
12-02-2021, 03:50 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,520
الدولة :
|
|
رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
من شرط قبول العبادات الإتيان بها على وجهها الشرعي دون زيادة أو نقصان
وأضرب لكم صورة مثل هذه خذوها: إذا طاف أحدنا ببيت ربنا في مكة سبعاً، هل يزيد واحداً أو ينقص واحداً؟ إن زاد متعمداً أو نقص بطل طوافه.إسماعيل قف! ما معنى بطلان طوافه؟مداخلة: أي: لا يزكي النفس.الشيخ: ما شاء الله، أبشر.فهمتم هذه المسألة؟ ملايين الفقهاء ما يفقهونها، بطلان طوافه معناه: أنه لا يزكي نفسه، لا يوجد له تلك المادة النورانية، المعبر عنها بالحسنات، التي تزكو على النفس البشرية، إذ هذا الطواف لله ينتج هذه المادة النورانية؛ فإذا فسد بطل ما أنتج، أعد طوافك يا شيخ! كذا تقول له وإلا لا؟ أنا طفت، أعد طوافك باطل، أنت طفت ثمانية أشواط زدت شوطاً متعمداً ما ينفع هذا، كالذي يصلي المغرب أربع ركعات، أيش فيه؟ لماذا ما نصلي أربعاً لله تعالى؟ ماذا يقول الفقيه؟ صلاتك باطلة أعدها! لم؟ باطلة.ونحن نقول: لا تزكي نفسك، ما ولدت لك النور المطلوب الذي نعبر عنه بالحسنات، أعد! فهمتم هذه؟أنا أعني ضيوفنا، أما أهل الحلقة فزادهم الله نوراً، امتحنّاهم نجحوا، هذا إسماعيل .لما نطوف وننهي الطواف سبعة أشواط ماذا نفعل؟ نصلي ركعتين خلف مقام إبراهيم، لا بد وإلا لا؟ إذ قال تعالى وقوله الحق: وَاتَّخِذُوا ، وفي قراءة سبعية: واتخَذوا من مقام إبراهيم مصلى [البقرة:125]، وهي قراءة نافع بصيغة الماضي، وَاتَّخِذُوا [البقرة:125]، يا عباد الله! مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى [البقرة:125]، مقام إبراهيم ما هذا المقام؟ المكان الذي قام فيه أو عليه أو دونه إنه الحجر، الصخرة التي قدمت جميلاً لله فاعترف الله بجميلها فكافأها بأحسن المكافئة؛ فلهذا اعلم أن الله لا يضيع المعروف عنده.هذا المقام حجر من جبل أبي قبيس لما كان الخليل يبني البيت مع ولده إسماعيل وليس معهما ثالث إلا الله في ذلك الوادي الأمين.إذاً: إسماعيل يعطي الصخرة أو الحجرة وإبراهيم يضعها، ويضع الطين فوقها، ويضع الثانية وهكذا، فلما ارتفع البناء إسماعيل ما يستطيع يعطي إبراهيم بيده الحجرة، فقال له: ابحث لنا عن صخرة نقوم عليها ونواصل البناء، فجيء بهذه الصخرة والتي تسمى: مقام إبراهيم، مقام اسم مكان الموضع إذ كان يقوم عليها ويواصل البناء، فلما انتهى البناء بقيت الصخرة بين الباب والركن الشامي لاصقة مع الجدار، وتمضي القرون والأيام وتأتي السيول فتزحزحها وتبعدها فكانت في مكانها الذي هو الآن.هذا الحجر لما ساعد على بناء البيت عرف الله له ذلك فجعل أفضل عبادة تؤدى عنده: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى [البقرة:125]، تصلون فيه لله، الصلاة لله، والشرف لمن؟ للحجر.
