عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 14-01-2021, 05:00 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 164,061
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الإسلام دين العدل

ويصور شاعر النيل "حافظ إبراهيم" رحمه الله تعالى هذه الصورة بألوانها الطبيعية فيقول:
ورَاعَ صَاحِبَ كِسْرَى أَنْ رَأَى عُمَراً
بَيْنَ الرَّعِيَّةِ عُطْلاً وَهْوَ رَاعِيْهَا

وَعَهْدُهُ بِمُلُوكِ الفُرْسِ أَنَّ لَهَا
سُوْراً مِنْ الجُنْدِ وَالحُرَّاسِ يَحْمِيْهَا

رَآهُ مُسْتَغْرِقاً فِي نَوْمِهِ فَرَأَى
فِيْهِ الجَلاَلَةَ فِي أَسْمَى مَعَانِيْهَا

فَوْقَ الثَّرَى تَحْتَ ظِلِّ الدَّوْحِ مُشْتَمِلاً
بِبُرْدَةٍ كَادَ طُوْلِ العَهْدِ يُبْلِيْهَا

فَهَانَ فِي عَيْنِهِ مَا كَانَ يُكْبِرُهُ
مِنَ الأَكَاسِرَ وَالدُّنْيَا بِأيْدِيْهَا

وَقَالَ قَوْلَةَ حَقٍّ أَصْبَحَتْ مَثَلاً
وَأَصْبَحَ الجِيْلُ بَعْدَ الجِيْلِ يَرْوِيْهَا

أَمِنْتَ لَمَّا أَقَمْتَ العَدْلَ بَيْنَهُمُ
فَنِمْتَ نَوْمَ قَرِيْرِ العَيْنِ هَانِيْهَا



وما أكثر المواقف التي تُجَسِّدُ العدلَ في حياة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقد صار للعدل عنواناً، وأهم ما سجله التاريخ في خلافته الراشدة هو تميزه بهذه الصفة الجليلة التي قطعَ بها أطماع البغاة والظلمة والطامعين في المكاسب الرخيصة:
سلامٌ على الفاروقِ يومَ أن اهتدى
وسَارَ على نَهْجِ النُّبوةِ واقْتَدَى

أذلَّ رؤوسَ الطَّامِعينَ بعدلِهِ
فعَزَّ به الإسْلامُ وانتشرَ الهُدَى

أَتَتْهُ كُنوزُ الأرضِ مَالاً وعِزةً
فكانَ أعَفَّ النَّاسِ عنها وأزهدَ

فموعدهُ الحُسْنى إِماماً وصَاحباً
وأَكْرِمْ بِهِ يومَ القِيامَةِ مَوعِدا


وفي الختام:
فإنَّا نوقن بأن الجوعَ موجِعٌ وقاتِلٌ، والمرضَ ابتلاء، والغربةَ كربة، والديْنَ همٌ بالليلِ وذلٌ بالنهارِ، وفقدَ الأحبة يكسر القلوب، لكنَّ الظلمَ.. أدهى وأمرّ.

والناسُ هي التي تُرَخِّصُ العدلَ بإشاعة الظلم الذي هو من جنى أيديهم ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ [يونس: 44].

ولو كانت الأمة تسير بالمسميات لكان كل من اسمه "عادلٌ" أهلاً للعدلِ على الحقيقة لكَثُرَ الخيْرُ وفاضَ الوِئامُ وعمَّ السلامُ رُبوعَ البلادِ وسَعدَ العِباد.

ومهما حاول الجنس البشري الارتقاء بالعدلَ في أحكامهم فإن العدل في الدنيا عزيزٌ لأنها دُنيا، فلنتقاسم الرضا في معاملاتنا اليومية والاجتماعية، فهو أروحُ للنفس وأطيبُ للقلبِ وأرخصُ في السَّعْيِ، وربما نقدرُ على الرضا ونُؤْجَرُ عليه بَيْدَ أننا لا نستطيع الوصول إلى العدلِ بقانون السماء لأنه يُعْجِزُ البشرَ، والعدلُ المطلقُ يوم القيامة أمَّا في الدنيا فهو نسبيٌّ ومتغيرٌ.


نسأل الله تعالى أن يجعلنا من أهل العدل وحراسِهِ وأن يثيبنا عليه خير الجزاء.
والحمد لله في المبدأ والمنتهى.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 18.70 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.07 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.36%)]