عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 09-12-2020, 09:17 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 164,122
الدولة : Egypt
افتراضي رد: اسم الله الكريم والأكرم

اسم الله الكريم والأكرم


الشيخ وحيد عبدالسلام بالي



2-
والكَرِيمُ أَيْضًا مَنْ يَسْتَحِيي أَنْ يَرُدَّ عَبْدَهُ عِنْدَمَا يَسْأَلُه كَمَا جَاءَ في الحَدِيثِ قَوْلُه صلى الله عليه وسلم: "إنَّ رَبَّكُم تَبَارَكَ وتَعَالَى حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَستْحِي مِنْ عَبْدِهِ إذا رَفَعَ يَدَيهِ إليهِ أَنْ يَرُدَّهُما صِفْرًا"[23].



3- وقَالَ ابنُ الحَصَّارِ: "وأَنَا أَقُولُ: إنَّ (الكَرِيمَ) هُوَ الكَثِيرُ الخَيْرِ المُتَأَتِّي لِكُلِّ مَا يُرادُ مِنْهُ مِنْ غَيُرِ تَكَلُّفٍ".

وبِهَذَا الاعْتِبَارِ سُمِّيَ السَّخِيُّ، والنَّخْلَةُ، والنَّاقَةُ الغَزِيرَةُ اللَّبَنِ، والشَّرِيفُ والجَوَادُ مِنَ الخَيْلِ، وسَائِرُ مَا وَقَعَ عَلَيهِ هَذَا الوَصْفُ.


وإذا اعْتَبَرْتَ جَمِيعَ مَا قِيلَ في مَعْنَى الكَرَمَ، عَلِمْتَ أَنَّ الذِي وَجَبَ للهِ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ لا يُحْصَى، فَأَوَّلُ ذَلِك شَرَفُ الذَّاتِ، وكَمَالُ الصِّفَاتِ، والنَّزَاهَةُ عَنِ النَّقَائِصِ والآفَاتِ، وقَدْ تَضَمَّنَ ذَلِكَ قَوْلُهُ الحَقُّ: ﴿ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ﴾ [مريم: 65]، وقَوْلُه: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾ [الشورى: 11].

وقَوْلُه تَعَالَى: ﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ﴾ [الإسراء: 44]، تَعْظِيمًا لَه وتَقْدِيسًا وتَنْزِيهًا عَنْ صِفَاتِها.

فَهُو سُبْحَانَه الكَثِيرُ الخَيْرِ، ومِنْه قَوْلُه عليه السلام: "اللَّهُمَّ لَا خَيْرَ إلا خَيْرُكَ، ولَا إِلَهَ غَيْرُكَ"[24].

وهُوَ الذِي عَمَّ الجَمِيعَ بِعَطَائِهِ وفَضْلِهِ. وبِكَرَمِهِ أَمْهَلَ المُكَذِّبَ لَهُ واسْتَمَرَّتْ عَلَيْهِ نِعْمَتُه، ومِنْ كَرَمِه أَمْهَلَ إِبْلِيسَ وأَنْظَرَه، وتَرَكَه ومَا اخَتْارَ لِنَفْسِهِ، ولَم يُعْجِلْه ولا عَاجَلَه.

كُلُّ ذَلِكَ كَرَمٌ مِنْه وفَضْلٌ، ومِنْ كَرَمِ اللهِ تَعَالَى أَنْ تَفَضَّلَ عَلَى العُلَمَاءِ بأَنْ عَلَّمَهم مِنْ عِلْمِه، وأَنَارَ قُلُوبَهم مِنْ نُورِه، والشَّيْطانُ يَبْخَلُ ويَأَمُرُ بالبُخْلِ بما ليسَ له ولا يَبْقَى[25] اهـ.



4- مِنْ كَرَمِ اللهِ تَعَالَى غُفْرَانُهُ للذُّنُوبِ، وعَفْوُهُ عَنْهَا، وتَبْدِيلُه السَّيِّئَاتِ بالحَسَنَاتِ، كَمَا قَالَ سُبْحَانَه ﴿ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الفرقان: 70].