سجود الملائكة لآدم تكريماً له ورفض إبليس لذلك
إذاً: آدم أبو البشر أسجد الله له الملائكة، السجود لمن؟ لله، والتعظيم لآدم عليه السلام، إبليس - عليه لعائن الله - قبل أن يبلس ما زال في صفوف الجن، وعالم الجن وعالم الملائكة متحدان تقريباً، لم؟ لأن عالم الملائكة مادة خلقه النور، وعالم الجن مادة خلقه النار، هل بين النور والنار تجانس أم لا؟إي والله، إلا أن النور بارد والنار حارة ودافئة، من علمنا هذا العلم؟ أهذا يقال بالعقل؟ بالفلسفة؟ من أين هذا؟ قولوا؟ قال الله وقال رسوله! ما عندنا علم نثق فيه ونجاهر به وكلنا يقين إلا ما كان من قال الله وقال رسوله؛ إذ الحبيب صلى الله عليه وسلم قال: إن الله خلق آدم من طين، وخلق الجان من نار، وخلق الملائكة من نور، وعلم هذا أصحابه.إذاً: فإبليس أبى أن يسجد فأبلسه الله، ما معنى أبلسه؟ معناه: أيأسه من الخير، وقطع كل أمل أن يكون فيه خير أو يلقى خيراً، كأنه مسحه مسحاً من مادة الخير، فهو مبلس، وطرده من الجنة دار السلام، ما أصبح أهلاً لأن يدخلها.ومع هذا استطاع أن يتصل بآدم وحواء من طريق اللاسلكيات؛ إذ ما منا يا أرباب القلوب إلا وعنده جهاز للتلقي والإرسال، وإن كنا بالآلات ما نكتسبه، كالملائكة معنا لكن لا بالآلة ولا بالسحر نستطيع أن نلمس ملكاً الآن وهو والله معنا، فهذا الجهاز يتلقى به العبد والرسل، فآدم له قلبه وإلا لا؟ وحواء امرأته كذلك؛ فوسوس لهما الشيطان: هل أدلكما على شجرة إذا أكلتما منها خلدتما؟ فزين لهما أكل الشجرة وقد نهاهما الله تعالى عنها، أذن لهما أن يأكلا من كل ما في الجنة إلا هذه الشجرة: وَلا تَقْرَبَا [البقرة:35] فاستطاع العدو الماكر الحسود أن يوقعهما.وما إن أكلا منها حتى انكشفت سوءتهما، كانا عراة، لا إله إلا الله! آمنا بالله! اسمع. لولا أن الله تعالى غرز فيهما وعلمهما العورة ما عرفا العورة، العورة كالوجه، هل هناك من يستحي من وجهه؟لا. كذا وإلا لا؟ إذاً فالقبل والدبر ما الفرق بينها وبين الأنف العين والرجل؟ لا شيء، إلا أن الله جعل هذا الأمر وأوجده. فَأَكَلا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ [طه:121]، إذاً لستما بأهل للبقاء في هذه الدار اهبطوا، ومرة أخرى تعودون إن شاء الله، أما هذه المرة فلا، واهبطوا مع عدوكم. هذا آدم.
معنى قوله تعالى: (وخلق منها زوجها ...)
