عرض مشاركة واحدة
  #402  
قديم 05-01-2021, 06:55 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,207
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )



تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة آل عمران - (73)
الحلقة (214)

تفسير سورة آل عمران (76)


إن الإيمان ليس كلمة مجردة يتلفظ بها الإنسان والله عز وجل من سنته في عباده أن يمحصهم بالأوامر والتكاليف والمصائب والحروب، حتى يتميز المؤمنون الصادقون عن المنافقين الكاذبين، ومن أبواب الاختبار والابتلاء التي يتعرض لها العباد ما يأمرهم الله عز وجل به من بذل المال من زكوات ونفقات وصدقات وغير ذلك، فالمؤمن الصادق يعلم أن المال مال الله وهو مستخلف فيه، فينفق المال طيبة به نفسه، وأما المنافق فيعتقد أن المال ماله فيبخل به ظناً منه أن الخير له في حفظ ماله، ولا يعلم أنه شر محظ يطوق به يوم القيامة جزاء وفاقاً.
بدعة الاحتفال بذكرى المولد النبوي
الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.ثم أما بعد: أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة ندرس كتاب ربنا عز وجل؛ رجاء أن نظفر بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود، إذ قال صلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله في من عنده ).الحمد لله على توفيقه وإفضاله وإنعامه. معاشر المؤمنين والمؤمنات! بين يدي الدرس، أسر إلي هذا الطالب اللبيب، وقال: إن الليلة ليلة المولد، فنريد كلمة قبل الدرس، فأجبته: بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.وبعد: فالليلة ليلة الثاني عشر من ربيع الأول، وهي الثلاثاء، إلا أن الرسول صلى الله عليه وسلم ولد يوم الإثنين، والشهور تزيد وتنقص، فهيا نحتفل بذكرى الحبيب صلى الله عليه وسلم. فيا أبنائي! يا إخوة الإسلام! يا مؤمنات! فوالله الذي لا إله غيره ما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً نحتفل به في ذكراه! فهل نكذب على رسول الله؟ ونبتكر ونخترع عبادات وألوان من الطاعات؟ أعوذ بالله أن نقع في هذه الورطة! فلو نصمت دهراً طويلاً هل يقوم من يقول: افعلوا كذا وكذا؟ آالله أمر به؟ هل الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم علمنا ذلك وأرشدنا إليه، ورغبنا فيه وحبذه إلينا؛ فننهض به ولو ننفق ما في جيوبنا؟ الجواب: والله! الذي لا إله غيره ما ترك لنا الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الباب شيئاً، ولا ترك أصحابه ولا أولادهم ولا أحفادهم، ولا أئمة الإسلام الأربعة، ولا من بعدهم، ولا عرفوا شيئاً اسمه احتفال بالمولد النبوي.فهل نكذب ونبتدع؟! يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة )، فهل يجوز لنا أن نقول: من أجلك يا رسول الله ابتدعنا بدعة؟! وهل عندنا وجه نواجه به رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الكلام؟! ولو انفتح باب الابتداع؛ لأصبحت نسبة الدين السليم الصحيح (1%) فكل عالم وكل مفكر وكل غني وكل ذي رغبة يبتدع، فأين الإسلام حينئذ، وبم يعبد الله؟! بم تزكى النفوس وتطهر من أجل النجاة من النار؟ معاشر المستمعين والمستمعات! غداً المولد النبوي، فماذا نصنع؟ وكم شاة نذبح؟! أو نذبح الدجاج؟! وإذا ذبحنا فلمن نقدم هذا الطعام؟! وكم ركعة نصلي؟! ننشد قصائد ما هي؟ فما الذي نفعل؟! الجواب: والله ما عندنا شيء، ما علينا إلا أن نذكره صلى الله عليه وسلم في كل أوقاتنا. وعورة أخرى نزيح الستار عنها من باب التعليم..