وجَاءَ في الحَدِيثِ الصَّحِيحِ ما يَدُلُّ عَلَى هذا الكَرَمِ العَظِيمِ، وهو ما رَوَاهُ أبو مسلم، عن أبي ذَرٍ الغِفَارِي قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إنِّي لَأَعْلَمُ آخِرَ أَهْلِ الجَنَّةِ دُخُولاً الجَنَّةَ، وآخِرَ أَهْلِ النَّارِ خُرُوجًا مِنْها، رَجُلٌ يُؤْتَى بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ فَيُقَالُ: اعْرِضُوا عَليهِ صِغَارَ ذُنُوبِهِ وارْفَعُوا عَنْه كِبارَهَا، فَتُعْرَضُ عَليهِ صِغَارُ ذُنُوبِه، فَيُقَالُ: عَمِلْتَ يَوْمَ كَذَا وكَذَا، كَذَا وكَذَا، وعَمِلْتَ يَوَمَ كَذَا وكَذَا، كَذَا وكَذَا فَيَقُولُ: نَعَمْ، لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُنْكِرَ، وهو مُشْفِقٌ مِنْ كِبَارِ ذُنُوبِهِ أَنْ تُعْرَضَ عَليهِ، فَيُقَالُ لَهُ، فَإنَّ لَكَ مَكَانَ كُلِّ سَيِّئَةٍ حَسَنَةً، فَيَقُولُ رَبِّ، قَدْ عَمِلْتُ أَشْيَاءَ لا أَرَاها هَهُنًا" فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللِه صلى الله عليه وسلم ضَحِكَ حَتَى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ[26].



5- ومِنْ كَرَمِه سبحانه مَا جَاءَ فِي قَوْلِه في الحديثِ القُدْسِي: "إنَّ اللهَ كَتَبَ الحَسَنَاتِ والسَّيِّئَاتِ ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ، فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْها كَتَبَها اللهُ لَهُ عِنْدَه حَسَنَةً كَامِلَةً، فَإنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَها كَتَبَها اللهُ لَهُ عِنْدَه عَشْرَ حَسَنَاتٍ إلى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ إلى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ، ومَنْ هَمَّ بسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْها كَتَبَها اللهُ له سَيِّئَةً وَاحِدَةً"، وزَاد مُسلمٌ: "ومَحَاهَا اللهُ، ولا يَهلكُ عَلَى اللهِ إلا هَالِكٌ"[27].

قَالَ القَاضِي عِيَاضٌ رحمه الله في مَعْنَى الزِّيَادَةِ السَّابِقَةِ: مَعْنَاه مَنْ حُتِمَ هَلَاكُه، وسُدَّتْ عَليهِ أَبْوَابُ الهُدَى مَعَ سَعَةِ رَحْمَةِ اللهِ تَعَالَى وكَرَمِهِ، وَجَعْلِهِ السَّيِّئَةَ حَسَنَةً إذا لم يَعْمَلْها، وإذا عَمِلَها وَاحِدَةً، والحَسَنَةَ إذا لَمْ يَعْمَلْها وَاحِدَةً، وإذا عَمِلَها عَشْرًا إلى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ إلى أَضْعَافٍ كَثِيرةٍ، فَمَنْ حُرِمَ هذه السَّعَةَ، وفَاتَه هذا الفَضْلُ، وكَثُرَتْ سَيِّئَاتُه حَتَى غَلَبَتْ - مَعَ أَنَّها أَفْرادٌ - حَسَنَاتِهِ مَعَ أَنَها مُتَضَاعِفَةٌ فهو الهَالِكُ المَحْرُومُ، واللهُ أَعْلَمُ[28].

6- ومِنْ كَرَمِهِ سبحانه أَنَّه يَكْتُبُ الحَسَنَاتِ لِمَنْ لَمْ يَبْلُغْ مِنَ الأَطْفَالِ ومَا شَابَهَهَمُ، ولا يَكْتُبُ عَلَيهم السَّيِّئَاتِ، والدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ حَدِيثُ ابن عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ لَقِىَ رَكْبًا بالرَّوْحَاءِ فَقَالَ: "مَنِ القَومُ؟" قَالُوا: المُسْلِمُونَ، فَقَالُوا: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: "رَسُولُ اللهِ"، فَرَفَعَتْ إليهِ امْرَأةٌ صَبِيًّا فَقَالَتْ: ألِهَذَا حَجٌ؟ قَالَ: "نَعَم، ولَكِ أَجْرٌ"[29].

وقَدْ أَوْرَدَ ابنُ حِبَّانَ هذا الحَدِيثَ في صَحِيحِه بَعْدَ ذِكْرِه لِحَدِيثِ: "رُفِعَ القَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ..." بِطَرِيقَتَيْنِ، فَقَالَ: "ذِكْرُ الخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى صِحَةِ مَا تَأَوَّلْنا الخَبَرَينِ الأَوَّلَيْنِ، اللذَيْنِ ذَكَرَنْاهما، بِأَنَّ القَلَمَ رُفِعَ عَنِ الأَقْوَامِ الذينَ ذَكَرَنْاهم في كَتَبَةِ الشَّرِّ عَليهم، دُونَ كَتَبَةِ الخَيْرِ لَهُم"[30].



