عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 19-02-2021, 04:33 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 165,580
الدولة : Egypt
افتراضي رد: اللباس في الشريعة الإسلامية

المسألة الرابعة: لبس الخاتم:




أولًا: موضع الخاتم للرَّجل: تقدَّم الحديث عن جواز اتِّخاذ الرَّجل خاتمًا من فضَّة، ويحرم عليه اتِّخاذُ خاتمٍ من ذهب. لكن في أيِّ موضعٍ من أصابع اليد يوضع الخاتم؟ فيقال: إنَّ وضع الخاتم في الأصابع له حالان:



الحال الأولى: استحباب وضعه في الخِنْصِرِ من اليد اليمنى أو اليسرى، وفيه عدَّة أحاديث، منها:



1- عن أنسٍ رضي الله عنه قال: «كَانَ خَاتِمُ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم فِي هَذِهِ، وَأَشَارَ إِلَى الخِنْصِرِ مِنْ يَدِهِ اليُسْرَى»[79].







وعن الحكمة من وضعه في الخِنْصِرِ، يقول النَّووي رحمه الله: «والحكمة في كونه في الخِنْصِرِ: أنَّه أبعدُ من الامتهان فيما يُتعاطى باليد؛ لكونه طرفًا؛ ولأنَّه لا يشغل اليد عمَّا تتناوله من أشغالها، بخلاف غير الخِنْصِر»[80].







2- عن ثابت أنَّهم سألوا أَنَسًا رضي الله عنه عَنْ خَاتَمِ رَسُولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم، فقال: «كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ خَاتَمِهِ [81] مِنْ فِضَّةٍ، وَرَفَعَ إِصْبَعَهُ اليُسْرَى بِالخِنْصِرِ»[82].







3- عن عليٍّ رضي الله عنه: «أَنَّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم كَانَ يَتَخَتَّمُ فِي يَمِينِهِ [83]»[84].







والمتأمِّل في مجموع هذه الأحاديث يُلاحظ: أنَّ النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم وَضَعَ الخاتم في اليمنى أحيانًا، وأحيانًا وَضَعَه في اليسرى. ولذا اختلف أهل العلم في طريق الجمع بينهما، ولعلَّ أقرب المسالك: جواز وضع الخاتم في اليد اليمنى أو اليسرى. وهو ما قرَّره ابن عبد البرِّ رحمه الله بقوله: «وأمَّا التَّختُّم في اليمين وفي اليسار: فاخْتَلَفتْ في ذلك الآثار عن النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم، وعن أصحابِه بعده، وذلك محمولٌ عند أهل العلم على الإباحة»[85].







قال النَّووي رحمه الله: «أجمعوا: على جواز التَّختُّم في اليمين. وعلى جوازه في اليسار، ولا كراهةَ في واحدٍ منهما. واختلفوا: أيَّتُهما أفضل، فتختَّم كثيرون من السَّلف في اليمين، وكثيرون في اليسار، واستحب مالكٌ اليسار، وكَرِه اليمين، وفي مذهبنا وجْهان لأصحابنا: الصَّحيحُ أنَّ اليمين أفضلُ؛ لأنَّه زينةٌ، واليمين أشرف، وأحقُّ بالزِّينة، والإكرام»[86].







وقال ابن حجر رحمه الله: «ويظهر لي أنَّ ذلك يختلف باختلاف القصد، فإنْ كان اللُّبس للتَّزيُّن به فاليمين أفضل، وإنْ كان للتَّختُّم به فاليسار أولى؛ لأنَّه كالمُودَع فيها، ويحصل تناوله منها باليمين، وكذا وضعه فيها، ويترجَّح التَّختُّم في اليمين مطلقًا؛ لأنَّ اليسار آلةُ الاستنجاء، فَيُصان الخاتم إذا كان في اليمين، عن أن تُصيبه النَّجاسة، ويترجَّح التَّختُّم في اليسار بما أشرت إليه من التَّناول.







وجَنَحَتْ طائفةٌ إلى استواء الأمرين، وجمعوا بذلك بين مختلف الأحاديث، وإلى ذلك أشار أبو داود حيث ترجم «باب: التَّختُّم في اليمين واليسار» ثمَّ أوْرَدَ الأحاديث مع اختلافها في ذلك بغير ترجيح، ونقل النوويُّ وغيرهُ الإجماعَ على الجواز، ثمَّ قال: ولا كراهةَ فيه - يعني عند الشَّافعية - وإنَّما الاختلاف في الأفضل»[87].







الحال الثَّانية: النَّهي عن وضع الخاتم في المُوَحِّدة (السَّبَّابة) والوسطى، وفيه عدَّة أحاديث، منها:



1- عن عليٍّ رضي الله عنه، قال: «نَهَانِي رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم أَنْ أَتَخَتَّمَ فِي إِصْبَعِي هَذِهِ أَوْ هَذِهِ. قَالَ: فَأَوْمَأَ إِلَى الوُسْطَى وَالَّتِي تَلِيهَا»[88]. قال النَّووي رحمه الله: «ويُكره للرَّجل جعله في الوسطى والتي تليها لهذا الحديث، وهي كراهة تنزيه»[89].







2- وجاء التَّصريح بذكر الوسطى والسَّبابة: عن عليٍّ رضي الله عنه قال: «نَهَانِي (أي: رَسُول اللهِ صلّى الله عليه وسلّم) أَنْ أَضَعَ الخَاتَمَ فِي هَذِهِ، أَوْ فِي هَذِهِ لِلسَّبَّابَةِ وَالوُسْطَى»[90].