فالذكريات لا تكون إلا لأناس يموتون ولا يذكرون، ولهم فضائل ولهم كرامات، فلكي لا ينسوا من بين شعبهم أو أمتهم أو إخوانهم يقيمون له ذكرى سنوية! حتى يذكروه بخير، أما حبيبنا صلى الله عليه وسلم -نعوذ بالله أن ننساه سنة كاملة-، ونحن نسمع المؤذنون خمس مرات على المنارات: أشهد أن محمداً رسول الله، الإنس والجن والحيوان والكل يسمعون ويفهمون هذا.فلا نصلي ركعتين ولا العشرات من الركعات إلا ونسلم عليه وجهاً لوجه! بعدما نعظم الله بالتحيات اللائقة به، ونحن جالسون بين يديه تعالى نقول: التحيات لله، والصلوات والطيبات، ثم نقول: السلام عليك أيها النبي! ورحمة الله وبركاته، فهل ننسى هذا الذي نسلم عليه في كل يوم عشرات المرات؛ لتقام له ذكرى؟! آه! ماذا فعل بنا الثالوث.. فبدعة الاحتفال بالمولد النبوي عرفت في القرن الرابع، فقد مضت ثلاثة قرون ذهبية ليس فيها شيء اسمه مولد، ولما هبطنا حيث أبعدونا عن القرآن والسنة أوجدنا ذكرى المولد ائتساء بذكرى النصارى لعيسى عليه السلام، فهل نقتدي باليهود والنصارى أم نقتدي برسول الله؟! فرسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقم ذكرى لإبراهيم الخليل، ولا لإسماعيل، ولا لموسى الكليم، ولا لعيسى عليهم السلام. فما معنى ذكرى المولد؟! الجواب: إني أحمد الله على أن الله علمنا قبل أن نقع في هذه البدعة، وتركناها وابتعدنا عنها، فثلاثة أرباع الذين كانوا يساهمون في هذه البدعة قد انتهوا، وبقيت جماعات قليلة، نسأل الله أن يتوب علينا وعليهم.فإن عدم الاحتفال بالمولد رسمياً أو غير رسمياً لن يضرنا في ديننا شيئاً، بل يرفعنا ويزيد في إيماننا -إن شاء الله-؛ لأننا تنزهنا عن البدع والضلالات.فما جعل لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا عيدين: عيد رمضان وعيد الأضحى، وعلمنا ماذا نقول، وماذا نفعل وكيف نصلي، ومن في نفسه شيء وما اطمأن يسأل أهل العلم، لكن لا يسأل الذين تعودوا على هذه البدعة، وأصبحوا يدعون إليها، ويحضون عليها! يسأل أهل العلم البصراء العارفين بالكتاب والسنة.
تفسير قوله تعالى: (ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب ...)
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ * وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [آل عمران:179-180].معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! اسمعوا هذا الخبر الإلهي، يقول تعالى: مَا كَانَ اللَّهُ [آل عمران:179] ليس من شأنه لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ [آل عمران:179] أي: بدون امتحان، ولا اختبار ولا حرب ولا سلم ولا تكليف، ما كان من شأنه أن يفعل هذا حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ [آل عمران:179].فقد قرئ: (يميِّز) قراءة حمزة، ويمِيز، مازه يميزه إذا ميزه واشتهر به. فليس من شأن الله -وهو العليم الحكيم- أن يترك المؤمنين يدعون الإيمان على ما هم عليه بدون امتحان واختبار؛ يميِّز به الخبيث من الطيب والكافر من المنافق، والصالح من الطالح.وهذا كمسح دموع المؤمنين في غزوة أحد -وهي آخر أحداثها-، فذكر الله تعالى لهم السبب الذي من أجله أوجد هذه الحرب ودارت، وحدث الذي حدث؛ وذلك من أجل أن يميز الله الخبيث من الطيب، ففي الطريق رجع ثلاثمائة نفر، فلو ما كانت هذه الوقعة لما تميز المنافق من المؤمن، فالمنافقون يقولون: أنهم مؤمنون، ويتبجحون ويقولون: نحن أفضل منكم. فالذين انهزموا وهربوا شاردين، كيف يظهر ذلك فيهم لولا وجود هذه المعركة والهزيمة؟! ‏