7- ومَنْ أَحَبَّ أنْ يَكُونَ أَكْرَمَ النَّاسِ فَلْيَتَّقِ اللهَ سُبْحَانَه، فَإنَّه سُبْحَانَه وتَعَالَى يَقَولُ: ﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ [الحجرات: 13].

وفي حَدِيثِ أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: قِيَلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَنْ أَكْرَمُ النَّاسِ؟ قَالَ: "أَتْقَاهُم"، فَقَالُوا: لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ، قَالَ: "فَيُوسُفُ نَبِيُّ اللهِ ابنُ نَبِي اللهِ ابْنِ خَلِيلِ اللهِ"، قَالُوا: لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ، قَالَ: "فَعَنْ مَعَادِنِ العَرَبِ تَسْأَلُونَ؟ خِيَارُهم في الجَاهِلِيّةِ خِيَارُهم في الإِسْلَامِ إذا فَقِهُوا"[31].

فَأَعْظَمُ أَسْبَابِ الكَرَامِةِ عِنْدَ اللهِ هُوَ تَقْوَاهُ، ولذا كَانَ الرُّسُلُ أَكْرَمَ الخَلْقِ لِطَاعَتِهم صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيهم أَجْمَعِينَ.

هَذَهِ هِيَ الكَرَامَةُ الحَقِيقِيَّةُ التِي تَبْقَى في الآخِرَةِ لأصْحَابِها، حَتَّى يَدْخُلُوا بها دَارَ الكَرَامَةِ.

وأَمَّا مَا يَتَمَتَّعُ بِهِ كَثِيرٌ مِنَ الفُجَّارِ والكُفَّارِ مِنَ التَّكْرِيمِ بَيْنَ أَقْوَامِهم وَعَشَائِرِهِم وَأَهْلِيهم، واِرتِفَاع شَأْنِهم وذِكْرِهم بَيْنَ النَّاسِ، فَتْكَرِيمٌ زَائِلٌ بَاطِلٌ مُضْمَحِلٌّ، مُنَّقَلِبٌ إلى ضِدِّه يَوْمَ القِيَامَةِ مِنَ المَهَانَةِ والعَذَابِ الشَّدِيدِ، قَالَ سُبَحَانَهُ عَنْهُمْ: ﴿ خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ * ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ * ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ﴾ [الدخان: 47 - 49].

قَالَ الطَّبَرِيُّ رحمه الله: "فَإنْ قَالَ قَائِلٌ: وكَيْفَ قِيلَ وَهُوَ يُهَانُ بالعَذَابِ الذِي ذَكَرَهُ اللهُ، ويُذَلُّ بالعَتْلِ إلى سَواءِ الجَحِيمِ: ﴿ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ﴾؟ قَيِلَ: إنَّ قَوْلَه ﴿ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ﴾ غَيْرُ وَصْفِ مَنْ يُقَالُ ذلك لَهُ بالعِزَّةِ والكَرَمِ، ولَكِنَّهُ تَقْرِيعٌ مِنْه لَهُ بِمَا كَانَ يَصِفُ به نَفْسَه في الدُّنْيَا، وتَوْبِيخٌ له بذلك عَلَى وَجْهِ الحِكَايَةِ؛ لأَنَّه كَانَ في الدُّنْيَا يَقُولُ: ﴿ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ﴾، فَقَيِلَ له في الآخِرَةِ إذ عُذِّبَ بِمَا عُذِّبَ بِهِ في النَّارِ، ذُقْ هذا الهوانَ اليَوْمَ، فإنَّكَ كُنْتَ تَزْعُمُ إنَّك أَنْتَ العَزِيزُ الكَرِيمُ، وإنَّكَ أَنْتَ الذَّلِيلُ المَهينُ، فَأَيْنَ الذِي كُنْتَ تَقُولُ وتَدَّعِي مِنَ العِزِّ والكَرَمِ؟! هَلّا تَمْتَنِعُ مِنَ العَذَابِ بِعِزَّتِكِ؟!"[32].



8- سَمَّي اللهُ تَبَارَكَ وتَعَالَى كِتَابَه (كَرِيمًا) في قَوْلِه: ﴿ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ﴾ [الواقعة: 77].

