (س) (2106)، ورواية أخرى عند النسائي: ("وَيُصَفَّدُ فِيهِ كُلُّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ...") (س) (2108).

أما أهل الأرض فالناس منهم شقيٌّ وسعيد، ومنهم الكافر والمؤمن، فمنهم من لا يأبه لرمضانَ غابَ أو حضر، ولا يهتمُّ به جاءَ أو ذهب، فلا يلقي له بالا.

وأما أهلُ الفجورِ والعصيان، فيستعدُّون لشهر رمضان من شهر رجب، حيث أعدُّوا المسلسلاتِ والأفلامَ والتمثيليات، وشتى الأغاني ومختلفَ الألحانِ وأنواعَ المسرحيات، من شهر رجب أو قبله؛ والاستعداداتُ باللهوِ والخنا والغنا والفجور، فالممثلون والممثلات، والراقصون والراقصات، والماجنون والماجنات، أعدُّوا العُدَّة، وحشدوا البرامجَ والتسجيلات، كسبًا للأموالِ وجلبا للشهوات، وبثًّا للمحرمات، استعدُّوا من قبل رمضانَ بشهر أو شهرين أو أكثر، فهؤلاء يصدق عليهم قول الشاعر:
[يا ذا الذي ما كفاهُ الذنبُ في رجبٍ
حتى عصى ربَّه في شهرِ شعبان

لقد أظلَّك شهرُ الصومِ بعدهما
فلا تصيِّرْه أيضًا شهرَ عصيانِ

واتلُ القرآنَ وسبِّحْ فيه مجتهدًا
فإنَه شهرُ تسبيحٍ وقرآنِ

فاحملْ على جسدٍ ترجو النجاةَ لَهُ
فسوفَ تُضْرَمُ أجسادٌ بنيرانِ

كم كنت تعرفُ مِمَّن صامَ في سَلَفٍ
مِن بين أهلٍ وجيرانٍ وإخوانِ

أفناهم الموتُ واستبقاكَ بعدهمُ
حيًّا فما أقربَ القاصي منَ الداني

ومعجبٌ بثيابِ العيدِ يقطعُها
فأصبَحَتْ في غَدٍ أثوابَ أكفانِ

حتى يَعمُرَ الإنسانُ مسكنَه
مصيرُ مسكنِه قبرٌ لإنسان]

لطائف المعارف لابن رجب (ص: 149)

فـ[الحذرَ الحذرَ من المعاصي -يا عبد الله-؛ فكم سلبت من نِعَم، وكم جلبت من نِقَم، وكم خرَّبت من ديار، وكم أخلت دِيَارًا من أهلها فما بقي منهم دَيَّار، كم أخذت من العصاةِ بالثار، كم مَحَتٍ لهم من آثار]. لطائف المعارف لابن رجب (ص: 146- 147).
[يا صاحبَ الذنبِ لا تأمنْ عواقبَهُ
عواقبُ الذنبِ تُخشَى وهي تنتظرُ

فكلُّ نفسٍ ستُجزَى بالذي كسبتْ
وليس للخلقِ من ديَّانِهم وِزْرُ


أين حالُ هؤلاءِ الحمقى من قومٍ كان دهرُهم كلُّه رمضان؛ ليلُهم قيام، ونهارُهم صيام]. لطائف المعارف لابن رجب (ص: 147).

[وربما كره كثير من -هؤلاء الحمقى- صيامَ رمضان، حتى إنّ بعضَ السفهاءِ من الشعراءِ كان يسبُّه، -أي يسبّ رمضان َومجيءَ رمضان والعياذ بالله-، وكان للرشيد ابنٌ سفيه، -اسمه أحمد أبو عيسى ابْن الرشيد- [1] فقال مرة قبل قدوم رمضان:
دهاني شهر الصَّوْمِ لا كَانَ من شَهْرِ
ولا صُمْتُ شَهْرًا بعده آخِر الدَّهرِ

ولو كَانَ يُعْديني الإمامُ بقُدْرةٍ
على الشّهر لاستعديت جهدي على الشهر


لو وجد قوة لإلغاء الشهر وإبعاده، ويساعده الإمام والناس على ذلك لفعل، فماذا كانت نتيجته؟ فأخذه داءُ الصرْع -أصبح مصروعا- فكان يُصرع في كلِّ يوم مراتٍ متعددة، وماتَ قبل أن يدركَه رمضانُ آخر، وهؤلاء السفهاء يستثقلون رمضان لاستثقالهم العبادات فيه؛ من الصلاة والصيام، فكثيرٌ من هؤلاء الجهال لا يصلِّي إلا في رمضان إذا صام، وكثير منهم لا يجتنب كبائرَ الذنوب إلا في رمضان، فيطولُ عليه ويشقُّ على نفسه مفارقتُها لمألوفِها، فهو يعدُّ الأيامَ والليالي َليعودَ إلى المعصية، وهؤلاء مصرُّون على ما فعلوا وهم يعلمون، فهم هَلكَى، ومنهم من لا يصبر على المعاصي فهو يواقعُها في رمضان!!]. (لطائف المعارف) لابن رجب (ص: 146)

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 24.70 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 24.08 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.54%)]