حكمة إظهار المؤمن الصادق من الكاذب
قال تعالى: مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ [آل عمران:179] أيها الأصحاب! حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ [آل عمران:179].وهذا عام، واقرءوا له: الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ [العنكبوت:1-2]، وهذا الحسبان باطل، فلو كان العبد ما يفتن في الإيمان ما اختبره الله عز وجل وابتلاه، ولا يملك هذا الاختبار والابتلاء إلا الجبار عز وجل.فهذا يبتليه بالفقر وفجأة يفقد كل شيء، ينظر: هل كان مؤمناً وبقي على إيمانه أم أصبح يسرق ويفجر؟! وهذا كان عزيزاً فيذله امتحاناً له، هل سيصبر ويرجع إلى الله ويثبت على قرع بابه أو ينتكس، وهذا الفقير يصب عليه المال، فينظر: هل سيصبح يشيش ويتبجح بالباطل أم سيأكل كما يأكل المؤمنون؟! وهكذا لا بد من الاختبار، وإلا كل سيقول: أنا مؤمن.
الحكمة من استئثار الله عز وجل واختصاصه بعلم الغيب دون خلقه
قال تعالى: وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ [آل عمران:179]، فالله عز وجل أوجد وقعة أحد قبل أن يوجد العالم بكل خيوطها ونسيجها، وعلم ذلك وكتبه، لكن لم يطلع عليه أحد؛ لأنه للامتحان والاختبار. فقوله: وَمَا كَانَ اللَّهُ [آل عمران:179] أي: ليس من شأنه جل جلاله أن يطلع أحداً من خلقه على الغيب، وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ [آل عمران:179] أي: يختار من يشاء ويخبره بالغيب ويطلعه عليه. فمن ادعى علم الغيب من غير الرسل فقد كفر، ووجب قتله بعد أن يستتاب ثلاثة أيام، فادعاء علم الغيب كفر بالله عز وجل؛ لأنه كذب الله عز وجل أبشع تكذيب.ولطيفة أخرى: إذا كان مولاك يخفي أموراً لصالح حياتك أيجوز لك أن تفتش عنها وتظهرها؟ فالله سبحانه وتعالى يخفي هذا لأجل أن تنتظم الحياة وتسير إلى نهايتها، وأنت تريد أن تطلع عليها؛ لتقف الحياة وما فيها؟! فلهذا كل من يدعي الغيب يلعن، ويدعى إلى المحكمة ويستتاب، فإن لم يتب يقتل ويموت على الكفر.والرسول صلى الله عليه وسلم إذا لم يطلعه الله على غيب فلن يعلمه؛ إذ قال: وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ [الأعراف:188] وهذا رسول الله. قال له: قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ [الأعراف:188]، فلو كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم بهذه الحادثة لما كسرت رباعيته وشج وجهه، ولم يقتل عمه حمزة . قال: وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [الأعراف:188]، ومع هذا عاشت أمة الإسلام قرون، وادعاء علم الغيب عجب عجاب، فالعجوز العمياء تدعي الغيب وتأخذ المال، والجاهل المركب بجهله يربط بين عودين أو خشبتين ويدعي الغيب، فيأخذ بمسمار ويفعل كذا، فلا إله إلا الله! كأننا لسنا بالمسلمين. وما كان هذا إلا بمؤامرة الثالوث الأسود، وما يبرح يحتال حتى يسوي بيننا وبينه إلى جهنم، ثم يزغردون ويولولون، أما أن يبقى المسلمين مرتفعين وأملهم في دار السلام أقوى فلا يريدون؛ فلهذا ينشرون الخبث بوسائط عجيبة، ويعملون ليلاً ونهاراً على نشره.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 29.38 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 28.76 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.14%)]