قَالَ الرَّاغِبُ: "كُلُّ شَيْءٍ شَرُفَ في بَابِه فَإنَّه يُوصَفُ بِالْكَرَمِ"[33].

قَالَ القُرْطِبيُّ: "أَقْسَمَ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ؛ إنَّ هَذَا القُرآنَ قُرآنٌ كَرِيمٌ، لَيْسَ بسحرٍ ولا كَهَانَةٍ، ولَيْسَ بِمُفْتَرَى، بَلَ هُوَ قُرْآنٌ كَرِيمٌ مَحْمُودٌ، جَعَلَهُ اللهُ تَعَالَى مُعْجِزَةً لِنَبِّيهِ صلى الله عليه وسلم، وهُوَ كَرِيمٌ عَلَى المؤمنينَ؛ لأنَّه كَلَامُ رَبِّهم، وشِفَاءُ صُدُورِهم، كَرِيمٌ عَلَى أَهْلِ السَّمَاءِ؛ لأنَّه تَنْزِيلُ رَبِّهم وَوَحْيهِ".

وقِيلَ: (كَرِيمٌ) أَيْ: غَيرُ مَخْلُوقٍ.

وقِيلَ: (كَرِيمٌ) لِمَا فيهِ مَنْ كَرِيمِ الأَخْلَاقِ، وَمَعَالِي الأُمُورِ[34].

وقِيلَ: لأَنَّه يُكرِّمُ حَافِظَه ويُعَظِّم قَارِئَهُ"[35] اهـ.



9- وسَمَّى اللهُ تَعَالَى مَا أَعَدَّ لأنبيائهِ وأوليائهِ بالرِّزْقِ الكَرِيمِ، كَمَا في قَوْلِه: ﴿ لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾ [الأنفال: 4]، وغَيْرِها.

وقَوْلِه: ﴿ إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا ﴾ [النساء: 31].

قَالَ ابنُ جَرَيرٍ: "وأَمَّا المُدْخَلُ الكَرِيمُ فَهُوَ الطَّيِّبُ الحَسَنُ المُكْرَّمُ بنَفْي الآفَاتِ والعَاهَات عَنْهُ، وبارْتِفَاعِ الهُمُومِ والأَحْزَانِ ودُخُولِ الكَدَرِ في عَيْشِ مَنْ دَخَلَهُ؛ فَلِذَلك سَمَّاه اللهُ كَرِيمًا"[36] اهـ.

في سُؤَالِ مُوسَى عليه السلام رَبَّه عَنْ أَعْلَى أَهْلِ الجَنَّةِ مَنْزِلًا قَالَ سُبْحَانَه: "أولَئِكَ الذينَ أَرَدْتُ غَرَسْتُ كَرَامَتَهم بِيَدَيّ، وَخَتَمْتُ عَلَيها، فَلَمْ تَرَ عَيْنٌ، ولَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ، ولَمْ يَخْطُرْ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ".

قَالَ: ومِصْدَاقُه في كِتَابِ اللهِ تبارك وتعالى: ﴿ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً ﴾ [السجدة: 17][37].





[1] الأسماء الحسنى للرضواني حفظه الله (2/ 67).




[2] انظر تفسير الطبري (19/ 104)، والمفردات (ص: 707)، والأسماء والصفات للبيهقي (ص: 73).




[3] الأسماء الحسنى للرضواني (2/ 119 - 120).




[4] لسان العرب (12/ 510)، والمفردات (ص: 707).




[5] انظر: الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى (1/ 112)، (1/ 131).




[6] انظر: شرح أسماء الله الحسنى للرازي (ص: 278)، وتفسير الأسماء الحسنى للزجاج (ص: 50)، والمقصد الأسنى للغزالي (ص: 105)، والبيهقي (ص: 73)، والمفردات (ص: 707).




[7] صحيح: أخرجه البخاري (1094).




[8] النهج الأسمى (1/ 377 – 392) محمد بن النجدي.




[9] التفسير (19/ 104).




[10] المنهاج (1/ 201)، وذكره ضمْن الأسماء التي تتبع إثبات التدبير له دون ما سواه، وكذا البيهقي في الأسماء (ص: 73).




[11] الكتاب الأسنى (ورقة 268 ب - 269 أ).




[12] الكتاب الأسنى (ورقة 269 – 270ب)، وسيأتي تفصيله لهذه الأقوال في آثار الإيمان.