قال الله تعالى: مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا [النساء:1].كلمة الزوج تطلق على الزوج الرجل، وعلى الزوج المرأة، إلا أن الفقهاء -ونحن إن شاء الله منهم- نقول للرجل زوج وللمرأة زوجة، حتى يفهم من لا يفهم، لو تقول له: هذا زوجك؟ تقول: نعم، تقول له: هذه زوجك؟ كيف زوجي؟ هذه زوجتي ويجادلك.إذاً: فالزوج ما زاوج فرداً، إصبع واحد وأزاوجه بآخر، العمود هذا زوج وإلا فرد؟ بهذا الآخر أصبح زوجاً، هذا زوج وهذا زوج، فالرجل زوج والمرأة زوج أيضاً، من باب رفع اللبس والتوضيح قل: زوجة. بهاء التأنيث، الفطرة تقول هذا وتعرفه، ما قال: وخلق منها زوجتها أو زوجته، قال: زوجها.من تلك النفس نفس آدم خلق منها زوجها وهي حواء، من علمنا أنها حواء؟ لولا أن الرسول أخبر لا نصدق يهودي ولا صليبي ولا فلسفي ولا كاذب، نحن الآن موقنون أن اسمها حواء أم البشر، كيف خلقها الله؟ قرأنا للمتخبطين من الفلاسفة والشاطحين، أنهم قالوا: ممكن خلقها من طين كما خلق آدم، لم هذا كله؟ لم هذه الحيرة؟ والرسول المبلغ المعلم الذي يوحى إليه ويكلم يقول: ( لقد خلق الله حواء من ضلع آدم الأيسر )، قال لها: كوني واخرجي فكانت، نظر وإذا بامرأة إلى جنبه، أو هذا أمر يعجز الله؟ آمنا بالله، أما قال: إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [يس:82] على الفور؟ الذي خلق العوالم كلها أيعجزه أن يقول لامرأة كوني فكانت.والرسول يقول: ( إن النساء خلقن من ضلع أعوج، فإذا ذهبت تقومه كسرته )، اتركه كما هو أحسن على عوجه، هذه التعليمة المحمدية عند العلماء والعارفين ما يقع بينه وبين أزواجه من نزاع ولا خصومة ولا سب ولا شتم ولا طلاق ولا أذى، عارف أنها عوجاء وإلا لا؟ ما يستطيع يقومها إلا بالكلمة الطيبة والابتسامة والكلمة الهادئة، حتى تلين وتستقيم، أما افعلي كذا، كما هو واقعنا .. الطلاق .. علي الطلاق .. بالطلاق .. بالثلاث .. أنت حرام .. أنت كذا، لا إله إلا الله! كيف يجوز هذا؟ من علم الناس؟ ما العلة يا أهل الدرس؟ الجهل ما عرفوا، ما ربوا في حجور الصالحين، الولد يسمع أباه يلعن امرأته، ويسمعه وهو يقول: بالحرام ويفعل، حينها يتعلم الولد ذلك أيضاً.حواء عليها ألف سلام هبطت إلى الأرض، وآدم كذلك هبط لكن في مكان آخر، والتقيا بعرفة، وهذا أحسن ما تقول في تسمية عرفات بعرفة، تعارفا هناك، الأخبار تقول: حواء نزلت بالهند، وجاءت تمشي والعالم ما فيه إلا هي، إذاً وتعارفت مع زوجها في عرفة، والبيت لمن بني؟ لهما؛ لما حصل ما حصل من الشوق والوحشة، كانا في أنس .. كانا عند الله في الملكوت الأعلى، كيف يعيشان في هذه الغربة البعيدة، والأوضاع المتنافية؟ فبنى الله لآدم بواسطة ملائكته بيتاً إذا احتاج إلى ربه يقرع بابه ويأتيه ويطلب حاجته، يطوف به ويستأنس ويجده حامياً وأنساً؛ لأنه بين يدي بيت ربه. هذا سر بناء البيت، وإلى الآن من منكم يجد الوحشة إذا طاف بالبيت؟ إذا كنت تطوف ذاكراً في البيت تنسى كل شيء، إلا إذا كان العدو ملازمك شيء ثاني. وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا [النساء:1].بث نشر، والبث النشر. رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً [النساء:1].ثم بعد ذلك كل رجل مع امرأة أنجب، وانتشرت البشرية، فآدم كان يزوج بنته التي ولدت له هذا العام بابنه الذي ولد قبلها، وكانت حواء أيضاً أكثر ما تلد توأمين، وأذن له أن يزوج من ولد في هذا العام بالبطن الثاني في العام الثاني، ففي فترة من الزمن انتشر كثير من الرجال والنساء، وبعد ذلك أصبح أيضاً الرجال والنساء يتناسلون ويتوالدون.فقوله: وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا [النساء:1] أي: من آدم وحواء، ومنهما أي: من الذكر والأنثى بعد ذلك إلى أمي وأبي، وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً [النساء:1].إذاً: وَاتَّقُوا اللَّهَ [النساء:1].مرة ثانية، هذا بيت القصيد، لما عرفنا بجلاله وكماله وإفضاله وإنعامه وإحسانه قال إذاً: وَاتَّقُوا اللَّهَ [النساء:1]، أول قال: اتَّقُوا رَبَّكُمُ [النساء:1] كذا وإلا لا؟ والآن عرفناه باسمه.