الخلاصة: وخلاصة ما دَّلت عليه هذه الأحاديث، في (لبس الخاتم للرَّجل) ما يلي:



1- استحباب وضعه في الخِنْصِر من اليد اليمنى أو اليسرى.



2- النَّهي عن وضعه في المُوَحِّدة (السَّبَّابة) والوسطى.



3- أمَّا البُنْصُر فَمَسكوتٌ عنه، فيبقى على أصل الإباحة، والله أعلم.







ثانيًا: موضع الخاتم للمرأة: المرأةُ يُباح لها التَّختُّم في كلِّ إصبعٍ، والنَّهي الوارد في السَّبَّابة والوسطى خاصٌّ بالرَّجل دون المرأة، وهو محلُّ إجماع. وقد حكى النَّووي رحمه الله الإجماعَ بقوله: «أجمع المسلمون: على أنَّ السُّنَّة جَعْلُ خاتَمِ الرَّجلِ في الخِنْصِر، وأمَّا المرأةُ فإنَّها تتَّخِذُ خواتيمَ في أصابع»[91].







[1] انظر: تفسير البغوي (2/ 155).




[2] الجامع لأحكام القرآن (7/ 197).




[3] الحرير: هو ثياب من إبريسَمْ - أعجميٌّ معرَّب - هو: ثياب تُصنع من القزِّ، وسُمِّي حريرًا؛ لخلوصه. يُقال لكلِّ خالصٍ: مُحرَّر، وحرَّرت الشَّيء: خلَّصته من الاختلاط بغيره. انظر: لسان العرب، مادة: (حرر) (4/ 117)، ومادة: (برسم) (12/ 46)، ومادة: (قزز) (5/ 394).




[4] انظر: شرح معاني الآثار (4/ 250)؛ الهداية شرح البداية (10/ 17)؛ حاشية ابن عابدين (6/ 351)؛ بدائع الصنائع (5/ 131)؛ عارضة الأحوذي (7/ 222)؛ حاشية العدوي (2/ 412)؛ مغني المحتاج (1/ 306)؛ الفروع (1/ 348)؛ الإنصاف (1/ 475)؛ الأحكام التي تخالف فيها المرأة الرجل (ص83)؛ الإحكام يما يختلف فيه الرجال والنساء من الأحكام (1/ 292)؛ الفوارق بين المرأة والرجل في أحكام الصلاة والمناسك (ص119).




[5] انظر: المهذب (4/ 435)؛ المجموع (4/ 438)؛ المغني (1/ 588).




[6] رواه النسائي (8/ 190)، (ح5265)، وصحَّحه الألباني في «صحيح سنن النسائي» (3/ 400)، (ح5280).




[7] رواه ابن ماجه، (2/ 1189)، (ح3595). وصحَّحه الألباني في «صحيح سنن ابن ماجه» (3/ 197)، (ح2912).




[8] رواه البخاري، (4/ 1867)، (ح5863).




[9] رواه البخاري، (4/ 1859)، (ح5831).




[10] رواه البخاري، (4/ 1860)، (ح5834).




[11] رواه البخاري، (4/ 1860)، (ح5835).




[12] انظر: المصادر المتقدِّمة،. هامش رقم (4).




[13] رواه مسلم، (3/ 1643)، (ح2069).




[14] رواه البخاري، (4/ 1859)، (ح5828).




[15] رواه البخاري، (4/ 1861)، (ح5839).




[16] فتح الباري (10/ 29).




[17] المغني والشرح الكبير (1/ 626).




[18] انظر: الفتاوى الهندية (5/ 331)؛ البحر الرائق (8/ 189)؛ الخرشي على خليل (1/ 252)؛ مواهب الجليل (11/ 505)؛ مغني المحتاج (1/ 306)؛ نهاية المحتاج (2/ 373)؛ الفروع (1/ 348)؛ الإنصاف (1/ 475)؛ الإحكام فيما يختلف فيه الرجال والنساء من الأحكام (1/ 295)؛ الفوارق بين المرأة والرجل في أحكام الصلاة والمناسك (ص124).




[19] رواه البخاري، (4/ 1861)، (ح5837).




[20] مذهب الإمام أبي حنيفة، وابن الماجشون من المالكيَّة، قالوا: بجواز افتراش الرَّجل الحرير، وهو قول مرجوح.




[21] فتح الباري (10/ 292).




[22] انظر: المجموع (4/ 435).




[23] انظر: بدائع الصنائع (5/ 131)؛ الفتاوى الهندية (5/ 331)؛ مغني المحتاج (1/ 306)؛ نهاية المحتاج (1/ 376)؛ المغني (1/ 591)؛ الإنصاف (1/ 480)؛ الإحكام فيما يختلف فيه الرجال والنساء من الأحكام (1/ 319).




[24] سبق تخريجه، هامش رقم (7).




[25] انظر: بدائع الصنائع (5/ 131)؛ المجموع (4/ 435)؛ المغني (1/ 591).




[26] (كِخْ كِخْ): كلمة يُزجر بها الصِّبيان عن المستقذرات، فيقال له: كخ؛ أي: اتركه وارمِ به. قال الدَّاودي: «هي عجميَّة مُعرَّبة، بمعنى: بئس». انظر: فتح الباري (3/ 355)؛ صحيح مسلم بشرح النووي (7/ 175).




[27] رواه البخاري، (2/ 943)، (ح3070)؛ ومسلم، واللَّفظ له، (2/ 751)، (1069).




[28] قال ابن عبد البر رحمه الله: «يعني: الحرير». انظر: التمهيد (14/ 259).







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 23.71 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 23.08 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.65%)]