[13] شأن الدعاء (ص: 103 - 104)، ونقله البيهقي في الأسماء (ص: 75).




[14] الكتاب الأسنى (ورقة 275 أ).




[15] الكتاب الأسنى (ورقة 270 - 272 أ).




[16] قال الله تعالى في هذا: ﴿ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ﴾ [الحج: 18].




[17] مما هو معلوم عند المحقِّقين مِن أهل السُّنَّة والجماعة؛ أنه لا يجوز التوسُّل بحق النبي صلى الله عليه وسلم أو بجاهه، أو بحق أحد أو جاهه؛ لأنه لم يثبت في ذلك شيء من الأحاديث، ولم يَرِدْ عن أحد من الصحابة فعْله، وأن التوسُّل المشروع الذي دل عليه الكتاب والسُّنَّة هو ثلاثة أنواع:

1- التوسُّل بأسماء الله الحسنى وصفاته.

2- التوسُّل بالأعمال الصالحة التي عمِلها العبد.

3- التوسُّل بدعاء الرجل الصالح الحيِّ.

راجع كتاب قاعدة جليلة في التوسُّل والوسيلة لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.




[18] كلمة غير مقروءة بالأصل الذي عندي، ولعلها: الملح....




[19] قوله: ﴿ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ ﴾ [التحريم: 3]؛ أي: إن النبي صلى الله عليه وسلم عرَّف لحفصة بعض ذلك الفعل الذي فعلتْه مِن إفشائها سره وقد استَكْتَمَها إيَّاه، ابن جرير (28/ 103)، وانظر: القرطبي (18/ 187).




[20] من ذلك حديث المغيرة بن شعبة، يرفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "سَأَلَ مُوَسَى رَبَّهُ: مَا أَدْنَى أَهْلِ الجَنَّةِ مَنْزِلَةً؟ قَالَ: هُوَ رَجُلٌ يَجِيءُ بَعْدَ مَا أُدْخِلَ أَهْلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ، فَيُقَالُ له: ادْخُلِ الجَنَّةَ، فَيَقُولُ: أيْ رَبِّ كيف؟ وقَدْ نَزَلَ النَّاسُ مَنَازِلَهم وأَخَذُوا أَخَذَاتِهم ؟ فَيَقَولُ لَه: أَتَرْضَى أَنْ يَكُونَ لَكَ مِثْلُ مُلْكِ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الدُّنْيَا؟ فَيَقُولُ: رَضِيتُ رَبِّ، فَيقُولُ: هَذَا لَكَ وَعَشْرةُ أَمْثَالِه، ولَكَ مَا اشْتَهَتْ نَفْسُكَ، ولَذَّتْ عَيْنُكَ، فَيَقُولُ رَضِيْتُ رَبِّ..." أخرجه مسلم (1/ 76).




[21] أخرجه البخاري (6/ 318)، (8/ 515، 516)، (13/ 465)، ومسلم (4/ 2174، 2175) عن أبي هريرة به، وتمامه: ثم قرأ: ﴿ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ ﴾ [السجدة: 17]، وأخرجه مسلم (4/ 2179) عن سهل بن سعد.




[22] أي: في الأقوال التي مضت في معنى الاسم في حق الله تعالى.




[23] حديث حسن: أخرجه أحمد (5/ 438)، وأبو داود (2/ 1488)، والترمذي (5/ 3556)، وابن ماجه (2/ 3865)، وابن حبان (2/ 119)، والحاكم (1/ 497)، والخطيب في تاريخه (3/ 235-236) كلهم عن جعفر بن ميمون الأنماطي، حدثني أبو عثمان النهدي، عن سلمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فذكره.

قال الترمذي: حسن غريب، وروى بعضُهم ولم يرفعه.

وهو كما قال، فإن جعفر بن ميمون قال فيه ابن معين: ليس بذاك، وقال في موضع آخر: صالح الحديث، وقال مرة: ليس بثقة، وقال أبو حاتم: صالح، وذكره ابن حبان وابن شاهين في الثقات، وقال الحافظ: صدوق يخطئ.

فحديثه لا ينزل عن رتبة الحسن.

والموقوف الذي أشار إليه الترمذي هو ما رواه سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي، عن سلمان: "إنَّ اللهَ يَسْتَحِيي أَنَّ يَبْسُطَ العَبْدُ..." أخرجه أحمد (5/ 438)، والحاكم (1/ 497) وقال: إسناد صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.