معنى قوله تعالى: (واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام ...)
وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ [النساء:1].تساءلون الأصل تتساءلون، يسأل بعضكم بعضاً بالله، أسألك بالله يا فلان إلا أن تعطيني كذا، أسألك بالله إذا ما جئتنا، كان العرب في هذه الديار يعيشون على هذه المسألة، إيمانهم بالله وهم جهال، وفي جاهلية ومع هذا هؤلاء أحفاد إسماعيل كانوا يتساءلون بالله، أسألك بالذي بنى هذا البيت، أو بالذي، خلقك أو بالذي رفع السماء أن تعطيني كذا وكذا، ما داموا يتساءلون به يعرفونه وإلا لا؟ لم لا يتقونه؟ كيف يتقونه؟يعبدونه وحده ويتخلون عن عبادة الأصنام والأوثان والأحجار، يؤمنون بوحيه على رسوله بكتابه وما أنزل فيه، يؤمنون بلقائه، اتقوه بعبادته دون عبادة سواه، أنتم تتساءلون به ولا تعبدونه أو تعبدون معه آلهة أخرى؟والسؤال الآن: هل يجوز لنا أن نتساءل بغير الله؟ أسألك بجاه سيدي رسول الله أن تعطيني كذا. يجوز؟ والله ما يجوز، أسألك بالملح الذي بيننا. وهذه مقولة العامة عندنا، يعني: أكل في بيته طعاماً.الجواب: لا يصح لمؤمن ولا مؤمنة أن يسأل بغير الله تعالى، عرفتم؟ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ [النساء:1] أي: يسأل بعضكم بعضاً حاجته بالله عز وجل، كأن تقول: أسألك بالله إذا ما حملتني أو أعطيتني، أما أن نسأل الله بنبي أو ملك أو سيد أو شريف أو غني أو وزير، هذا الباب مغلق ولا ينفتح، أغلق عندما قلت: لا إله إلا الله، لا معبود إلا الله.واتقوا الأرحام أيضاً، نتقي الله بم؟ بطاعته، وألا نتعدى حدوده، وأن نقف عند أمره ونهيه.والأرحام نتقيها بعدم قطعها، بعدم أذاها، بعدم هجرانها، بعدم إضاعة حقوقها، وهذا معناه: أن المجتمع الرباني الإيماني كما يعبد الله ليكمل ويسعد يجب أن يتواصل ولا ينقطع، لاسيما مع الأرحام، من أرحامك؟ كل من تجمعك به رحم واحدة فهو رحمك، سواء كان من المحارم أو من غيرها، ومن قرأ: (والأرحامِ) قراءة باطلة، تقول: (والله الذي تساءلون به والأرحامِ) إذ يتساءلون بالأرحام: والرحم التي بيننا وبينك. خطأ، قراءة لا تقبل، فالأرحام مفعول به منصوب مثل الله: اتقوا الله الذي تساءلون به واتقوا الأرحام، نتقيها لا نتعدى حدود الله فيها، نصل ولا نقطع، نبر ولا نؤذي.. وهكذا.وأخيراً قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1].لا تفهموا أنكم أحرار منطلقون في فيافي الحياة، بل اعلموا أن الله عليكم ينظر إليكم من فوق، رقيب عليكم، فيعرف حركاتنا وسكناتنا، بل ويعرف ميول نفوسنا وقلوبنا.إذاً: فلنتق الله في هذا الأمر .. نتقي الله بفعل ما أمر وترك ما نهى، ونتقي أرحامنا فلا نقطعها ولا نبترها ولا نعادي ولا نجفو أبداً؛ فإن الله رقيب ويجزي الموفين بعهودهم القائمين بحدود الله، كما يجزي الآخرين الأولون بالنعيم والآخرين بالعذاب.هذا والله تعالى أسأل أن ينفعنا وإياكم بما ندرس ونسمع، آمين.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|