وللحديث المرفوع شاهد من حديث أنس، أخرجه الحاكم (1/ 497 - 498) عن عامر بن يساف، عن حفص بن عمر بن عبد الله بن أبي طلحة الأنصاري قال: حدثني أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ اللهَ رَحِيمٌ حَيِيٌ كَرِيمٌ يَسْتَحِيي مِنْ عَبْدِهِ أَنْ يَرْفَعَ إليهِ يَدَيه ثُمَّ لا يَضَعُ فِيهما خَيرًا"، وصحح إسناده، فتعقَّبه الذهبيُّ بقوله: "عامر ذو مناكير" اهـ، قلت: قال ابن عدي في الكامل (5/ 1739): منكر الحديث عن الثقات، وقال: ومع ضعفه يكتب حديثه، وفي تعجيل المنفعة (ص: 207): قال أبو داود: ليس به بأس، رجل صالح، وقال العجلي: يكتب حديثه وفيه ضعف.




[24] صحيح: أخرجه أحمد (2/ 220): ثنا حسن، ثنا ابن لهيعة، أنا ابن هبيرة، عن أبي عبد الرحمن الحبلي؛ أن عبد الله ابن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ رَدَّتْه الطِّيَرَةُ مِن حَاجَتِه فَقَدْ أَشْرَكَ"، قالوا: يا رسول الله، ما كفارة ذلك؟ قال: "أَنْ يَقُولَ أَحَدُهم: اللَّهُمَّ لَا خَيْرَ إلَّا خَيْرُك، ولَا طَيْرَ إلَّا طَيْرُك، ولا إِلَهَ غَيْرُك"... قال الهيثمي في المجمع (5/ 105): رواه أحمد والطبراني، وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن وفيه ضعف، وبقية رجاله ثقات اهـ. قلت: وهو من رواية غير العبادلة عن ابن لهيعة، لكن قد رواه ابن وهب في جامعه (ص: 110)، وعنه ابن السني في عمل اليوم والليلة (ص: 293) عن ابن لهيعة به. وقد صحح رواية العبادلة عن ابن لهيعة عبدُ الغني بن سعيد الأزدي والساجي وغيرهما، كما في التهذيب (5/ 378).

وله شاهد حسَن، قال ابن وهب في جامعه (ص: 111): وأخبرني أسامة بن زيد قال: سمعت نافع بن جبير بن مطعم يقول: سأل كعبُ الأحبار عبدَ الله بن عمرو فقال: هل تطيَّر؟ فقال: نعم، قال: فكيف تقول إذا تطيَّرت؟ قال: أقول: "اللهمَّ لا طيرَ إلا طيرُك، ولا خيرَ إلا خيرُك، ولا ربَّ غيرُك، ولا قوة إلا بك"، فقال كعب: أنت أفْقهُ العرب، وإنها لكذلك في التوراة.




[25] الكتاب الأسنى (ورقة 272 ب).




[26] رواه مسلم (1/ 177)، والترمذي (4/ 2596) وقال: حسن صحيح.




[27] رواه البخاري (11/ 323)، ومسلم (1/ 118) عن ابن عباس رضي الله عنهما، ورواه البخاري (13/ 465)، ومسلم (1/ 117 - 118) عن أبي هريرة مرفوعًا بنحوه، ورواه مسلم (1/ 147) عن أنس بن مالك، وهو حديث الإسراء الطويل، في الجزء الأخير منه.




[28] شرح مسلم (2/ 152).




[29] رواه أحمد (1/ 219)، ومسلم (2/ 974) عن ابن عباس به.




[30] صحيح ابن حبان (1/ 306).




[31] رواه البخاري في مواضع، منها (6/ 387)، ومسلم (4/ 1846-1847)، والحديث يدل على جواز تسمية الإنسان بـ (الكريم) كما هو ظاهر.




[32] جامع البيان (25/ 80)، ومثلها قوله تعالى: ﴿ فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ ﴾ [الشعراء: 57، 58]، وغيرها فأَخرَجَهم اللهُ مِن المقام الكريم، وأدخَلَهم دارَ المهانة والعذاب الأليم.




[33] المفردات (ص: 429).




[34] في اللسان (5/ 3863): ﴿ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ﴾ [الواقعة: 77]، أي: يحمد ما فيه مِن الهدى والبيان والعِلم والحكمة.




[35] التفسير (17/ 224).




[36] التفسير (5/ 30).




[37] رواه مسلم (1/ 176) عن المُغِيرة بن شُعْبَةَ.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 44.31 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 43.68 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.42%)]